في خطوة علمية ثورية لا تقل أهمية عن اكتشاف الجاذبية أو اختراع الشاي بالنعناع، اهتزت وسائل الإعلام الجزائرية ومواقع التواصل الاجتماعي بخبر مفاده أن "طبقا طائرا" تم رصده وسط الصحراء الكبرى عبر خرائط غوغل. نعم، غوغل، تلك الخدمة التي لا تنجو من الرقابة في بعض الأحياء، أصبحت فجأة مصدراً قومياً لاكتشاف الكائنات الفضائية.
الطبق الغامض ظهر قرب بلدة «برج عمر إدريس»، وكان له من الهيبة ما يكفي ليثير قلق وكالة "ناسا" وحسد عشاق نظريات المؤامرة. فحسب الخبير «سكوت وورينغ»، المشهور بتفسير كل حفرة على وجه الأرض على أنها أثر لزائر فضائي، فإن هذا الجسم ذو القبة هو بالتأكيد سفينة فضائية تحطمت قبل 21 ألف سنة، تماماً في المكان الذي لا توجد فيه حتى شبكة هاتف محمول.
لم يتأخر الجزائريون
في التعبير عن فخرهم بـ"الاكتشاف الفضائي"، حيث اعتبره البعض دليلاً على
أن الجزائر كانت مستهدفة من الكائنات الفضائية قبل أن تستهدفها الاستعمار أو مشاكل
صرف المياه. بل راح بعضهم يتخوف من أن تقوم غوغل بـ"طمس الحقيقة"، كما تفعل
عادة في المؤامرات الكونية الكبرى: حذف الصور!
لكن، وكما يحدث عادة
مع الأساطير الجزائرية، جاءت الحقيقة العلمية لتفسد الحفل. فالخبراء، بلا حس فكاهي
يذكر، صرحوا أن الجسم الغريب ما هو إلا قاعدة إسمنتية لتوربينات الرياح. نعم، رياح.
يبدو أن الكائنات الفضائية تخلّت عن التكنولوجيا المضادة للجاذبية، وقررت الاستثمار
في الطاقة النظيفة.
القاعدة الإسمنتية،
كما أكد نيك بوب – المحقق السابق بوزارة الدفاع البريطانية – ليست إلا جزءاً من مشروع
للطاقة المتجددة، تماماً كما تظهر في صور الأقمار الصناعية الأخرى: مشاريع بشرية عادية،
بلا أطباق ولا كائنات، فقط إسمنت ورياح وحسابات بيئية.
ومع ذلك، تبقى الجزائر
متمسكة بطموحها الفضائي. فهي التي لطالما أعلنت أنها تريد أن تكون قوة إقليمية في كل
شيء، من «الكسكس» إلى "الزليج والقفطان إلى الأقمار الاصطناعية. والآن، بفضل غوغل
مابس، وجدت مبرراً جديداً لتأكيد تفوقها: "نحن لسنا وحدنا في الكون... والدليل
في خرائط غوغل!"
لكن لعل المضحك المبكي
في القصة كلها، أن الجزائر – التي تحذف من خريطة غوغل أسماء مدن مغربية وتشن حروباً
إلكترونية على الخرائط الرقمية – أصبحت الآن تتشبث بأحد منتجات الشركة الأمريكية كما
تتشبث بنظرية أن طنجرة الضغط يمكن أن تكون طبقاً طائراً.
وفي الوقت الذي تحاول
دول أخرى توظيف الذكاء الاصطناعي للكشف عن الاحتباس الحراري أو تحسين التعليم، ها هي
الجزائر تقود حملة لاكتشاف الحياة في المريخ من بلدة صحراوية بالكاد تتوفر على محطة
وقود.
ربما حان الوقت لتوظيف
خيال المواطنين الجزائريين في كتابة سيناريوهات أفلام الخيال العلمي، عوض تركهم تحت
رحمة توربينات رياح تُرى من الفضاء، ولكن تُفسر بأنها تحية من «ET».
إذا كنت جزائرياً،
ورأيت جسماً غريباً في الصحراء، فلا تتردد… صوره بسرعة، وارسله إلى غوغل، فربما تنقلك
من الهامش الجغرافي إلى حدود المجرة. وإذا كنت من المسؤولين، فتأكد فقط ألا تكتشف في
الغد أن الطبق الطائر… تابع لشركة صينية تعمل بالطاقة الشمسية!
0 التعليقات:
إرسال تعليق