الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الثلاثاء، ديسمبر 19، 2023

كتاب وفنانون اشتهروا بأسماء مستعارة


إشارة : بعض فقرات هذه المقالة مقتبسة من مقالة سابقة للصحفي ومدير جريدة الأخبار وكاتب عمود شوف تشوف رشيد نيني .

يضطر الكثير من المغاربة إلى تغيير اسمائهم وألقابهم العائلية، لأسباب عدة، فيعشيون طيلة حياتهم بأسماء بديلة سرعان ما تطمس أسمائهم الحقيقية المدونة في سجلات الحالة المدنية.

وهكذا نجد عددا من الفنانين والأدباء والساسة المغاربة، يعيشون بأسماء مستعارة مثل رائدي الأغنية المغربية، الفنان عبد الهادي بلخياط، وعبدالوهاب الدكالي، فالأول اسمه الحقيقي عبد الهادي الزوكاري، بينما اسم الدكالي هو العوني بوكرن.
أما الفنان البشير عبدو فاسمه الحقيقي البشير لمكرد، و الفنان الشعبي عبد الله الداودي هو عبد الله مخلوق، والداودية يبقى اسمها الحقيقي هو هند حنوي.
ويبقى قليلون من يعرفون أن الإسم الحقيقي لعازف العود الحاج يونس هو الإدريسي الرياحي مولاي محمد، والستاتي هو الغرباوي، الذي اختار هذا اللقب تيمنا بالتسمية التي كانوا يطلقونها عليه منذ صغره بسبب توفره على ستة أصابع في كل يد عوض خمسة ، ومصطفى بوركون هو السمرقندي.
والكوميدي محمد الجم ،اسمه الحقيقي هو محمد عنترة، وأمينة رشيد اسمها جميلة بن عمر، فيما تخلت الممثلة ووزيرة الثقافة السابقة، ثريا جبران عن اسمها الحقيقي السعدية قريطيف.
"موضة" تغيير الأسماء لم تكن حكرا على المغنيين والممثلين لوحدهم، بل امتدت إلى مجال الأدب حيث نجد من الأدباء من لجأ الى تغيير اسمه الحقيقي مثل الروائي مبارك ربيع، الذي يسمى مبارك المعاشي، ومحمد الزفراف الذي يبقى اسمه محمد خصال.
أما وزير الطاقة و المعادن السابق فقد غير لقبه من بوثعلب الى بوطالب
الألقاب والأسماء المستعارة عادة قديمة كان المعارضون يلجؤون إليها لإخفاء الهوية خوفا من الاعتقال والتعذيب، فكانوا يختارون حمل أسماء حركية يتداولونها في خلاياهم السرية، كما هو الحال مع عبد القادر لوديي الذي اختار لقب عبد القادر الشاوي واشتهر به في الأدب والسجن والسياسة. أما في الفن، فإن اختيار الفنانين لألقاب وأسماء مستعارة يتحكم فيه دافع السعي وراء تحقيق شهرة أوسع في مجال الفن، خصوصا إذا كان الاسم الحقيقي لا «يطنطن» في الأذن. تصوروا مثلا لو أن عبد الهادي بلخياط اقتحم عالم الغناء باسمه الحقيقي الذي هو عبد الهادي الزوكاري، فهل سيكون له نفس الحظ في الانتشار كما صنع بلقب بلخياط. الشيء نفسه صنعه زميله في الشهرة والمجد عبد الوهاب الدكالي عندما تخلى عن اسمه الأصلي الذي لا يكاد يعرفه أحد وهو العوني بوكرن، نسبة إلى منطقة «العونات» التي ينحدر منها.
وحتى «الستاتي»، الذي يستطيع أن يجمع سبعين ألف متفرج في سهرة واحدة، لا يستطيع أكبر حزب سياسي في المغرب على جمع ربعه، كان ذكيا عندما فكر في تغيير اسمه من «العرباوي» إلى «الستاتي». ويبدو أن «الستاتي» اختار هذا اللقب تيمنا بالتسمية التي كانوا يطلقونها عليه منذ صغره بسبب توفره على ستة أصابع في كل يد عوض خمسة التي يتوفر عليها جميع عباد الله. فالمولود «الستاتي» في منطقة الشاوية تعتبر أقدامه «قدام الربح». (ولا أعرف لماذا لا تكون أصابعه «أصابع الربح»، مادام الأمر يتعلق بالأصابع وليس بالأقدام).
ويبقى مجال الغناء الشعبي والعصري المجال الأكثر تداولا للأسماء المستعارة. فمصطفى «بوركون» مثلا اسمه الحقيقي هو مصطفى «السمرقندي»، نسبة إلى «سمرقند» في «آسيا الوسطى» والتي وصفها «ابن بطوطة» بقوله «إنها من أكبر المدن وأحسنها وأتمها جمالا، مبنية على شاطئ وادٍ يعرف بوادي القصَّارين، وكانت تضم قصورًا عظيمة، وعمارة تُنْبِئ عن هِمَم أهلها».
وربما من هناك جاء المسلمون الهاربون من «سمرقند»، بسبب بطش «تيمورلنك»، بتقاليد «القصارة» إلى أرض المغرب.
ولعل أشهر الفنانين الذين غيروا أسماءهم الأصلية يبقى «السعدية قريطيف» التي اختارت لقب ثريا جبران، وعرفها الجمهور وأحبها بهذا اللقب القادم من أرض الأرز لبنان. وليست وحدها من سقطت في حب الأسماء اللبنانية المستعارة، فحتى الكاتب إدريس الكص صاحب «حزن في الرأس وفي القلب» وقع في هذا الحب الجارف، واختار تغيير اسمه من إدريس الكص إلى إدريس الخوري. مع أن الخوري في لبنان تعني رجل الدين في اللغة الكنسية الكاثوليكية. «شي حاجة بحال الفقيه عندنا».
وإذا كان هناك من تأثر بالأسماء اللبنانية كجبران والخوري وغيرهما، فهناك أيضا مغنون تأثروا بالأسماء المصرية. فالبشير مثلا تخلى عن «البشير المكرد» لكي يشتهر باسم «البشير عبدو». ولا بد أن البشير قد يكون عانى مثلي من زملائه في الدراسة بترديد لازمة «آ المكرد كول وبرد»، فاسمي كان مثار سخرية الزملاء على طول المشوار الدراسي، وبمجرد ما ينطق المعلم اسمي حتى أسمع في الصفوف الخلفية، حيث يجلس الكسالى غالبا، لازمة «نيني يا مومو حتى يطيب عشانا».
وهناك من تأثر أيضا بالأفلام المصرية وسمى أبناءه بأسماء أبطال هذه الأفلام، كوالد الجم الذي سماه عنترة تيمنا باسم عنترة ابن شداد العبسي. وهكذا فالاسم الأصلي لمحمد الجم هو محمد عنترة. مثلما هو الاسم الحقيقي لأمينة رشيد هو جميلة بن عمر.
وإذا كانت هناك أسماء عائلية تجلب السخرية لأصحابها، فهناك أسماء أخرى يمكن أن تنتهي بك في قائمة الإرهاب. وهذا ما وقع لعازف العود الحاج يونس عندما وضع طلبا لدى القنصلية الأمريكية من أجل الحصول على تأشيرة تلبية لدعوة فنية من واشنطن. وبمجرد ما وضع الحاج يونس طلبه باسمه الحقيقي الذي هو «الإدريسي الرياحي مولاي محمد»، «طلع» هذا الاسم في لائحة الإرهابيين المبحوث عنهم على الصعيد الدولي. وعوض أن يطالب الحاج يونس بالتأشيرة الأمريكيةأصبح يطلب «العار غير يرجعو ليه الباسبور ديالو» حتى لا ينتهي به المطاف في «غوانتانامو». فقد اكتشف أن الاسم الحقيقي الذي يليق به بعد هذه التهمة الخطيرة هو «الحاج التوهامي» وليس «الحاج يونس».
ومن أغرب الأسباب التي تدفع البعض إلى تغيير أسمائهم ما قام به الشاعر الراحل أحمد المعداوي، صاحب ديوان «الفروسية»، عندما لقب نفسه بأحمد المجاطي، مع أن «أمجوط» بالشلحة تعني الأقرع. والسبب في لجوء الراحل صاحب القصائد الحداثية إلى تسمية نفسه بهذا اللقب هو الحرص على عدم خلط اسمه باسم الشاعر مصطفى المعداوي الذي كان يكتب شعرا مغرقا في التقليدية. وهكذا فضل الراحل أحمد المعداوي اسما غريبا فقط لكي لا يخلط قراؤه قصائده الحداثية بقصائد شاعر تقليدي. «اللهم ملقاك مع القروعية ولا مع الشعر القديم».
وليس الراحل أحمد المعداوي هو المبدع المغربي الوحيد الذي غير اسمه، فهناك روائي درسنا جميعا مؤلفاته «رفقة السلاح والقمر» في أقسام الثانوي اسمه مبارك ربيع، قليلون هم الذين يعرفون أن اسمه الحقيقي هو مبارك المعاشي، وهناك محمد زفزاف صاحب رائعة «الديدان التي تنحني» واسمه الحقيقي هو محمد خصال، والناقد إدريس الناقوري اسمه الحقيقي هو إدريس الوادنوني، نسبة إلى وادي نون مسقط رأسه. أما نبيل الحلو فقليلون يعرفون أن اسمه الحقيقي هو عبد النبي الحلو، لكن على رأي الستاتي «كاينة ظروف»، وهي الظروف نفسها التي جعلت أحد الزملاء في مهنة المتاعب يغير اسمه من عبد الله دجاج إلى عبد الله نهاري، ووزيرا سابقا من بوثعلب إلى بوطالب.
عندما نتأمل أسماءنا في المغرب نحمد الله كثيرا، لأن أشقاءنا في بعض دول الخليج لديهم أسماء يستحيل أن ننطق بها في المغرب. وأمامكم مثال النائبة التي نجحت قبل يومين في البرلمان الكويتي، واسمها «معصومة مبارك».
الحاصول تغيير الأسماء لم يكن أبدا مشكلا، «المهم الواحد يبقا فصباغتو والسلام».
المطربة/أم كلثوم: اسمها الحقيقي، فاطمة إبراهيم.
المطرب/عبد الحليم حافظ: أسمه الحقيقي، على شبانه.
المطربة/اسمهان: أسمها الحقيقي، آمال فهد فرحان الأطرش. (من أسرة ملكيه).
الفنانة/نور الهدى: الكسندرا بدران.
الفنان/محمد فوزي: فوزي عبد العال.
المطربة/صباح: جانيت فغالي (اسمها صباح أطلق عليها بعد أن قامت المنتجة آسيا داغر باستفتاء جماهيري حين قدمتها في فيلم ”القلب له أحكام.
الممثل/عمر الشريف: ميشال شلهوب.
المطربة/فيروز: نهاد حداد.
الممثلة/ليلى طاهر: شيرويت فهمي.
الممثلة/لبلبه: نونيا توشكا.
الممثلة/يسرا: سيفين.
الفنانة/ورده الجزائرية: ورده محمد فتوكي.
الفنانة/سميرة توفيق: سميرة كيمونا.
الممثلة/نجلاء فتحي: فاطمة أو (فاطمة الزهراء) وقد غيره عبد الحليم حافظ.
الممثلة/ماجدة: عفاف محمد كامل الصباحي.
الفنانة/شاديه: فتوش (تركي الأصل ومعناه فاطمة) واسمها بالكامل فاطمة احمد كامل شاكر.
الممثلة بوسي: صافيناز مصطفى محمد قدري.
الممثلة نورا: قدريه.
الممثلة كريمة مختار: عطيات الدري.
الممثلة ناديه لطفي: بولا محمد شفيق.
الممثلة سامية جمال: زينب خليل.
الممثل نور الشريف: محمد جابر.
الممثل حسين فهمي: محمد حسين محمود فهمي.
الممثل محمود ياسين: محمود فؤاد ياسين طه.
الممثل سمير صبري: محمد سمير جلال صبري.
المطرب وديع الصافي: وديع فرانسيس.
المطرب وليد توفيق: وليد توتنجي.
المطربة نجاة الصغيره: نجاة محمد حسن البابا.
المطرب عاصي الحلاني: محمد الحلاني.
المطرب علاء زلزلي: علي زلزلي.
المطرب/وائل كقوري: ميشال كفوري.
الفنانة مايا نصري: مايا الأسمر.
المطربة أليسا: اليسار خوري.
الفنانة جيهان: ارتشو يعقوبيان.
الفنان هاني العمري: طوني داني مغامس.
الفنان/فادي لبنان: فادي قنطار.
الفنان زين العمر: طوني حدشيتي.
الفنان الأمير الصغير: جوزيف إبراهيم.
الفنانة الأميرة الصغيره: الهام فهد.
*المطرب رامي عياش: رامي بو عياش
فيروز:فيروز اسمها الحقيقي نهاد رزق وديع حداد
يسرا:يسرا اسمها الحقيقي سيفين محمد حافظ نسيم
ليلى طاهر:ليلى طاهر اسمها الحقيقي شرويت مصطفى إبراهيم
نور الشريف:نور الشريف اسمه الحقيقي محمد جابر محمد عبد الله
بوسي:بوسي اسمها الحقيقي صافيناز مصطفى محمد قدري
شيرين:شيرين اسمها الحقيقي أشجان محمد السيد عزام
لبلبة:لبلبة اسمها الحقيقي نينوشكا مانوج كوباليان
عمر الشريف:عمر الشريف اسمه الحقيقي ميشيل ديمتري شلهوب
هدى سلطان:هدى سلطان اسمها الحقيقي بهيجة عبد السلام عبد العال
حنان شوقي:حنان شوقي اسمها الحقيقي سيدة أمين أحمد
رجاء الجداوي:رجاء الجداوي اسمها الحقيقي نجاة علي حسن الجداوي
غسان مطر:غسان مطر اسمه الحقيقي عرفات داوود حسن المطري
زينة:زينة اسمها الحقيقي وسام رضا إسماعيل مرسي
كريمة مختار:كريمة مختار اسمها الحقيقي عطيات محمد البدري
ماجدة:ماجدة اسمها الحقيقي عفاف علي كامل الصباحي
نجلاء فتحي:نجلاء فتحي اسمها الحقيقي فاطمة الزهراء حسين أحمد
نجوى فؤاد:نجوى فؤاد اسمها الحقيقي عواطف محمد عجمي بيومي
نورا:نورا اسمها الحقيقي علوية مصطفى محمد قدري
صباح:صباح اسمها الحقيقي جانيت جورج الفغالي
مديحة يسري:مديحة يسري اسمها الحقيقي هنومة حبيب خليل علي
كمال أبو رية:كمال أبو رية اسمها الحقيقي عبد الرحيم كمال عبده
سميرة سعيد:سميرة سعيد اسمها الحقيقي سميرة بنسعيد
مغاربة يخجلون من أسمائهم العائلية بسبب إيحاءاتها غير المستحبة حسن البصري
أزيد من 1500 شخص يتخلصون سنويا من أسمائهم العائلية ذات الحمولة الجنسية أو العيب الخلقي
ليس من السهل تغيير اسمك العائلي، الذي التصق بك والتصقت به وأصبح عنوانا لهويتك.. ليس سهلا التخلص من اسم أضحى جزءا من وجودك، فالأمر لا يتعلق بإجراء إداري يُغيّر عنوان بنيان ويمسح آثار الزمان، بل بتحول في كيان إنسان.. الآن، وفي زمن التواصل الاجتماعي، يستبدل المرء اسمه الافتراضي على صفحة «فايسبوك»، قد يصبح على اسم ويُمسي على اسم آخر، لأن التكنولوجيا الحديثة لم تعد تعترف بالأسماء الأزلية، التي تولد مع الإنسان وتلتصق به إلى أن ينتهي به المطاف
 سطورا في سجل الوفيات أو على شاهد قبر، مسبوقا بلقب «المرحوم»، الذي يبتلع كل الألقاب.
تتعدد أسباب التمرد على الأسماء العائلية، ويسارع الناس إلى تغيير أسمائهم أو تعديلها، هروبا من "العار" تارة، ومن سخرية مُصادَرة كلما ترددت "كنية" مستفزة تبعث على الحشمة تارة أخرى.. لكنّ التغيير لا يقتصر على الأسماء التي تـتـّسـم بـ"قلة الحياء"، بل يلجأ كثير من الناس إلى إجراء تعديل الغاية منه استدراك خروج اضطراري عن سكة الاسم العائلي..
"المساء" تقلب أوراق الحالة المدنية وترصد معركة شريحة هامة من المواطنين مع "داء" الأسماء العائلية المستفزة، وتقدم الجوانب الخفية في ملف دخل خانة الطابوهات...
"عار"  دفتر  الحالة المدنية..
تحمّل لحنش المختار مضاعفات اسم عائلي مشبع بحمولات قدحية، فـ"الحنش" ارتبط في أذهان المغاربة بالمداهمة وظلت علاقته بالإنسان مبنية على عدم الثقة، وحين قـُدِّر للمختار أن يحمل اسما عائليا له إيحاءات حيوانية، فإنه ظل لسنوات عرضة لسخرية مكتومة الصوت، وكلما اختلف في معاملاته التجارية مع زبون يتذكر الناس اسمه العائليَّ المرادف للحيلة و"تحراميات".. لذا قرر أن يتخلص من "العار" الجاثم على وثائقه ومستنداته الرسمية، والذي يجعل منه "ثعبانا" آدميا من حيث لا يدري..
"كلما اختلفتُ مع شخص إلا وتذكر اسمي العائلي وشعرت بأنه اقتنع بأنني "اسم على مسمى".. طاردني شبح الاسم منذ الطفولة، حيث كان رفاق الدرب يحملون ألقابا سرعان ما تلاشت بالتقادم، لكن اسمي ظل يرافقني، بل هناك من كانوا يعتقدون أن "لحنش" مجرد لقب طفولي، فيترددون في مناداتي به، بل يسألون أصدقائي عما إذا كان لقب "لحنش" يغضبني.. لكنْ حين تزوجت وأنجبت أبناء، قررت أن أنهي هذا "الكابوس" الذي تحمّلته لأزيد من أربعة عقود، فغيرتُ "لحنش" بلقب عائلي يحمله أعمامي وهو الحاضي، وانتهت المعاناة تدريجية وتنفـّسَ ابناي وزوجتي الصعداء"..
تخلص لحنش من لقب عائلي مشين، خاصة حين ارتبط باسمه الشخصي المختار، حيث أصبح شبيها بالزواحف المختارة، وتحول من حيث لا يدري إلى عدو للقبه، لذا توجه إلى ضابط الحالة المدنية في الجماعة وكشف عن الألم الذي يعتصره، وكأنه يقف أمام طبيب. ولأن دواعي تغيير الاسم حاضرة، فإن المسطرة قد أخذت مجراها، وبعد ثلاثة أشهر، "مات" لحنش بـ"سُمّ" المادة الـ20 من مرسوم وزاري للحالة المدنية.
يقول المختار لـ"المساء"، وهو يروي معاناته: "فرض علي اسمي العائلي التحلي بأخلاق عالية وكنت مجبرا على التزام الهدوء والصبر وعدم إيذاء الناس حتى لا يقولوا إن لحنش خبيث، وأذكر أن شرطي مرور أوقفني يوما بسبب عدم استعمال حزام السلامة، حاولت تبرير موقفي قبل أن يرد لي وثائقي وهو يقول: "أنت حنش نيتْ"..
والغريب في قضية هذا الرجل أن اسمه العائلي الجديد لا يخلو من عار: "اكتشفتُ خلال عرض برنامج أخطر المجرمين أن سفاحا في تارودانت كان يحمل هذا الاسم، فقلت لي زوجتي اللهم لحنش"...
دواعي التخلص من اسم عائلي مستفز
ما وقع للمختار لحنش يحدث يوميا لعدد كبير من المواطنين المغاربة، الذيم منحهم المشرع فرصة التخلص من لقب عائلي "مستفز" إذا تبيـّنَ أنه يحمل عبوات ناسفة للأخلاق والقيـّم والتقاليد، وغالبا ما يستند الراغبون في التخلص من تبعات أسماء عائلية مستفزة إلى أسماء أفراد عائلاتهم، الحاملين أسماء قابلة للتداول، فينضمّون إلى شجرتها ويُنهُون محنة تضرب عمق الكيان النفسي للشخص وتصدر في حقه حكما بـ"عقوبة نفسية مُؤبَّدة"، على حد تعبير مفتش للحالة المدنية في الدار البيضاء، والذي قال إن قضية الحالة المدنية والأسماء العائلية ظلت مُغيَّبة، سواء من طرف المواطن أو المسؤولين: "غالبا ما يحال على قسم الحالة المدنية الموظفون الأقل خبرة ودراية، وفي كثير من الأحيان، نصادف في المقاطعات أن من يحررون عقود الازدياد ويباشرون أمور الحالة المدنية هم من الموظفين الذين أحيلوا على هذا القسم لأسباب غير مرتبطة بالعلم والخبرة.. كما أن رؤساء الجماعات يمنحون موظفين أو مستشارين جماعيين بدون تكوين مسؤولية ضابط الحالة المدنية بالتفويض، وهذا يزيد من مأزق المهنة".
وللتصدي للأسماء "المشينة"، أصدرت وزارة الداخلية دليلا للأسماء الشخصية، كما أصدرت ما يسميه مهنيو الحالة المدنية "كشاف الأسماء العائلية"، وهو أشبه بـ"كاتالوغ" يضمّ مئات الأسماء التي يمكن أن تمنح للأطفال المتخلى عنهم أو لمجهولي الأب أو الأبوية، في انتظار صدور دليل للأسماء العائلية الممنوعة من التداول.
أسماء ممنوعة من الصرف
يرى الكثير من المواطنين الذين غيّروا أسماءهم، العائلية بالخصوص، أن الإقدام على هذه الخطوة والتمرد على دفتر الحالة المدنية جاء بإيعاز من الأبناء والزوجة، نظرا إلى المضاعفات النفسية والاجتماعية التي تتمخض عن اسم مشبع بالإشارات القدحية، لذا يتم اللجوء إلى ضابط الحالة المدنية لـ"ضبط" الهوية، على حد تعبير مفتش خبـِر تضاريس الحالة المدنية على مستوى ولاية الدار البيضاء.
يشعر كثير من المواطنين أن الأسماء المشينة تتعارض مع حق الإنسان في الحصول على اسم لهويته لا يسبب له ضررا معنويا أو ماديا، لذا يهرع الكثيرون إلى اللتخلص من أسماء مشينة لها إيحاءات جنسية، كـ"البواس" و"حشاك" و"الحب" و"لوط"، مثلا، أو حيوانية، كـ"الحنش" و"النمس" و"لفراقش" و"بومعزة" و"سحت الليل".. أو فيزيولوجية، مثل "بوركبة" و"زروال" و"لكليول".. أو أسماء لا تتلاءم وهوية الإنسان، كـ"الدربوكة" و"القادوس" و"الروندة" و"لمهاوش".. وقِسْ على ذلك من الأسماء التي تعتبر وصمة عار على جبين عقود الازدياد والوثائق الرسمية، والتي تجلب لحامليها السخرية تارة والتقزز والاشمئزاز تارة أخرى، وتولـّد فيهم أعلى درجات الخجل، خاصة لدى الأطفال واليافعين والعنصر النسوي بالخصوص، علما أن هذه الأسماء هي لدى الكثيرين "قضاء وقدَر".
تغيير اسم أم طمس لسوابق عدلية؟
انتبه المشرّع إلى بعض "النوايا السيئة" التي كانت تختفي وراء مبادرة تغيير الاسم العائلي، وتبيـّنَ أن البعض يحاولون التخلص من أسماء "ملطخة" ارتبطت بمحاضر المحققين وسجلات المعتقلات، فألزم الراغبين باتـّباع مسطرة التغيير أو التعديل والإدلاء بنسخة من صحيفة السوابق العدلية، حتى تتأكد اللجنة المركزية من "سلامة النية وصدق الروية"، على حد قول منتدب قضائي في عمالة عين الشق، الذي قال: "كلما طلب مواطن نسخة من السجل العدلي ولاحظتُ أن اسمه العائلي مشين ومستفز، إلا وعلمت دون أن أحرجه أنه بصدد القيام بمسطرة تغيير اسمه العائلي"..
ويمكن تغيير اللقب للهروب من الماضي المشين والسوابق العدلية، وهو ما قام به البعض، قبل أن يلزم مرسوم 2002، في المادتين الـ21 والـ24، الراغبين في تغيير الأسماء على الإدلاء بنسخة من صحيفة السوابق العدلية، إلى جانب وثائق أخرى ذات قوة ثبوتية: "هناك من يريدون طمس معالم سوابقهم فيختارون اسما عائليا آخر، ومن الناس من يغيرون أسماءهم لمجرد ارتباط الاسم بفعل مشين، خاصة بعض الأسماء التي لها ماضٍ دموي"، يقول المصدر ذاته.
كيف فرضت على المغاربة أسماء قدحية؟
يرى كثير من ضباط الحالة المدنية الذين التقتهم "المساء" أنه كانت للمستعمر الفرنسي اليد الطولى في صناعة أسماء عائلية مستفزة، بل إن المخزن في بداية الاستقلال ساهم، بدوره، في إلصاق "أنـْكر الأسماء" في دفاتر الحالة المدنية، خاصة حين كانت مؤسسة العدول هي التي تقوم بهذا الدور والقياد والباشاوات هم ضباط الحالة المدنية.
يروي عمر الغرفي، ضابط الحالة المدنية بالتفويض، كيف أن الإدارة المغربية، في بداية عهدها بالحالة المدنية، كانت تمارس شططها في تسجيل الأسماء العائلية: "أثناء حملات تعميم القيد في سجلات الحالة المدنية، كانت طوابير المواطنين تقف أمام الموظف، الذي يختار، من تلقاء نفسه أحيانا، اسما عائليا للشخص الماثل أمامه، حسب المزاج وبناء على المظهر الجسدي أو من خلال التعرف على لقب يلتصق بالرجل في علاقته بمحيطه.. ويصبح الاسم العائلي ملزما"، ومع مرور الأيام، أمكن لضحايا الأسماء المشمئزة أن يُغيّروا أسماءهم بعيدا عن عار الاسم الجاحد. رغم ذلك، ما يزال الاهتمام بمسألة الحالة المدنية ضعيفا مقارنة مع أهمية المسألة، إذ توقفت الدولة عن تكوين مفتشين مختصين في هذا المجال وأغلقت، منذ سنة 1985، شعبة لهذا التخصص في مدرسة تكوين الأطر الإدارية في القنيطرة، بعد خمس سنوات، خرّجت خمسة أفواج فقط، مما يكشف حجم الخصاص الحاصل على مستوى التأطير في هذا الباب.
من التغيير  إلى التعديل
لا يتهافت المواطن على استبدال اسم مستفز بآخر أقل حمولة استفزازية، بل يسعى كثيرون ممن عاينتهم "المساء" في طوابير العمالات والمقاطعات إلى إجراء تعديل اسمي دون مبرر قدحي، أي أن عددا من المواطنين يرون أن الاسم العائلي الحقيقي ليس هو الاسم المثبت في الوثائق الرسمية ويُدْلون بما يؤكد هذا الطرح، فيتم اتـّباع مسطرة التعديل، التي لا تختلف كثيرا عن مسطرة التغيير.
وقد صادفت "المساء" أثناء إنجاز الروبورطاج حالة شخص غيّر اسمَه العائلي "فاضل" بـ"غلاب".. ورغم أن الاسم الأصلي "أفضل" من الاسم البديل، فإن إدلاء المعني بما يزكي انتماءه إلى شجرة غلاب العائلية مكـّنَ اللجنة من الموافقة على طلبه، فانضم إلى أسماء الوجاهة..
وكشف مفتش مركزي للحالة المدنية عن وجود تساهل في تلبية طلبات الراغبين في استبدال اسمائهم أو تعديلها، مشيرا إلى أن عدد الطلبات التي تـُعرَض على اللجنة المختلطة التي تبُتّ في هذه القضايا يتعدى 1500 حالة سنويا، تحظى نسبة كبيرة منها بالقبول، كما أن الدوريات الصادرة عن وزارة الداخلية ظلت تشجع التغيير والتعديل من أجل "كناش حالة مدنية غير مُخِلّ بالحياء"، على حد تعبير مصدرنا.
كنية بـُوكْ لا يْغلبوكْ..
ليس كل المغاربة متحمسين لاستبدال أسمائهم العائلية، فهناك عدد كبير من المواطنين يتحملون "وزر" اسم عائلي مشين ويتقبلون التعليقات الساخرة على مضض، دون أن يباشروا إجراءات التخلص من عبء الأسماء وجبروتها، لأنها في اعتقادهم جزء من الهوية وموروث لا يمكن التخلص منه بجرة قلم، بينما يرى البعض أن الدولة، التي خاضت في حقبة زمنية معينة، حملة لتعميم نظام الحالة المدنية في القرى والبوادي والمناطق النائية بالخصوص، مُطالـَبة بالقيام بحملة تحسيسية واسعة لاستدراك هفوات باشاواتها وقيادها وموظفيها الذين فرضوا أسماء عائلية تحولت، مع مرور الزمن، إلى ما يشبه الإعاقة النفسية المزمنة، التي لا تتطلب مجرد قرار بتغييرها، بل بجبر الضرر الناجم عنها.
أشهر الأسماء العائلية المشينة
الزكروم -الفردة -الغاسول - حمر الراس -الدموي -بوعريوات -لحمار -الدركوم -لقفال- طلاميس- العفريت -الجن -خشلاعة -حراما- لخواض- الزفيفيط.. ومئات الأسماء التي مازالت ملتصقة بالوثائق الرسمية، ومنها من يخرج عن نطاق لغتنا وثقافتنا، خاصة بعض الأسماء الدخيلة، مثل: "زافانا" و"فاكو" و"كوشي" و"أنطوان" وغيرها من الأسماء التي ألصقتها السلطات الاستعمارية بالمغاربة لأسباب فيزيولوجية أو تاريخية، في الغالب.
ومن المفارقات الغريبة أن المشاهير غالبا ما يهرعون إلى استبدال اسمائهم العائلية أو الشخصية بأسماء شهرة، دون اللجوء إلى المساطر الإدارية المعمول بها، حيث يتم الاحتفاظ بالأسماء الأصلية دون استعمالها، ويستثنى من هذا الإجراء الرياضيون، الذين لا يجدون إحراجا في التمسك بأسمائهم، مهْمَا حملت من استفزاز، كبودربالة والغراف ولبزار وبصيلة والعبد وحادة وشاكو وغيرهم من اللاعبين الذين شفعت لهم شهرتهم وجنبتهم سخرية الاسم..
مشاهير لجؤوا إلى أسماء مستعارة
للفنانين أسماء تمرّدت على ما هو موثق في الحالة المدنية، فعبد الهادي بلخياط اسمه الحقيقي هو عبد الهادي الزوكاري، وعبد الله الداودي هو عبد الله مخلوق، وعبد الوهاب الدكالي هو العوني بوكرن، والستاتي هو الغرباوي، ومصطفى بوركون هو السمرقندي وثريا جبران لسيت إلا السعدية قريطيف والبشير عبدو هو البشير لمكرّد، والحاج يونس هو الرياحي محمد، نسبة لمنطقة امزاب، التي يتحدر منها، والداودية اسمها الحقيقي هو هند حنوي، قبل أن تخضعه لعملية "تجميل"، وقس على ذلك من الفنانين الذين يبادرون إلى تغيير أسمائهم بمجرد انتقالهم إلى عالم الشهرة أو حتى قبل ذلك.
وجاء في كتاب للباحث محمد شفيق، بعنوان "الدارجة المغربية، مجال توارد بين الأمازيغية والعربية"، أن لبعض الأسماء العائلية دلالات متناقضة، كـ"أحيزون"، الرئيس المدير العام لاتصالات المغرب، ورئيس جامعة ألعاب القوى، والذي يرمز اسمه العائلي إلى الإعاقة، رغم نجاحه الكبير كمسؤول في عالم المال والأعمال، واسم "مزوار"، وهو الاسم العائلي لوزير المالية المغربي السابق، ويعني هذا الاسم "الأول في الترتيب"، واسم "بوفتاس" وهو اسم علـَم لأسرة مغربية، ومن أبرز من تسمّوا به الوزير الأسبق للإسكان. وقد اشتقت هذه الكلمة من "أفتاس"، أي الشاطئ، ليكون مقابلها بذلك هو الشاطئي أو الساحلي، بينما يعني اسم "طايطاي" وهو اسم لأسر مغربية، من أشهر من تسمـّوا به وزيرة التعليم سابقا، "الصراحة" في الأمازيغية ".
المرسوم التطبيقي
لقانون الحالة المدنية
بعد الاطـّلاع على القانون رقم 37.99، المتعلق بالحالة المدنية، الصادر بتنفيذه الظهيرُ الشريف رقم 1.02.239 بتاريخ 2 أكتوبر 2002، وباقتراح من وزير الداخلية، وبعد دراسة المشروع في المجلس الوزاري، الذي اجتمع في 9 أكتوبر 2002، تمت المصادقة على ما يلي:
المادة 20: تعرض الأسماء العائلية المختارة لأول مرة على أنظار لجنة عليا للحالة المدنية، تتكون من مؤرخ المملكة كرئيس وقاض ممثل لوزير العدل وممثل عن وزير الداخلية، تقوم وزارة الداخلية بالكتابة العامة للجنة العليا للحالة المدنية.
تنظر اللجنة العليا في مدى صلاحية الأسماء العائلية المختارة طبقا للمادة 20 من القانون 37.99 المذكور أعلاه.
تصبح الأسماء العائلية المقبولة نهائيا ولازمة للشخص ولأعقابه. أما الأسماء العائلية المرفوضة فترجعها اللجنة العليا إلى ضابط الحالة المدنية المختص، الذي يُشعِر بذلك المعنيين بها ويطلب منهم اختيار أسماء جديدة لتعرض على اللجنة من جديد.
المادة 21: يجوز لكل مغربي مسجل في الحالة المدنية أن يقدم طلب تغيير اسمه العائلي إلى اللجنة العليا للحالة المدنية، مبينا فيه الأسباب التي دفعته إلى طلب هذا التغيير ومعززا طلبه بالوثائق التالية:
نسخة كاملة من رسم ولادته ونسخة كاملة من رسم ولادة كل واحد من أبنائه، نسخة من سجله العدلي، نسخة من السجل العدلي بالنسبة إلى أبنائه الراشدين، نسخة من عقد ولادة أحد أقاربه من جهة الأب، يكون مسجلا في الحالة المدنية ويحمل الاسم المرغوب فيه أو شهادة عدلية أو إدارية تؤيد مطلبه، شهادة يسلمها نقيب الشرفاء المختص إذا كان الاسم المطلوب اسما عائليا شريفا، بطاقة عادية يكتب فيها الاسم المراد تغييره والاسم المطلوب بالعربية وبالأحرف اللاتينية.
تنتهي صلاحية الوثائق المذكورة أعلاه بعد مرور ثلاثة أشهر من تاريخ إصدارها، ما عدا الشهادة العدلية والشهادة المسلمة من نقيب الشرفاء.
المادة 22 : تعقد اللجنة العليا جلساتها بمقر وزارة الداخلية للنظر في طلبات تغيير الأسماء العائلية.
خلود السباعي: «الاسم قد يتحول إلى دراما وجودية»
ماذا يمثل الاسم في هوية الإنسان؟
يمثل الاسم أحد حقوق الإنسان الحيوية، إذ من حق كل شخص أن يحمل اسما خاصا به، يمنحه الوجود، بمختلف أبعاده، القانونية والاجتماعية والسيكولوجية.
وبناء على ذلك مثـّل الاسم، على مر العصور واختلاف الحضارات، ضرورة اجتماعية، ومن هنا خاصيته الإجبارية، التي تفرض على الآباء تسجيل أبنائهم في السجلات القانونية، مما يصبح معه الاسم إحدى الخاصيات التي تحمي الفرد، تحدد مسؤولياته وتميزه عن غيره من الكائنات البشرية الأخرى، فالاسم الشخصي خاصة لا يحمل دلالة لغوية نقوم من خلالها بتعيين شخص ما، وإنما هو أيضا وسيلة لتمرير بعض القيـّم الثقافية أو الدفاع عن مُثـُل عليا، فالإنسان لا يسمي نفسه وإنما يسميه الغير، وبناء على ذلك، فإن اختيار الاسم لا يتم بشكل اعتباطي، وإنما غالبا ما تتم وفقا لمعايير رمزية وتاريخية، تهدف إلى موقعة الشخص ضمن جماعة الانتماء، ومنحه هويته، في بعديها الفردي والاجتماعي.
-ما هي خصائص التسمية؟ ولماذا يتم تغييره؟
من بين الخاصيات المميزة للاسم الشخصي أنه يلتصق بصاحبه منذ الولادة، وأحيانا، من قبل الولادة، لكي يصاحبه طيلة حياته إلى الوفاة. لذلك فإنه من النادر أن يسعى الأشخاص إلى تغيير أسمائهم. وفي حالة معاينتنا بعض الحالات التي يسعى أصحابها إلى تغيير أسمائهم، فذلك دليل على عدم تحمل الشخص هذا الاسم أو اللقب، لما يسببه من ألم وتضايق وغضب، نتيجة ما يثيره هذا الاسم من استهزاء أو سخرية.
ماذا يمثل الاسم على المستوى السيكولوجي؟
لا يمثل الاسم، على المستوى السيكولوجي، مجرد وسيلة لـ"تسمية" فلان أو فلانة، وإنما هو معطى رمزي يحمل دلالات سيكولوجية عميقة تعكس القيمة أو الدلالة التي منحت لهذا الشخص إبان وجوده بالنسبة إلى من تكفلوا بتعيين واختيار منحه هذا الاسم دون غيره. وبناء على ذلك، فإن الاسم الذي يُمنـَح للطفل قد يعكس الظروف العامة التي وُلِد فيها هذا الطفل، كما يعكس المرجعيات الأكثر أهمية بالنسبة إلى الأسرة (دينية ولغوية) بل إن بعض المحللين في السيكولوجيا يرون أن الأسماء هي من بين المعطيات التي يمكن أن تطلعنا على بعض الأوضاع الداخلية للأسر، كما يمكن أن تطلعنا على طبيعة العلاقات بين الجماعات.. لذلك يبقى من الضروري الانتباه إلى أن الاسم هو أول هدية نمنحها للطفل، وبالتالي فكلما تعلق الأمر باسم جميل، كلما ساهم في بلورته صورة إيجابية عن ذاته، فيدرك أنه كان مرغوبا فيه، تم التفكير فيه والاهتمام به قبل وجوده، كما تم اختيار اسمه بعناية، الشيء الذي من شأنه أن يساهم في إثراء الهوية وتزكيتها، مما يمنح الشخص نوعا من الزهو بالذات، تقبلها، الإحساس بالتوافق مع الجماعة..
وفي حالة العكس، أي لمّا يُمنـَح الشخص اسما "غير مقبول" اجتماعيا، إما بسبب سوء اختيار من طرف الآباء، أو بسبب صراعات أدت إلى إلصاق ألقاب معينة بأفراد أو جماعات... فإن الاسم غالبا ما يتحول في مثل هذه الظروف إلى ما يمكن أن نسميه "دراما وجودية" أو "دراما حميمية"، لما يثيره هذا الاسم أو اللقب في نفسية الشخص من مشاعر سلبية، ولِما يمكن أن يتسبب فيه من عُقـَد قد تعرقل النمو والتفتق الطبيعي لشخصيته، من جراء شعوره بالرفض، توّجَهُ بالاتهام وكراهية من منحوه هذا الاسم إحساسُه بالنقص وأحيانا كراهيته ذاتـَه واتهامها مع إحساس عميق بالذنب... وكلما كبر هذا الشعور، كلما دفع الفرد إلى الرغبة في تغيير اسمه .
وبناء على ذلك، فإنه يبقى من اللازم في مثل هذه الحالات تهييء وتسهيل الإجراءات القانونية التي من شأنها أن تساعد هؤلاء على تغيير أسمائهم، لأن الاسم -كما سبقت الإشارة إلى ذلك- ليس مجرد تعيين وإنما هوية وإحساس عميق بالوجود.


0 التعليقات: