مرة أخرى، يحاول الإعلام الداعم لجبهة البوليساريو تقديم الوهم على أنه واقع، والترويج لكيان وهمي لا يعترف به لا القانون الدولي ولا الأغلبية الساحقة من دول العالم، عبر أخبار مفبركة تنسب تمثيلية غير شرعية لكيان غير موجود في القانون الدولي. المقال الذي نشرته وكالة الأنباء الصحراوية (SPS) حول ما سُمي بـ"لقاء ثنائي" بين وزير خارجية "الجمهورية الصحراوية" المزعومة ونظيره الجزائري، على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي ببروكسيل، لا يعدو أن يكون إعادة إنتاج لمسرحيات دبلوماسية تفتقر إلى الشرعية، ويغلفها الخطاب الدعائي الجزائري المعروف.
أول مغالطة كبرى في
هذا المقال هي الحديث عن "وزير خارجية الجمهورية الصحراوية" وكأن العالم
يعترف بمثل هذا الكيان. الواقع أن ما يسمى بـ"الجمهورية الصحراوية الديمقراطية"
لا تحظى بأي اعتراف من الأمم المتحدة، ولا من الاتحاد الأوروبي، ولا من أي منظمة دولية
ذات مصداقية. بل إن أغلب الدول التي سبق لها الاعتراف بها في لحظات سياسية عابرة، سحبت
اعترافها لاحقًا. المغرب، الذي استعاد أقاليمه الصحراوية بشكل قانوني عبر اتفاق مدريد
عام 1975، يمارس سيادته على أراضيه ويديرها بشكل تنموي وديمقراطي معترف به من قبل شركاءه
الدوليين، بمن فيهم الاتحاد الأوروبي الذي وقع معه اتفاقيات تشمل الصحراء المغربية
صراحة.
الفقرة التي تزعم أن
وزير الخارجية الجزائري عقد لقاءً "ثنائيًا" مع من أُطلق عليه وزير خارجية
"الجمهورية الصحراوية"، تكشف بوضوح أن الجزائر، التي تدعي الحياد في قضية
الصحراء، هي الفاعل الحقيقي والمحرك الرئيسي لهذا النزاع المفتعل. فإذا كانت تعتبر
نفسها "غير معنية" بالنزاع، فكيف تفسر لقاءات رسمية كهذه مع ممثلين لكيان
لا يعترف به أحد سوى من يدعمه ويموله؟ إن هذا اللقاء المزعوم ليس أكثر من حلقة إضافية
في مسلسل التضليل السياسي، الذي تسعى من خلاله الجزائر إلى تسويق "البوليساريو"
على أنه كيان دولي، في الوقت الذي لا يتمتع فيه بأي من مقومات الدولة: لا حدود، لا
سيادة، لا شعب، ولا اعتراف.
على عكس ما يحاول المقال
إيهامه، فإن الاتحاد الأوروبي، بكل مؤسساته وهيئاته، يرفض الاعتراف بـ"الجمهورية
الصحراوية"، وقد جدد مرارًا وتكرارًا التزامه بقرارات الأمم المتحدة وبالحل السياسي
الواقعي والمبني على التفاوض تحت إشراف المنظمة الأممية. بل إن الاتحاد الأوروبي وقع
اتفاقيات اقتصادية وتجارية واضحة مع المملكة المغربية، تشمل المنتجات القادمة من الصحراء
المغربية، مما يشكل اعترافًا عمليًا بسيادة المغرب على أراضيه.
إن ادعاء مشاركة
"الجمهورية الصحراوية" في الاجتماع الوزاري بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد
الأوروبي يتجاهل حقائق بروتوكولية أساسية: الاتحاد الإفريقي لا يملك سلطة فرض حضور
أي طرف على الاتحاد الأوروبي، وما يسمى بمشاركة "الجمهورية الصحراوية" لا
تعدو أن تكون حضورا على هامش اجتماعات تمهيدية دون اعتراف رسمي أو وضع دبلوماسي معتمد.
أما الجلسة الرئيسية التي ترأسها ممثلون رسميون للاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي،
فلم تدرج الكيان الانفصالي في أجندتها الرسمية، ولم يرد أي ذكر له في بياناتها الختامية
أو وثائقها الرسمية.
تكمن خطورة مثل هذه
المقالات في أنها تحاول إعادة تشكيل الواقع عبر خطاب تضليلي يستند إلى سردية مهزوزة
ومرفوضة دوليًا. لكن الحقيقة تظل واضحة: قضية الصحراء المغربية قضية تصفية استعمار
حُسمت بعودة الأقاليم إلى الوطن الأم. ومحاولات "البوليساريو" المدعومة جزائريًا
لا تعدو أن تكون معركة دعائية خاسرة أمام منطق التاريخ، والقانون، والدبلوماسية الدولية.
ختامًا، فإن المغرب،
الذي يحظى بدعم دولي متزايد لمقترحه الجاد والواقعي للحكم الذاتي، يواصل تكريس سيادته
على أقاليمه الجنوبية، في وقت يتخبط فيه خصومه في فوضى التأويلات والمؤتمرات الجوفاء،
التي لا تغير شيئًا من الواقع الميداني والسياسي للمنطقة. فالتاريخ لا يكتبه من يفتعل
الصور، بل من يصنع الوقائع على الأرض.
0 التعليقات:
إرسال تعليق