الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، أغسطس 16، 2015

حوارالكاتب عبده حقي مدير موقع اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة: لجريدة القدس العربي

حوارالكاتب عبده حقي مدير موقع اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة: لجريدة القدس العربي
إلتقاه بالرباط الطاهر الطويل
ننحاز لصوت المثقف العربي الحداثي ولقيم الحوار الديمقراطي
الرباط ـ ‘القدس العربي’ ـ من الطاهر الطويل: منذ أربع سنوات، يدير الكاتب المغربي عبده حقي موقعا إلكترونيا ثقافيا تحت اسم ‘مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة’، بمهنية واقتدار عاليين، لدرجة استطاع هذا الموقع أن ينحت حضورا وازنا في الإعلام الثقافي بالمغرب وبالوطن العربي ككل؛ لاسيما وأن الموقع ـ بالإضافة إلى مواده الإبداعية ودراساته النقدية ومواكباته الإعلامية ـ يفتح من حين لآخر ملفات للنقاش، من بينها ملف حول التوثيق الأدبي للثورات العربية، وآخر حول الدخول الثقافي في ظل الحراك السياسي العربي، وثالث عن أنتولوجيا الشعر المغربي في العشرية (2000 و2010)، ورابع حول الكاتبات العربيات ورهانات الإنترنت.
حول رهانات هذا الموقع وأدواره الثقافية كان لـ’القدس العربي’ هذا الحوار مع مديره الأديب عبده حقي:
كيف انبثقت فكرة تأسيس موقع اتحاد كتاب الإنترنت المغاربةhttp://www.ueimarocains.com؟
فكرة تأسيس الموقع جاءت غداة تمتيعي بعضوية اتحاد كتاب الإنترنت العرب ضمن قائمة سنة 2008، وقد تزامن ذلك مع مبادرات إنشاء فروع للاتحاد ببعض الدول العربية كالأردن ومصر وسوريا، وكان من المفترض أن نؤسس نحن أيضا في المغرب فرعا يضم مجموع الأعضاء المنتمين للاتحاد المركزي، وهكذا تعددت المبادرات والمحاولات والنوايا؛ لكن مع الأسف كلها آلت إلى الفشل لأسباب تتعلق تارة بتدافع أو بتضارب بعض الأعضاء، وتارة أخرى لأسباب تقنية ولوجيستية وتنظيمية… من هنا، نشأت الفكرة وقلت لماذا لانتجاوز إكراهات الواقع والارتقاء إلى فضاء افتراضي يعفينا من متاعب التدافع بالمناكب وتلاطم الآراء، وهكذا كانت فكرة إطلاق موقع اتحاد افتراضي في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) 2008 بعد استشارة مع رئيس إتحاد كتاب الإنترنت العرب وقتئذ الدكتور محمد سناجلة الذي تفهم كثيرا أهداف هذا المطلب، وشجعني بكثير من الدعم الرمزي والمعنوي عبر رسائله الإلكترونية.
من دون شك، إن إطلاق بالون الموقع في الفضاء الافتراضي وبذلك الاسم الاتحادي وبالشعار الهادف الذي رفعناه، كان الحدث الثقافي الأبرز أواخر سنة 2008 خصوصا أن العديد من الأسئلة الملحة و(الفضولية) قد أثيرت حول صانع هذه (القنبلة) الثقافية وليس أسئلة حول دورها المستقبلي في تحريك المشهد الثقافي بالمغرب الذي كانت تهيمن عليه بعض المؤسسات الثقافية العتيدة والراسخة وتسيطر على ذهنية مثقفيه ديكتاتورية النشر الورقي حيث كان الانتظار في قاعة طبيب أسنان أهون من انتظار نشر مادة أدبية في ملحق من الملاحق الثقافية… واليوم بعد مرور أربع سنوات ونصف على إطلاق هذا الإتحاد الافتراضي في فضاء الرقمية حدثت انقلابات لا تحصى في جميع المجالات المتعلقة بالنشر والثقافة غيرت الكثير من تصوراتنا ويقينياتنا التقليدية، إلى درجة أن الحديث اليوم عن الاتحادات والمنظمات القطرية صار ضربا من الوهم في معمعان عولمة لا حدود لفضائها الشبكي الذي ألغى ـ في كثير من المواقف ـ ضرورة دمغة تأشيرة الحدود الجغرافية.
كيف كانت ردود الفعل؟ وكيف تفاعل الأدباء والمثقفون مع هذه المبادرة؟
يجب بداية أن أذكر بأن السياق كان مختلفا عما هو عليه اليوم ، وهذا يعني أن التطور في مجال تكنولوجيا المعلوميات والاتصال والرقمية يسير بسرعة جنونية قد نعجز عن ملاحقتها بما نملك ككتاب من ثقافة رقمية هزيلة. فقبل أربع سنوات فقط على تأسيس موقع اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة، كان التعاطي والتفاعل مع النشر الشبكي يتلبس بشيء من المزاح، إن لم نقل الاستخفاف الذي قد يصل أحيانا إلى الازدراء المكشوف، حيث كانت بعض المؤسسات والمنابر الثقافية تستعلي وتتوجس من الاعتراف بهذه الكائنات الأدبية الرقمية الهابطة من كوكب الإنترنت وتقانته التكنولوجة والمعلومياتية، فيما كانت مياه النشر الإلكتروني تحفر الصخر في صمت وثبات وإيمان بأن العالم يتطور نحو قريته الصغيرة، وبالتالي كان علينا أن نقبل بشروط هذه الحرب الصغيرة والخاطفة ونواصل مشروعنا الإعلامي الثقافي إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود. ولن أخفيك سرا إن قلت إن جل الأدباء والمثقفين في المغرب ترددوا كثيرا في دعمنا ومساعدتنا للنهوض بهذا المنبر الاتحادي والاعتراف به كسند إلكتروني صُمم أساسا ليكون صوتا لجميع الأديبات والأدباء على اختلاف روافدهم الثقافية، سواء الذين ركبوا معنا منذ المحطة الأولى أو الذين آثروا التريث إلى حين الالتحاق بنا فيما بعد، وهذا ليس عيبا على كل حال.
حسناً، وماذا عن الخط التحريري الذي تبنته إدارة الموقع منذ الانطلاقة؟ ما هي الخطوط العريضة التي رسمتموها من أجل البحث عن التميز؟
من دون شك، أن ملامح خطنا التحريري في الموقع كانت (جاهزة) ذهنيا وتصوريا بالنظر إلى تميز منبرنا بكونه منشأة إعلامية ثقافية، وبالنظر أيضا إلى ما تفرضه المرحلة علينا جميعا ككتاب وأدباء ومفكرين من أجل الإسهام في بلورة وعي ثقافي حداثي وديمقراطي يواكب مستجدات الثورة الرقمية والتكنولوجية وتداعياتها على بنياتنا الفكرية والثقافية وحتى السياسية. ولعل الحراك والثورات العربية وكل هذا العصيان المدني الذي تميد به الأرض العربية من المحيط إلى الخليج منذ سنة ونصف والذي توج بإسقاط أعتى الأنظمة الديكتاتورية العربية وما تبقى منها هم على شفيرالأفول .. كل ما حدث ويحدث منذ سنة ونصف هو من النتائج الحتمية والحميدة التي أسهمت فيها وسائط الاتصال الحديثة، خصوصا على مستوى تعميم المعلومة وذيوع الخبر بالصوت والصورة والفيديو وتطور فكرة الصحافة المواطنة. وعموما، فخطنا التحريري ينتصر أساسا لدعم صوت المثقف العربي الحداثي.. ينتصر لقيم الحوار الديمقراطي ويناهض كل أشكال الإقصاء والعنف الرمزي أو المادي.
الرقمية غيرت الوضع الاعتباري للكاتب
يقوم الموقع على شعار ‘من أجل ثقافة رقمية مغربية تواكب العصر’، إلى أي حد استطعتم رفع هذا التحدي والانخراط في مشروعه؟
* ‘من أجل ثقافة رقمية مغربية تواكب العصر’ كان هذا هو شعارنا الذي رفعناه منذ الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) 2008، ما يعني أننا بكل وضوح وجهنا دعوتنا الضمنية عبره إلى كل الأديبات والأدباء للانخراط في مضمار الثقافة الرقمية، باعتبارها أفق هويتهم القادمة بإلحاح. وكما أقول دائما، إن الكاتب أصبح مؤسسة نشر قائمة الذات تمشي على قدمين، يكفيه فقط أن يملك حاسوبا متصلا بالإنترنت أو ينشئ مدونة خاصة بكتاباته أو حسابا في منتدى أو في شبكة تواصل اجتماعي. وبالتالي، فإن الرقمية قد غيرت الوضع الاعتباري للكاتب، كما تمثلته المجتمعات العربية ورسخته في ذهنيتها صيرورة النشر الورقي منذ قرن ونصف تقريبا. إن هذا الوضع الجديد بقدر ما أسهم في دمقرطة أدوات النشر ومنح مساحات للتعبير لا حدود لها للجميع بقدر ما تعاظم معه دور الكاتب في البحث عن القيمة الأدبية والجمالية المتفردة والتميز المستحق .
ماهو تقييمك للمرحلة الراهنة على مستوى النشر الورقي والإلكتروني؟
إن النشر باعتباره أساسا صناعة ومظهرا جليا للمنتوج الثقافي يعرف منعرجا حاسما في تاريخ الإنسانية وعلاقتها بقدسية الكتاب ودوره الوظيفي في تشكيل أنساق وعينا الفردي والجماعي وصعود ونزول منسوب مقروئيتنا من عصر لآخر ومن قطرلآخر. ولم يكن هذا السؤال ليطرح قبل انتشار الشبكة العنكبوتية وما فرضته وسائطها من تغيير إيجابي على مستوى دمقرطة آليات التواصل والمعرفة. ومن دون شك، إننا نعيش مرحلة ما يمكن أن أصطلح عليه بمرحلة ‘الورقمية’، أي تلك المرحلة المفصلية بين عصر الورق وعصر الرقمية . ومما لاريب فيه أن تراجع عدد مبيعات الصحف الورقية على المستوى العالمي له دلالته الواضحة وإشاراته الغامزة واللامزة على أن النشر الإلكتروني بات حقيقة واقعية وليس افتراضية. اليوم، أصبحت جل الصحف الورقية المغربية تتوفر على نسخها الإلكترونية التي تحيّن مع عشية كل يوم، بل هناك من المؤسسات التي استعاضت بصفة نهائية عن نسخها الورقية بنسخة إلكترونية جذابة وقابلة للتحيين اللحظي وقادرة على مواكبة سرعة الأحداث وتعددها في الزمان والمكان. ومن المؤسف حقا، أن الكثير من الزملاء من لازالوا لم يصدقوا هذا الحريق الذي أشعلته الرقمية من تحت أقدامهم، والذي سيذهب لا محالة بكل هذه الأطنان من الصحف الورقية سواء في المدى المتوسط أو البعيد. وأعتقد أن العديد من المؤسسات والمقاولات الإعلامية الورقية قد أغلقت وسرحت أطقمها، وبالتالي قبلت بهذا الرحيل القصري وقلبها يخفق بنوستالجيا الزمن الورقي الجميل.
الإعلام الإلكتروني: ‘الانفجار الكبير
باعتبارك مديرا لموقع اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة، ما رأيك في ما يعيشه الإعلام الإلكتروني بالمغرب من مشهد متقلب بين المهنية تارة والفوضى تارة أخرى؟
أجل، إن الملمح العام الذي يطغى على المشهد الإعلامي الإلكتروني هو الفوضى، حيث الكل يتلصص على الكل ويسرق من الكل، والمعلومة لا أصل لها ولا مصدر لها إلا نادرا. قد نتفق جميعا على أن غليان المشهد الإعلامي الإلكتروني هو من دون شك من إفرازات الثورة الرقمية والانتشار الهائل للشبكة العنكبوتية وسهولة النشر وإنشاء مواقع إلكترونية إخبارية وكذا غياب قانون خاص بالصحافة الإلكترونية ينظمها على مستوى المهني والمقاولاتي الإعلامي. إن هذه الثورة الإعلامية الإلكترونية ما كانت لتتحقق ولتنفجر لولا تضافر العديد من العوامل، لعل من أهمها انخراط الدولة المغربية في إستراتيجية سياسية تروم تشجيع الاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلوميات والاتصال منذ بداية التسعينات من القرن العشرين. إن ما يعيشه المجال الإعلامي الإلكتروني من انفجار كبير(Big bang ) مدهش ومخيف أيضا لهو بكل صراحة في وجهه المضيء ثمرة لهذه السياسة الرائدة على مستوى منطقة شمال إفريقيا. وتجدر الإشارة إلى أن المغرب هو أول بلد عربي تم الاعتراف فيه بمهنة الصحافي الإلكتروني منذ سنة 2001 من طرف وزارة الاتصال على عهد حكومة التناوب الأولى، وهذه حقيقة يجهلها الكثير من المهتمين، وأن عدد المواقع الإلكترونية الإخبارية اليوم يناهز 500 موقعا بين اهتمامات جهوية ووطنية، وأن موقع ‘هسبريس’ يأتي ضمن المواقع العشر الأولى في العالم من حيث عدد الزوار الذين ناهزوا المليون في لحظة من اللحظات، وأن المغرب يأتي اليوم في المرتبة الأولى على مستوى شمال إفريقيا في عدد مستخدمي الإنترنت حسب آخر إحصاء أصدره المكتب الدولي للذكاء الاقتصادي (أوكسفورد بيزنيس غروب) يوم الأربعاء 3 أيار (مايو) 2012 وذلك بفضل الإستراتيجية الوطنية (المغرب الرقمي 2009 ــ 2013 ) التي اعتمدتها الدولة. ولا تفوتني الفرصة دون أن أنوه بفعاليات اليوم الدراسي الذي نظمته وزارة الاتصال في العاشر من آذار (مارس) 2012 في موضوع واقع الصحافة الإلكترونية الذي شهد سجالات ونقاشات حادة بين المناصرين لتقنين القطاع وبين المطالبين بالمزيد من الحرية الإعلامية الإلكترونية وخصوصا ما تعلق بإلغاء الفصل السالب للحرية.
تطلق إدارة الموقع بين الحين والآخر ملفات للنقاش، إلى أي حد استطاعت هذه الملفات أن تجيب عن الأسئلة العالقة في الفكر والثقافة العربية؟
أعتقد أن هذه الملفات وأسئلتها الاستشكالية التي طرحناها على الأديبات والأدباء المغاربة والعرب منذ ولادة الموقع هي قوتنا المركزية وذخيرتنا الثقافية النفيسة التي يترصع بها أرشيفنا منذ أربع سنوات ونصف. إننا لا نبادر بطرحها إلا إذا استشعرنا براهنية أسئلتها في المشهد الثقافي برمته وباعتبارها السؤال الملح الذي يشغل فكر الأديبات والأدباء في الهنا والآن، ثم إحساسنا العميق بدور منبرنا الإلكتروني في مد الجسور بين محيط العرب وخليجهم. واليوم، فقد بلغ عدد الملفات التي طرحناها للنقاش ما يناهزسبعة لعل أهمها في رأيي ملف ‘المثقفون العرب وسؤال توثيق الثورة’ والذي أسهمت فيه العديد من الأسماء الوازنة في الساحة الثقافية والفنية العربية مثل أميمة الخليل ومحمد العمري وأحمد أبومطر وسميحة خريس وظبية خميس ومحمد عزالدين التازي وفدوى مساط والزهرة زيراوي وغيرهم.
أخيرا ما هي مشاريعكم المستقبلية ؟
قبل أن أتحدث عن المشاريع، أتساءل إن كان موقع إتحاد كتاب الإنترنت المغاربة وما راكمه على رفوف أرشيفه الخاص يستحق هذا الرهان الذي رفعناه منذ أربع سنوات؛ أترك طبعا الإجابة والنقد البناء للقارئات والقراء ولجميع الرواد. إننا نروم أساسا تحقيق تفاعلية أكثر من خلال تمكين الأعضاء من النشر الفوري والمباشر بالموقع من دون حاجتهم إلى مصفاة نشر هنا وهناك ورقابة تجاوزتها كونية الشبكة العنكبوتية .

0 التعليقات: