الجمعة, يوليو 04, 2025
ABDOUHAKKI
يمثل الحكم بالسجن سبع سنوات على الصحفي الفرنسي كريستوف غليز تطورًا خطيرًا في العلاقات المتأزمة بين الجزائر وباريس، ويعيد إلى الواجهة ما يسميه مراقبون بـ"سياسة الرهائن"، التي تلجأ إليها السلطات الجزائرية لتوجيه رسائل سياسية مشفرة إلى الخارج، خصوصًا فرنسا.
بحسب ما تم تداوله، فإن غليز – المعروف بتحقيقاته حول ملفات حساسة بينها الاستعمار، وفساد النخبة الجزائرية، ودور الجيش في السياسة – اعتُبر "عنصر تخريب" لجهود المصالحة التي تسعى لها فرنسا عبر الرئيس إيمانويل ماكرون. ويبدو أن الحكم بحقه جاء كردّ انتقامي على ما اعتبره النظام الجزائري تجاوزًا للخطوط الحمراء أو تدخلاً سافراً في "الشؤون السيادية".
العلاقة بين الجزائر وفرنسا تمرّ منذ سنوات بحالة شدّ وجذب، خصوصًا بعد مطالبات متكررة باعتذار رسمي فرنسي عن الحقبة الاستعمارية، يقابلها امتعاض فرنسي من عرقلة الملفات الأمنية والهجرة والذاكرة. في هذا السياق، بات كل ملف قابلًا للتحول إلى ورقة ضغط: من الغاز، إلى التأشيرات، إلى الصحفيين.
ما يبعث على القلق أن هذه الواقعة ليست استثناءً، بل تأتي ضمن سلسلة اعتقالات وملاحقات طالت صحفيين ونشطاء في الجزائر، منهم من يحمل جنسيات مزدوجة. فباسم "الأمن القومي" تُلاحق الأقلام الحرة، ويُوظف القضاء كذراع سياسية. في المقابل، تُتهم الجزائر باستخدام "ورقة الصحفيين" لإحراج شركائها الدوليين أو فرض شروط دبلوماسية.
من المتوقع أن تثير هذه القضية ردود فعل في باريس، خصوصًا من الأوساط الحقوقية والإعلامية، التي ترى في هذا الحكم تعسفًا صارخًا ضد حرية التعبير. غير أن الدولة الفرنسية نفسها قد تتعامل مع الملف ببرود حذر لتجنّب تصعيد أكبر، خصوصًا في ظل حاجة باريس إلى الشراكة الطاقية والأمنية مع الجزائر.
حكم السجن على كريستوف غليز ليس مجرد قضية جنائية، بل مرآة لصراع سياسي أعمق بين ماضٍ استعماري لم يُطوَ بعد وواقع دبلوماسي هشّ. إنه فصل جديد في كتاب العلاقات الفرنسية الجزائرية المعقّد، حيث تتحول الكلمة الحرة إلى ضحية على مذبح الحسابات الكبرى.
0 التعليقات:
إرسال تعليق