الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، مايو 17، 2025

مايكروسوفت ترد على اتهامات باستخدام تقنياتها في العدوان على غزة: ترجمة عبده حقي


وسط موجة متصاعدة من الانتقادات والاحتجاجات الداخلية، خرجت شركة مايكروسوفت ببيان رسمي تنفي فيه بشدة أي استخدام مباشر لتقنياتها في العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف قطاع غزة. جاء هذا النفي في سياق مراجعة أجرتها الشركة، جمعت بين التحقيقات الداخلية والتدقيق الخارجي، ردًا على مزاعم وانتقادات علنية وجهها موظفون حاليون وسابقون.

وأكدت الشركة الأمريكية العملاقة في مجال التكنولوجيا أنها لم تعثر على أدلة تربط خدماتها السحابية "Azure" أو تطبيقات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها باستخدام مضر بالمدنيين الفلسطينيين. وأوضحت أن العلاقة التي تجمعها بوزارة الدفاع الإسرائيلية تأتي في إطار تعاملات تجارية معتادة لا تتجاوز شروط الاستخدام والسياسات الأخلاقية للشركة.

وفي البيان ذاته، شددت مايكروسوفت على أن أي استخدام لتقنياتها يجب أن يتم تحت إشراف بشري صارم، مع مراعاة القوانين الدولية والمحلية، مشيرةً إلى أن المراجعة شملت مقابلة عشرات الموظفين وتحليل وثائق داخلية. لكنها اعترفت ضمنيًا بوجود فجوة في قدرتها على المراقبة الفعلية لاستخدام خدماتها، خاصة حين تُشغَّل على خوادم خاصة بالعملاء، مما يترك مجالًا مفتوحًا للشكوك والانتقادات.

جاء هذا التوضيح عقب احتجاج صاخب خلال احتفالية الذكرى الخمسين لتأسيس مايكروسوفت، حيث قاطعت موظفتان سابقتان ابتهال أبوسعَد وفانيا أغراوال الحدث، متهمتين الشركة بالمساهمة التقنية في حرب تصفها المنظمات الحقوقية بـ"الإبادة الجماعية". ووصفت أبوسعَد، التي أُقيلت لاحقًا، مصطفى سليمان، نائب رئيس الشركة لشؤون الذكاء الاصطناعي، بأنه "مستفيد من الحرب"، بينما استقالت أغراوال بعد انضمامها للحملة الاحتجاجية التي يقودها موظفون حاليون وسابقون داخل الشركة.

الحملة الاحتجاجية استندت إلى تحقيقات صحفية تشير إلى تورط الجيش الإسرائيلي في استخدام تقنيات مايكروسوفت وأوبن آي لأغراض تشمل المراقبة الشاملة وتحليل الاتصالات النصية والصوتية. كما وردت معلومات عن توفير الشركة أكثر من 19 ألف ساعة من الدعم التقني والاستشاري لصالح الجيش الإسرائيلي، في صفقة تُقدّر بـ10 ملايين دولار، وهو ما زاد من ضغوط المطالبة بالشفافية والمحاسبة.

 

ومع ذلك، شددت مايكروسوفت في بيانها على أن الجيوش غالبًا ما تلجأ إلى حلول برمجية محلية أو من شركات عسكرية متخصصة، نافيةً تطويرها لأي منظومات مراقبة لصالح الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر. لكنها لم تنفِ صراحةً وجود تعامل تقني عام مع الوزارة، مما ترك البيان عرضة لانتقادات بعض المنظمات والناشطين.

وكان من أبرز الأصوات المعارضة للبيان حسام نصر، أحد أبرز منظّمي الحملة داخل الشركة، الذي وصفه بأنه “ملغوم بالتناقضات”، معتبرًا أن بيع التكنولوجيا لأي جيش متهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وفقًا لما تقرره المحكمة الجنائية الدولية، لا يمكن تبريره أخلاقيًا، حتى لو تم تحت ستار التعاملات التجارية.

وفي ظل هذا الجدل المحتدم، تبرز تساؤلات حول مدى مسؤولية شركات التكنولوجيا العملاقة في مراقبة وتوجيه استخدام تقنياتها في مناطق النزاع، وخاصة عندما تصبح أدوات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية جزءًا من منظومة عسكرية معقدة ومتشابكة يصعب تتبع خطوطها الخلفية بدقة.

بيان مايكروسوفت، رغم ما يحمله من نفي وتبرير، يعكس عمق الأزمة الأخلاقية التي تواجهها شركات التكنولوجيا في العصر الرقمي، حين تتقاطع برمجياتها مع الوقائع الدموية لحروب لم تعد تدار فقط بالبنادق، بل بالكود والخوارزميات.

0 التعليقات: