الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأربعاء، أغسطس 13، 2025

كيف سقط خافيير بارديم ورفاقه في فخ دعاية بوليساريو: عبده حقي


يبدو أن الممثل الإسباني خافيير بارديم وبعض رفاقه من الوسط السينمائي قرروا، عن قصد أو جهل، ترديد الخطاب المتقادم لجبهة البوليساريو، متجاهلين الحقائق التاريخية والواقعية على الأرض.

إن رسالتهم التي تهاجم المخرج البريطاني العالمي كريستوفر نولان بسبب تصوير فيلمه الجديد "الأوديسة" في الداخلة ليست سوى نسخة مكررة من بيانات سياسية فقدت صلاحيتها أمام العالم، وتتناقض مع مسار التنمية والاستقرار الذي تشهده الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية.

أولاً، اتهامهم للمغرب بـ"الاحتلال" هو قلب متعمد للحقيقة. فالمغرب لم يحتل الصحراء، بل استعادها من الاستعمار الإسباني سنة 1975 استناداً إلى روابط البيعة التاريخية التي أكّدتها محكمة العدل الدولية، والتي أقرت بوجود روابط قانونية وسياسية بين الصحراء وسلاطين المغرب قبل الاستعمار. اتفاقية مدريد التي أنهت الوجود الإسباني لم تكن صفقة مشبوهة كما يحاولون الإيحاء، بل خطوة نحو تصفية استعمار غير مكتمل.

ثانياً، ما يسمونه "قمع الصحراويين" هو ادعاء يناقض الواقع الملموس؛ فالداخلة والعيون اليوم تضمان جامعات ومطارات وموانئ ومشاريع للطاقة المتجددة، وتستضيفان مهرجانات ثقافية ورياضية دولية، وتشهدان مستويات غير مسبوقة من الاستثمار والبنية التحتية. هذا هو "الاحتلال" الذي يتحدثون عنه؟ تنمية وفرص عمل وتحسين مستوى العيش للسكان؟

ثالثاً، تصوير فيلم عالمي بحجم "الأوديسة" في الداخلة ليس "تطبيعاً مع الاحتلال" كما يزعمون، بل هو اعتراف ضمني باستقرار المنطقة تحت السيادة المغربية. لو كانت الداخلة منطقة حرب أو قمع، كما يروجون، لما خاطر نولان وفريقه الذي يضم نجوماً عالميين مثل مات ديمون وتشارليز ثيرون وزيندايا بالتصوير فيها.

رابعاً، من المثير للسخرية أن يخرج نجوم من إسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة التي تركت وراءها مخيمات اللجوء في تندوف، ليحاضروا عن "حقوق الصحراويين". أين كان ضمير بارديم ورفاقه حين كانت مدريد تسلم إدارة الصحراء إلى المغرب دون استشارة سكانها، تاركة إرثاً من الانقسام؟

خامساً، الأمم المتحدة نفسها لم تعد تتحدث عن "تصفية استعمار" بالمعنى القديم، بل عن حل سياسي متوافق عليه. والمغرب قدّم سنة 2007 مقترح الحكم الذاتي كحل جاد وواقعي، حظي بتأييد قوى كبرى كأمريكا وإسبانيا وألمانيا. لكن بارديم ورفاقه يفضلون تجاهل هذا التحول الدولي لصالح خطاب متحجر يخدم أجندات الجزائر التي تموّل جماعة البوليساريو.

 

سادساً، اتهام المغرب بمنع "الأفلام الصحراوية" هو تضليل فاضح؛ المغرب يشجع الإنتاج السينمائي في كل مناطقه، لكن البوليساريو تمنع أي صوت مخالف داخل مخيمات تندوف حيث تنعدم حرية التعبير الحقيقية. فلماذا لا يطالب بارديم ورفاقه بالسماح للصحراويين في المخيمات بتصوير حياتهم بحرية؟

في النهاية، على بارديم ومن معه أن يفهموا أن الفن لا يجب أن يكون أداة في يد دعاة الانفصال. تصوير فيلم عالمي في الداخلة هو شهادة بصرية على مغربية الصحراء، ودليل على أن هذه الأقاليم ليست أرض نزاع كما يزعمون، بل أرض تنمية وانفتاح. من أراد الدفاع عن حقوق الإنسان حقاً، فليبدأ بزيارة مخيمات تندوف حيث يُحرم آلاف الصحراويين من حقهم في حرية التنقل والعمل والعيش الكريم.

0 التعليقات: