الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، فبراير 21، 2019

عبده حقي في حواربمناسبة المعرض الدولي للنشر والكتاب دورة 2019


كم من أشباه الكتاب عليهم أن يعتذروا كثيرا للأشجار التي صنعت منها ترهات كتبهم .
*ماذا يشكل بالنسبة إليك المعرض الدولي للنشر والكتاب الدار البيضاء؟
 شكرا لجريدة بيان اليوم على دعوتها الكريمة للمشاركة في هذا الملف الهام جدا حول تنظيم فعاليات الدورة ال 25 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء 2019 . وجوابا على سؤالكم فهذه المناسبة تشكل بالنسبة لي محطة سنوية فارقة للمساءلة والإجابة أيضا على أسئلة ماضي وراهن ومستقبل القراءة في المغرب إذ ما الجدوى من تنظيم هذا المعرض سنويا بكل ما يتطلبه من تخطيط وحشد للإمكانيات اللوجيستية والمالية والثقافية إذا ما وجدنا في المحصلة أن معدل القراءة في المغرب مازال في المستويات المتدنية مقارنة مع دول عربية أخرى كلبنان وقطر والإمارات العربية المتحدة وغيرها .
* ما هو أحدث إصداراتك وما هي خطوطه العريضة؟
في خزانتي عدة مشاريع كتب ورقية تهتم بالأدب الرقمي والرواية وحوارات وملفات ثقافية أنجزتها بمشاركة  عديد من المثقفين والكتاب المغاربة والعرب تتناول عدة قضايا وإشكاليات ثقافية وإثنية وإعلامية وغيرها ... أما آخر إصداراتي التي نشرتها ورقيا على نفقتي الخاصة فهو كتاب عن سيرتي الذاتية (عودة الروح لابن عربي .. عن أيام مكناس فاس الجميلة ) ) والتي حولتها أيضا إلى كتاب إلكتروني وكتاب مسموع مدته الزمنية زهاء ثمان ساعات وباستطاعة القراء في كل أنحاء العالم تصفح النسختين مع على موقعي الإلكتروني الخاص. 
*ماذا عن تجربتك بخصوص الحضور والمساهمة في فعاليات المعرض؟

لا أخفيكم سرا إذا قلت أنني كنت مقلا جدا في الحضور في الدورات السابقة إذ ما الغاية من تواجدي كقارئ مفترض أوكاتب إذا لم أسهم في فعاليات المعرض من خلال توقيع كتاب أو المشاركة في ندوة فكرية وثقافية أو إبرام عقود إصدارات مع دور النشر المغربية والمشرقية  ..إلخ    
*ما هي ملاحظاتك على المستوى التنظيمي للمعرض؟
 طبعا للجانب التنظيمي دور هام في إنجاح المعرض وبالتالي التسويق المتميز والناجع للمطبوعات والكتب على الخصوص باعتبارها العمد المركزي التي تنهض عليه خيمة المعرض في كل الدورات . وأعتقد أنه على وزارة الثقافة والاتصال البحث عن آليات تواصلية أوسع انتشارا من أجل تعميم دليل برنامج الدورة عن طريق الأكاديميات التعليمية والجامعات والمعاهد ومحطات  القطارات والمطارات وكل قنوات التواصل السمعية البصرية والورقية والإلكترونية ..إلخ     
*ما هي القضايا التي تظهر لك ضرورية للمناقشة في البرنامج الثقافي؟

هناك عديد من القضايا منها على الخصوص معضلة القراءة التي ما تزال تراوح مكانها إذ لا تتجاوز حصة القراءة لدى المواطن المغربي أكثر من خمس دقائق في السنة وهناك أيضا مشكلة توزيع الكتاب الورقي وانحصار مجالات الترويج له والاحتفاء اللائق بالكتاب عن طريق المديريات الثقافية وجمعيات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية ..إلخ لكن أعتقد أن أهم قضية يجب على وزارة الثقافة ودور النشر الالتفات إليها بجد ضمن فعاليات هذه الدورة والدورات القادمة هي قضية نشر الكتب الإلكترونية والمسموعة . فمما لاشك فيه أننا نعيش زمن الحوامل الإلكترونية التي تلازمنا في كل وقت وحين والتي تخول لنا الولوج إلى آفاق المعرفة والتواصل عبر تطبيقات بسيطة قد تغنينا عن حمل مئات الكتب الورقية وعليه فقد بات من اللازم على كل المتدخلين في صناعة الكتاب الورقي والترويج لسلعته أن يفكروا في مقاربة وسياسة جديدة للنشر تواكب المستجدات التكنولوجية الحديثة .. من الواجب علينا أن نعيش عصرنا وننخرط فيه مثلما عاشت الأجيال السابقة عصر الهاتف الثابت والتلفاز والمذياع والراديو الخلوي (ترانزيستور) .. إلخ وطبعا لكل تطور حداثي ضريبته والأهم أن تكون أضرار هذه الضريبة طفيفة على منظومة قيمنا الشاملة لكن الآفاق واعدة ومفيدة للجميع .      

*ما هي اقتراحاتك للنهوض بوضعية النشر والقراءة بالمغرب؟
 هذا سؤال شاسع جدا وقد سبقني إلى الإجابة عنه بمناسبة الدورات السابقة المئات من الكتاب والمفكرين وفي مناسبات عديدة وأعتقد أنه مع تعاظم دور الحوامل الإلكترونية في المستقبل القريب وسهولة النشر الإلكتروني سوف تخف حدة معضلة النشر من خلال الارتقاء بصناعة الكتب الإلكترونية أما فيما يخص معضلة القراءة فتلك حكاية أخرى حدث فيها ولا حرج تتعلق بما هو ذاتي محض وسوسيوثقافي واقتصادي وذوقي ومزاجي .. إلخ حيث لا يمكننا أن نحفز الناس على قراءة إصدارات جديدة إذا كانت جل الفئات المجتمعية تعاني من العوز المادي ولا تعنيها مواضيع هذه الكتب في شيء مثل بعض الدواوين الشعرية السوريالية والقصص القصيرة جدا والروايات التجريبية الفاشلة .. فكم بتنا نشتاق ونحن اليوم إلى زمن محمد زفزاف وإدريس الخوري ومحمد شكري وخناتة بنونة وأحمد المجاطي وغيرهم حيث الإبداعات الأدبية تمتح من واقع واعتمالات المدن السفلى بتعبير عبدالله راجع .       
*ما هي ملاحظاتك على سياسة دعم الكتاب التي تنهجها وزارة الثقافة؟
 يبدو لي أن هناك مجهودات ملحوظة وجديرة بالتنويه من طرف وزارة الثقافة لكنني ربما تغيب عني كثير من التفاصيل بخصوص بعض الكواليس التي لا يدرك خباياها سوى الراسخين في النشر. وبخصوص تجربتي في النشر فقد نشرت أربع كتب ورقية على نفقتي الخاصة اقتطعت تكلفتها من راتبي الهزيل وربما قد أكون الكاتب المغربي الوحيد الذي نشر خمس كتب إلكترونية أنقذتني من طاحونة النشر الورقي ويمكن للقراء في جميع أنحاء كوكب الأرض تحميلها وقراءتها .
* ما هو تصورك لمستقبل الكتاب الورقي؟
كل المؤشرات تفيد بما لا يدع مجالا للشك أن عالم النشر ماض بوثوق إلى عصر التحول في أسانيد القراءة من الورقي إلى الرقمي فتجارة الكتاب الإلكتروني اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية في ارتفاع ملفت ومشجع كما أن هناك خبراء وأكاديميون في المجال يبحثون في دورالقراءة الرقمية واستراتيجيتها المستقبلية وتداعياتها على الذهن والسلوك والثقافة والتعليم .. أما في المغرب الذي نتوفر فيه على أكثر من ثلاثين مليون هاتف ذكي فإن هذا الأخير مع كامل الأسف بدل أن يكون وسيطا رقميا للتحصيل العلمي والمعرفة والتواصل فقد أصبح شبهة لصيقة بنا ووجوده في الأقسام الدراسية قد يعرض التلاميذ للتوقيف أو الطرد وهذا طبعا بسبب سوء استعمالنا لثمار هذه الحداثة الفائقة وهذا مظهر من مظاهر أعطابها .. الكتاب الورقي بكل تأكيد ماض من جهته إلى أفوله على المدى المتوسط وعلى كل حال كم من أشباه الكتاب المغاربة عليهم أن يعتذروا كثيرا للأشجار التي صنعت منها ترهات كتبهم كان من الأولى أن تعيش تلك الأشجار لنقرأ أوراقها ونستظل بظلالها ونشنف أسماعنا بتغاريد عصافيرها .       

0 التعليقات: