في خطوة وُصفت بالتحول المفصلي في عالم البحث الرقمي، أعلنت شركة جوجل في الحادي والعشرين من غشت 2025 عن إطلاق وضع "AI Mode" في محركها للبحث، ليمتد إلى أكثر من 180 دولة ومنطقة حول العالم، من بينها بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ورغم أن الوضع متاح حاليًا باللغة الإنجليزية فقط، إلا أن دخوله إلى الفضاء العربي يشكل بداية مرحلة جديدة في علاقة المستخدم بالآلة، حيث يتجاوز البحث التقليدي إلى تفاعل ذكي متعدد الأبعاد.
من البحث الكلاسيكي
إلى التجربة التفاعلية
الجيل الجديد من البحث
عبر
"AI Mode" يقوم على
نموذج Gemini 2.5، الذي يسمح بطرح أسئلة متتابعة، وصياغة استفسارات
معقدة، والتفاعل باستخدام النص أو الصوت أو حتى الصور. وبفضل تقنية query fan-out، يتمكن النظام من جمع المعلومات بشكل متزامن
من مصادر مختلفة، ثم تقديمها في صياغة موحّدة تمنح المستخدم رؤية شاملة ومعمقة.
اللافت أن جوجل أشارت
إلى أن الاستفسارات التي تُطرح عبر هذا الوضع أطول بمرتين أو ثلاث من الاستفسارات التقليدية،
وهو ما يعكس قدرة الذكاء الاصطناعي على استيعاب الأسئلة المركّبة التي لم تكن ممكنة
بنفس السلاسة من قبل.
المنطقة العربية في
قلب التجربة
رغم أن "AI
Mode" لا يدعم
العربية في هذه المرحلة، فإن دخوله المنطقة العربية يمثل إشارة واضحة إلى رهانات جوجل
على سوق شاب متعطش للتكنولوجيا الحديثة. فالدول العربية مثل المغرب، مصر، السعودية
مدرجة ضمن خارطة التجربة الجديدة، مما يمنح ملايين المستخدمين فرصة الانخراط في تجربة
بحثية متقدمة، حتى وإن كانت بلغة أجنبية.
ويرى خبراء الإعلام
الرقمي أن هذا الإطلاق ليس سوى مقدمة لإدماج لغات أخرى لاحقًا، على رأسها العربية،
خاصة مع تنامي الطلب على أدوات الذكاء الاصطناعي في العالم العربي، سواء في المجالات
التعليمية أو الصحفية أو الاقتصادية.
أكثر من مجرد بحث
جوجل لم تكتف بتقديم
واجهة بحث ذكية، بل بدأت تلمّح إلى ميزات وكيلة
" (Agentic capabilities) يمكن أن تغيّر طريقة تفاعلنا مع الشبكة. فالمشتركين
في خدمة
Google AI Ultra المدفوعة
بات بإمكانهم مثلًا حجز المطاعم مباشرة عبر الذكاء الاصطناعي: يحدد المستخدم المكان
والوقت وعدد الأشخاص، ليقوم النظام بالبحث في منصات الحجز وعرض الخيارات الفورية.
إضافة إلى ذلك، أُتيحت
خاصية مشاركة النتائج عبر روابط يمكن تداولها مع الآخرين، بحيث يُتاح لهم متابعة الاستكشاف
أو مناقشة النتائج بشكل جماعي. إنها نقلة نوعية تجعل البحث أقرب إلى محادثة حية مع
مساعد شخصي دائم الحضور.
ثورة رقمية بأفق مفتوح
إن إدخال "AI
Mode" إلى المنطقة
العربية يعكس مسارًا جديدًا لجوجل، يقوم على دمج البحث بالذكاء الاصطناعي التوليدي
وتقديمه كتجربة تفاعلية شاملة. وبينما لا تزال العربية خارج قائمة اللغات المدعومة،
فإن الإشارات المتكررة من الشركة توحي بأنها مسألة وقت لا أكثر.
في نهاية المطاف، قد
لا يكون هذا الإطلاق مجرد تحديث تقني، بل بداية لثورة رقمية تُعيد تشكيل علاقتنا بالمعرفة،
وتجعل من عملية البحث رحلة متعددة الأبعاد، تتجاوز حدود السؤال المباشر نحو فضاءات
أكثر انفتاحًا وإبداعًا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق