الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، أغسطس 25، 2025

هل هناك مخطط سري لتهجير فلسطينيي غزة إلى ليبيا مقابل أموالها المجمّدة في أمريكا


في تقرير صادم كشفه موقع ميدل إيست آي، خرجت إلى العلن تفاصيل لقاءات سرية بين مسؤولين ليبيين وإسرائيليين، بحثت إمكانية تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأراضي الليبية مقابل الإفراج عن عشرات المليارات من الأصول الليبية المجمّدة في الولايات المتحدة.

القصة بدأت عندما قاد إبراهيم الدبيبة، مستشار الأمن القومي الليبي وأحد أقارب رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، محادثات حساسة مع إسرائيليين، مستنداً إلى وعود أمريكية بالإفراج عن نحو 30 مليار دولار من الأموال المحتجزة منذ 2011. هذه المفاوضات، التي جرت في كواليس معقدة، ارتبطت بخطة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لما بعد حرب غزة، رغم الرفض القاطع من الفلسطينيين لهذه المبادرة.

مصادر ليبية وأوروبية أكدت أن المحادثات لا تزال جارية بعيداً عن أعين البرلمان الليبي والرأي العام، وسط حساسية شديدة نظراً للشعور الشعبي الجارف في ليبيا المؤيد للقضية الفلسطينية. وبحسب تلك المصادر، عرضت واشنطن مزايا اقتصادية إضافية لطرابلس في حال وافقت على استقبال الفلسطينيين المهجرين.

غير أن هذه الخطة لم تكن حصرية لحكومة طرابلس؛ إذ تشير التقارير إلى أن خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا، تلقى بدوره مقترحات مشابهة تتعلق بموارد النفط، مقابل قبوله إعادة توطين آلاف الفلسطينيين. حفتر، مثل الدبيبة، نفى قطعياً هذه التسريبات، لكن الظلال الثقيلة للشبهات بقيت معلقة فوق رأس الطبقة الحاكمة الليبية.

التقارير تتقاطع مع تصريحات علنية من مسؤولين إسرائيليين، بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أكد أن بلاده على اتصال مع “عدة دول” لتسهيل خروج الفلسطينيين من القطاع. فيما ذهب وزير الزراعة الإسرائيلي آفي ديختر أبعد من ذلك، واصفاً ليبيا بأنها "الوجهة المثالية" للفلسطينيين نظراً لمساحاتها الشاسعة وساحلها البحري المشابه لغزة.

لكن مثل هذه التصريحات تضع إسرائيل في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي، فالمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر أي شكل من أشكال النقل القسري للسكان المحميين.

مراقبون حذروا من أن فرض مثل هذا السيناريو على ليبيا سيؤدي إلى فوضى سياسية واجتماعية جديدة، في بلد يعيش أصلاً حالة انقسام عميق بين حكومتين متناحرتين، ومجتمع مثقل بإرث الحرب الأهلية. الأخطر أن التهجير القسري للفلسطينيين نحو ليبيا قد يتحول إلى محطة انتقالية لموجات هجرة جديدة نحو السواحل الأوروبية، مع ما يحمله ذلك من كوارث إنسانية شبيهة بمآسي القوارب الغارقة في المتوسط.

ليبيا، التي لا تعترف رسمياً بإسرائيل، سبق أن عاشت أزمة مشابهة عام 2023 حين انكشفت لقاءات سرية بين وزيرة الخارجية السابقة نجلاء المنقوش ونظيرها الإسرائيلي في إيطاليا، ما أدى إلى احتجاجات عارمة داخل البلاد. واليوم، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه في نسخة أشد خطورة، مع رهانات أكبر وصفقات مالية هائلة.

في ظل هذا المشهد، يظل السؤال قائماً: هل يمكن أن تتحول ليبيا إلى ساحة جديدة لمشروع التهجير الإسرائيلي؟ أم أن الشعب الليبي، المعروف بدعمه الصريح لفلسطين، سيُفشل هذه الخطة قبل أن تخرج إلى حيز التنفيذ؟

0 التعليقات: