الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الجمعة، مارس 28، 2025

من يمتلك حقوق تأليف المقالات: المستخدم أم الذكاء الاصطناعي؟ عبده حقي


في عصر الذكاء الاصطناعي المتقدم، أصبحت أدوات مثل الذكاء الاصطناعي تلعب دورًا متزايدًا في إنتاج المحتوى الكتابي. هذا التطور بات يطرح أسئلة قانونية وأخلاقية معقدة حول ملكية المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة هذه الأنظمة. من يمتلك الحقوق الفكرية للمقالات التي يولدها الذكاء الاصطناعي؟ هل هو المستخدم الذي قدم الأوامر والتفاصيل، أم المنصة التي طورت النموذج، أم أن المحتوى يقع في المجال العام؟

حقوق التأليف أو "حقوق المؤلف" محمية بموجب اتفاقيات دولية مثل اتفاقية برن، والتي تشترط عادةً أن يكون العمل نتاج جهد إبداعي بشري. في معظم الدول، لا يمكن منح حقوق التأليف للآلات أو البرامج لأنها تفتقر إلى "الأصالة" و"الإبداع" البشري.

في الولايات المتحدة، أصدر مكتب حقوق النشر الأمريكي (USCO) قرارًا واضحًا عام 2022 بأن الأعمال التي ينتجها الذكاء الاصطناعي دون تدخل بشري كبير لا يمكن حمايتها بحقوق التأليف. ومع ذلك، إذا قام الإنسان بتعديلات جوهرية أو توجيه دقيق للنتائج، فقد يكون مؤهلاً للحماية.

تتبنى العديد من الدول الأوروبية مواقف مشابهًة، حيث تشترط وجود مساهمة إبداعية بشرية. وهناك بعض الدول مثل المملكة المتحدة لديها أحكام خاصة تمنح بعض الحقوق لأصحاب الأنظمة التي تنتج أعمالًا مبدعة، لكن هذا الاستثناء محدود جدًا.

الذكاء الاصطناعي لا "يفهم" المحتوى بالمعنى البشري، بل يحلل الأنماط في البيانات التي درب عليها ويتنبأ بالكلمات التالية بناءً على الإدخال. النموذج لا يملك وعيًا أو نية إبداعية، بل هو أداة معقدة تعالج المعلومات.

النموذج مدرب على ملايين النصوص التي قد تكون محمية بحقوق التأليف. على الرغم من أن المحتوى الناتج ليس نسخًا مباشرًا، إلا أنه قد يحتفظ ببعض خصائص الأعمال الأصلية، مما يثير أسئلة حول الانتحال غير المقصود.

حسب الشروط الحالية (اعتبارًا من 2023)، تمنح شركة  أوبن آي المستخدمين حقوقًا لاستخدام المخرجات، مع بعض القيود. كما تحتفظ الشركة بحقوق الملكية للنموذج نفسه ولكنها لا تطالب بملكية المحتوى الذي يولده.

هناك استثناءات عندما يكون المحتوى المنشأ مشابهًا جدًا لمحتوى موجود مسبقًا، أو عندما يتم استخدامه لأغراض غير قانونية. كما تحتفظ أوبن آي بالحق في استخدام المدخلات لتحسين نماذجها، ما لم يختار المستخدم عدم المشاركة.

في 2011، التقط قرد صورة "سيلفي" بكامينة المصور ديفيد سلاتر. وقررت المحكمة أن القرد لا يمكنه امتلاك حقوق التأليف لأنها محصورة بالبشر. هذه الحالة تشبه إلى حد ما وضع الذكاء الاصطناعي.

في 2022، رفضت USCO منح حقوق تأليف لصورة فنية أنشأها ذكاء اصطناعي باستخدام  MidJourney، حتى مع التوجيه البشري المحدود، لأن "الإبداع" جاء أساسًا من الآلة.

إذا كان المحتوى يحتوي على أخطاء أو معلومات مضللة، من يتحمل المسؤولية؟ المستخدم الذي نشره أم مطورو النموذج؟ هذه مسألة أخلاقية وقانونية لم تحسم بعد.

هناك مخاوف من أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قد يقوض قيمة العمل الإبداعي البشري، مع أسئلة حول الإنصاف والتعويض للمبدعين الأصليين الذين ساهمت أعمالهم في تدريب هذه النماذج.

قد تطور الدول أنظمة جديدة خاصة بإنتاج الذكاء الاصطناعي، مثل فرض ضرائب أو إتاوات تذهب إلى صناديق دعم المبدعين البشر. بعض المقترحات تتحدث عن "حقوق تأليف مشتركة" بين المستخدم والنظام.

ومع تطور الذكاء الاصطناعي، قد يصبح من الصعب التمييز بين المحتوى البشري والآلي، مما قد يؤدي إلى قوانين تلزم بالإفصاح عن استخدام هذه الأدوات، خاصة في المجالات الأكاديمية والإعلامية.

كيفية استخدام مخرجات الذكاء الاصطناعي بشكل قانوني

1. **الإفصاح**: ذكر أن المحتوى تم إنشاؤه بمساعدة الذكاء الاصطناعي عند النشر.

2. **التعديل والإضافة**: إجراء تعديلات بشرية جوهرية لتعزيز الأصالة.

3. **التحقق**: التأكد من دقة المحتوى وعدم انتهاكه لحقوق الآخرين.

إذا كنت تريد الاحتفاظ بحقوق كاملة، قد يكون من الأفضل استخدام الذكاء الاصطناعي للإلهام والبحث فقط، بينما تتم كتابة المحتوى النهائي يدويًا.

في الوضع الحالي، لا يمكن لـ الذكاء الاصطناعي أو غيره من نماذج الذكاء الاصطناعي امتلاك حقوق تأليف المحتوى لأنها تفتقر إلى الوعي والإبداع البشري. فالمستخدمون قد يتمتعون ببعض الحقوق إذا أضافوا مساهمة إبداعية جوهرية، لكن هذه منطقة رمادية قانونية. مع تطور التكنولوجيا، من المتوقع أن تتطور التشريعات لتواكب هذه التحديات.

في الوقت الراهن، يقع على عاتق المستخدمين مسؤولية استخدام هذه الأدوات بوعي وأخلاقية، مع احترام حقوق المبدعين البشريين.

إن هذه القضية ليست قانونية فحسب، بل هي أيضًا فلسفية وأخلاقية، تمس جوهر الإبداع وقيمة العمل الفكري في العصر الرقمي. كما هو الحال مع العديد من التقنيات الناشئة، قد يستغرق الوصول إلى إجماع اجتماعي وقانوني بعض الوقت، لكن النقاش حول هذه الأسئلة ضروري لتشكيل مستقبل عادل للابتكار والإبداع.

0 التعليقات: