الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، يونيو 02، 2018

روبيرلويس ستيفنسون ترجمة : عبده حقي


ولد روبير لويس ستيفينسون يوم الثالث عشر من نونبرسنة 1850 بإدمبورغ ، كانت والدته تعاني من أزمات صحية : نوبات عصبية وتعفنات صدرية حالت بينها وبين اللإهتمام بستيفينسون مما حتم عليها إحالة رعايته إلى سيدة متعهدة تدعى ( كومي) واسمها الحقيقي هو( أليسون كونينغهام ) التي سيكون لها الأثر واليد الرؤومة والحنونة على حياة ستيفينسون في المستقبل.
وبالرغم من إبعاد الصبي عن والدته خوفا من العدوى فإنه بدوره لم يفلت من الإصابة فقد عانى هو الآخر من نوبات زكام مزمن وسعال حاد وأعراض أخرى لصيقة بفترة الطفولة ولم يتكشف سبب هذه الأمراض والأزمات الصحية إلا في شهر فبراير من سنة 1857 حين تمكن أحد الأطباء من ربط هذه الأعراض بطقس الرطوبة في بيت آل ستيفينسون .
عرفت فترة دراسته الأولى العديد من الإنقطاعات بسبب حالته الصحية المتدهورة وهازاله الشديد فقد كان دائم الإنطواء غير مشارك لأصدقاءه في أويقات اللهو والراحة ...
وككل الأدباء الغربيين الذين عاشوا أواخر القرن التاسع عشر فقد عرفت طفولة ستيفينسون الكثير من الترحال والأسفار لدواعي مختلفة من أنجلترا إلى ألمانيا والنامسا وفرنسا ... وحتى لايـتأثر مساره الدراسي
بعدم الإستقرار سيقرر الوالدان تسجيل الصبي ستيفينسون في مأوى ( لودج أكاديمي ) وهنا وبهذا المأوى بالذات ستنطلق أولى مغامرات ستيفينسون القصصية على صفحات المجلة المدرسية ، غير أنه لم يطق قسوة الوحدة والغربة وسيضطر في لحظة ما إلى مراسلة والده قصد العودة إلى دفئ البيت وحميميته وقد تحقق
أمله ذاك في 19 ديسمبر من سنة 1863 .
إن تألقه الدراسي لم يحفزه كما التلاميذ الآخرين على الطموح إلى شغل إحدى المهن أوالوظائف الحكومية بل كان ستيفينسون يأمل أن يصبح كاتبا ذائع الصيت ... لذا فقد شق لنفسه سبيلا آخر واختيارا مليئا بالمطبات والتعثرات تسبب في خلق العديد من الخصامات بين عائلته وأساتذته وخصوصا ما أثاره مشكل غرامه بإحدى المومسات  في مدينة ( إيديمبورغ ) .
بعد وفاة والده سيرحل إلى الولايات المتحدة الأمريكية وسيستقبل بترحاب من طرف الصحافة النيويوركية
بسبب شهرة روايته التي سبقته إلى هناك ( حالة الدكتورجيكل والسيدة هايد ) .
في 1890 ستتدهور حالته الصحية من جديد وسيقرر الإستقرار نهائيا بجزيرة ( ساموا ) المعروفة بطقسها الإستوائي الجميل والملائم لأزماته التنفسية المرتبطة على مايبدو بمرض الربو . وهناك إلى جانب إهتمامه بالإنتاجات الأدبية فقد انخرط إلى جانب السكان الساموانيين إبان الحرب الأهلية سنة 1893 ضد الإمبريالية الألمانية وقد كافأه الأهالي بشق وتعبيد مسلك مؤدي إلى مسكنه في عمق الغابة كما نصبوه رئيسا لأحدى القبائل البدائية وأطلقوا عليه لقب ( توسيتالا) أي الحكواتي ... وهنالك توفي عن سن الأربعة والأربعين .
تتميز إبداعات ستيفينسون بشعرية لاواقعية تمجد ماهو خيالي على ماهو واقعي محض دون الإنكفاء على
الذات والإنزواء في الأبراج العاجية كما تفصح قصصه ورواياته عن ذكاء سردي واستعمال وسوائل وأدوات حكائية متفردة ..
من بين أشهر الأعمال الروائية التي حققت إنتشارا وشهرة واسعة على المستوى العالمي روايته ( جزيرة الكنز ) التي حولت غير مامرة إلى أفلام سينمائية ضخمة وأفلام كارتونية ساحرة للأطفال .
أهدى ستيفينسون هذه الرواية إلى حفيده الذي كان قد أوحى له بفكرتها .

بعض أعماله
في الرواية
1883 : جزيرة الكنز
1884 : لص الجثث
1888 : السهم الأسود
1893 : كاتريونا
في القصة
1882 : ألف ليلة وليلة ( بمشاركة زوجته فاني فان دوكريف )
1885 : المفجر( الديناميناتور )
1893 : مسامرات الجزيرة
وله أسضا الكثير من الأعمال الشعرية

عن موقع (ويكيبيديا)





الأربعاء، مايو 23، 2018

إلى جبل شاهق بغربتي: عبده حقي

نص سردي :
كيف ساقني قدري إليك ثانية ياجبلا من أحزان مايزال جاثما في تضاريس عزلتي القديمة !؟ أم تراني أنا من هاجرت إليك طوعا حاملا ماضي الحزين للنبش في عتمة الأيك من جديد بعد انصرام عشرات السنين وأنا مأخوذ بلحظة انخطاف عاصف إلى تاريخك المسطور بحبر اغترابي .. الضاج بصفطقات أجنحة الغربان المرابطة على قنتك الطاعنة عميقا في بطن الغيمة اليتيمة .
أذكر يوم ودعت دارالحنين ولملمت جسدي في كفن الغبن .. بصمت صحوا أوسهوا في دفتر الغياب .. ثم وليت وجهي جنوبا نحوتخومك النائية.. وليته شطرك أيها الجبل العتيد .. أيها الشاهق العنيد .. بعد أن دفنت إسمي اليافع في قبر حينا التليد .. أسرجت حصاني على عتبة الرحيل ... وفي هنيهة شرود ومن دون أن تستشير حوافر حصاني الأسبلة من تحتي ألقت بجسدي في العراء المطلق مثل طائرة من ورق لعوبة في الهواء .. طوحت به إلى المفازات الكستنائية القفراء ليقبر تحت رماد الوقت المتلفع بدثار اليأس والهشاشة ويقيم في رحى الفراغ المصطخب بأنات تقتيل النحل وتصفيد الشحارير ويكتوي بأحابيل لاتحصى حاكتها أفاعي الساعات لتجريد شرنقات الكلمات من قفاطينها النيسانية التي طرزتها حسناوات البديع من حريرالأحلام...
هكذا ألفيتني فجأة عائدا إليك ياجبلا مايزال قابعا في ذاكرتي حتى الأزل .. أتيتك بالأمس قسرا واليوم ها أنا ذا آتيك طوعا .. أراك ماتزال تتشرب من دم يومياتي الفائر منذ عقود .. أتيتك مجرورا بغيبوبة السرنمة الملغزة حتى ألفيتني فجأة متشبثا بتلابيب معطفك الطويل .. مستغرقا في تقليب صور شتى من جنازتي الأولى .. أبكي غواياتي التي وأدها الحراس في عراقيبك الكأداء وأحصي أشلاء حروفي التي تركتها هناك في معارك وهمية خاضتها أقلامي العزلاء بلا أحصنة وبلا دروع ولاعربات .. فقط بهلوسات أناشيد ساخنة .. قانية كوجه الشمس .. أناشيد ولدت من مخاض البروق عارية الصدر بلا قافيات معدنية خرساء أومجازات غبية عمياء...
هو ذا سبيلي الأوحد الذي كان .. أراه اليوم ممهورا ببعض أحزان منفاي الذي كنت طرقته .. أرى طريقي قد عرش فيه الغم والكمد حتى صار صفصافة باسقة تناديني بكل الأسماء وتدعوني لموعد قادم كي أسترد وثبة ظلي اليافع الذي خرمته سنوات التطواف القديم ...
أنا وحدي أيها الجبل من يعرف كل تفاصيل همس المغارات وثرثرات المتاهات وهمهمات الأساطير المنكمنة في عتمات كهوفك .. وتلك الطرقات التي كم قطعتها تارة وحيدا وتارة محفوفا بحاشية العصافير الحائمة حول رأسي التي كانت تلاحقني كي تؤنسني بوشوشات تغريداتها ولكي تكون شاهدة على نكبة غربتي القاسية في تلك الفجاج والوهاد ولكي تكتب مأساة تاريخ منفاي على حافات الحتف العميقة ...
وهذا المساء .. لعلك تذكر أيها الجبل الأرجواني العنيد .. عند المساء الأول البعيد .. حين حللت على صهوة الوهم .. مدججا بنزوة الحلم .. محملا بحقائب العزلة والتيه وبعض من دفاتري البيضاء لعلها تكتبني في زمن الغربة .. وجدتك منتصبا شامخا هناك على حافة الطريق كأنك منذ الأزل كنت في انتظاري مشرعا ذراعيك تترقب مقدمي كي أسفك شرياني الوحيد بين قدميك .. وأعيش هناك وحدي حارسا للمنحدر .. أقتات على حيرتي وأحصي في آخر النهار جنازات أحلامي وفي الليل أكتب ما تيسر من أشعار كانت تمد يدها لقمرنا الضويء الغريب .. قمرنا السهران عند نافذة الغيم الكئيب .
باسم مرارة الغربة .. خبرني أيها الجبل أمازلت تذكر أفعوان النهر الهادر من تحت أقدامي الحافية .. وقشة جسدي المبلل وحضن الصخرة الرؤوم ولوح النعش الناحب في جذبة الطوفان .
حدثني عن أول يوم لي .. وعن أول خطو لي في مداراتك .. كلمني فأنت أمين سري الدفين الذي كان يردد صيحاتي المشفوعة بالتغريبة.. وأنا الوحيد من كان ومن سيظل يصغي إلى حكاياتك عني .. خبرني عن لون الغربة الذي كان يلتمع في بريق عيني في أول موعد ، هل كان بلون ذلك المساء البنفسجي المكفهر أم بلون الشمس الكابية التي ودعتني خلف المنحدر وتركتني لرحمة صقيع السنين وفريسة في كماشة الأنين .
حدثني عن ثورة حمم الزفرات التي كانت تنقذف من بركان صدري .. عن شظايا الأنفاس الحرى .. عن نظراتي الحيرى حين ودعني الرفاق وهاموا على وجوههم بين الشعاب والأخاديد باحثين عن طريق جديد . 
لعلك تعلم أيها الجبل الشاهق بغربتي أنني ما عدت إليك اليوم بعد كل هذه السنين إلا لأفتش عما تبقى في أسرار ثناياك من أوجاع الأمس .. فأنا مذ التقينا على قمة هذا القدر، أيقنت أنني لم أعد لي .. وأيضا مازلت أنا الآن لست لي .. فأنا الشاهد والشهيد لكل ذلك الماضي الأسود البعيد .

الأربعاء، مايو 16، 2018

تعليق الأستاذة فاتن عبدالسلام بلان على نص فراشة الغروب

تعليق الأستاذة فاتن عبدالسلام بلان   على نص فراشة الغروب
تاهت من خلفها الفراشات والعصافير والغيم والنسائم وخيول الريح .. لاحقتها هنا وهناك لتفتش في كل الأرض عن آثار نعلها الموغل في عجين الطين الممتد على موائد النحوت ..
سألوا عنها كل ألوان قوس قزح .. دغدغوا كل الأنامل المشوبة ببريق الخلق المكين .. سألوا عنها كل السراديب والأقبية التي تسكنها أيقونات المرمروتماثيل البرونز الخالص وتحترف في ظلامها العرافات وقارئات الفنجان حياكة أحلام اليوم الذي يأتي ولا يأتي
الأستاذ الأديب والكاتب المتألق عبده حقي ، صباحك ساحر مشمس بكل الأمل .
لن أقول سوى ، إبداع متناهي النظير ، تساؤلات واجابات بتساؤلات ، وجع من ارياف القلب يُسكب دموعًا من مآقي الحروف ، مفردات تشبيهات صور فنية رائعة جدا جدا ، ومجازك يخلب يسرق العقل ، شكرا لهذا الفُسحة النبيلة من الأحاسيس ، دمت بأنوارك الساحرة ، تحياتي وسلامي ..
    

السبت، أبريل 21، 2018

بيان لابيان بعده : عبده حقي


لا أسعى إلى ثورة
لا أسعى إلى ثروة
لا أسعى إلى شهرة 
أسعى فقط
إلى إسعاد الٱخرين 
بنبرة 
بنظرة
بابتسامة
تشع بالفطرة
عبده حقي
السبت 21 أبريل 2018

فراشة الغروب : عبده حقي


في مديح النص البلوري المفتوح  
الوقت غروب .. وقت شفقي مشوب برمادي قاتم حتى أوشك أن يكون الغروب ليلا مدلهما لولا بصيص نورعليل يخترق خصاص الباب الموارب على المجهول...
واقف على عتبة مهجورة .. حائر من دون أن يدري سببا ما لحيرته .. في لحظة أصيلية ملغزة كأنه يترقب حدثا ما على حافة النهار.
تناهى بغتة إلى سمعه صوتها مثل نبرة وتر حزين ينبؤه باللحظة التي كانت حيرته تترقبها عند ذاك الغروب .. صوتها بات مثل صليل أجراس تقرع بقوة في فراغ هيكله الجواني ...
فراشته الوحيدة قد رحلت هذا الأصيل الدجنبري القارس .. هاجرت مقامها المزركش كأنما انتفضت بالغياب الطارئ على استغراقه في سهوه الطويل .
أحس حينئذ بطعنة نصل الفرشاة مغموسا في دم اللون .. طعنة مادت بها الأرض من تحت قدميه ..
لم يخالها يوما أنها ستشرع بوابة قوس قزح على مصراعيها خلسة ومن دون تلويحة ملمحة أو التفاتة مومئة إليه ستحمل حقيبتها المعبأة بالأقمشة العذراء وقوارير العطور والمرايا وأقلام الإثميد وملون الشفاه البنفسجي وتغادر إلى الأبد في رقصتها الطارئة وخفتها الفراشية نحو محرابها الأخير حيث ستزهد هناك وحيدة لتغزل لوحتها الأسطورية اليتيمة .. لوحة منسوجة من عالمها الآخر الأبدي .
تاهت من خلفها الفراشات والعصافير والغيم والنسائم وخيول الريح .. لاحقتها هنا وهناك لتفتش في كل الأرض عن آثار نعلها الموغل في عجين الطين الممتد على موائد النحوت ..
سألوا عنها كل ألوان قوس قزح .. دغدغوا كل الأنامل المشوبة ببريق الخلق المكين .. سألوا عنها كل السراديب والأقبية التي تسكنها أيقونات المرمروتماثيل البرونز الخالص وتحترف في ظلامها العرافات وقارئات الفنجان حياكة أحلام اليوم الذي يأتي ولا يأتي ..
ماذا ذهاها وكيف عن لتلك الفراشة أن ترحل إلى الأبد وتهجره إلى ملاذها العميق في أنهرالدمع لتسكن هناك في الأغوارالخبيئة والخلجان السفلى وحيدة مثل ملكة الجمال مزهوة في فستان الكبرياء الأميري .. مرصع جيدها بقلادة مجدولة من يواقيت الدهشة ومتختمة أصابعها ببلورات الماس والزمرد النفيس .
ما أشبه سفرها الأخير بليل سرمدي لن تنساه شحاريرالغابات في رأس الوقت الضاج بالحيرة ولا نوارس بحور الدمع في مقلتي اللون ولا الأساطير المزمنة في ألسنة الشيوخ الحكواتيين والعجائزالمسنات القابعات في كهوف التجاعيد ...
أصيلها الحزين وقماشها الأبيض المنقوع في عبرات الغياب ما يزال معلقا بمسمار الجرح في خصرالأيام .. منغرزا عميقا في مهجة الروح .
فراشته الوحيدة .. كلماتها الملهمة .. الحالمة .. المترعة بأنفاس الولادة .. كان في كل أصيل يتطلع إلى قمرها اللجيني .. البهي .. يصاعد رويدا رويدا في سفرة سيمفونية هادئة إلى مدارج معبدها المأهول بهسيس الصمت الأزلي.. ها هي فراشته قد هاجرت لوحدها واثقة الخطى في رحلة إلى غد غير واعد .. حتما ويقينا أنها بهجرانها ذاك لن تعود في الربيع القادم ...
أعذريه الآن أيتها الفراشة إن نبش عن طيفك ثانية في هذا الأصيل المشوب برائحة جوف التراب وأسرارالغياب ..
وأنت أيتها النجمة الشاهدة والمتكتمة ألا تمنحيه فكرة رسولية كي يسترجع فراشته ويعيدها كما لم تكن إلى قماطها البدائي كأسيرة سعيدة بأصفاد قوسها القزحي ..
فما أحوج هذا الربيع إلى لمسة ألوانها البديعة . 

عن صحيفة المثقف تعليق الأستاذة فاتن عبدالسلام بلان   على نص فراشة الغروب
تاهت من خلفها الفراشات والعصافير والغيم والنسائم وخيول الريح .. لاحقتها هنا وهناك لتفتش في كل الأرض عن آثار نعلها الموغل في عجين الطين الممتد على موائد النحوت ..
سألوا عنها كل ألوان قوس قزح .. دغدغوا كل الأنامل المشوبة ببريق الخلق المكين .. سألوا عنها كل السراديب والأقبية التي تسكنها أيقونات المرمروتماثيل البرونز الخالص وتحترف في ظلامها العرافات وقارئات الفنجان حياكة أحلام اليوم الذي يأتي ولا يأتي
الأستاذ الأديب والكاتب المتألق عبده حقي ، صباحك ساحر مشمس بكل الأمل .
لن أقول سوى ، إبداع متناهي النظير ، تساؤلات واجابات بتساؤلات ، وجع من ارياف القلب يُسكب دموعًا من مآقي الحروف ، مفردات تشبيهات صور فنية رائعة جدا جدا ، ومجازك يخلب يسرق العقل ، شكرا لهذا الفُسحة النبيلة من الأحاسيس ، دمت بأنوارك الساحرة ، تحياتي وسلامي ..
    

الجمعة، أبريل 20، 2018

في حفل بهيج ضم نخبة من المثقفين بمسرح محمد الخامس بالرباط

احتفى مسرح محمد الخامس بميلاد الروائية ربيعة ريحان عبر تنظيم حفل تقديم وتوقيع «طريق الغرام» كأول رواية تصدر للكاتبة بعد مسار حافل بإنتاج إبداعي لمجموعة من النصوص القصصية، اللقاء الذي حضره نخبة من المثقفين والفنانين والمبدعين المسرحيين مساء أول أمس الخميس كان احتفالا ليس فقط بإصدار جديد بل احتفاء بذات إبداعية نسائية تمكنت من تخطي عتبة الحكي القصصي إلى خوض تجربة جديدة لتلج آفاقا أخرى من الإبداع والجرأة في الحكي .
وأكدت ربيعة التي بدت مشدوهة وكأنها تكتشف لأول مرة ما خطته في رواية «طريق الغرام «، وذلك عقب سماعها للقراءات التي قدمها للرواية كل عبد الجليل ناظم الكاتب والمترجم وأحد مؤسسي «دار توبقال للنشر» ، والباحثة المبدعة لطيفة لبصير والكاتب والناقد عبده حقي ، قائلة»اكتشفت من خلال القراءات التي سمعت وجها وتفاصيل أخرى لرواية «طريق الغرام»».
وأوضحت خلال هذا اللقاء الذي نشطه الفنان أحمد جواد، أن خوضها لمغامرة كتابة رواية «طريق الغرام» التي تحكي قصة فوزية (أو فوز)، امرأة مطلقة، ابنة مدينة آسفي، التي تجتر تجربة زواج فاشل ب «سمير»، لتجد نفسها أمام إغواء تجربة حب جديدة تنشأ عبر التواصل الالكتروني، مع «يوسف» المقيم بلندن، لم تكن مغامرة في المجهول ، بل عمل فيه الكثير من التروي في محاولة لاستعادة مساحة أخرى في الحكي والسرد»، هذا بالرغم من إقرارها أنها كانت تعيش غموضا خاصا بقدر الغموض الذي جاءت منه «رواية طريق الغرام».
أما الكاتب عبد الجليل ناظم فقد اعتبر رواية «طريق الغرام» بأنها تجربة للمرأة التي تقاوم سلطة التهميش في التفاصيل المرئية وغير المرئية ،امرأة قاومت واخترقت البنية التقليدية بهجرة رمزية في اللغة ، في المكان الذي هاجرت منه للقاء حبيبها وقرار الحسم الذي تطلب جهدا للقضاء على العجز انتصار الحب في الرواية استعادة للذات التي استطاعت أن تختار أفقا لترى فيه ذاتها .
مبرزا أن طريق الغرام « تتضمن مشروعا للتحرر والحرية وتحقيق واحدة من أهم مقوماته وهو الوعي وخاصة الوعي النقدي ،مشيرا إلى أن استرجاع الذات وتملك الهوية الجنسية اقتضى من البطلة تحمل تبعات مقاومة الاستيلاب مقاومة الضغط الجمعي والانفتاح على العالم بدون حدود ودون الخضوع للتنميط الأعمى.
ومن جانب آخر أشار ناظم إلى الالتباس الذي قد يحيط بالقارئ حينما يقرأ الرواية، فقد يعتقد أن الأمر يتعلق بسيرة ذاتية أو رواية حيث يأتي الكثير من الحكي في الرواية على لسان «الأنا» ،مبرزا أن اللغة الأدبية تتيح هذا النوع من الاستعارة والحديث باسم البطلة،مشيرا إلى غلبة الصياغة الافتعالية التي تقوي الخيال وتحوله إلى عامل أساسي للفهم قائلا»نعلم أن ثورة الأدب قامت على تمجيد الخيال والرواية تتميز بالاستعارة التي تخترق اللغة التقريرية وتعوضها بالمجاز تشد الأنفاس وتعضد عنصر التشويق الروائي، ورواية «طريق الغرام» كتبت بلغة مشرقة شاعرية وانفعالية،
ومن جانبها اعتبرت الباحثة والقاصة لطيفة البصير أن ربيعة ريحان استعملت مرة أخرى العائلة في نصها الجديد ، قائلة»إن العائلة بناء قديم في الكتابات القصصية لريحان ، إذ تحضر في مجمل نصوصها السابقة وتعيد مقاربته بطريقة أخرى في «طريق الغرام»، حيث تراوح الذات عالمين عالم التقاليد والعالم الحديث».
وأبرزت السعي الحثيث لربيعة ريحان من خلال هذا النص الإبداعي في التعبير عن الأنوثة والحاضر الذي يكبر والأنا التي تتكلم وتتألم بفعل القسوة المجتمعية ، فرواية «طريق الغرام»هي نوع من الرغبة في استرجاع استباقي أو الرجوع إلى الماضي للإصلاح والانطلاق نحو المستقبل.
أما الناقد عبدو حقي فقد اعتبر أن رواية «طريق الغرام» حاولت من خلالها ربيعة ريحان إبراز أعطاب الذات الاجتماعية ، مبرزا وجه الفرادة التي تميز هذا النص ممثلا في اقتحام عوالم الخطاب الذكوري القصصي ، محدثا تحولا فارقا في الحكي النسائي، حيث فجرت تلك الأسئلة الحرجة في الزوايا الساخنة من جسد الرجل كما في جسد المرأة بجرأة غيرمسبوقة في أنطولوجيا السرد الروائي النسائي العربي.
وأبرز المتحدث على أن «طريق الغارم» التي تعد أول انعطافة لربيعة ريحان نحو إنتاج الرواية فإنه بمثابة تأسيس للبنات مشروع روائي قادم ، إذ يعبر عن النضج الإبداعي في مسار الكاتبة ، مبرزا أن ميلاد «طريق الغرام» ،الصادرة عن دارالنشر توبقال في حلة فنية بديعة وأنيقة من إنجاز الفنان التشكيلي المغربي عبدالله الحريري، لم يكن ولادة قيصرية بل طبيعية بالنظر للمسار القصصي الزاخر الذي بصم طريق ريحان.

قراءة نقدية في رواية طريق الغرام : عبده حقي

مقاربة نقدية أولى : الحكي يتشعب في رواية ربيعة ريحان ليلامس العديد من زوايا النظر التي نحتت من شخصية 'فوز' التي تكابد بين الكائن والممكن.
بعد مسار قصصي زاخر بالعديد من المجاميع القصصية الأنطولوجية ناهزت سبع مجموعات هي (ظلال وخلجان) و(مشارف التيه) و (شرخ الكلام) و(بعض من جنون) و(أجنحة للحكي) و(كلام ناقص) تعود هذه السنة الأديبة ربيعة ريحان لترج بقوة ناعمة المشهد الروائي المغربي والعربي برواية موسومة بـ "طريق الغرام" صادرة عن دار النشر طوبقال في حلة فنية بديعة وأنيقة ورامزة من إنجاز الفنان التشكيلي المغربي عبدالله الحريري.
وكما تعود القراء لنصوص القاصة ربيعة ريحان الممهورة بالشاعرية والدهشة أيضا واجتراحها للمختلف في السرد النسواني العربي فإن رواية "طريق الغرام" لم تشذ عن هذا الميثاق السردي القديم والصادم الذي آلفنا منه منذ عقدين من التجربة السردية الحكائية الإصرار على النبش في مكامن المناطق المعتمة ليس في تيمات الرواية المغربية، فحسب وإنما في الرواية النسائية العربية التي تسيجت في تكرار همومها الذاتية والإجتماعية والوجودية التي لاتختلف بين المجتمعات العربية ومحظوراتها.
يتشعب الحكي في "طريق الغرام" ليلامس العديد من زوايا النظر للكاتبة ربيعة ريحان التي نحتت من شخصية "فوز" في الرواية امرأة عربية قاصة تكابد بين الكائن والممكن، بين ما تحلم به كأفق كتابة وبين معيش يومي صدامي تتألب عليها فيه العديد من العوامل الكابحة والعديد من الإحباطات النفسية والإجتماعية، فالزوج سمير الذي تشك البطلة "فوز" في كونه لواطيا يعاني من شذوذ جنسي يجعل من مؤسسة الزواج جحيما ولظى يوميا لايحتمل، يغرق في الكثير من التفاصيل المؤلمة.
تقول فوز: "كم كنت ساذجة وبلا خبرة تذكر في الحياة حين أقبلت على سمير محتشدة بالأحلام والأوهام، إلى أن ارتطمت بجدار حقيقته البائسة .سمير كان سببا بائسا في أشياء كثيرة غيرتها في مسار حياتي، كل ذلك من أجله فهو اللئيم الذي اشتمّ رائحة ضعفي وحاجتي إليه وإلى ذكورته".
وتقول فوز في مقطع آخر: "أحيانا كانت تراودني بعض الأفكار المجنونة كي أتصالح مع ذاتي وأتصالح مع سمير، كنت أقول في نفسي ربما كان مريضا أو تعرض وهو صبي للتحرش والاغتصاب من زبانية لا يرحمون، ولو أنه فتح صدره لي وحكى ربما كنا وصلنا إلى حل معقول؟ حل؟ بعد أن ظلت تلتمع في ذهني لزمن تلك الصور من جزء سمير الأسفل الذي كان يحلو للواطيين مثله أن يعبثوا فيه؟.. ألهذه الدرجة أنا مستلبة وحمقاء؟"
وشخصية سمير هاته ليست سوى بورتيه لطالب جامعي تعرف على "فوز" في الجامعة بمراكش وسنواتها المثخنة بالعنفوان والعشق والآمال والأوهام الخادعة التي غالبا ما تتحطم على صخرة الواقع بعد التخرج ونيل الشهادة مثلما يستفيق الحالم في لحظة يقظة فجائية.
الشخصية المحورية الثانية في الرواية قد تكون شخصية تعويض سيكولوجي نسجها العالم الإفتراضي بما يتيحه من جسور للتواصل وجعل منها تعويضا للخسارات والدمار النفسي التي تسببت فيه معاول سمير وسلوكاته الشاذة. يوسف شخصية هلامية .. افتراضية، يقطن في لندن ويتبادل رسائل إلكترونية مع " فوز" هي عبارة عن خطابات عشق جامح لها.
يقول يوسف في إحدى رسائله: "أهلا فوز يقال إن الشتاء هذا العام في انجلترا أقل برودة .. وربما يمكنني الحكم على هذا بنفسي ..فالسماء صافية أحيانا . والشمس تواظب على الدوام السبت والأحد أيضا . كأن الله يقيم هنا ولا يحب البرد الشديد ..تمر أيام هنا دون كلمة بالعربية .
أشتاق أحيانا إلى الكلام بلغتي . اللغة هوية أيضا ..قلبي يحن إلى أمي ثم ينساها ..حتى في العلاقة بالعربية مع النساء كلمة عربية قد تشعل الروح بالضوء للحظات ..رغم أنها قد تكون كلمة تافهة وروتينية ..وهي في أغلب الأحيان كذلك ..هذا بعض مما يخطر في بالي الآن ..لأنني محاط في الحياة اليومية بلغات كثيرة .. أمنياتي بسعادة تهبط عليك فجأة .. من مكان ما وتغمر قلبك بالفرح . يوسف).
يصير إذن يوسف في زمن السرد شخصية إفتراضية قد تقترب على المستوى السيكولوجي الباتولوجي التعويضي من شخصية سمير الخائن التي كان من المفترض أن تكون الدعامة الأساسية لاقتسام كل ما يمور في دواخل "فوز" من أحاسيس تترجمها إلى دفق قصصي يعوزه قارئ أقرب إلى أعماق الذات البطلة من قارئ مفترض قد تكون صنعته الكاتبة وشحنت شخصيته المحتملة بالكثير من السلوكات السوية التي كانت تتوخاها في شخصية سمير.
يقول يوسف في رسالة أخرى لـ "فوز" (سأقرأ قصتك التي أرسلت لي سأقضم بهدوء ثمارك وحدي وسط بستانك الأخضر المشمس .صورتك تبتسم لي وتهمس بحب دفين .يوسف.)
يوسف ودوره السردي الوظيفي السيكولوجي كعامل موجب يصطحب البطلة إلى الضفة الأخرى من الذات لتبحث عن تلاؤمها العشقي وبالتالي تصير تلك الرسائل الإلكترونية (الإميلات) المشبعة بدفق الروح الشعري والعواطف الجياشة بلسما لجراح "فوز" تلك الذات المشروخة .. الذات المقابلة للذات الواقعية ومعاناتها .. ولا مراء في أن الكاتبة ربيعة ريحان قد رامت أن تنساق مع منطق المرحلة الراهنة الموسومة بانقلاب في قيم التواصل بين المكونات الإجتماعية بما أحدثته تكنولوجيا المعلومات والإتصال من جسور رقمية بأن جعلت من العالم الإفتراضي عالما يتوق إلى التناظر مع الواقعية وتجعل من الرسائل الإلكترونية الغرامية خطابات إفتراضية تمتح مشروعيتها الإنسانية والعشقية من مشروعية العالم الإفتراضي.
ومن دون شك أن رواية (طريق الغرام) قد إستطاعت أن تجعل من شخصية يوسف (أفاتارا) رقميا ذي بروفايل عاشق مغترب هو أيضا يكابد تبعات الغربة في العاصمة لندن التي تحاصره فيها عيون الخفر وعيون الناس باعتباره عربيا شرقيا مشبوها ومتلبسا بتهمة الإرهاب، خصوصا أن مقامه هناك يتزامن مع صعود تيار التطرف والتفجيرات التي هزت العاصمة وجعلت من كل المهاجرين العرب أجساما وقنابل قابلة للإنفجار في أية لحظة.
تقول الساردة: "تفجيرات المترو التي قرأت أخبارها على النت، دفعت بي إلى أن أسرع إلى الحاسوب لأكتب ليوسف رسائل متعجلة، يدفعني إليها خوفي الشديد عليه وهاجس احتمال أن يكون قد أصابه مكروه".
قد يكون يوسف و"فوز" وهو ترخيم لإسم (فوزية) قد التقيا في شراك الغربة في مفهومها الإنساني المطلق التي تعني منفى الذات في محيطها وفقدانها لروابط التواشج الإجتماعية الممهورة بالدفئ الإنساني.
"فوز" الذات المغلوبة تعاني الغربة والتمزق تحت سقف ينهض على أركان الطابوهات والمحظورات حيث كل أنثى ترتهن قيمتها الإجتماعية المطلقة بدم البكارة مما يجعل من قلق رعايتها وحراستها من أخطار الإفتضاض الخاطئ من خلال اللعب الجنسي الذي قد يؤدي إلى إنتحار رمزي .. بل إلى مواجهة أسئلة المجتمع الحارقة ودورها في الحفاظ على قيمة المؤسسة الإجتماعية وفي المقابل يكون سمير زوج فوزية قد قلب مسار المؤسسة الزوجية بشبهة الشذوذ الجنسي وممارسته للواطية ما سيتكشف للبطلة من خلال بعض سلوكاته اليومية المشبوهة.
تتساءل "فوز": هل يكون سمير لواطيا يضاجعه الرجال؟!) وتقول في مقطع آخر: "فأنا لا أذكر أنني تحدثت لأحد عن تفاصيل ما جرى بيني وبين سمير وعن اكتشافي الصادم لمثليته". وإدمانه على تناول المخدرات خلسة بعد أن ضبطت "فوز" رقائق مخدر الشيرا في يده.
إن رواية (طريق الغرام) بما يحتمله عنوانها كعتبة من إمتداد دلالي يروم إلى الإيحاء عن طريق الحذف بأن هذا الطريق من دون شك هو طريق قد يؤدي إلى الخسارات والإنهيار المجتمعي وليس إلى نشوة الإكتمال. فمصائر الأشخاص تتعدد وتتشعب ورغباتها تتصادم بين ما تجيزه المنظومة الأخلاقية وبين الرغبة في تكسير الجدار العازل بين ما هو كائن وبين ما تبغي الكاتبة ربيعة ريحان أن يكون.
يقينا أن (طريق الغرام) تجربة روائية تندرج ضمن ما يسمى بالكتابة على الكتابة على إعتبار أن البطلة المحورية "فوز" كاتبة قصص قصيرة وأخيرا على اعتبار أن السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه في هذه التجربة المغامرة الروائية الأولى للأديبة ربيعة ريحان هو هذا التحول في مسارها الحكائي من الكتابة القصصية وما تطرحه حبكتها من أقانيم سردية تركيبية إلى السرد الروائي الفسيح والمرهق الذي يتطلب نفسا سرديا طويلا ورؤية عميقة ومبنى متراصا وحقلا دلاليا ورمزيا متفردا.
وأعتقد أن الكاتبة ربيعة ريحان بما راكمته من تجربة طويلة في مراودة وترويض القصة القصيرة ومراس حكائي متفرد قد مكنها من ربح رهان هذه المغامرة الروائية الأولى. ومن المؤكد أن (طريق الغرام) ستكون من دون شك رواية الصدام في هذه السنة والسنوات القادمة وذلك أولا وأخيرا لتفجيرها للأسئلة الحرجة في الزوايا الساخنة من جسد الرجل كما في جسد المرأة بجرأة غير مسبوقة في أنطولوجيا السرد الروائي النسائي العربي ستتخطى كل آفاق الإنتظار عند المتلقي العربي.


طريق الغرام للروائية ربيعة ريحان دار طوبقال للنشر2013

04-04-2013 05:32 AM

كيف تصبح كاتبا عربيا بقلم:عبده حقي تاريخ النشر : عبده حقي

أولا : تحلل من خجل الكتاب الكبارواعلن عن جسارتك
ثانيا : سجل نفسك في 1000 منتدى 
ثالثا : أنشرولاتقرأ ما ينشرفيها وردد مع السرب ( شكرا على مرورك )
رابعا : مدد من حبل الكذب في سيرتك الأدبية
خامسا : أكتب قصة قصيرة جدا حين تشعربخفة وزنك أوباحتضارقلمك
سادسا : قاوم شعورك بالذنب حين تقترف (COPIER – COLLER)
سابعا : أدع 99 مرة كل يوم لقمامة النت التي جعلت منك كاتبا مشهورا لامغمورا
ثامنا : أكتب ما شئت لاماشاء وقارالكتابة 
تاسعا : أنشء مدونتك والق في قمامتها بقصص قصيرة جدا عن الريح والزمن العربي الكسيح أوصدرحبيبتك الفسيح 
عاشرا : إحذردائما أن تدوس فقاعتك على مسمارالحقيقة

تاريخ النشر : 2010-08-19

الخميس، أبريل 19، 2018

المكتبة الرقمية.. سند جديد لتجاوز أزمة الكتاب في المغرب


عن اليوم 24 : إلا أن الجهات الرسمية، سواء على المستوى الحكومي أو على مستوى المؤسسات العمومية، لم تعمل بعد على إنجاز المبادرة التي انطلقت رسميا سنة 2007 خلال مؤتمر عربي انعقد في ليبيا.
تتوجه الجارة الجزائر نحو إنشاء مشروع مكتبة رقمية تضاهي المكتبات العالمية المعروفة. وإذا كان مشروع الانتقال من المكتوب والورقي إلى العالم الرقمي يكتسي أهمية بالغة، فإن المغرب لم يبلور بعد استراتيجية خاصة من أجل اقتحام هذا المجال الواعد، رغم أن أجياله الجديدة انخرطت بقوة في استعمال الأجهزة الإلكترونية، ورغم أن بعض مؤسساته استطاعت أن ترقمن جزءا من أرشيفاتها أو تحصل على وثائق مرقمنة، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، التي حصلت منذ قرابة سنتين على نسخ ميكروفيلمية لبعض المخطوطات المحفوظة بمكتبة دير الإسكوريال بمدريد.
وكانت الوفود العربية التي شاركت في فعاليات اللقاء السادس لأعضاء الفهرس العربي الموحد، الذي نظم بمكتبة آل سعود بالدار البيضاء خلال شتنبر من العام الماضي قد اعترفت بتخلف العالم العربي، بما في ذلك المغرب، عن الركب العالمي في مجال المكتبات والكتب الرقمية. إذ أشار حينها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، مدير المكتبة المذكورة، إلى أن «إنشاء البنيات المكتبية بكل أصنافها وتمكينها من الموارد المطلوبة لبلورة سياسات تزويد قوية وفعالية، تعد شروطا ضرورية لنشر المعرفة وتشجيع البحث العلمي».
وقد كشف هذا اللقاء أن بوابة المكتبات المغربية لا تتضمن سوى ستة أعضاء هم: مؤسسة الملك عبدالعزيز للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية بالدار البيضاء، الخزانة الوسائطية لمسجد الحسن الثاني بالبيضاء، المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، المكتبة الجامعية- جامعة الحسن الثاني (محمد السقاط) بالبيضاء، مكتبة المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، وأخيرا المكتبة الوسائطية عبد الصمد الكنفاوي. كما كشف أن أغلب محتويات هذه المكتبات لا تتوفر على نسخ إلكترونية أو رقمية، حيث لا تتوفر مكتبة المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، مثلا، إلا على 4 آلاف كتاب إلكتروني. من جهة ثانية، لا تتضمن المكتبة الرقمية المغربية، التي تظهر موقع المكتبة الوطنية، سوى معلومات عن فهرسة المخطوطات والمطبوعات الحجرية والكتب، الخ، حيث لا يقدم الموقع محتويات الكتب في صيغتها الرقمية.
في هذا السياق، قال عبده حقي، مدير موقع اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة، الذي أشرف على إنجاز العديد من الكتب الإلكترونية، آخرها الأعمال الكاملة للشاعر الفلسطيني عزالدين المناصرة، إن مشروع الكتاب الرقمي لازال متأخرا في المغرب. كما اعتبر، في اتصال «أخبار اليوم»، أن المبادرة الأولى انطلقت خلال المؤتمر العربي الأول حول المكتبة الرقمية الذي انعقد في طرابلس الليبية سنة 2007، لكنه أكد أن المبادرة لم تتحقق حتى الآن، مرجعا السبب إلى الربيع العربي الذي انطلق قبل ثلاث سنوات. وأضاف أن الجهات الرسمية، وكذا المؤسسات العمومية والخاصة، لم تفكر بعد في الانخراط في هذا المشروع، رغم أن الكتاب الإلكتروني والرقمي سيتحول إلى سند أساسي بالنسبة إلى القراء خلال سنوات فقط.
وكان الكاتب والناقد سعيد يقطين، قد قال في محاضرة بمؤسسة مسجد الحسن الثاني إن التخلف الحاصل في مجال رقمنة الكتاب سيزيد من تعميق أزمة القراءة في المغرب والعالم العربي. كما أشار إلى أن صنّاع الكتاب مطالبون باستغلال التفاعل الحاصل مع الوسائط التكنولوجية الجديدة من أجل ترويج وانتشار الكتاب، موضحا أن الكتاب لن يكون منسجما مع ذوق العصر ما لم يكن تفاعليا.

الاثنين، أبريل 16، 2018

راهن ومستقبل الصحافة الإلكترونية في المغرب : عبده حقي

تقديم ملحوظة : نص المداخلة التي أسهمت بها في الملتقى الأول للصحافة الإلكترونية الذي أقيم بفاس في 5 و6 ماي 2012

الصحافة الإلكترونية المغربية ومأزق معايير المهنية : عبده حقي

يتأكد يوما بعد يوم تجدر دور الصحافة الإلكترونية في المشهد الإعلامي المغربي على اختلاف أسانيده الورقية والسمعية البصرية وغيرها . 

من هو الصحافي الإلكتروني؟ عبده حقي

يبدو من خلال خلاصات اليوم الدراسي الذي نظمته وزارة الاتصال في العاشر من مارس الفارط، الذي عرف حضور مايناهز 250 موقعا إلكترونيا و500 مشارك أن محاور النقاش تركزت أساسا 
حول الجانب التنظيمي والقانوني لمهنة الصحافي الإلكتروني فيما غاب السؤال (أو الأسئلة) ألا وهو : من هو الصحافي الإلكتروني؟
وما الذي يميز الصحافي الإلكتروني عن المدون؟ وما الذي يميزه على مستوى مصداقية المعلومة الصادرة عنه من نفس المعلومة الصادرة عن مدونة أو منتدى أو فيسبوك أو تويتر..إلخ؟
وفي خضم هذا التدفق اليومي المتلاطم من المعلومات في شيوعها، كما في مدها وزجرها من أقسام التحرير في المؤسسات الإعلامية إلى القراء، ومن هؤلاء كمدونين و(صحفيي) أنترنيت إلى درجة يستعصي علينا في كثير من الأحايين تحديد من يملك حق المعلومة ومن هو السند المرجعي الحقيقي لها. في هذا الخضم ألا يمكن القول إن عصر الصحافي في وضعه الاعتباري التقليدي كما رسخته الصحافة الورقية قد انتهى، وأننا قد صرنا جميعا مواطنين (صحافيين) بقوة تفاعلنا اليومي مع الإنترنيت ومساهمين في ترويج وإذاعة معلومات على اختلاف مصادرها الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية أو الجمعوية باعتبارها جميعا رأسمال المقاولة الصحفية بشكل عام قبل عرضها على مصفات المصداقية والأمانة والوازع الأخلاقي ...
ويصنف بعض الباحثين أنواع الصحافة الالكترونية إلى ثلاثة أنواع هي:
1 صحافة المواقع الإخبارية، وهي مواقع الكترونية تهتم بنشر أخبار وتحليلات وتحقيقات أنجزها صحفيون حصريا للنشر على النيت.
2 صحافة المواقع التابعة لمؤسسات تقليدية كالصحف وبعض القنوات الفضائية، وهي تعد نسخا الكترونية للصحف المطبوعة وتحتوي على معظم ما ينشر على صفحات تلك الصحف. وقد جرت العادة ألا يتم تحديثها إلا في نهاية كل يوم بعد نفاد النسخ الورقية من أماكن البيع، وهي في الغالب لايعمل بتحيينها صحفيون وإنما أخصائيو البرمجيات، الذين ينسخون ما في الصحف الورقية وينزلونها في تبويبات الموقع الالكتروني حرفا بحرف. وهناك بعض الفضائيات التي عمدت إلى تنزيل مساحات رقمية تفاعلية للزوار والرواد مثل قناتي «الجزيرة» و«العربية» وغيرهما من أجل إبداء الآراء أو الرد على بعض الأخبار والتحليلات.
3 صحافة إلكترونية قائمة بذاتها وليس لها نسخة ورقية أصلية، وهي غالبا ما يسهر على إدارتها صحفي واحد وتتعدد بها الإدراجات في جميع مجالات العلوم الإنسانية من ثقافة وسياسة وفن ..إلخ.
ومهما تعددت هذه الأصناف والتعريفات حول تحديد مهنة الصحافة والصحافي الإلكترونيين فمما لاشك فيه أن هناك حدا أدنى من الأقانيم والقواعد والمعايير العالمية التي توافقت عليها جل القوانين الدولية لتحديد المنشأة الصحفية الإلكترونية التي ينتمي إليها الصحافي الإلكتروني ومنها :
1 وجود موقع أو مجلة إلكترونية تحمل عنوانا نطاقيا حصريا، بامتداد مهني وسهل التداول في مختلف محركات البحث الشهيرة.
2 وجود هيئة للتحرير بمهام محددة لأعضائها.
3 وجود مراسلين معتمدين أو متعاونين.
4 التحيين على مدار الساعة كلما وردت الأخبار أو المقالات أو الصور أو الفيديوهات أو الملفات الصوتية.
5 الأرشفة المثبتة على رابط قائمة خاصة.
6 نسبة المواد الواردة حصريا على الموقع يجب أن تفوق 80 بالمائة مقارنة بنسبة المواد المقتبسة باتفاق مبدئي مع المصدر.
7 وجود عداد وهو(أداة) رقمية تحصي عن طريق المتوالية العددية عدد الزوار الذين تدفقوا على الموقع في كل لحظة.
هذه في تصورنا الخاص هي القواعد الأساسية التي يمكن أن ينهض عليها أي مشروع منشأة صحافية إلكترونية (قائمة بذاتها)، والتي من دون شك ستمتع الصحافي المشتغل بها بصفته صحافيا إلكترونيا عليه حقوق وواجبات، والذي يجب أن تتحدد مهامه بها من خلال أعمال بحثه وتحققه من المعلومات والمعطيات والتحاليل العميقة والرصينة للمقالات..إلخ
وبصفة عامة على الصحافي الإلكتروني أن يمتثل للخط التحريري واستراتيجية الموقع الإعلامية ويقدس الأخبار التي ينشرها ويترك التعليقات الحرة للقراء. كما يجب عليه دعمها باستثمار كل إمكانيات الميلتميديا المتوفرة من روابط تشعبية وصور رقمية متحركة وفيديوهات وفلاشات...إلخ.
إن على الصحافي الإلكتروني أن يتحلى بالمسؤولية في اختيار المواضيع التي يقترحها كما يجب عليه أن يسهم من جانبه في تطوير الموقع، حيث إن مهمته يجب ألا تنحصر فقط على النشر وتحيين الفقرات، وإنما عليه أن يحقق قدرا مقبولا من المواكبة اليومية لإضفاء دينامية على إنتاجاته المنشورة ... ولتحقيق ذلك من الضرورة تحيين المواد واختيار المواضيع التي تحفز القراء على التفاعل معها دون أن نغفل كذلك قبل كل شيء دور المصداقية والأمانة والضوابط الأخلاقية التي تعطي للموقع وزنا وحضورا محترما، حيث إن نشر خبر خاطئ أو معلومة مغلوطة أو تغليطية أو ناقصة سوف تنزع من دون شك من صورة الموقع قيمته الإعلامية ودوره البارز في محيط المشهد الإعلامي الإلكتروني بصفة عامة. وأخيرا للرقي بالوضع الاعتباري للصحافي الإلكتروني يجب عليه أن يدرك أنه بقدر ما يمنحه النشر الإلكتروني من إغراءات الحرية والانتشار الكوني ما لا حدود له، فإنه من جانب آخر عليه أن يتقيد بالمعايير الأخلاقية العالمية الأساسية، وأن يدرك أنه لم يعد لوضعه الاعتباري امتداد على المستوى المحلي فحسب، وإنما بات يمارس مهنته كصحافي إلكتروني في قرية صغيرة اسمها كوكب الأرض، وأن الحدود الجيو سياسية التقليدية لم تعد لها أسلاك وألغام وحرس على أبراج مراقبة وجمارك، وأن الانتماء أصبح للعالم في ظل محلية بخصوصية مفتوحة على سماوات الرقمية، شئنا ذلك أم أبينا.


نشر في الوجدية يوم 09 - 04 - 2012



تغريدة الظهيرة : عبده حقي

الإهداء إلى الصديق الدكتور يحيى اليحياوي
في عزظهيرتها تواطأنا واتفقنا معا على أن نشاكس رماح الشمس الخفيضة من خلل ظلال الصنوبرات المكابرة في صمتها الملغز أمام مركب الحرية .. وشرعنا من دون اتفاق سري نطرق بوابات فاسالعتيقة .. بوابة بعد أخرى .. من بوابة الواجريين الحديثة إلى باب بوجلود وباب مولاي إدريس وإنتهاءا بباب الرصيف ...
لم يسلم بساط الريح المعدني من تحتنا هوالآخرمن ذلك اللهيب المضمخ بالعرق الذي تنعشه نسائم الربيع القادمة من روابي منتجع سيدي حرازم .
ركننا السيارة لرحمة الشمس الواطئة في ساحة بوجلود القفراء والمتعبة وتركنا خلفنا أكورا البطحاء تتلفع بظلالها المنعشة .. بعتاقتها المتفردة وتعلن للزائرين عن صدرها الفاسي البض المزدهي بقلادته المرمرية التي نقشت عليها بإزميل التاريخ أسماء نساء ورجال وطنيين إسترخصوا دماءهم المتوهجة من أجل حلم كبيرعنوانه (مغرب يتسع للجميع) .
وانحدرنا على مهل ...
من عتبة زقاق (الطالعة الصغيرة) أو(الوول ستريت) الفاسي العتيق .. كما بدأت منذ الأزل ، وكما هي الآن لاتهدأ ولاتشبع من إتعاب زوارها المنحدرين أوالصاعدين .. كان صديقي يخطو بجانبي بتؤدة كأنما يقرأ تاريخها بحكمة الواثق والرصين .. وكنا نسيرمعا ونحن مشدوهين بذلك السؤال القديم الكامن في شقوق وثقوب الأسوارالهرمة : لماذا هنا في هذا القعرالبابلي الساحرالمضمخ بماء الساقيات الدفينة والمسيج بالجنائن والعرصات والرياضات العدنية المزنرة بالكبرياء التليد .. لماذا وكيف إجتمع في عمقه رأي الأولين على أن يحبروا تاريخنا الممجد ويعمدوا أسماءنا بأجمل الانتماءات إنطلاقا من عتبة هذا القعرالمكتنزمنذ 12 قرنا وبين أخضان العدوتين .
وكان الجواب يتجلى في كل باب خشبي متداعي .. في كل نافذة تفرك رموشها القاتلة من فتنة الماضي ودهشة الحاضر.. في كل تميمة .. في كل مرود وقارورة كحل .. كل فانوس أوإسورة أوعبق حناء طرية او قلادة من معدن (اللوبان السوداني) أوباقة نعناع ... وأجلنا أسئلتنا الأخرى إلى حين ونحن تستدرجنا لألأة المرايا النحاسية المعلقة على جبهة السورلكي نتوغل بأقدامنا أكثر في لعبة المتاهات السفلية العريقة ..
تحت سقيفة زقاق الحجرتوقفنا لكي نلتقط بعضا من أنفاسنا الهاربة أمامنا بشغفها التاريخي أبعد من رياح الشرقي التي كانت تهب من حين لآخر لتبعثر حديثنا .. وعلى حين غرة تحت سقيفة زقاق الحجرومن دون إتفاق تذكرت الأديب الصموت عبدالعالي الوزاني وتحفتيه النادرتين (أيام فاس الجميلة ) و(جنان السبيل) وتذكرمن جانبه رفيقي يحيى اليحياوي شيخ الشعراء محمد السرغيني أطال الله في عمره وقصيدته الرائعة (فواكه فاس السبع) وخلنا الرجل منتصبا أمامنا في الطالعة مثل أحد المجاذيب يتلوعلى الناس شذراته المنقوعة في حبرالحكمة حتى كدنا نسمعه لولا أننا استفقنا على رنات جرس (كراب) سقاء يتوشى بزيه الأحمرالمزدان بنياشين من نقود الصولدي والريال والفرنك والبسيتة والكرش والأوسمة النحاسية والفضية المرتجلة ..إلخ
إخترقنا بالكاد صخب باب (السنسلة) .. أصوات متناغمة تردد موشحاتها كل لحظة وحين .. كورال جماعي تلقائي هوتوليفة لأهجوزة تاريخية ترددها الحناجروزقزقات الحساسين المعتقلة في أقفاص (باب عجيسة) وهديل الحمائم والموسيقى الأندلسية وقدود الملحون ونقرات أجراس السقائين وخبطات صفائح الأحصنة على الأرض ولاحرج عليك حين تسمع (بلاك .. بلاك .. بلاك ) في أن تلتجئ إلى داخل دكان أوحانوت لكي يعبرقطارالدواب الزقاق محملا بالسلع العصرية والتقليدية من براميل الزيت والخليع وطناجرالأعراس الضخمة حتى الثلاجات والحواسيب المحمولة ...
هومهرجان يلتئم كل يوم من دون إتفاق تحت سنان أشعة الشمس التي تخترق السقوف القصبية لتسقط على أطباق الحلويات العسجدية ولفائف التريد وعراجين البلحالريصاني وحلويات البريوات والشباكية الصغيرة التي تشبه أروباس الإمايل ...
في ساحة الرصيف تحت المظلة الشفيفة كرعنا على عجل كأسينا من عصيرالبرتقال المنعش ... وازدحمت في ذهنينا وشوشات الأسئلة بين التاريخ والجغرافيا والمجتمع والثابت والمتحول .. بين مغرب الممكن ومغرب الخسارات .. بين أن نكون أولانكون .. وكانت في الأفق أمامنا تطل علينا الغرف برؤوسها مثل الحسناوات .. غرف على غرف ويجري حولها .. ماء ألذ من الرحيق .. وعلى يسارنا في شساعة الرصيف المبلطة حديثا يركض أطفال وراء الكرة وآخرون يلهون بدراجاتهم وشيوخ يغفون تحت أشجارالساحة ... كنا نرشف عصيرالبرتقال ونتسائل عن مستقبل هؤلاء وماضي أولئك ونسينا أن عقبة الطالعة الصغيرة تتوعد عودتنا بعنادها التاريخي الجميل والمتفرد ...
يوم 15 ماي 2012
 



حرب مواقع ثقافية.. عبده حقي

أعلنت شركة «ياهو» يوم الثلاثاء 25 غشت 2009 عن شراء بوابة «مكتوب» الإلكترونية ، وهو إتفاق جاء بعد سنتين من التشاوروالمفاوضات إنتهت أخيرا بهذا التفاهم الذي سيمكن عملاق الإنترنيت الأمريكي من وضع قدمه في الوطن العربي من خلال توفيره لخدمات إلكترونية بلغة الضاد (اللغة العربية) ، وإلى حدود هذه اللحظة لم يتم الكشف عن خبايا هذا الإتفاق على جميع المستويات خصوصا ما تعلق بالجانب المالي . 
وللإشارة فإن عدد مستخدمي ياهو في كل من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد ناهز 44 مليون مستخدم كما صرح بذلك « كيث نيلسون » نائب رئيس الشركة . أما من جهتها فإن بوابة «مكتوب دوت كوم» والذي يوجد مقرها الرئيسي بالعاصمة عمان بالأردن فإنها قد حققت مايناهز 16 مليون مستخدم في الشهركما جاء في تصريح لأحمد ناصيف المديرالعام للشركة .
يقول « كيث نيلسون» : يبدوأن منطقة الشرق الأوسط قد أقلعت في هذا المجال وأننا نتوخى إرتفاعا في معدل إستعمال الإنترنيت سوف تعرفه المنطقة في السنوات القادمة مع تصاعد عدد المستخدمين والمعلنين ، فمن هنا جاءت فكرة عزمنا على الإستثمارفي هذا المشروع . لقد إرتفع عدد الرواد الشبكيين العرب من المحيط إلى الخليج بنسبة بلغت 30 % من سنة لأخرى وهي نسبة هامة ومشجعة تتيح إمكانيات غيرمتوقعة للتقدم في هذا المجال .
ومن جهته صرح حسام برهوش أخصائي قطاع التكنولوجيات الجديدة في مؤسسة (Arab Advisors Group ) أن بوابة «ياهو مكتوب» القادمة ستعمل على إمداد مستخدميها بمحتويات سوف تلبي حاجيات العالم العربي مقارنة مع منافسها «جوجل» الذي كما هو معلوم كان قد قدم خدمته باللغة العربية بشكل أوسع وأكثرمهنية وشمولية .
وقدرت القيمة الإجمالية للنسخة العربية «ياهومكتوب» حوالي 100 مليون دولار، وكما سبقت الإشارة إلى ذلك فإلى حدود اللحظة لم تتسرب أية معلومات رسمية عن مبلغ الصفقة المالية بين الطرفين ولا عن موعد إطلاق البوابة «ياهو مكتوب» القادمة . بيد أن هناك تخمينات أخرى تقدرالإتفاق المالي في حدود 85 مليون دولارأي بمعدل 31، 5 دولار لكل مستعمل فيما تبلغ التقديرات الدولية المتداولة في حدود 10 دولارات للمستعمل الواحد .
ولقد إنطلقت المباحثات بين شركتي مكتوب وياهو منذ سنتين تقريبا من خلال لقاءات تشاورية وتخابرية ، غيرأن المباحثات لم تأخذ منحاها النهائي إلا في الشهورالأخيرة كما تم التصريح بذلك .
ويعتبرهذا الإتفاق ذوأهمية بالغة وهو يشكل سابقة في العالم العربي ، فهو من دون شك سيشكل أضخم عملية إستثمار في قطاع التكنولوجيات الجديدة للإعلاميات في العالم العربي ، وهذه العملية الإستثمارية تؤكد مرة أخرى أن المستثمرين الغربيين سيلمسون عن قرب أن هناك إمكانيات هائلة في العالم العربي للإستثماروتوظيف الرساميل في هذا المجال ... ما يعني بشكل مباشر خلق الكثيرمن فرص العمل .
وبعد الإنتهاء من عملية التحويل بين الشركتين ستصبح بوابة «مكتوب دوت كوم» فرعا في ملكية شركة ياهو فيما ستستمر خدمات مكتوب الباقية بهوية جديدة سيطلق عليها إسم «مجموعة جبارللإنترنت » Jabbar internet group ومن بين الخدمات التي ستحتفظ بها «جبارإنترنت دوت كوم» سوق المزايدة (Souq.com ) وخدمة الأداء عبرالأون لاين (CashU.com ) ومحرك البحث عربي دوت كوم ( Arabi.com)
وتعتبرشركة «مكتوب» بوابة رائدة في العالم العربي في مجال التواصل الإلكتروني ، وقد تم إطلاقها سنة 1997 بمبادرة من سميح طوقان وحسام خوري في العاصمة عمان بالأردن ، وقد كانت «مكتوب» أول موقع إلكتروني عربي يطرح خدمات البريد الإلكتروني وقد بلغ عدد خدماته زهاء 115000 خدمة في السنة .
وتقوم مكتوب باستغلال أكثرمن إثنتا عشرموقعا إلكترونيا تحمل كلها الإسم الإعلاني للشركة « مكتوب» ك «عربي دوت كوم « إلى خدمات « الويب مايل » والشبكات الإجتماعية والمدونات ومواقع الرياضة والمنتديات ومواقع الإستشارة والمساعدة إلى مواقع الصوروالفيديو...
وعلى المستوى الإعلاني فإن بوابة «ياهو مكتوب» القادمة تراهن على العائدات الإعلانية بالأساس . فالمعلنون والمستشهرون سيمكنهم الولوج إلى النطاق المشترك للبوابتين معا «ياهو مكتوب» من أجل البلوغ إلى أكبرعدد من المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حسب تصريح لأحمد ناصيف المديرالعام لشركة مكتوب .
ومن خلال دراسة قام بها مكتب ( Madar Rrsearch ) وتم الإعلان عنها بهذه المناسبة ، فإن سوق الإعلانات في المنطقة من المتوقع أن ترتفع هذه السنة بنسبة 35 % أو 45 %.
ونتيجة لهذا الإتفاق فسوف نلاحظ ان كلا من شركتي ياهو وجوجل قد إقتحمتا ساحة المعركة الإلكترونية من أجل السيطرة على شبكة الإنترنت على المستوى العالمي بالإضافة طبعا إلى الوافدين الجديدين «فيسبوك» و«توتير» . ولقد باتت المعركة أكثر شراسة خصوصا مع إستفحال الأزمة المالية العالمية وتدني عائدات الإعلانات . ومن أجل الرفع منها فإن العملاقين معا قد خططا لتوسيع أمبراطورية إستثمارهما خصوصا في الأسواق الناشئة والصاعدة حيث ولوج الإنترنيت وتطورالتكنولوجياتالجديدة للإتصال والمعلومات يتيح فرصا للإستثمارمقارنة مع الدول الغربية . فمثلا ولوج الإنترنت في مصرالقطر العربي الأول في تعداد السكان لايتعدى 12.9 % بينما تبلغ النسبة في المملكة العربية السعودية 22.7 %. ماهي آثارهذه العملية التحويلية على مستخدمي مكتوب وهل سترتفع درجة الرقابة على المحتويات خصوصا ان هناك الكثيرمن الكتابات والإنتقادات والتعاليق التي تنتقد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ، وفي تصريح لأحد المسؤولين في شركة ياهوأكد أن الشركة ستحترم حرية المقاربات الفكرية التي كان يعبرعنها مستخدمي مكتوب قبل الإتفاق.
 

نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 15 - 10 - 2009



أسئلة النقد في الإبداع الرقمي عرض: إدمون كوشو* ترجمة: عبده حقي

إن انحراف مفهوم العمل الفني عن دلالته الأصلية إلى مجموعة من العناصر الرقمية المتباينة واستبدال الوسيط النقدي بحدود التواصل التكنولوجية كل هذا قد حث المهتمين

السبت، أبريل 14، 2018

فيسبوك .. ماله وماعليه: عبده حقي


إذا كنت من مستخدمي أو بالأحرى من مدمني مواقع التواصل الاجتماعي ، هل سبق وطرحت على نفسك مرة هذا السؤال المحوري والموضوعي : لماذا فتحت حسابا على فيسبوك أو تويتر أو لينكدإن أو يوتيوب ..إلخ !؟
لا أوجه سؤالي هذا إلى شخص يفتح حسابا لغاية التمتع بعضوية مهنية ولهدف تواصلي وعملي قصد الانضمام إلى صفحات أومجموعات موضوعاتية جادة بل أوجهه إلى أشخاص ذاتيين ومستقلين الذين يمكن أن نصفهم ب " سواح الإنترنت ".
فما حاجتهم إلى فتح حساب في فيسبوك على الخصوص باعتباره موقع التواصل الاجتماعي الأكثر إنتشارا وشعبية في العالم حيث ناهز عدد مستخدميه حسب آخر تقرير لسنة 2017 مليارا واحدا و900 مليون مستخدم من كل الأجناس واللغات والتيارات والمذاهب والديانات ..إلخ
قفز إلى ذهني هذا السؤال اليوم بعد أن ذكرتني مفكرة فيسبوك قبل أيام بعيد ميلاد حسابي الذي يعود إلى سنة 2008 أي قبل عقد من الزمن بالتمام والكمال .
لا أذكر تفاصيل هبوب نسائم هذا الفضاء الأزرق على عقلي وقلبي معا قبل عشر سنوات من دون ضجة ولا ضجر، حيث لم تكن وقتئذ عديد من المؤسسات السياسية والإعلامية والثقافية تتوقع أنه سيأتي يوم قريب سيكون مصيرها على كف العفريت مارك زوكربيرغ الشاب مؤسس فيسبوك وأنه بعد انفلات هذا المارد من قمقم جامعة هارفارد سيشعل بعد سنوات معدودة ثورات ويضرم حرائق و يطيح برؤساء ويعصف بمؤسسات إعلامية ويجمع زيجات ويشتت أخرى ويحيي موتى ويعدم أحياء وهلم شرا وخيرا على السواء من الانقلابات الحاسمة في حياة الناس والمجتمعات وأوضاع البشرية قاطبة التي جعلت من "فيسبوك" بكل تأكيد هو آخر معجزة تصعد هذه المرة من الأرض بدل أن تنزل من السماء التي أقفلت بوابتها إلى الأبد على نزول المعجزات قبل قرون .
وعلى عكس تفاعلي المبكر في أشهرالمنتديات الأدبية والثقافية والفكرية مثل منتديات اتحاد كتاب الإنترنت العرب ومنتديات من المحيط للخليج وميدوزا والجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب وغيرها فقد كان تردد إسم "فيسبوك" في مسمعي منذ 2007 مدعاة للاستخفاف إن لم يكن للازدراء من منصته المنسية وقتئذ ومن أقلية رواده المثيرين للشفقة حيث كان لجوء بعض الكتاب المبتدئين والمغمورين للتدوين في صفحاته لا يعني في رأيي سوى شيئا واحدا على الأقل هو التحايل على غبنهم والتستر على البحث عن منصة لإسعاف فشلهم في النشرفي بعض الملاحق الثقافية الورقية السيارة أو بعض المنتديات والمواقع الثقافية الإلكترونية التي تشرف على إدارتها هيأة تحرير تمتلك كل السلطة الثقافية والمعنوية للحسم في مصير المادة المنشورة إما بالتنويه بها والتأشيرعلى نشرها أو بحذفها ورميها في سلة المهملات الافتراضية للموقع أوالمنتدى .
شخصيا لم يكن إنشاء صفحة لي في فيسبوك بدافع حاجتي الماسة للتواصل والتفاعل مع تدوينات الصديقات والأصدقاء وإنما كان فعلا عشوائيا شبيها إلى حد ما بتجربة تدخين أول سيجارة التي قد تكون السبب في استدراج الإنسان يوما بعد يوم إلى آفة الإدمان في المستقبل ... هكذا قضي الأمر قبل عشر سنوات وانتهى من فعل عشوائي طائش إلى علاقة يومية افتراضية متشابكة لاحدود لإدمانها ولا بديل عن حاجتي الماسة إليها عشرات المرات في اليوم .
كثير من رواد فيسبوك يعتقدون بل يتوهمون اليوم أن تطور تجاربهم في هذا العالم الأزرق وتحولها أحيانا إلى تجارب واقعية مثل بعض علاقات الصداقة التي تطورت إلى علاقات إنسانية حميمية أو إلى زيجات ناجحة أوفاشلة أومعاملات نفعية ارتقت بأصحابها إلى درجة التوافقات الاجتماعية أونجاح بعض الدعايات السياسية والحملات الانتخابية أقول لم تحدث كل هذه التحولات من خلال التردد اليومي على منصة فيسبوك والتفاعل اللحظي مع ديناميته فحسب بل إن تطور تلك التحولات قد أسهم فيه بشكل أوفر التقدم الحاصل في استراتيجية إدارة فيسبوك وعبقرية فريق خبرائه في مجال تطويرالخوارزميات الرقمية وانكبابهم ليل نهارعلى تحديث وتنويع التطبيقات التفاعلية منذ أن قام الشاب زوكربيرغ بتأسيس هذا الموقع في 4 يناير من عام 2004 حيث بات فيسبوك موقع التواصل الاجتماعي الرائد عالميا في توفير تطبيقات أصبحت أساسية في علاقاتنا الاجتماعية الافتراضية والواقعية أيضا مثل رسائل ميسانجرونشرتدوينات وفيديوهات وإجراء دردشات ثنائية وجماعية وبث حي للحظات متميزة وتخزين للصوروإنشاء ألبومات .. إلخ وما من شك في أن الدراية بتوظيف هذه التطبيقات واستثمارها بشكل هادف وجاد قد كان له التأثير الإيجابي على إثراء دورالتفاعلية الناجعة بين المستخدمين من جهة ومن جهة أخرى الرفع من عدد الرواد في العالم الذي ناهز كما سبقت الإشارة إلى ذلك آنفا مليارا واحدا وتسعمئة مليون منخرط ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى أكثر من مليارين ونصف بعد خمس سنوات مما سيجعل من منصة فيسبوك جاذبية أخرى بعد أن كان الإنسان عبدا لجاذبية واحدة هي جاذبية الأرض.
أما على مستوى المشهد الثقافي والأدبي والفكري بالمغرب وبالعالم العربي فلم يكن من المتوقع أن يصبح فيسبوك سندا أساسيا ، مفضلا للنشر والتواصل لعديد من الكتاب والأدباء والإعلاميين المتألقين لنشر مستجدات حياتهم الخاصة من يومياتهم الاجتماعية وحالاتهم الصحية وأخبارهم الثقافية كالإصدارات واللقاءات والندوات وجديد شذراتهم الشعرية ونصوصهم القصصية وصورهم التذكارية ..إلخ ما يجعلنا نتساءل بإلحاح وموضوعية إن كان هؤلاء الكتاب والأدباء على وعي بأن مختلف أنشطتهم الفيسبوكية هي بكل تأكيد سبق صحفي ينجزونه لأخبارهم بأنفسهم عن قصد أوبغير قصد بعد أن كانوا بالأمس القريب أي قبل إنتشار الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي يتطلعون بشوق بل وبترقب قلق أحيانا إلى نشر أخبارهم الثقافية وأعمالهم الأدبية والفكرية على صفحات الجراد والمجلات والملاحق الثقافية الورقية.
 ألا يتحمل إذن فيسبوك بعضا من أسباب تحولاتنا الاجتماعية من جهة ومن جهة أخرى تراجع مبيعات الصحف والجرائد والمجلات الورقية بشكل عام ؟