في لحظة اختلط فيها التهليل بالدهشة، انتزع المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي لعام 2025 عن فيلمه "لقد كان مجرد حادث"، فيلم انتقامي مستلهم من تجربته المريرة خلف القضبان. وقد جاءت هذه الجائزة بمثابة انتصار مزدوج: للسينما المقاومة من جهة، ولحرية التعبير من جهة أخرى.
الفيلم الذي يسائل العدالة والذاكرة، يروي حكاية سجناء سابقين يواجهون الجلاد الذي نكّل بهم داخل السجن، فيطرح السؤال الجوهري: هل الانتقام ضرورة أخلاقية أم انزلاق نحو دوامة العنف؟ هذه الثيمة استندت إلى تجربة بناهي الشخصية حين زُجّ به في سجن إيفين بطهران بعد محاولته زيارة صديقه السينمائي محمد رسولوف، فوجد نفسه معتقلاً دون محاكمة قبل أن يُفرج عنه في 2023 إثر إضراب عن الطعام.
لحظة تتويج بناهي،
الذي كان ممنوعاً من مغادرة بلده لأكثر من 15 عاماً، اتسمت بالرمزية والدموع؛ فقد اعتلى
المسرح وسط تصفيق صاخب من الحضور، وقدم له الجائزة الممثلة كيت بلانشيت، فيما حيّته
رئيسة لجنة التحكيم جولييت بينوش التي سبق ورفعت اسمه في مهرجان 2010 وهو تحت الإقامة
الجبرية. بناهي خاطب الحضور قائلاً: «الحرية هي القضية الأهم. لا يحق لأحد أن يملي
علينا ماذا نلبس أو كيف نعيش. السينما مجتمع، وليست سلطة».
في قائمة الجوائز الأخرى،
حصل الفيلم النرويجي "قيمة عاطفية" للمخرج يواكيم ترير على الجائزة الكبرى،
بينما توّج الفيلم البرازيلي "العميل السري" بجائزتي أفضل إخراج وأفضل ممثل،
مما يعزز حضور البرازيل السينمائي بعد فوزها مؤخراً بأوسكار أفضل فيلم أجنبي. أما جائزة
لجنة التحكيم فقد تقاسمتها دراما ألمانية عبر الأجيال بعنوان "صوت السقوط"
ورحلة صحراوية صوفية للمخرج أوليفر لاكس تحت عنوان "صراط".
الممثلة نادية ميليتي
نالت جائزة أفضل أداء نسائي عن دورها في فيلم "الأخت الصغرى" للمخرجة حفصة
حرزي. فيما حصد الشقيقان البلجيكيان داردين، الفائزان سابقاً بالسعفة الذهبية مرتين،
جائزة أفضل سيناريو عن فيلمهما "أمهات شابات". أما الكاميرا الذهبية لأفضل
عمل أول، فقد ذهبت للعراقي حسن هادي عن فيلم "كعكة الرئيس"، في أول تتويج
عراقي بتاريخ المهرجان.
0 التعليقات:
إرسال تعليق