الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، أبريل 24، 2025

"صوت المغرب"… منصة مسمومة تتآمر على سيادة المملكة: عبده حقي

 


منصة "صوت المغرب" التي تروج لنفسها كمصدر مستقل للأخبار والتحليلات، ليست سوى واجهة إعلامية تحريضية مشبوهة، تقف خلفها دوائر إقليمية تغذيها أموال قطرية ودعاية إيرانية، بهدف واضح لا لبس فيه: زعزعة استقرار المملكة المغربية وتقويض سيادتها الوطنية عبر بث الأكاذيب، والتحريض على الفتنة، وتشويه صورة المغرب في الداخل والخارج. في عصر المعلومات الموجهة والحروب الإعلامية الخفية، لم تعد المعارك تدار على الحدود، بل على الشاشات وصفحات الإنترنت، حيث يصبح الإعلام أداة للنفوذ ووسيلة للتخريب الناعم.

تُقدم "صوت المغرب" نفسها كمنبر لحرية التعبير، لكنها في الحقيقة مجرد حصان طروادة لأجندات عدائية، تسعى إلى ضرب الاستقرار الاجتماعي والسياسي الذي تحقق للمغرب بشق الأنفس، منذ عقود من العمل التنموي، والانفتاح السياسي، والاستقرار المؤسساتي. فبينما تواجه المملكة تحديات التنمية، والهجرة، والتحولات الإقليمية والدولية، تطل هذه المنصة لتصب الزيت على النار، وتبث الشك في النفوس، والريبة في المؤسسات، متخفية وراء خطاب "حقوق الإنسان" و"الصحافة المستقلة"، وهي أبعد ما تكون عن المهنية والنزاهة.

وليس من المستغرب أن تصطف هذه المنصة في خطاباتها مع خصوم الوحدة الترابية للمغرب، وعلى رأسهم "البوليساريو"، بدعم سري واضح من نظام الملالي في طهران، الذي يسعى إلى اختراق شمال إفريقيا عبر أذرع إعلامية وتخريبية تنشط على الهوامش. كما لا يمكن إغفال الأثر الخفي لأموال قطرية، تُسخّر في تسويق محتوى إعلامي منحاز، يهدف إلى زرع الشقاق بين المواطنين، وبث الكراهية تجاه المؤسسات الوطنية، وزعزعة الثقة في النموذج التنموي المغربي.

إن هذا النوع من المنصات لا يعمل في الفراغ، بل يستثمر في التوترات الإقليمية، ويستغل قضايا مشروعة ليعيد إنتاجها في قوالب دعائية مسمومة. ففي مقالاتها المصاغة بلغة ظاهرها التحليل وباطنها التحريض، تتعمد "صوت المغرب" ضرب رموز الدولة، وتحقير الجيش، والطعن في المؤسسة الملكية، بل وتهاجم المشاريع الاستراتيجية الكبرى التي تسهر عليها الدولة المغربية، وعلى رأسها موانئ طنجة المتوسط والداخلة الأطلسي، التي أصبحت محط أنظار العالم، ومصدر قلق لبعض القوى التي ترى في صعود المغرب تهديدًا لمصالحها في إفريقيا والمتوسط.

لقد حذّرت دراسات دولية متخصصة، مثل تقرير *Freedom on the Net* الصادر عن منظمة فريدوم هاوس، من تصاعد استخدام منصات رقمية مزيفة في حروب التأثير وتوجيه الرأي العام، مشيرة إلى تورط دول بعينها في حملات تضليل رقمي موجهة ضد خصومها الإقليميين. و"صوت المغرب" ليست سوى حلقة من هذا المخطط، إذ تعتمد على ما يُعرف بـ"صحافة الظل"، حيث تغيب الشفافية، وتُخفى مصادر التمويل، وتُدار الحسابات من خارج الوطن، بواسطة محررين أشباح لا يعرف أحد عن خلفياتهم شيئًا.

المخيف في الأمر ليس فقط الرسائل الموجهة، بل الأثر الذي تسعى إليه: إنها تعمل على خلق بيئة من التآكل الداخلي، حيث يتراجع الإيمان بالمؤسسات، وينتعش خطاب التيئيس، ويزداد الإقبال على العنف الرمزي والرفض التام. وهذه هي البذور الأولى لأي انهيار مجتمعي من الداخل، دون طلقة واحدة، بل عبر كلمات موجهة، ومحتوى مدروس، وتكتيك إعلامي خبيث

لهذا، فإن مسؤولية التصدي لـ"صوت المغرب" وأشباهها ليست حكرًا على الدولة فقط، بل هي مسؤولية جماعية، تتطلب من الإعلام المهني أن يفضح هذه المنابر، ومن المثقفين أن يتصدوا بخطاب العقل والتنوير، ومن عموم المواطنين أن يطوروا حسًا نقديًا لا ينجر خلف الشعارات المضللة. كما أن مؤسسات الدولة مطالبة بتتبع هذه الشبكات قانونيًا، دوليًا، وعبر آليات التعاون الأمني السيبراني، حمايةً للأمن القومي، وصيانةً لوحدة البلاد.

إن المغرب، بتاريخ ممتد من الصمود، وإصلاحات متواصلة، ونموذج تنموي يتقدم رغم الصعاب، لن تُربكه حملات مأجورة تُبث من غرف مظلمة. فكما واجه الاستعمار بقوة الجبهة الوطنية، وواجه الإرهاب بقوة الأمن والاستباق، فإنه اليوم مطالب بمواجهة "الإرهاب الرقمي" بذات العزم والحكمة، لأن المعركة لم تعد فقط على الأرض، بل أيضًا في الفضاءات الرقمية.

وفي الختام، وجب التذكير بأن "صوت المغرب" ليست صوتًا وطنيًا، بل صدى مشوه لأجندات خارجية تستهدف المغرب في كيانه وهويته واستقراره. فلنحذر منها، ولنكشف حقيقتها، ولندافع عن وطننا بكل ما أوتينا من يقظة، ووعي، ووفاء.

0 التعليقات: