الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، أغسطس 17، 2015

سوناتا من قبل هذا المقام

سوناتا من قبل هذا المقام
من الأجدى ان يتلاشى الصمت الذي تتلبس به طلاوة الجدران : قلت لها .
... الرمادي ، يشق أديمه القديم داخل الممرات الجوانية ؛ صرنا نرى الحياة بذات اللون، فما من لون أمامك أيتها المستلقية على شراشف القلب سوى الرمادي .. لذا ها أنت تقررين أن نستنفرالعدة كي نمحوالرمادي من جزء كبير من أثوابنا،وأشيائنا...جزء كبيرمن مخيالناعلى الأصح .
   أرتشف فنجان شاي بالنعناع المكناسي وعيناي على الرمادي والصمت.. .
خمنت أنه يصعب علينا أن نلغي الصمت بقلب الرمادي كما تفعل يد بجرة قلم ؛ لكن أي لون هذا الذي سيكون أو سيعلو طلاوة الحيطان ...؟
   حين علقت روبتك المشجرة على مشجب الصوان ، سمعت نداءات الليل بها رنين عطرك الشرقي العنيف ورائحة خطواتك على سطيحة (الزليج ) الصقيل.. أدركت أن السوناتا ستبدأ بعد قليل ، وفي تقطيب حاجبيك النونين المعرقين لمحت ذاك القرف من اللون الرمادي الذي يسورنا ويخنق فينا الرغبة في الانتشاء بهذه السوناتا التي نحس كما لو أن (فاجنر) قد ألفها من أجلنا
فحسب .. سوناتا مترامية المقامات مثل حقل من شقائق النعمان وزهورالمارغريت الآبقة ، وأنت تقاومين الفراغ والرمادي ، وأنا أمامك على المقعد الهزازمثل شاعرمترنح ، أدخن لفافتي وأرنو إلى ظلينا المتعانقين في غفلة منا على الجدار ، وددت لو فارت منهما نافورة من قوس قزح وشفطت الرمادي مثلما تشفط مكنسة (فيليبس) الفتات من مسام (الموكيت)
  حسنا .. قلت لك : تعلمين أننا لم نطرد من جنائن حلمت بها بيداء النفس من قبل ، بل ألفينا نفسينا نتسكع هنا بين حيطان الرمادي .. ثم إن انغمارك فيما سيأتي كان كفيلا بأن يغشي عينيك عن لعبة الرمادي .. والأدهى من كل هذا أنك سابقت إلى دق آخرمسمارفي صدري ثم أوقدت تلك الابتسامة الوميضة والرعناء وأنت تتأملين لوحة ( الموناليزا) التي كنا قد اقتنينا نسخة رديئة من طفلة شقية في مقهى (النهضة) ؛ الطفلة التي تشبه بائعة الكبريت .
  أتذكرين تلك الرقصة الشبيهة بعصاب ( الفلامينكو) ونحن نهم بترتيب أول دخلة مثخنة بالأحلام والأوهام الحمقى ؛ قلت حينها : أخيرا آوينا الى بيتنا المتسربل بأحلام اللبلاب ... لست أدري كيف أننا وقت ذاك لم نهتم بالرمادي .. هكذا سهوا منا اكتفينا بنظرات مارقة ونزلنا الى مساء الشارع المحفوف بالنخيل نتوسم مهرجان الحمام ونترنم مع سرابات (الحسين التولالي) في ساحة (الهد يم الباذخة) حيث مددت ساقيك الصقيلتين في انتشاء مرح على تيراسة حديقة (الحبول) .. لمحت في عينيك شمس نيسان وشقائق النعمان وأزهارالمارغريت و لوحة ( الموناليزا ) مرة أخرى وكأس ( البناشي) بين أصابعك يقاوم كماشة النعومة كي يحط على الشفة المنشدخة  بالشهوة السحيقة.
كان المساء يزحف الى التماعات المصابيح و الوشوشات ورنين الفناجين في البولفار...
مساء الخير أيتها السوناتا المندسة تحت أزرار المنانة الدمقسية .. بعد قليل سيتعب الشارع ولا نتعب ، والجلاد (فاجنر) يرج سمفونيته  الأخيرة .. اتفقنا بل تواطانا مع (فاجنر) فخلنا أن السوناتا تبدأ من صخب الشارع .. مفتاح (صول ) ثم رعد الطامبور و دوي الكونترباس على (الدو) .. كنت المايسترو والجوقة الخديمة في أعماقي كانت مذغانة لاشاراتك الاميرية . .. قلت في نفسي بكثير من الإغتباط ( مزيدا مزيدا يا (فاجنر) ومزيدا أيتها السوناتا النيسانية ، وسّعي من أزرارهذه اللحظة ، ودعيني ألوذ إلى ظل دمي الذي تلعقه ذئاب الموسيقى .
مكناس 

0 التعليقات: