الجمعة، سبتمبر 19، 2025

" رباعيات لا يعبرها الفهم" (15) شعر عبده حقي


1

أفتح النافذة على الصباح،

العصافير تصرخ أكثر من السياسيين،

أضع قهوتي على الطاولة،

وأفكر: كم هو مضحك أن ينهض العالم من نومه مثلي.

2

أمسك يدك في الزحام،

فتصير المدينة حديقة،

أتركها للحظة،

فتتحول الحديقة إلى سجن بلا قضبان.

3

القط ينام على دفتري،

ينظر إليّ كأنه يفهم كل قصائدي،

أطرده برفق،

وأكتشف أن الصفحة البيضاء أكثر حكمة منه.

4

أمر أمام البقال،

التفاح يلمع أكثر من وجهي،

أضع يدي في جيبي الفارغ،

وأبتسم: يكفي أن أتخيل الطعم.

5

أجلس في الحديقة العامة،

الأطفال يركضون أسرع من أحلامي،

العجائز يحدقون أبطأ من ذاكرتي،

وأنا أكتب اسمي على ورقة تسقط من شجرة.

6

الحرب تكتب على الجدران "النصر"،

وأنا أكتب تحتها "الجوع"،

يمرّ الجنود بوجوه حديدية،

وأنا أمضي بوجهي الورقي.

7

أسمع المطر ينقر على الزجاج،

كأنه يكتب قصيدة لم يقرأها أحد،

أفتح النافذة،

فتتبلل يداي بالقصيدة الناقصة.

8

في الحلم أركب دراجة بلا عجلات،

أطير فوق الشارع،

الجميع يضحك،

وأنا أضحك أكثر لأنني أول طائر بقبعة.

9

أكتب رسالة طويلة ولا أرسلها،

أمزقها وأرميها في سلة المهملات،

الغريب أن السلة تبتسم لي،

كأنها الوحيدة التي تفهمني.

10

أشعل سيجارة،

أدخنها ببطء كأنها آخر لحن،

ينطفئ رمادها في يدي،

فأفكر: ربما هذه هي الحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق