في تطور لافت داخل الكابيتول هيل، تشهد دوائر القرار الأمريكية زخماً متزايداً لدفع إدارة البيت الأبيض نحو تصنيف جبهة البوليساريو ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، وذلك بعد سلسلة من المبادرات التشريعية التي قد تحول هذا التوجه من مجرد نقاش سياسي إلى قرار رسمي خلال الأشهر المقبلة.
فقد تقدّم النائب الجمهوري جو ويلسون بمشروع قانون يلزم وزارة الخارجية الأمريكية، بتنسيق مع وزارتي الخزانة والعدل، بإجراء تقييم رسمي يحدد ما إذا كانت الجبهة تستوفي المعايير القانونية لتُدرج في لائحة المنظمات الإرهابية. ويُنتظر أن تتم مناقشة تعديل تشريعي ضمن ميزانية الدفاع لعام 2026 يسمح بإدخال هذه الخطوة ضمن مقاربة أمنية أشمل، وفق ما يؤكده الخبير الأمريكي مايكل والش من معهد أبحاث السياسات الخارجية.
قمة حركات التحرر تعود
بنتائج عكسية على “البوليساريو”
التحركات الأخيرة للجبهة
لم تمر دون انتقادات حادة. ففي وقت تتبنى فيه واشنطن خطاباً صارماً تجاه النفوذ الصيني
في القارة الإفريقية، شارك وزير خارجية ما يسمى “الجمهورية الصحراوية”، محمد يسلم بيسط،
في قمة حركات التحرر التي نظمتها جنوب إفريقيا، إلى جانب ممثلي الحزب الشيوعي الصيني.
مصادر في الكونغرس
وصفت هذه الخطوة بـ “الاستفزازية وغير المحسوبة”، موضحةً أن البوليساريو اختارت الاصطفاف
سياسياً مع خصم استراتيجي مباشر للولايات المتحدة، في لحظة يعمل فيها صانع القرار الأمريكي
على تقليص تأثير بكين في إفريقيا.
وخلال القمة، أشرف
بيسط على افتتاح أشغال الجلسة الأولى إلى جانب وفود من الجزائر وكوبا وفلسطين ونيكاراغوا،
ما أثار استياءً داخلياً في واشنطن واعتُبر تأكيداً إضافياً على “الطابع الإيديولوجي
المتطرف” للجبهة.
المغرب يتحرك دبلوماسياً
للدفع نحو التصنيف
بالتزامن، كثّفت الرباط
جهودها السياسية والدبلوماسية من أجل توسيع دعم مقترح تصنيف البوليساريو تنظيماً إرهابياً،
باعتبار ذلك خطوة من شأنها نقل النزاع من خانة “النزاع الإقليمي المفتعل” إلى حقل
“مواجهة التنظيمات الانفصالية المتطرفة ذات الارتباط الإرهابي”.
وفي هذا السياق، دعا
المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية، في بيان رسمي، كل الدول الشريكة للمملكة إلى
تبني تشريعات تجرّم نشاط الجبهة وتقطع مصادر دعمها. واعتبر المرصد أنّ المبادرة الأمريكية
الأخيرة “تتجاوب مع الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والانفصال المدعوم خارجيّاً”.
اتهامات ثقيلة: تجنيد
قُصّر وتنسيق مع تنظيمات الساحل
أشار المرصد ذاته إلى
سلسلة من الأدلّة التي تُضاف إلى ملف الجبهة:
هجمات ممنهجة ضد المدنيين
ارتباط بشبكات تهريب
السلاح والمخدرات
تجنيد الأطفال داخل
المخيمات
تنسيق عملياتي مع جماعات
متطرفة تنشط في منطقة الساحل
هذه المؤشرات، بحسب
الخبير الأمني محمد طيار، تنقل الصراع حول الصحراء المغربية من بعدها الإقليمي المدعوم
جزائرياً إلى فضاء “الحرب الدولية على الإرهاب”، وهو ما يفتح الباب أمام ضغط دبلوماسي
وقانوني واسع على الجزائر وجنوب إفريقيا ومن يدعم المشروع الانفصالي.
انعكاسات محتملة في
أوروبا وإسبانيا
التطورات الجارية في
واشنطن قد تخلق، بحسب مراقبين، تداعيات في الساحة الأوروبية، كما هو الحال في إسبانيا
التي تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي منذ مارس 2022. ويرجّح بعض المتابعين أن تحاول
قوى سياسية داخلية إعادة فتح هذا الملف بغرض الضغط على حكومة بيدرو سانشيز، مستخدمةً
خطاب “الاصطفاف مع تنظيم قد يُصنَّف إرهابياً”.
في النهاية، يُنظر
إلى التحركات التشريعية الأمريكية باعتبارها منعطفاً يُعيد ضبط النظرة الدولية للنزاع.
وإذا ما تم إقرار التصنيف، فإن البوليساريو لن تكون أمام مواجهة سياسية مع المغرب فحسب،
بل أمام منظومة دولية ترى فيها تنظيماً انفصالياً ذا صلات إرهابية… وهي معركة مختلفة
تماماً.
0 التعليقات:
إرسال تعليق