كشف باحثون في معهد الأتمتة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم عن نظام ذكاء اصطناعي متطور يحمل اسم «SpikingBrain 1.0». هذا النظام يعتمد على ما يُعرف بالشبكات العصبية ذات النبضات (Spiking Neural Networks)، وهي تقنية تسعى إلى تقليد طريقة عمل الدماغ البشري من خلال تشغيل الخلايا العصبية فقط عند تلقي منبهات ذات صلة، الأمر الذي يتيح خفضاً كبيراً في استهلاك الطاقة مقارنة بالنماذج التقليدية.
النموذج الجديد جرى
تطويره في نسختين: نسخة صغيرة تضم 7 مليارات من المعلمات.
ونسخة أكبر بعدد هائل
يصل إلى 76 مليار معلمة.
وقد تم تدريب النظامين
على ما يقارب 150 مليار وحدة بيانات (tokens)،
وهو رقم يظل أقل بكثير مما تتطلبه بعض النماذج التقليدية التي تعتمد على مئات المليارات
من البيانات. ومع ذلك، فقد حققت هذه النماذج قفزات نوعية في الأداء.
أظهرت النتائج أنّ
النسخة الصغيرة قادرة على معالجة سلسلة من 4 ملايين وحدة بيانات بسرعة تفوق النماذج
التقليدية بنحو 100 مرة. أما النسخة الأكبر فقد حققت تسارعاً استثنائياً في ما يُعرف
بـ «إنتاج الكلمة الأولى»، حيث تفوقت بمعدل 26,5 مرة في سياق معالجة مليون وحدة بيانات
مقارنة بالأنظمة السائدة.
لا تقتصر أهمية هذا
الابتكار على الجانب التقني فحسب، بل تتعداه إلى مجالات تطبيقية متعددة، منها معالجة
اللغات الطبيعية، والروبوتات، والأجهزة الذكية، والطب، والتعليم. ذلك أن الجمع بين
السرعة العالية والكفاءة الطاقية يمهّد الطريق لاستخدامات واسعة في بيئات تفتقر إلى
البنية التحتية المتقدمة أو تتطلب حلولاً أقل استهلاكاً للموارد.
هذا التطور يعكس أيضاً
توجهاً استراتيجياً في مجال الذكاء الاصطناعي يقوم على محاكاة آليات الدماغ البشري،
وهو ما قد يفتح آفاقاً جديدة أمام التعاون بين علوم الأعصاب والتقنيات الرقمية. وفي
الوقت نفسه، يعزز الإعلان من موقع الصين في سباق القوى العالمية نحو السيطرة على تكنولوجيا
المستقبل، حيث لم يعد التنافس محصوراً في حجم البيانات أو قوة الحوسبة، بل أصبح يشمل
أيضاً القدرة على تطوير نماذج مبتكرة وفعّالة تعيد تعريف العلاقة بين الذكاء الاصطناعي
والطبيعة البشرية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق