الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، يوليو 21، 2024

خريطة المغرب فوبيا جديدة في الجزائر: عبده حقي


منذ تأجيل مباراة ذهاب نصف النهائي لكأس الكونفديرالية، التي كانت ستجمع يوم الأحد 21 أبريل 2024، بين فريقي نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري ترسخت في الجزائر حالة غريبة ومكثفة من الرهاب، تتمحور حول خريطة المغرب التي تشمل الصحراء وقد تحولت هذه الظاهرة، التي يمكن أن نطلق عليها "رهاب الخرائط"، إلى قضية ثقافية وسياسية بالغة الأهمية، كان آخر مشاهدها خلال مؤتمر المحاماة العربي الذي انعقد في العاصمة الأردنية عمان وانسحاب وفد الجزائر بعد عرض خريطة للمغرب تشمل أقاليمه الصحراوية الجنوبية ، مما يُعد انتصارًا دبلوماسيًا جديدًا للمغرب في قضية صحرائه.

إن رؤية خريطة جغرافية تظهر المغرب مع الصحراء المغربية باتت تثير رد فعل غريزي لدى العديد من المسؤولين الجزائريين.

كان أحد أبرز الحوادث التي وقعت في عام 2020 عندما تضمنت خرائط جوجل الصحراء المغربية كجزء من التراب المغربي. وكان رد الفعل في الجزائر سريعًا وشديدًا، مع العديد من المقالات الافتتاحية وحملات وسائل التواصل الاجتماعي وحتى الضغط الحكومي لتصحيح ما اعتُبر تحريفًا خطيرًا. ويمتد هذا النزاع الخرائطي إلى الأحداث الرياضية والثقافية والمؤتمرات الأكاديمية الدولية، حيث يمكن أن يؤدي عرض مثل هذه الخرائط إلى إثارة الجدل والتوتر والانسحابات بشكل كبير.

إن هذا الرهاب الجديد أصبح له أبعاد نفسية تستحق الاستكشاف. فبالنسبة للعديد من الجزائريين، تشكل خريطة المغرب بما في ذلك الصحراء كاملة تذكيراً بصرياً بمعجزة المسيرة الخضراء التاريخية .

وعلى المستوى الاجتماعي والسياسي، تستغل العديد من الجهات الفاعلة هذا الرهاب لتحويل الانتباه عن القضايا الداخلية الأساسية. وكثيراً ما تسلط الحكومة الجزائرية ووسائل الإعلام الضوء على التهديد الذي تشكله المطالبات الإقليمية للمغرب لحشد السكان حول قضية مشتركة، وبالتالي تعزيز التماسك الداخلي. وقد تكون هذه الاستراتيجية فعّالة بشكل خاص في أوقات الاضطرابات السياسية أو الاقتصادية، لأنها تعيد توجيه الإحباط العام نحو عدو خارجي.

إن الرهاب الجزائري الجديد له آثار كبيرة على الدبلوماسية الإقليمية والعلاقات الدولية. ويظل نزاع الصحراء المغربية أحد أكثر الصراعات صعوبة في أفريقيا، كما أن رد الفعل الجزائري المكثف على المطالبات الخرائطية المغربية يزيد من تعقيد الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي. ويؤدي هذا الرهاب إلى تقويض الثقة وتفاقم التوترات بين البلدين، مما يجعل الحوار الدبلوماسي أكثر صعوبة.

وعلى الصعيد الدولي، تؤثر هذه النوبة الرهاب على تفاعلات الجزائر مع الدول والمنظمات الأخرى. فالدول والشركات التي تعترف بالمطالب الإقليمية للمغرب، حتى ضمناً من خلال استخدام خرائط معينة، تخاطر بتنفير الجزائر. وتؤثر هذه الديناميكية على قرارات السياسة الخارجية والعلاقات الاقتصادية، حيث تسعى الجزائر إلى الاستفادة من ثقلها الدبلوماسي والاقتصادي لمواجهة التأكيدات المغربية.

إن معالجة هذه النوبة من الرهاب تتطلب منهجاً متعدد الأوجه يعترف بالأبعاد العاطفية والسياسية للقضية. ومن الممكن أن تساعد تدابير بناء الثقة بين الجزائر والمغرب في الحد من التوترات، وإن كان من الأسهل قول ذلك من فعله نظراً للمواقف المتعنتة لخصوم المغرب.

علاوة على ذلك، يتعين على المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة، أن تواصل الاضطلاع بدور استباقي في حل نزاع الصحراء المغربية المفتعل.

إن التوصل إلى حل عادل ودائم يحترم حقوق وتطلعات الشعب الصحراوي يشكل أهمية بالغة ليس فقط من أجل تحقيق الاستقرار الإقليمي، بل وأيضاً من أجل تخفيف المخاوف المتعلقة بالخرائط والتي تعصف بنفوس حكام الجزائر.

0 التعليقات: