الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الثلاثاء، أغسطس 18، 2015

طرائق النشرالإلكتروني

إن التقدم الحاصل في مجال التقنيات الجديدة للإعلام والإتصال قد مكن منذ ستينات القرن الماضي من ظهورأشكال جديدة للنشرالإلكتروني وهي الأشكال التي تنوعت أكثرفأكثرمع مطلع الألفية الثالثة ، وإذا كان النشرالإلكتروني يعني فيما يعنيه كل فعل يعالج وثيقة أو نصا أو يعمل على إعادة إنتاجه ونشره بطريقة جديدة وبواسطة سند معلومياتي أو إلكتروني كيفما كان , فإن إختراع ابناك
وقواعد المعطيات بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1964 قد شكل إلى حد ما أهم رافعة للنشرالإلكتروني .
لقد حفزإختراع قواعد المعطيات بالولايات المتحدة الأمريكية على إختراعها أيضا بفرنسا بعد خمسة عشرسنة في مجال الإعلام العلمي والتقني منذ سنة 1978 ثم في مجال المعلوميات القانونية سنة  1979 , والإستناد إلى قواعد المعطيات هاته ــ عن بعد ــ قد إمتد ليشمل ميادين أخرى موازاة مع تحديث وعصرنة شبكات الإتصالات ورقمنتها .
ومنذ سنة 1960 ظهرت أبناك المعطيات الأولى المتعلقة بالنص الأدبي في فرنسا وابريطانيا وإيطاليا وبلجيكا بفضل إستيعاب قواميس جديدة خصوصا ما تعلق منها باللغات الحية .
وهكذا ظهرفي فرنسا قاموس موسوم ب ( كنزاللغة ) تم إعداده باعتماد ثلاثة آلاف نص أدبي وفكري وعلمي نشرت جميعها ما بين 1660 و1960 وتمت إعادة إنتاجها على قواعد تقنية ومعلومياتية , إن مفردات هذا القاموس قد نقحت وأعيد إنتاجها بطريقة ممنهجة بواسطة الحاسوب , وإعداد هذه القواعد من المعطيات النصية قد واكبه إعداد نظام (سيستام ) خاص وموافق للمعالجة المعلوماتية النصية أيضا وهكذا وما بين سنتي 1960 و1975 برزت أهم المفاهيم فيما بات يعرف منذ تلك الفترة ب ( القراءة المعانة بالحاسوب ) أو القراءة التفاعلية وخصوصا مفاهيم مثل (مفردة) و(شكل) و(قائمة) و(فهرس) (ضبط المعلومة ) ...الخ
ومنذ ذلك الحين عرف النشرالإلكتروني باختلاف طرائقه حسب خاصيات النشرالمقترحة وأخيرا حسب أشكال رقمنة النصوص والوثائق المنشورة مايمكن أن نسميه النشر( الأونلاين ) الذي يعتمد على شبكات الإتصالات والإنترنت , في المقابل فالنشر(الأوت لاين ) يعني إستعمال سندات محمولة مثل الأقراص اللينة (ديسكيتات) والأقراص المضغوطة ( سيدروم) و(الديفدروم) كوسائل للنشروالتوزيع.
 أما الكتب الإلكترونية فإنها حاولت أن تؤاصر بين الوسيلتين السابقتين معا أي النشرالأونلاين والنشرالأوتلاين حيث أمكن بواسطة هذه الوسائل المحمولة نشرها عبرالإنترنت , وقد بات بامكان  هذه الكتب الإلكترونية أن تصير كتبا دورية وقابلة للتحيين update  كما صارت طرق التلقي أكثرتفاعلية إنطلاقا من الكيفية التي تمت بها رقمنة هذه الكتب .
ويمكن حصرطرائق النشرالإلكتروني في خمس مستويات هي :
1ــــ النشرعلى النموذج الصوري :
يتطلب النشرالصوري على المستوى التقني إعادة إنتاج نص أووثيقة على غرار( فاسمايل) على شاشة الحاسوب أي إدراج صورة مرقمنة لصفحة كتاب بعد تصويرها بالأشعة ( سكنرتها ) . إن الإعتماد على المعلوميات في هذا المستوى الصوري يتحدد في إستعمال الحاسوب كآلة تصوير(سكانير) ثم كآلة ناسخة أوكوسيلة للتواصل عبر شبكة الإتصالات وأخيرا باستعمال طابعة مكتبية (printers ) كما أن الرقمية هنا لاتشكل عائقا لفعل القراءة , فالصفحة المرقمنة لاتختلف عن الصفحة العادية في أي كتاب .
2 ــــ النشرالإلكتروني على نموذج النص المترابط
إن النشرالإلكتروني على نموذج النص المترابط يعني بصفة عامة كل مقروء متداول على شبكة الإنترنت على شكل نص أو وثيقة كيفما كانت وكيفما كان محتواها ومن دون أن تتضمن أية صورة أو تسجيل صوتي , ويعود مفهوم النص المترابط إلى سنة 1945 على يد ( فانفاربوش) في الولايات المتحدة الأمريكية في وقت لم تكن الحواسيب سوى آلات حاسبة ( calculateur ) والمعلوميات أي علم معالجة المعلومات كانت في خطواتها الأولى , اما كلمة نص مترابط فقد إخترعها (تيدنيلسون)سنة 1965 للإشارة إلى الكيفية التي بواسطتها يمكننا أن ننتقل في قواعد المعطيات عن طريق الإبحارمن وثيقة إلى أخرى باستعمال (كلمات /مفاتيح) تسمى روابط , أما عنوان الأكرونايم (wwwفيعني 
World wide web وباختصارweb أي الشبكة العنكبوتية التي إتسعت لتغطي كل الكوكب الأرضي , وسواء تم نشرهذه النصوص المترابطة بواسطة الإنترنت أوعلى سندات محمولة كالأقراص اللينة
(الديسكتات) أوالأقراص المضغوطة فإنها تشيرإلى ملفات (files) مرقمنة ذات خاصيات معيارية لتسهيل إنتقالها من حاسوب إلى آخرولقد تعددت هذه المعاييروتنوعت  ك ( html ) و(sgml ) و(xml) .
وكل معيار من هذه المعاييرالآنفة يتوفرعلى خاصيات وإضافات جديدة على المعاييرالسابقة عليه وهي تحاول تحقيق تجانسية نسبية للنصوص الإلكترونية ولاتتعارض مع قواعد مهندسي الأقراص المضغوطة في إرفاقها بأقراص خاصة بالقراءة بمساعدة الحاسوب وقد أصبح من المعتاد أن نعثرفي الإنترنت على نصوص مقتعدة على برامج قراءة software أوبرنامج إشتغال خاص بها على المستوى التطبيقي فإن تلقي نص مترابط يعني أساسا عملية تصفيح نص ، أي تقليب الصفحات أوبتعبيرأكثردقة الإنتقال من صفحة الواجهة إلى صفحة اخرى أحيانا بشكل حروأحيانا أخرى باتباع مسارات محددة تفرضها خاصيات تقنية كما هو الشأن بالنسبة في محركات البحث .
3 ــــ النشرالإلكتروني على النموذج الإبيرميدي
إن النشرالإلكتروني على النموذج الإبيرميدي يعني إمتداد بنية النص المترابط إلى مستويات مؤثرات الصوت والصورة حيث يمكن تطعيم النصوص بروابط تحيل على عناصرفوتوغرافية أوتسجيلات صوتية أوفقرات فيديوأو مقتطفات من برامج إذاعية أوتلفزية أو إنتاجات سمعية أوصورمركبة .
4 ــــ النشرالإلكتروني على النموذج النص الكلاسيكي
ظهرالنشرالإلكتروني على نموذج النص الكلاسيكي في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1956 عندما بدأ الجيل الأول من حواسيب IBM702 تتوفرعلى لوحة مفاتيح KEYBOARD وعلى نظام لمعالجة المعلومات ... وأصبحت كل علاقة أورمزمرقمنا بمعنى مرتبطا بكود رقمي معبرعنه بلغة زوجية وبمعنى آخرأن النص يتحول إلى متتاليات من أرقام (زوجية) BINARY فالبحث مثلاعن حرف ( أ ) يتطلب ضبط متتالية لامحدودة مكونة من رقمي ( 1 و 0 ) . إن هذه الطريقة تمكن من تفكيك كلمات النص إلى عناصربسيطة .
وتبقى خاصيات النشرالإلكتروني على نموذج النصوص الكلاسيكية هي ان النصوص المرقمنة يتم ربطها ببرامج أوبواسطة القراءة المعانة بحاسوب computer-assisted reading
حيث تختلف درجة التفاعلية من نص إلى آخر.
ومع ثورة الإنترنت إستطاعت العديد من المواقع الإلكترونية أن تنشرالكثيرمن الأعمال الأدبية الإلكترونية على قالب النص الكلاسيكي في شكله الخام . ويتعلق الأمرمثلا بمواقع خاصة ببعض الكتاب والتي يمكن للقارئ تحميل محتوياتها ( أي نقلها عن بعد ) ونسخها على حاسوبه الشخصي . وقد قدمت هذه المواد على معيار ASCIL أوHTML أوSGML أوXML وهي غيرمرتبطة بأي برنامج للقراءة المعانة بحاسوب .
5 ــــ النشرالإلكتروني على النموذج الإبيربوك
إن النشرالإلكتروني على النموذج الإبيربوك بالطريقة التي بها تم إطلاقه بين سنتي 1994و1999عن دارالنشر(إلياس) في سلسلة ( روائع الأدب ) قد شكلت الإرهاصات الأولى لأشكال النشرالقادمة في المستقبل . وللإشارة فإن مفهوم ( الإبيربوك ) كما لاحظ ذلك العديد من المهتمين مفهوم غيرملائم إذ تمت صياغته سنة 1994من طرف دارالنشر(إلياس) من أجل إضفاء خاصية جديدة على النشرالإلكتروني من جهة ومن جهة أخرى من أجل تجذيرمقاربة ما خاصة بالنص الأدبي الرقمي خصوصا في أوساط أولئك الذين ظلوا ينتظرون نتائج مخيبة للآمال في علاقة المعلوماتية بالأدب .
وقد قدمت ( الإبيربوك ) على شكل أقراص لينة ( ديسكيتات ) من حجم 3 ,5 بوصات وسعة للتخزين تصل إلى 1,44MO ويشتمل (الإبيربوك ) على الكثيرمن طرق القراءة المعانة بحاسوب حيث درجات التفاعلية دائما في تطورواضح .
وأخيرا من حقنا أن نتسائل هل الكتاب الإلكتروني بطرائق نشره السابقة هو مستقبل النشروهل هذا إنذارصريح على زمن أفول حضارة الورق .



0 التعليقات: