الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


إعلانات أفقية

الخميس، ديسمبر 18، 2025

تثبيت دينامية الإصلاح في زمن التغيرات: إعداد عبده حقي

 


في مشهد سياسي واقتصادي يشهد دينامية متسارعة، أطلقت الحكومة المغربية في اليومين الأخيرين سلسلة من المبادرات والقرارات التي تعكس حرصها على تثبيت وتوسيع منجزاتها في مختلف المجالات، وتبني سياسات عامة تستجيب لتطلعات المواطنين وتحديات الواقع الوطني.

أولاً: إنعاش الاقتصاد والبنية التحتية

في خضم استعدادات المغرب لاستضافة فعاليات كروية واحتضان مشاريع تنموية استراتيجية، أُعلن عن موافقة البنك الإفريقي للتنمية على تمويل بقيمة 316 مليون دولار لتحديث وتوسعة البنيات التحتية للمطارات في مدن كبرى مثل مراكش وأكادير وطنجة وفاس. هذا التمويل سيسهم في رفع الطاقة الاستيعابية للمطارات وتهيئتها لاستقبال أعداد أكثر من الزوار والسياح في تقلبات ما بعد الجائحة وعند تنظيم تظاهرات كبرى، كما يعزز مكانة المغرب كوجهة اقتصادية وسياحية إقليمية. 

على الصعيد المالي والاقتصادي الداخلي، كشفت الحكومة عن حصيلة استرداد متأخرات ضريبية (TVA) بلغت 78 مليار درهم، مع المصادقة على 55 مشروعاً استثمارياً بإجمالي استثمارات يناهز 5.8 مليارات درهم ستنعش سوق الشغل بخلق حوالي عشرة آلاف منصب عمل مباشر وغير مباشر، في مؤشر على تنشيط نشاط المقاولات وتشجيع الاستثمار المحلي. 

في تقدم آخر، ترأس رئيس الحكومة اجتماعاً لتقديم الخطة الاستراتيجية للشركة الوطنية لإنجاز وتدبير المنشآت الرياضية، في خطوة تمكّن من تطوير وتحديث البنيات الرياضية وتثمينها كرافد للتنمية المحلية والدولية على حد سواء، فضلاً عن جهود تفكيك شبكات إجرامية وتعزيز الأمن في هذا القطاع الحيوي. 

ثانياً: تعزيز دولة اجتماعية وتوسيع الخدمات

في إطار سياسة الدولة الاجتماعية، أبلغت الحكومة عن تقدم في البنيات التحتية القروية، وبناء مدارس ومسالك تعليمية جديدة في الوسط القروي وتحسين النقل المدرسي، مما يسهم في تقليص الفوارق في مستوى الخدمات بين الحضر والقرى ويعزز حق التمدرس. كما تم تثبيت التغطية الصحية الشاملة ما يجعل المواطنين أكثر قدرة على الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، وهو تحقيق يتماشى مع مشروع تعميم التغطية الصحية الذي اتخذته الدولة كركيزة أساسية في سياستها الاجتماعية. 

ثالثاً: الموارد المائية والتنمية القروية

واصلت الحكومة العمل على مشاريع استراتيجية كبرى في مجال الماء، من خلال توقيع اتفاقية تمويل لمشروع “صايس III” مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، الذي يعزز القدرة على صيانة الموارد المائية في سهل الصايس وتوسيع شبكات الري والمحافظة على الإنتاج الفلاحي في مواجهة التحديات المناخية. 

رابعاً: إصلاحات إدارية ورؤية مستقبلية

تؤكد الخطط الاستراتيجية التي طرحتها الحكومة عزمها على تعزيز منظومة المقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة عبر تخفيضات ضريبية وتحسين مناخ الأعمال، في إطار رؤية أوسع للنهوض بالاقتصاد الوطني. كما تتضمن السياسات العامة تنفيذ استراتيجيات طويلة المدى مثل Maroc Digital 2030 التي تسعى إلى جعل المغرب مركزا رقمياً متنافساً عالمياً، باستهداف خلق آلاف مناصب الشغل الرقمية وتعزيز البنيات التحتية التكنولوجية. 

خامساً: المقاربة البيئية والتحولات المجتمعية

على الرغم من الآثار السلبية للأمطار القوية التي ضربت بعض المدن المغربية مؤخراً مما أدى إلى خسائر بشرية ومادية، فإن الحكومة شرعت في تعبئة الموارد لمواجهة مخاطر التغيرات المناخية وتقوية قدرات الدولة على الاستجابة لحالات الطوارئ وتحسين شبكات البنية التحتية لمقاومة الفيضانات والتقلبات المناخية. هذه الجهود مكمّلة لسياسة شاملة توازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. 

خاتمة

في ظل الظروف المتغيرة محلياً وإقليمياً، تعكس هذه الخطوات الحكومية دينامية واضحة في العمل العمومي وتأكيداً على التزام المغرب بمواصلة تحديث بنى الدولة وتوسيع منجزاتها الاقتصادية والاجتماعية. إن سياسات الحكومة في مختلف المجالات – من الاقتصاد إلى التعليم والصحة والبنى التحتية والتنمية القروية – تضع لبنة إضافية في مسار طويل من الإصلاحات التي تستهدف استقراراً اجتماعياً ونمواً شاملاً.


0 التعليقات: