الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، أغسطس 17، 2015

أراجيف الوسادة

أراجيف الوسادة
قد يكون هذا الوقت الذي يغمرني بدفاقه الشفيف ..الأزلي وأنا اسهو بين رقصة القلب وتطواف الشمس اللانهائي.. قد يكون هذا الوقت أعظم لعبة لا تليق بالمراهنة لروح وجسد يساوعها ويكدس حقيبة العمر بجمرالدقائق.
ها أنا أضبط  الساعة مرة آخرى على فجرزائف ، ثم في لحظة ما من الغلس أمد يدا جذلانة بالسبات لأخرس الرنات المقرفة التي تواطأ الزمن معها في حياكة معزوفة الديك الرابض في رحى الساعة الصينية ...
أقطع مرغماغواية جسد مسافرفي حكاية حلم بابلي لا أفتقد فتنته إلا بعد أن أشرع رتاج النافذة كي أنبش في رفوف الوهم الغبر وأرتب صورعالمه الأسطوري المنقوع في الدويات...
أدشن الآن فجرا آخر.. أفتح عيناي على علبة مهدئات ... وأتلوما تيسرمن آي التفسيرفي نفسي لعلي أفكك أراجيف الليل وذخائرها الممهورة بأصباغ الوهم...
أجدني اللحظة مثخنا بالألوان والاشكال الهولامية وأشياء أخرى منسية لازمتني مدى تسفارالليلي.
لحظة استذكاروإمعان فيما كان ظلي قد دونه من مداخر الروح على كراس الحلم وكان يرشني بطلعات نساء مدججات بالرواء .. نساء تتمسحن كالقطط المدللة بصدري وتجعلنني مختالا كالهدهد بين معابرالحدائق وتقلن لي يوم : "عم مساءا أيها الحالم"
ألهذا فقدت طعم المعنى في انوجادي النهاري حين انفضحت أمامي لعبة الإغماضات .
فجأة وجدت الحدقتين مفتوحتين .. على حافة المهاد كانت سيدتي تخلل دؤابتي بمرشة الورد. قالت : " باسم الله عليك ... أفق .. أفق .. فأنات هذيانك تمتد وترا من رباب منشدخ وجسدك يهتز كما لو أنك في غمار ارتجاج."
خاتلتني يدها في أوج الكابوس.. انتشلتني من بنج غريب .. كنت مرتبقا في شراك خيوط عنكبوت خرافي ، كلما انعتق عضو من أطرافي ، اشتبكت الاعضاء الاخرى بخيوطه.
كان نداءا مرأة يأتيني من غرفة ما.. أدراجها مشوبة بذبال خافت يرشح من قنديل سقف عتيق.. يتردد النداء وأنا في غمرة الشراك العنكبوتي أرد على النداء بالرعاش المتواتر.. وامرأة ثانية من ضفة الليل الأخرى ... امرأة تستعيروجه أمي، رأيتها تستفل الادراج وتتعثرفي تلابيب فستانها المشجربعراجين التمر.. ثم تمد لي مهدا من يدين كبيرتين.
ـ هي لم تكن غيرسيدتي التي تلاطفني على جنب المهاد وتضمخ ذؤابتي بماء الصحو...ـ
همست لها أن دعيني أسترد أنفاسي وأسترجع جسدي المفقود وأرتب إيقاع القلب على عزفه المألوف.
كنت ممددا في باحة ممهورة بطلاوة الأضرحة الخضراء .. تحت مسقط نورالقنديل العتيق .. جسدي  خامد وشيء ما بهيأة الدنق يطبق على أتلام الصدر... لم أتخلص منه إلا عندما نزلت المرأة التي تستعيروجه أمي لتهش عليه بشربيلها  
لم يبق من ذلك التواطؤالملغز غيرخفقان حثيث وتعاويد هربتها الذاكرة من أغوارالوسن.
وقفت .. قصدت المغسلة .. لطمت وجهي بحفنة ما ، فألفيت الأراجيف تتطايركالخفافيش الهلوعة وتحوم في قيامة حول رأسي.. فتحت الكوة فخرجت جميعها، وفي حقيقة الأمر لم يخرج شئ ولم تكن هناك عنكبوت خرافي وأنا لم أبرح مهادي حتى والسيدة التي كانت على حافة السريرما تزال تراقبني بحنو وافر وتؤنبني على تسفاري السندبادي في براري الليل وحيدا .
هكذا.. بلا جسد كنت .. وجدتني أعبر مدنا لم تحلم بها خارطة.. أعثر فيها على بعض من بعضي.. أشياء حقنتها بدم المعاكفة.( ما بالها تلاحقني في أرخبيلات الحلم وتوثرفوضى مدن وأحبة بلا أسماء...؟ أ لهذه الدرجة يصير بمقدور الوسائد أن تدس كل هذا العالم المتماوج تحت رأسي ... يكفيها فقط أن أسدل الأحداق وأقطع شريان الأضواء كي يندعي العالم مصفدا تحت نهارالحقيقة كي تشاغب أهازيجه المخبولة بنوبات الركض...
يجوز لنا إذن أن ننسج في الرحيل الوسني أجمل الفداحات .. أن نعبث بنواميس الكون ونسخرمن قيافة الماء للماء ونمسخ لون اللون باستيهامات الهزيع .
ما تزال الرؤى تزدحم  في رأسي .. والعنكبوت أما زال خلف الوسادة ؟
 قلت سأسرد أراجيفي فلربما منحتني السيدة التي تستعيروجه أمي ملاذا يريحني من ثقل الدنق الضاغط على صدري .
كان بصيص يوم آخريخترق خصاص الباب والعالم الذي غادرنا بالأمس يضع حقائبه جانبا .. يدعك عينيه وينبؤني عن حكايا رائقة تشرع ذراعيها لظلي الحائم حول نجمة الحلم المتخضبة بلون الالتباس.
لست أدري كيف تخصبت رؤى الأراجبف الليلية في رحم النهار، و كيف اجترت العين عالمها في غفلة مني.
يقينا أنني كنت أنحت على جدارالحلم مطافات أخرى سوف تتسع مثل الدوائر المائية وتغريني بالإيغال في غرائب الاحلام...
لعبة جميلة إذن ... استغراق شهي بطعم الانخطاف الى المسارح المنداحة حيث أمشي ولا أمشي ثم أعود مثل فارس أسطوري محملا بزوادات البلور والياقوت واللازورد البراق أومتفصدا بعرق الخسارات...
حين زارتني أمي، حكيت لها عن العنكبوت الليلي ... أسندت رأسي على كتفها الوارف.. شملتني بأمان رهيف وبددت عن ناظري غلالة التوجس بلمسة الهناءة والتأويل المبسام.

0 التعليقات: