الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الجمعة، نوفمبر 27، 2020

الإنسان وإمكانية خلوده رقميا ؟ عبده حقي


توصل بعض المختصين في علوم البيولوجيا إلى حد تجميد الإنسان بعد الموت على أمل أن يكون العلم يومًا ما قد تقدم بما يكفي لبعثهم وإحيائهم من جديد فيما يعتقد البعض الآخر اليوم أن السبيل إلى الخلود يكمن في العالم الرقمي.

كانت النظرية القائلة بإمكانية رقمنة البشر والعيش ضمن الحدود الرقمية للوجود القائم على الكمبيوتر موضوعًا للنقاش . ولكن حتى وقت قريب لم يكن أحد قد أخذ الفكرة إلى ما هو أبعد من البحث والمناقشة.

السؤال العريض هو ما إذا كان من الممكن حتى للإنسان أو أي كائن حي أن تتم رقمنته في المقام الأول للإجابة على هذا السؤال برزت مدرستين فكريتين مختلفتين.

هناك المدرسة التي تؤيد بعض المفكرين مثل جيل دولوز و هنري برغسون حيث تفكيرهم الفلسفي يقوم على فكرة أن ازدواجية العقل والجسد ليسا نفس الشيء. لذلك يبدو أنه من المستحيل رقمنة الإنسان بل كيف يمكن للمرء أن يضع جوهر الروح البشرية في الكمبيوتر مثلما يضع الساحر الجني في زجاجة؟

على العكس من ذلك يؤكد العديد من العلماء وجراحي الأعصاب البارزين أن الجسد هو كل ما هو موجود. إذا كان بإمكان المرء نسخ دماغ الإنسان في شكل رقمي فسيكون تحقيق الباقي أمرا يسيرا . ورغم ذلك فإن نسخ الدماغ ليس بالأمر السهل بحيث تتضمن الاقتراحات صنع آلاف الشرائح الدقيقة من الدماغ ونسخ الشبكة العصبية التي تم الكشف عنها.

للقيام بذلك يجب إنشاء آلة يمكنها صنع هذه الشرائح ومن ثم يجب العثور بعد هذا على متطوع راغب. ستكون هذه شرائح جسدية من دماغ محفوظ قبل الموت. هذا هو العيب. في الواقع تقترح إحدى الشركات الناشئة القيام بذلك والحفاظ على عقل الإنسان حتى يوم رقمنته في المستقبل .

سيتم نقل محتويات دماغ الإنسان في النهاية إلى جهاز كمبيوتر وبالتالي يبقى على قيد الحياة أو ربما يولد من جديد. لقد تم إجراء تجارب على مسح دماغ فأر ولكن لم يحدث اختراق في رقمنة مجموع دماغ الفأر.

بالانتقال من الآليات التي قد تجعلنا جميعًا مرقمنين ما الذي ينتظر البشرية بخصوص الخلود الرقمي؟ قال أحد العلماء إن السياسيين والمفكرين والفنانين العظماء سوف يمكنهم متابعة حياتهم المهنية لقرون ، ولن نحتاج أبدًا في المستقبل إلى تشييعهم في جنازات وحفر قبور لهم في التراب.

ستنخفض ​​الطلبات على موارد الأرض كثيرا إلى موارد جديدة خاصة فقط للبشر الفيزيائيين المتبقين على كوكب الأرض وبالطبع أجهزة الكمبيوتر التي تحمل بقاياهم. وربما قد تسترجع الأرض وتعود إلى حالتها الطبيعية الأكثر نقاء ... وسوف تختفي المجاعة والأوبئة والأمراض وبالتالي يمكن أن نستمر في الحياة إلى ما لانهاية ...

ربما يبدو هذا هدفا رائعا وحلما طوباويا . ولكن إذا تم إطلاق العنان للبشر في هذا العالم الرقمي على ما يبدو فهل سنستفيد من الحرية أم ننتقل ببساطة إلى إعادة إنتاج جحيم رقمي على الأرض؟ وماذا عن الفيروسات الرقمية والتشوهات الأخرى للعالم الافتراضي نفسه؟

 

0 التعليقات: