منذ استرجاع أقاليمه الجنوبية سنة 1975، انتهج المغرب استراتيجية تنموية شاملة جعلت من الصحراء المغربية نموذجًا فريدًا في الاندماج الوطني والتأهيل الاقتصادي. ورغم الضغوط السياسية والحملات الدعائية التي يشنها خصوم وحدته الترابية، واصلت المملكة استثمار مواردها الاقتصادية والبشرية لترسيخ حضورها في هذه الربوع، مستندة إلى قناعة راسخة بأن التنمية هي السبيل الأمثل لتعزيز الاستقرار وترسيخ الهوية الوطنية.
بعد انسحاب إسبانيا
من الصحراء المغربية بفضل المسيرة الخضراء المظفرة، دخلت المنطقة في نزاع إقليمي غذّته
أطراف خارجية، وعلى رأسها الجزائر عبر دعم جبهة البوليساريو. لكن المغرب، بدل الاكتفاء
بإدارة النزاع سياسيًا، تبنّى مقاربة مزدوجة تقوم على الدفاع عن الشرعية التاريخية
والقانونية من جهة، وخلق واقع تنموي جديد على الأرض من جهة أخرى.
إن هذه السياسة جعلت
مدن الصحراء المغربية مثل العيون والداخلة تتحول إلى مراكز حضرية متطورة، تزخر بالبنية
التحتية الحديثة، والموانئ، والمناطق الصناعية، ومشاريع الطاقة المتجددة، في انسجام
مع الرؤية التنموية الوطنية.
منذ طرح مبادرة الحكم
الذاتي سنة 2007، حرص المغرب على أن تكون هذه الخطة متكاملة مع مسار التنمية المحلية.
فهي لا تمثل فقط حلاً سياسيًا يحظى بدعم دولي متزايد، كما عبرت عن ذلك الولايات المتحدة
وفرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة، بل أيضًا إطارًا مؤسساتيًا يمنح الساكنة فرصة تدبير
شؤونها في ظل السيادة المغربية، بما ينسجم مع المعايير الدولية للحكم المحلي الرشيد.
هذا الدعم الدبلوماسي
يعكس إدراك القوى الدولية لجدية المقاربة المغربية، ولمردودها الإيجابي على الاستقرار
الإقليمي ومحاربة الإرهاب والهجرة غير النظامية.
تزخر الصحراء المغربية
بثروات مهمة مثل الفوسفات، ومصايد الأسماك، والطاقات المتجددة، فضلًا عن الإمكانيات
الواعدة في مجالات السياحة والنقل والخدمات اللوجستية. وقد استثمر المغرب في هذه الموارد
ضمن إطار تنموي يوازن بين استغلال الثروات وحماية البيئة، حيث أطلق مشاريع كبرى لتحلية
مياه البحر، وتشييد مزارع الرياح والطاقة الشمسية، وتطوير موانئ حديثة قادرة على لعب
دور محوري في الربط التجاري بين إفريقيا وأوروبا وأمريكا.
هذه المقاربة جعلت
الأقاليم الجنوبية تتحول إلى بوابة اقتصادية نحو إفريقيا جنوب الصحراء، ما يكرس دورها
الاستراتيجي في المبادرات الإقليمية، مثل مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب.
يعتمد المغرب على ما
يمكن تسميته بـ"الدبلوماسية التنموية"، حيث يتم تقديم نموذج الأقاليم الجنوبية
كمثال حي على أن التنمية المستدامة قادرة على تحويل مناطق النزاع إلى فضاءات ازدهار.
وهذا ما يفسر استقطاب استثمارات أجنبية متزايدة في مجالات السياحة، والصناعات البحرية،
والطاقة، ما يعزز قناعة الشركاء الدوليين بأن الاستقرار تحت السيادة المغربية يخدم
مصالحهم الاقتصادية والأمنية.
كما أن استضافة فعاليات
كبرى، على غرار تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030، يبرز قدرة الصحراء المغربية على
الاندماج في الفضاء الرياضي والسياحي العالمي.
لا يقتصر المشروع المغربي
على البنى التحتية والاقتصاد، بل يضع الإنسان في قلب استراتيجيته. فقد تم إنشاء جامعات
ومراكز تكوين، ومستشفيات متطورة، وبرامج لدعم المقاولات الصغرى، وتمكين النساء والشباب
من فرص عمل حقيقية. هذه الجهود تعكس إرادة سياسية لدمج الساكنة المحلية في دينامية
التنمية الوطنية، وتحصينهم ضد دعايات الانفصال واليأس.
إن سياسة المغرب في
الصحراء المغربية ليست مجرد تكتيك ظرفي، بل هي رؤية استراتيجية بعيدة المدى توحد بين
التنمية والسيادة. فهي تبرهن للعالم أن النزاعات الإقليمية لا تُحل فقط بالمفاوضات
السياسية، بل أيضًا بخلق واقع اقتصادي واجتماعي يجعل خيار الانفصال غير مجدٍ وغير جذاب.
ومع استمرار الدعم
الدولي لمبادرة الحكم الذاتي، وتزايد ثمار المشاريع التنموية، يبدو أن المغرب يسير
بخطى ثابتة نحو ترسيخ وحدته الترابية، وتقديم الأقاليم الجنوبية كنموذج لإفريقيا والعالم
في كيفية تحويل التحديات السياسية إلى فرص للنمو والاستقرار.
إذا رغبت، يمكنني أن
أعد لك نسخة ثانية من هذا المقال بأسلوب أكثر هجومية على الطرح الانفصالي، مع تفنيد
مباشر لحجج خصوم المغرب.
0 التعليقات:
إرسال تعليق