الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الثلاثاء، يونيو 17، 2025

من بودابست إلى أبوجا: كيف تضلل الجزائر العالم باسم "الجمهورية الصحراوية"؟ عبده حقي


في الوقت الذي تُواصل فيه الآلة الدعائية لجبهة البوليساريو وحليفتها الجزائر بثّ روايات مشكوك في صحتها عن واقع الصحراء المغربية، تتوالى الحقائق السياسية والدبلوماسية لتفضح زيف هذه الادعاءات وتبرز الوجه الحقيقي للصحراء تحت السيادة المغربية: وجه التنمية، والاستقرار، والاعتراف الدولي المتنامي بخطة الحكم الذاتي كحل جاد وواقعي.

ففي 16 يونيو 2025، خرجت وكالة أنباء "الجمهورية الصحراوية" بما وصفته بـ"دعوة تحالف أوروبا الوسطى والشرقية للتضامن مع الشعب الصحراوي لاحترام القانون الدولي"، في محاولة لإيهام الرأي العام بأن هناك موقفاً أوروبياً موحداً ضد السيادة المغربية. إلا أن هذا "التحالف" لا يمثل موقفًا رسمياً لأي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، بل يندرج في إطار تحركات هامشية تستغلها الجزائر والبوليساريو لتضخيم التأييد المزعوم لكيان غير معترف به دولياً.

في المقابل، وفي نفس اليوم، جاءت بنما – وهي دولة ذات سيادة وعضو في المنظومة الدولية – لتجدد وبكل وضوح دعمها لخطة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة المغربية، واصفة إياها بـ"الأساس الجاد والموثوق والواقعي" لحل هذا النزاع الإقليمي. إن موقف بنما هذا، الذي يُضاف إلى مواقف أكثر من 90 دولة حول العالم، يعكس مدى نجاعة المقاربة المغربية التي تراهن على الحل السلمي القائم على احترام سيادة المملكة وضمان كرامة السكان في إطار تنموي متقدم.

وبينما تحاول الجزائر عبر أدواتها الإعلامية الترويج لما وصفته بـ"علاقات ثنائية تاريخية" بين نيجيريا والجمهورية الصحراوية الوهمية، يغيب عن السرديات الموجهة حقيقة أن نيجيريا – رغم اعترافها السابق – لم تعد تتبنى خطابًا رسميًا مؤيدًا للانفصال، كما أن تقارير الخارجية النيجيرية الأخيرة لم تشر إلى أي دعم واضح لكيان البوليساريو. هذا النوع من اللقاءات البروتوكولية لا يُترجم إلى مواقف سياسية ملزمة، بل يُستغل في إعلام الجبهة لأغراض داخلية ودعائية فقط.

وفي الجانب المغربي من الصورة، لا تتوقف مسيرة التنمية في الصحراء. فالأقاليم الجنوبية تعرف تحولاً اقتصادياً كبيراً بفضل استثمارات الدولة المغربية، وخاصة في مجالات البنية التحتية، الطاقة المتجددة، التعليم، والموانئ الكبرى مثل ميناء الداخلة الأطلسي المرتقب. كما يعيش المواطنون في الصحراء المغربية – بمن فيهم أولئك الذين كانوا في فترة ما يُستغلّون من طرف البوليساريو – في جو من الأمن والاستقرار والتمتع بالخدمات الاجتماعية.

الواقع أن المغرب لا يرد فقط بالدبلوماسية، بل بالإنجازات. وفيما تكتفي الجزائر والبوليساريو بإحياء خطاب الستينيات والشعارات المؤدلجة، يتحرك المغرب في الميدان ببنية تحتية عالمية، واعترافات دولية، وحضور إفريقي متزايد، وشراكات استراتيجية في المنتديات الأممية. وهو ما يعكس تحوّل الصحراء المغربية من ملف نزاع إلى نموذج إقليمي للتنمية والاندماج.

لقد بات واضحًا أن الخطاب الانفصالي، سواء حمل توقيع الجزائر أو وُقّع باسم "الجمهورية الصحراوية الوهمية"، لم يعد يقنع العالم، ولم يعد يجد له مكانًا في المنتديات الدولية ذات المصداقية. وعلى الضفة الأخرى، يتزايد زخم الاعتراف بخطة الحكم الذاتي المغربية، بوصفها المبادرة الوحيدة التي تجمع بين الشرعية الدولية ومصلحة الساكنة واستقرار المنطقة.

هكذا، يتهاوى جدار الادعاءات أمام حقيقة ميدانية لا تقبل التأويل: الصحراء في مغربها، والمغرب في صحرائه.

0 التعليقات: