الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، سبتمبر 15، 2025

هل ينبغي تعطيل «Meta AI» في واتساب؟


منذ أن أطلقت شركة «ميتا» خدمة الذكاء الاصطناعي المدمجة في تطبيق واتساب، انقسم المستخدمون بين من يرى فيها إضافة مريحة تعزز تجربة التواصل، ومن يعتبرها عبئاً غير مرغوب فيه يهدد خصوصيته. هذه الأداة، التي يفترض أن تتيح الرد على الرسائل أو المساعدة في إنجاز مهام سريعة، تحولت بسرعة إلى موضوع نقاش واسع حول جدواها ومخاطرها.

تقوم الفكرة الأساسية لـ «Meta AI» على دمج مساعد افتراضي دائم الحضور في التطبيق. يمكن لهذا المساعد أن يجيب على الأسئلة، يقترح خطوات أو حتى يشارك في البحث داخل المحادثات. غير أن الإشكال الأكبر يكمن في شعور كثير من المستخدمين بأن هذا الوجود الاصطناعي غير مرغوب فيه، خاصة حين يتعلق الأمر بمعطيات شخصية أو حوارات حساسة.

من أبرز المخاوف التي عبّر عنها المنتقدون، مسألة حماية الحياة الخاصة. فحتى مع وعود ميتا بتأمين البيانات، يبقى الشك قائماً حول طبيعة المعلومات التي تُجمع، وكيفية استعمالها لاحقاً. يضاف إلى ذلك أن كثرة الإشعارات والرموز المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تُحدث تشويشاً في واجهة التطبيق، ما يناقض رغبة فئة واسعة في استخدام واتساب بأبسط صورة ممكنة.

أما من الناحية التقنية، فإن المساعد الذكي لا يخلو من الأخطاء. كثيرون تحدثوا عن إجابات غير دقيقة أو مربكة، الأمر الذي قد يضر أكثر مما ينفع. وهذا ما يعزز خيار تعطيله أو على الأقل إخفائه من الواجهة الأمامية.

ورغم ذلك، يختلف الوضع القانوني من منطقة إلى أخرى. ففي أوروبا، يستطيع المستخدم إلغاء تفعيل هذه الخدمة بالكامل، مستفيداً من القوانين الصارمة لحماية البيانات. بينما في دول أخرى مثل الأرجنتين، لا يُتاح سوى خيار تقليص ظهور الأيقونة أو الدردشة الخاصة بالذكاء الاصطناعي، مع بقائه مدمجاً في التطبيق ويمكن الوصول إليه عند البحث أو بدء محادثة جديدة.

هذه التباينات تطرح سؤالاً جوهرياً: هل يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي ميزة مفروضة على الجميع، أم أداة اختيارية؟ في الحقيقة، الحرية هنا هي كلمة السر. فالتقنية ليست شراً مطلقاً، لكنها قد تتحول إلى عبء إن فُرضت على المستخدمين من دون منحهم حق الاختيار.

إن النقاش حول «Meta AI» في واتساب يعكس ما هو أبعد من مجرد خيار تقني، إنه نقاش حول الفلسفة الرقمية التي ينبغي أن تحكم علاقتنا بالتكنولوجيا: هل نريد تطبيقات تخدم حاجاتنا بمرونة، أم منصات تفرض علينا وظائف لم نخترها؟ ربما يكون الحل الوسط هو الأمثل: إتاحة الذكاء الاصطناعي كخيار يمكن تشغيله عند الحاجة، مع ضمان إمكانية تعطيله نهائياً للراغبين في ذلك.

بهذا المعنى، يصبح المساعد الاصطناعي أداة يمكن العودة إليها وقت الضرورة، لا ظلاً يرافق المستخدم في كل نقرة ورسالة.

0 التعليقات: