الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، أغسطس 07، 2025

تنامي الدعم الدولي لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية: عبده حقي


بعد أكثر من خمسين عاماً من الجمود السياسي بشأن نزاع الصحراء الغربية، تشهد القضية تحولاً جذرياً نحو تبني مقاربة اقتصادية ودبلوماسية جديدة، تتمحور حول دعم متزايد لمخطط الحكم الذاتي المغربي كحل وحيد واقعي وقابل للتطبيق. وقد برز هذا الاتجاه مؤخراً من خلال تحركات أمريكية حثيثة واستقطاب دولي متصاعد، لا سيما من أمريكا اللاتينية، مع تأكيد بنما مجدداً على دعمها القوي للموقف المغربي.

في واشنطن، تتجه الإدارة الأمريكية إلى المصادقة على استثمارات ضخمة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، تشمل مشاريع في مجالات الطاقة المتجددة والمعادن والسياحة، بقيمة قد تصل إلى 5 مليارات دولار، من خلال مؤسسة التمويل الدولية الأمريكية. وقد سبقت هذه الخطوة تحركات ميدانية واستطلاعية من طرف شركات أمريكية، في وقت لا تقيد فيه هذه الشركات أحكام محكمة العدل الأوروبية التي سبق أن أبطلت اتفاقيات مع المغرب بسبب نزاع السيادة.

التحرك الأمريكي يأتي في سياق سياسي أكثر انفتاحاً، حيث أعاد الرئيس دونالد ترامب تأكيد اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء، واعتبر مخطط الحكم الذاتي المغربي الأساس الوحيد لأي حل دائم، وهو الموقف ذاته الذي تدعمه فرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا، ما يمنح المغرب ثقلاً دبلوماسياً متزايداً في مجلس الأمن. ويأمل مستشار ترامب، مسعد بولس، أن يتم التوصل إلى حل سريع في فترة الرئاسة الحالية، عبر تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة كأداة لتحقيق الاستقرار.

الملك محمد السادس، وفي خطابه الأخير بمناسبة عيد العرش، أبدى انفتاحاً واضحاً تجاه الجزائر، داعياً إلى حوار "لا غالب فيه ولا مغلوب"، ومشدداً على أهمية التوصل إلى حل توافقي يحفظ كرامة كل الأطراف، بعيداً عن منطق الانتصار أو الهزيمة. دعوته ترافقت مع تأكيده على بقاء اتحاد المغرب العربي كإطار إقليمي للتعاون، رغم الجمود الذي أصابه بسبب نزاع الصحراء.

بالتوازي مع التحركات الأميركية، أكدت بنما مجدداً دعمها الصريح والواضح لمخطط الحكم الذاتي المغربي. وخلال زيارة رسمية إلى الرباط في يونيو 2025، شدد وزير خارجية بنما، خافيير مارتينيز-أتشا، على أن المبادرة المغربية تشكل الحل الوحيد الجاد والواقعي للنزاع. وأشار إلى أن بلاده، بصفتها عضواً غير دائم في مجلس الأمن، مقتنعة بأن هذا المقترح هو القاعدة المستقبلية لأي حل دائم. وكانت بنما قد علّقت اعترافها بـ"الجمهورية الصحراوية" في نوفمبر 2024، ما شكّل تحولاً جذرياً في موقفها، ورسالة سياسية قوية إلى المجتمع الدولي.

يترافق هذا الدعم مع انسحاب عدد متزايد من الدول من الاعتراف بكيان البوليساريو، وتزايد الاستثمارات الدولية في الأقاليم الجنوبية، خاصة في مدينة الداخلة التي تحولت إلى مركز اقتصادي ناشئ يُنظر إليه كبوابة لإفريقيا جنوب الصحراء.

باختصار، تشير المؤشرات الحالية إلى تشكل تحالف دولي أوسع نطاقاً خلف الطرح المغربي، مبني على الواقعية السياسية، والمصالح الاقتصادية، والدعم المتنامي لمخطط الحكم الذاتي كحل نهائي يحفظ الأمن الإقليمي ويفتح آفاقاً جديدة للتنمية والتكامل المغاربي. وبينما تلتزم بعض الأطراف بالصمت أو المراوغة، فإن دينامية الاستثمار والدبلوماسية تواصل الدفع بالقضية نحو أفق جديد يتجاوز منطق الحرب ويحتكم إلى منطق السلام والتعاون.

0 التعليقات: