الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، أبريل 09، 2018

حوار مع الكاتب والإعلامي عبده حقي إنجاز عبدالله الساورة


س ــ ما معنى أن تكون قاصا وكاتبا في مجتمع لايقرأ ؟
ج ــ شكرا لك .. بداية لابد من توضيح أمرهام جدا هو أن فعل القراءة لم يعد يحمل في دلالاته السوسيوثقافية تلك الصورة النمطية القديمة بمعنى امتلاك مهارات ذهنية وقدرات فيزيولوجية لتفكيك رموز الأبجذية لغايات براغماتية ضيقة آنية فحسب ... فالمجتمع المغربي وفي غمرة انتشار الأسانيد التكنولوجية والوسائط الافتراضية الجديدة قد تخطى مساحة هامة من أعطاب الأمية ليس بفضل سياسة الدولة فحسب وإنما بفضل الإنتشار الواسع لهذه الحوامل الإلكترونية وبنيتها الإقتصادية الإنتاجية والاستهلاكية وخصوصا الهواتف الذكية التي مكنت بعض تطبيقاتها من إرغام الإنسان المغربي على التفاعل معها بأدنى شروط التلقي البسيطة ... ومن جانب آخر إذا كنت تقصد بالقراءة العالمة التي تروم الإرتقاء بالوعي المجتمعي إلى مستويات متقدمة من الحداثة والتقدم وتجويد الحياة العصرية .. إلى مجتمع الثقافة والمعرفة فأن أكون كاتبا في مجتمع لايقرأ فهذا السؤال يحمل في ثناياه حكم قيمة إطلاقي يشمل كافة فئات المجتمع .. إن أي متلق أكان أكاديميا أوموظفا بسيطا أوتيقنوقراطا أومثقفا ليس بالضرورة مرغما على قراءة إن لم أقل إقتناء مجموعاتي القصصية أو رواياتي الورقية أو الإلكترونية إذا لم تحظى أعمالي هاته قبل كل شيء بدعم ومواكبة إعلامية وثقافية ثم من جهة أخرى إذا لم تكن تلامس هموم المتلقين والقراء وتذغذغ ذائقتهم الأدبية .
إن ما يعيشه المجتمع المغربي والعربي بشكل عام من تغيير في أنماط الاستهلاك ومختلف الإكراهات اليومية تجعله يفكر في أولويات (القص) أي الأكل بالدارجة المغربية وليس (القص) بالمفهوم النقدي الذي يعني الحكي والسرد .
س ــ يحضر الكاتب عبده حقي في أغلب النقاشات على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي ويتفاعل معها بشكل جيد .. كيف تثمن هذا الحضور؟
ج ــ حضوري في مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا فيسبوك هو استمرارية لحضوري في المنتديات الثقافية قبل عشرين سنة وأعتقد أن منصة فيسبوك قد ابتلعت جل وساط التواصل الافتراضية الأخرى وباتت الانسانية تتوزع بين جاذبيتين هما جاذبية الأرض وجاذبية فيسبوك وما يهمني بالدرجة الأولى في التفاعل مع مواقع التواصل الاجتماعي هو المحتوى الرقمي وأرشيفه الذي نراكمه يوما بعد آخر من دون أن نعي جيدا خطورة الصورة التي ننسجها لمجتمعاتنا ونوثقها عنا لمستقبل الأجيال القادمة بحيث ألا شيء يذهب بهذا الصدد أدراج الرياح كما يتوهم الكثيرمن الفيسبوكيين .
س ــ ما هو جديد إصداراتك ؟
ج ــ صدر لي أواخر سنة 2016 كتاب سيرتي الذاتية موسومة ب (عودة الروح لابن عربي .. عن ذكريات مكناس فاس الجميلة ) والكتاب عبارة عن سرد لبعض المحطات من حياتي الشخصية وامتداداتها المجتمعية والثقافية من خلال محطات ووقفات واعترافات ما من شك أن كل من قرأها أو سيقرؤها في المستقبل سيغوص عميقا في أسرار وخبايا حارات المجتمع المكناسي التي لاتختلف كثيرا عن حارات المدن العتيقة التاريخية الأخرى مثل فاس ومراكش وغيرهما .
س ــ ما هي علاقتك بطقوس القراءة والكتابة ؟
ج ــ لامفر من القراءة والكتابة كطقس يومي لايرتهنا عندي بأي زمان أو مكان ولن أجازف إذا قلت أنهما كانتا ومازالتا من "فرائض" انشغالاتي اليومية إن لم تكونا أحيانا سابقتين عن بعض الأولويات طالما أنهما مرتبطتان بالتنقيب والتجديد والنقد والبحث عن الأجوبة المفترضة لأسئلة الثقافة والأدب الراهنين في ظل التحولات الحاسمة والخطيرة من الأسانيد التقليدية الورقية بالخصوص إلى الأسانيد الرقمية.
يقينا أنني لست أدري من يقيم في الآخر ، هل أنا من يقيم في القراءة والكتابة أم أن القراءة والكتابة هما من تقيما في ذهني وأحاسيسي .. إن أشد ما أكرهه أن أعتقل نفسي في غرفة أو مكتب خاص لممارسة (يوغا) الكتابة والقراءة .. فأنا أمارس غوايتي حيثما وأينما راق مزاجي واستطاب تيهي الفكري والإبداعي وأعتقد أن الكتابة والإبداع الأدبي بذهنية وطقس إداري بيروقراطي قد يفقدها ماءها وطراوتها والكتابة والقراءة لايمكن أن يتنفسا إلا في هواء طلق ممهور بنسائم الحرية .
س ــ هل صحيح أن المثقف المغربي ينأى بنفسه عن خوض الصراعات السياسية والمجتمعية ويخصص معظم وقته للمشاركات في التظاهرات الثقافية والفنية ؟
ج ــ طبعا هو سؤال تفجر بشكل متكرر وإلحاحي مع احتجاجات ما سمي بالربيع العربي لكن ماذا نقصد بالمثقف قبل كل شيء هل هو كل متعلم يهتم بشأن الثقافة والفكر والأدب والفن ؟
إذا كنا نقصد بالمثقف كل مواطن متعلم يحمل رؤية ومشروعا فكريا أو سياسيا أو فلسفيا أو إديولوجيا مغايرا يروم النهوض بالقيم التقليدية السائدة والارتقاء بها إلى قيم تسايرالعصر على مستوى التحديث والديموقراطية في بعدهما الإنساني فلا أعتقد ضمن هذا المستوى أن المثقف المغربي قد نآى بنفسه عن الهم السياسي ... فما من شك أن المغرب عرف منذ عشرين سنة تحديدا تحولات سياسية هامة جدا ومتفردة على مستوى المنطقة العربية والإفريقية انطلقت مع عدة محطات مرت منها البلاد منذ انهيار جدار برلين ونزع فتيل الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والإشتراكي وانفتاح النظام المغربي بعد ذلك على بعض مكونات اليسار في الكتلة الديموقراطية وفتح أوراشا حقوقية شارك في بلورتها عديد من المثقفين التقدميين وأخيرا تم تتويج كل هذا الحراك السياسي التسعيني بتشكيل حكومة التناوب التي ضمت عديدا من المثقفين والإعلاميين اليساريين من بينهم شعراء وكتاب مرموقين ... ولست أدري في كل الأحول ماذا نقصد بعزوف المثقف عن الانخراط في الفعل السياسي والمجتمعي .. فهل ينحصر دورالمثقف في بلورة خطة طريق فكرية وسياسية وإديولوجية وتدبيج شعارات وبيانات جماهيرية تتوافق وتطلعات المرحلة أم هو مطالب فضلا عن كل ذلك بتصريفها على أرض الواقع يدا في يد مع حشود الجماهير في الشارع العام .. وأعتقد أخيرا أننا في مقاربتنا هاته حول إشكالية دورالمثقف في الوقت الراهن علينا أن نؤطرها ضمن التحولات الأساسية الراهنة في قنوات ووسائط التواصل الجديدة بين المثقف والمجتمع التي عرفت هيمنة مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك ويوتيوب) على الخصوص اللذان أسهما كثيرا في إحماء الاحتجاجات المغربية والعربية بشكل عام عكس الوسائط التقليدية التي كانت تعدمها السلطة وتجهضها الرقابة القبلية في المهد .  





0 التعليقات: