الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأربعاء، يوليو 23، 2025

الصحراء المغربية دعم دولي متنامٍ ضد الابتزاز والانفصال : عبده حقي


في الوقت الذي يستمر فيه خصوم المغرب في الرهان على أطروحات متجاوزة ومواقف متكلسة، يواصل المغرب كسب مزيد من الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي التي طرحها كحل سياسي واقعي وعملي لنزاع الصحراء المغربية. وقد شكّل موقف البرتغال الأخير، الداعم بشكل صريح لمقترح الحكم الذاتي المغربي، دليلاً جديدًا على التحول النوعي في مواقف المجتمع الدولي تجاه هذا النزاع المفتعل، والذي ظل رهينة تجاذبات إيديولوجية وحسابات جيوسياسية بائدة منذ عام 1975.

البرتغال، البلد الأوروبي العريق، لم تكتفِ هذه المرة بصياغات دبلوماسية فضفاضة، بل أعلنت دعمها الواضح لمقترح المغرب، معتبرةً إياه أساسًا جادًا وذي مصداقية لحل النزاع. هذا الموقف ليس معزولًا، بل يأتي في سياق سلسلة من المواقف الدولية المشابهة، من الولايات المتحدة إلى ألمانيا وإسبانيا وفرنسا ، التي باتت ترى في الحكم الذاتي إطارًا عمليًا لإنهاء الجمود السياسي وتكريس الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء.

وفي مقابل هذا الاعتراف المتنامي بشرعية الموقف المغربي، لا تزال جبهة البوليساريو، المدعومة من النظام الجزائري، تلوّح بخطابات الانفصال وتُغرق القضية في دوامة من الجمود والتضليل الإعلامي. أما الجزائر، فبدلاً من أن تنشغل بتحدياتها الداخلية، تواصل تغذية هذا النزاع السياسي والإنساني لأغراض استراتيجية إقليمية لم تعد خافية على أحد، خصوصًا بعد انكشاف تورطها المباشر في دعم الانفصال ورفضها التفاوض المباشر باعتبارها طرفًا رئيسيًا في النزاع.

ولعل زيارة الرئيس الجنوب إفريقي السابق جاكوب زوما إلى المغرب، منتصف يوليوز الجاري، شكّلت مفارقة أخرى كشفت حجم التصدع داخل معسكر الداعمين التاريخيين للبوليساريو. فزوما، الذي كان يُعد من أبرز المدافعين عن أطروحة "استقلال الصحراء الغربية"، ظهر في المغرب في زيارة أثارت استياءً في أوساط مؤيدي الجبهة، إلى حد وصفها بـ"الخيانة". هذه الزيارة لم تكن مجرد خطوة شخصية عابرة، بل حملت دلالات أعمق عن تغيير المزاج الإفريقي حيال هذا الملف، خاصة مع تزايد الوعي لدى العديد من القادة الأفارقة بكون القضية لم تعد تتعلق بـ"تصفية استعمار"، بل بتوظيف إنفصالي مزمن لصراع إقليمي مفتعل.

إن التناقضات التي يواجهها خصوم المغرب – من جهة، تصدع صفوفهم، ومن جهة أخرى، تضاؤل الدعم الدولي لأطروحتهم – تعكس فشل الخطاب الانفصالي في مواكبة التحولات الجيوسياسية الراهنة، بينما ينجح المغرب في إعادة تموقعه كفاعل إقليمي محوري يتمتع بالمصداقية والواقعية في طرحه السياسي. فمبادرة الحكم الذاتي لا تقدّم حلاً نظريًا فقط، بل تقترن بتنمية ميدانية لافتة في الأقاليم الجنوبية، حيث تحوّلت مدن مثل العيون والداخلة وبوجدور والسمارة إلى واجهات اقتصادية واستثمارية متقدمة، وجسور تواصل نحو العمق الإفريقي.

تأتي هذه التطورات في سياق تحولات عالمية وإفريقية تفرض إعادة تعريف مفاهيم السيادة والتنمية والاستقرار. والمغرب، بسياساته الهادئة واستثماره في الدبلوماسية الذكية، يدرك أن كسب العقول والمواقف يتطلب أكثر من الشعارات؛ يتطلب رؤية واقعية، ومرونة استراتيجية، وشرعية قائمة على الحق والتاريخ والقانون الدولي.

إن المواقف المتنامية الداعمة للحكم الذاتي لا تعبّر فقط عن تضامن مع المغرب، بل تعكس تحوّلًا جذريًا في فهم العالم لحقيقة النزاع، ورفضًا ضمنيًا لاستمرار منطقة برمتها في العيش رهينة لمخططات الهيمنة والانفصال. وبينما تنهار أوراق الابتزاز والمناورة، يواصل المغرب المضي بثقة نحو الحل السياسي، معززًا بشرعية دولية تتسع يوماً بعد آخر.

0 التعليقات: