الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الجمعة، أغسطس 29، 2025

لوموند تنبش في مرض الملك وتتغافل غيبوبة تبون: عبده حقي


إن ما تقدمه بعض المنابر الأجنبية، ومنها جريدة لوموند، من مقالات تتم صياغتها بلهجة الإثارة حول حياة القصر الملكي أو ما يسمى بـ "أسرار البلاط"، لا يعدو أن يكون محاولة لتشويه الاستقرار المغربي بلبوس الغموض. والحقيقة أن الملك محمد السادس، منذ اعتلائه العرش سنة 1999، اختار منهجًا واضحًا يقوم على ترسيخ التوازنات، وضبط علاقة الدولة بمراكز النفوذ الاقتصادي والسياسي، مع الحرص على أن تكون المؤسسة الملكية هي الضامن الأول لوحدة البلاد واستمرارها.

فالمواقف التي يتم تضخيمها أحيانًا، مثل إبعاد شخصية من بروتوكول احتفالي أو غياب مسؤول عن مناسبة دينية، لا تمثل أبدًا سوى تفاصيل ظرفية في إطار تدبير صارم لمؤسسة تحرص على الانضباط، والالتزام بالمساطر الدقيقة. وهو ما يجعل الملكية المغربية أقرب إلى مؤسسة قائمة على قواعد الدولة الحديثة منها إلى "قصر غارق في الأسرار"، كما تحاول بعض الصحف الفرنسية أن توحي بذلك.

لقد أثبتت التجربة أن "الغضبة الملكية"، إذا صح التعبير، غالبًا ما تكون وسيلة إصلاحية، تمنع التمركز المفرط للثروة أو النفوذ بيد أفراد أو لوبيات، وتجدد دماء النخبة، بما يضمن دوران النخب وعدم جمودها. هذه الدينامية هي بالضبط ما يفسر استقرار المغرب، في وقت تشهد فيه بلدان الجوار اضطرابات داخلية وصراعات سياسية مفتوحة.

إن المغرب، بخلاف كثير من الدول، لم يعرف انهيارًا مؤسساتيًا ولا فراغًا سلطويًا، لأن الملكية فيه كانت دائمًا صمام الأمان. إن حضور الملك محمد السادس في تدبير القضايا الكبرى – من ملف الصحراء المغربية، إلى قيادة مشاريع التنمية المهيكلة في الطاقات المتجددة والبنيات التحتية – يجعل أي "تكهنات" حول صراعات داخلية مجرد افتراءات تفتقر للموضوعية.

بل إن غياب مسؤول بعينه عن حفل أو مناسبة لا يعدو أن يكون جزءًا من التغييرات الطبيعية في أسلوب إدارة الدولة، التي تُبقي الملكية دائمًا في موقع "الحَكم" والضامن للتوازن، بعيدًا عن أي ارتهان لشخصيات أو جماعات ضغط.

لا يمكن إغفال أن جزءًا من هذه المقالات الصادرة عن لوموند بالتحديد يصدر في سياق إقليمي معقد، حيث يسعى خصوم المغرب إلى تشويه صورة استقراره السياسي عبر توظيف منصات إعلامية أوروبية. ومن الملاحظ أن لوموند، التي سبق أن تلقت انتقادات حادة بسبب تغطياتها المنحازة ضد المغرب، تحاول من جديد أن تُظهر الحياة السياسية في المملكة وكأنها ساحة صراعات داخلية، متجاهلة التوافق الشعبي حول الملكية، والنجاحات الملموسة التي يعرفها المغرب على الصعيدين الإفريقي والدولي.

إن المؤسسة الملكية المغربية، بما راكمته من شرعية تاريخية، وبما جسدته من إصلاحات ملموسة في عهد محمد السادس، ليست في موقع هشاشة كما يحاول البعض تصويرها. بل على العكس، فإنها أكثر قوة وصلابة مما كانت عليه في أي وقت مضى، بحكم التلاحم الشعبي، وحجم الإنجازات الميدانية التي تجعل المغرب اليوم من أكثر الدول استقرارًا في المنطقة.

وفي النهاية، تبقى مثل هذه المقالات مجرد "زبد إعلامي" سرعان ما يذهب جفاءً، بينما يبقى المغرب ماضيًا في مشروعه الإصلاحي والتنموي بقيادة ملكه، بثقة وهدوء، بعيدًا عن ضجيج الأقلام المأجورة والتأويلات السطحية.

0 التعليقات: