الخطاب الإعلامي وأثره على اللغة العربية إعداد : عبده حقي ترجمها عن : الإيسيسكو
للغة إيقاع حياة يجعلها خاضعة لقانون التطورالخاص بها باعتبارها كائنا حيا مثل جميع الكائنات الحية .. فالتطورمآل حتمي وأساسي في صيرورة جميع اللغات حيث أنها لابد وأن تمربداية من مرحلة ولادة ثم بعد ذلك تمضي في مسلسل تطورمتدرج ومتصاعد ، وهذه قاعدة ثابتة وحقيقية لامراء فيها .. وليس هذا التطورمرادفا للقطيعة مع الماضي أوإنفصالاعن الجذوروارتدادا عن التقاليد والمبادئ الحقة، وبالتالي فنحن نؤيد كل مقاربة للغة تأخذ بعين الإعتبارالخصوصيات الأصيلة لها ... وباعتمادنا لهذه المقاربة فإننا لانروم الإنحراف عن البحث اللساني أوالتعبيرعن تكلس ثقافي أو إنغلاق على الهوية ، بل إن موقفنا هذا يعبرعن توجه صارم وواجب يفرض علينا أن نكون حذرين إزاء مقاربة إشكالية لغتنا العربية ...
إن مقاربة تطوراللغات يتوجب عدة مستويات فهناك التطورالذاتي للغة في تفاعلها مع التطورالإجتماعي خصوصا على مستوى الإشتقاقات والتوليد والخلق اللغوي وهذا صنف من التطوريتحقق عادة بإيقاع بطيء قد لاتستشعره الأجيال الحاضرة .. إنها تعيشه من الداخل بشكل ضمني بل إن الأجيال اللاحقة هي التي تلمسه وتلاحظه . إنه مستوى من مستويات التحليل حيث تطوراللغة يؤخذ بعين الإعتبار في علاقته بالعوامل الخارجية التي تؤثرفي اللغة بجعلها تخضع لتحولات عميقة تتسبب وبشكل سريع في إنحراف روحها على حساب معاييرها الأساسية ... أيضا هذا النوع من التطوريشمل خاصية إرغامية نتيجة إكراهات خارجية فرضتها سرعة إجتياح ثقافي وفكري خارجي .
إن هذا التحول الذي هزجميع اللغات في العالم قد يحدث أحيانا بمحض الصدفة أو أحيانا أخرى بشكل عشوائي يجعل مصيراللغة في شك إن لم نقل في خطر.
لم يسبق للغة العربية عبرتاريخها الطويل أن عرفت هذا التطورالسريع والحركي كما تعرفه اليوم .
هناك مجموعة من العوامل المسؤولة على واقعها هذا وأهم هذه العوامل على الإطلاق وسائل الإعلام المكتوبة والسمعية البصرية التي أثرت وتؤثربشكل عميق على البنيات الداخلية للمجتمع العربي في قيمه وثقافته ولغته ...
لم يكن هناك أبدا أي نوع من التفاعل بين اللغة ووسائط الإتصال ، تفاعل متبادل ومتكافئ .. إن غياب التوازن بينهما قد وسم هذه العلاقة حيث كان دائما لوسائل الإتصال هيمنتها الجلية على اللغة التي تأثرت بها على مستوى الشكل والجمالية.
وإذا كانت كل أشكال وضروب المعرفة الإنسانية تخلق لغتها الخاصة بها ، فإن لوسائل الإتصال أيضا لغتها الخاصة بها ، ولها خصوصيتها التي تميزها بوضوح عن كل أشكال الخطاب الأخرى . لكن بدل أن تؤثراللغة في الإعلام فإنها عكس ذلك تتأثربه وتخضع لقانون الطاحونة الإعلامية .
إن قوة لغة ما تعود بالأساس إلى المستوى الثقافي والإقتصادي والإجتماعي للفئة التي توظفها وقد ندرك بكل يسرلماذا تجتازاللغة العربية اليوم مرحلة من الضعف والإنطواء بسبب الواقع المتأزم الذي تمربه الأمة العربية والإسلامية عموما . إن هذا التراجع بصورته الحالية قد باتت معه اللغة العربية غيرمؤهلة للتأثيرفي وسائل الإعلام بل بالعكس فاللغة العربية هي التي صارت تخضع لطاحونة الإعلام كما سبقت الإشارة إلى ذلك . ومع ظهورطفرة وتنوع وسائط الإتصال واقتحامها مسرح الأحداث في القرن التاسع عشر، دق العديد من المهتمين باللغة ناقوس الإنذارواجتهدوا في تنبيهنا إلى تراجع اللغة العربية القادم في المستقبل ، فقد علت أصوات العديد من الكتاب في الأقطار العربية من أجل حماية أصالة اللغة وقوتها ونقائها ، وفي هذا الصدد تم إصدارالعديد من المؤلفات والمقالات التي حاولت أن تلامس سؤال اللغة وعلاقتها بالصحافة المكتوبة .. هذه المقالات التي إقترحت بعض الوسائل والآليات لإعادة تأهيل اللغة العربية مع هذا المعطى الجديد .وبفضل تعبئة هؤلاء المدافعين عن اللغة ، الذين تمكنوا من إقتراح بعض الوسائل لحماية لغة الصحافة في تجليها اليومي من كل ترهل وسوقية .
وفي مواجهة الإنتشارالكاسح لوسائل الإتصال التي إستفادت من إرتفاع عدد خريجي المعاهد وارتفاع نسبة المتعلمين بالإضافة إلى تضافرالكثيرمن العوامل السوسيوإقتصادية والثقافية فقد عرفت اللغة العربية الكلاسيكية مرحلة من الإنطواء والإنحسارساهمت فيه أيضا اللهجات المحلية . ونشيرأيضا إلى أن وسائل الإتصال لم تسلم هي أيضا من هذه الظاهرة لعدم إستجابتها للعديد من نداءات وصرخات الحذرالتي أطلقتها توصيات ومقررات المؤتمرات والندوات التي إنعقدت في الشرق والغرب من الوطن العربي .
إن تراجع اللغة العربية وترهلها هذا قد سهل عليها الإنخراط في لعبة الميديا وبالتالي بدأنا نلاحظ اليوم إنتشارا للغة الإعلام بدل اللغة العربية الفصحى الكلاسيكية وبدانا نلاحظ أيضا تعارضا بين وجهي
اللغة : اللغة الدارجة من جهة والعربية الفصحى من جهة ثانية .
وهناك لغة ثالثة ولدت إثرتفاعل هذه الظاهرة وعرفت إمتدادا سريعا داخل الدول العربية وخارجها .
إن تموقع هذه اللغة الثالثة في المنطقة الوسطى ومؤازرتها من طرف التيارات التقدمية ما أدى إلى إختلافها عن اللغة العربية الكلاسيكية على المستوى الأسلوبي كما أنها تختلف عن اللغة الدارجة المشتركة على مستوى التعابيرالتي تميزها . ومع ذلك فإن من علاماتها الفارقة قابليتها على الإنتشاربشكل واسع وبالتالي مساهمتها في فتح آفاق واسعة . إن الخطريكمن في كون هذه اللغة الوسطى (الثالثة) الهجينة قد حلت محل اللغة العربية الكلاسيكية الفصحى بصفة نهائية بكل ما يكتنفها من إبتذال ونواقص ... إن هذا السند اللغوي الجديد (اللغة الوسطى) قد حقق إنتشارا كاسحا بل أصبح في بعض الأحيان هولغة الفكروالثقافة والصحافة والإدارة والديبلوماسية واحتل كل مرافق الحياة وبالتالي تمكن من إقصاء اللغة الأخرى من حقول التداول ... وبسبب إنتشاروسائل الميديا وأثرذلك على حيوية اللغة وعلى حياة المجتمع فقد وجدنا أنفسنا اليوم أمام ظاهرة لغوية جديرة بالإهتمام لارتباطها الحميمي والعضوي باللغة العربية ووسائل الإعلام . وفي هذا الصدد هناك وضعين يجب مراعاتهما :
أولا: ان اللغة العربية قد عرفت عبرالتاريخ إشعاعا وانتشارا لم تعرفه أية لغة أخرى في العالم وهذا امرإيجابي باعتبارأنها تتمتع بهذا المكسب المتقدم والذي يتطلب إهتماما متصاعدا بتداولها على المستوى العالمي .
ثانيا : الملمح الثاني يهم إختلالات اللغة العربية على المستوى الفونيتيكي ( الصواتي ) والتي يتحمل الناطقون بها كامل المسؤولية بالإضافة إلى الإختلالات البنيوية التي تهدم الهياكل الأصيلة للغة العربية
لقد باتت هذه الإنحرافات اللغوية ملمحا واضحا في الحياة الثقافية الأدبية والإعلامية بل باتت هي النموذج والصواب اللغوي والذي يمس اللغة العربية الكلاسيكية التي صاردورها قاصرا إلافي بعض الحالات الإستثنائية ... لذلك فإن هذه اللغة الهجينة تبدو اليوم هي اللغة المعيارية بينما يتم إقصاء اللغة العربية الفصحى .
ومن خلال نظرة صرفة ومجردة للغة فإننا لانبالغ إذا ما أكدنا في الوقت الراهن أن اللغة العربية تعيش مرحلة ( دلال ) بما يفسد الفكرالعربي الذي يعتمل داخل هذه اللغة ويزرع اللبس في الذهنيات . وهناك ضحية أخرى لهذا الواقع الغامض إن لم نقل القاتم : إنها الصحة المعنوية والفكرية للأمة التي تتأثروتتراجع بسبب إنحراف جهازاللغة المفاهيمي . إن هذا الخلل الوظيفي قد ساهم في التشويش على الحوار بين المثقفين واصحاب القراركما رافق هذا الوضع حالة من الغموض السيمانتيكي ، غموض قوي إلى درجة أنه أثرعلى إستقرار اللغة كما ساهم في خلخلة الحياة الثقافية وهذه هي أكبرالأخطارالتي تهدد اللغة .
وبسبب هذه العلاقة المتذبذبة والمتوترة بين اللغة العربية وبين وسائل الإتصال فقد صرنا نكون صورة حقيقية للغة العربية في هذه المرحلة الموسومة بتغيرات على الصعيد الجهوي والدولي . إننا لن نبالغ إذا نبهنا إلى الحالة الخطيرة لهذه الوضعية بمعنى علينا أن نفكرفي البدائل الممكنة لتجاوزهذا الخلل وذلك باعتمادنا على قواعد جديدة للعلاقة الممكنة بين اللغة العربية ووسائل الإتصال حسب رؤيا تعتمد الإعتدالية والتوازن .. علينا تجنب كل فعل يروم فرض مفاضلة لإحداهما على الآخرمع حرسنا كذلك على جعل اللغة العربية تحتفظ بطابعها الأصيل ولوسائل الإعلام أن تلعب دورها الهام والكامل في مجال التوعية والتقدم والإخباروالثقافة والترفيه . وبهذا التصورستتأسس علاقة جديدة ومنسجمة بينهما وذلك بجعل كل منهما في خدمة الآخر. إننا لن نفقد الأمل في البحث عن بدائل للوضع الحالي لواقع اللغة العربية ، فنحن نلاحظ اليوم حضورا قويا لها بصفة عامة بفضل التأثيرالمتصاعد لوسائل الإتصال على المجتمعات وانتشارها المدهش . إن ظاهرة التطوراللساني في معناه المعاصروالشامل لن يؤثرعلى اللغة مثلما هوالحال في الواقع الإقتصادي الذي يجعل من التضخم خطرا حقيقيا ... وعلى النقيض من ذلك فإن إنتشارا وتوسعا للغة العربية يعتبرعاملا مساعدا على إغنائها وثرائها .
إن أي تطورا لابد أن يرتكزعلى قواعده وآلياته الخاصة كيفما كان إجتماعيا ، ثقافيا ، إقتصاديا . إنه نفس الشيء بالنسبة للغة العربية التي لن تبلغ أهدافها في غياب الشروط الأساسية ، ومن بين هذه الشروط الأساسية لتحقيق أهداف التنمية والتطوراللغوي نذكرثلاثة عوامل هي :
ـــ على اللغة العربية أن تستجيب للمعاييروالقواعد البنيوية التي تضمن لها أصالتها بعيدا عن كل
إنطواء وانغلاق وتستجيب أيضا للمرونة والتكيف والتأهيل ، بمعنى آخرعلى اللغة العربية أن تتطوربموازاة مع الحرص على مقومات أصالتها وطراوتها .
ـــ على اللغة العربية أن تستجيب لانتظارات المجتمع مع الإرتقاء والانفتاح على كل عناصرالحداثة وبهذا فهي قد تعكس روح المجتمع وتترجم آماله .
ـــ من الضروري العمل على خلق مسافة حقيقية بين لغة الإعلام ولغة الفكروالأدب والإبداع الفني . وبهذه الطريقة نحافظ دائما على المعيارالذي بواسطته يمكن ان نقيس سلامة تداول اللغة العربية ، وهوالنموذج الذي سوف يقدره العربفونيون وكل الناطقين باللغة العربية في العالم ، وإذا لم يتم تفعيل هذا النموذج فإن الخطرسيكبربسبب إعتمادنا الوسائل الأقل أهمية والتي ستسهم في خلخلة اللغة العربية على مستوى الكتابة والشفاهية بدل إثراء جسورالإبداع .
إن أهمية هذا الشرط الأخيرتكمن في كون غياب نموذج مماثل قد يؤدي بشكل لالبس إلى تراجع اللغة الشفهية والمكتوبة وبالتالي فإن اللهجات المحلية قد تتقوى على حساب اللغة العربية الكلاسيكية التي تصبح وسيلة تعبيرفقط للفكرالتجريدي والتعبيرالشفاهي ومن هنا يتبدى الخطرالأساسي الذي يحوم باللغة العربية علما أن العلماء اللسنيين العرب يخشون من أن تصبح اللغة العربية مستهدفة بهذا الخطرالحقيقي الذي سوف يقوض القيم الثقافية ... هذه الشروط الثلاثة التي أشرنا إليها سابقا قد حققتها اللغة العربية العصرية التي إستطاعت أن تتكيف مع تحولات المجتمعات العربفونية . وإذا كان هؤلاء يخضعون لقوانين التحول والتطورالتي تفرضها العلاقات مع الآخرفإنه من الواضح أن المصادرالنحوية والأسلوبية التي يطورونها سوف تخضع لنفس القوانين وبالتأكيد فإن اللغة العربية سوف تصبح يسيرة ومطواعة .
إن اللغة العربية بما هي نتاج تطورتاريخي طويل قد صارت تلك اللغة الوسيطة الأكثرصفاءا ونقاءا من اللغة المتداولة وهناك العديد من اللغات التي إستطاعت أن تحافظ على خصوصياتها وبنياتها الأصلية بموازاة مع الإنغمارفي أمواج الحداثة ولهذا السبب عرفت اللغة العربية مرحلة من الإزدهارالتي عمت مختلف الأجناس الأدبية والعلمية والتمكن منها جاء نتيجة بساطتها واعتدالها اللذان مكناها من الإنتشاروارتياد مجالات أخرى كانت حكرا على اللغة الدارجة .
نعلم جيدا أن اللغة العربية العصرية قد حققت بعض الرقي بشكل ملحوظ وذلك بفضل تعالقها العام مع العديد من فضاءات التعبيرعلى مرالعصورالسابقة ، ومن هنا يتأكد أنها تحمل في طبيعة طياتها كل إمكانات التطورالحقيقي في هذه المرحلة الموسومة بالنقد والإجهازعلى الهوية الثقافية للشعوب ... هذه اللغة العصرية قد أصبحت لغة وسائل الإتصال والفكروالثقافة والإدارة والديبلوماسية ومن دون أن تتنكرلماضيها وخصوصياتها الراهنة عليها أن تعمل على التطوروالإنصهارفي مستجدات المرحلة الراهنة . وتأسيسا على ذلك تكون قد هدفت إلى أن تكون لغة الحاضروالمستقبل ، كما تشكل هذه القاعدة أيضا الدرع الواقي ضد كل الأخطارالتي قد تحدق باللغة العربية .
إن التعبيرالشفاهي يتضمن دلالات شاسعة خصوصا تلك العلاقة الجدلية بين القيمة الكلاسيكية للغة من جهة وعصرنتها وحداثتها من جهة أخرى . إننا نعني بالحداثة والعصرنة طبعا القدرة على الإنصهاروالإنغمارفي مستجدات الراهن بمعنى آخرأن اللغة العربية تغتني عن طريق تقدم علوم الصواتية ( الفونيتيك ) واللسنيات ، كما تعني العصرنة الإحترام العميق للغة في مظهرها العام . إن وسائل الإتصال المكتوبة والسمعية البصرية قد تساعد كثيرا على نشراللغة العربية خارج الوطن العربي من أجل التلاقح والتثاقف وبالتالي فإن وسائل الإتصال السمعية البصرية هي مفتاح الحركية والدينامية الوسائطية في العالم أجمع بمعنى أن اللغة ستنفتح على آفاق ظلت مغلقة إلى حدود اليوم ، وباعتماد اللغة العربية على البعد الكوني فإنها من دون شك ستثرى وتغتني وسوف تتمكن من محوكل تصورخاطئ يجعلنا نعتقد بعدم قدرتها على تجاوزمعيقاتها .
وإذا كان تفاؤلنا بمستقبل اللغة العربية دلالة على صحتها ما يجعلنا نشعربالرضى فإن الوجه الآخرللعمل لايدعونا للإطمئنان على جسامتها والبديل الوحيد يتطلب إعتماد مبدأ التكاملية في معالجة إشكالية اللغة العربية بمعنى آخرمن الواجب علينا تفعيل دورالخبراء الأكاديميين والجامعيين وكل المهتمين من أجل تقييم أثروسائل الإتصال على اللغة العربية أي أنه على المؤسسات الأكاديمية أن تسايرتحولات اللغة العربية ، وعبرهذه الآلية تستطيع التطوروالتجديد ...
إن هذه الطريقة يمكن أن تتمحورحول أربع مكونات :
ــــ من الواجب علينا أن ننظرإلى اللغة كمكون حي وأنها لن تتقدم إلا بفضل مستعمليها . إن ثراء لغة ما يتعلق أساسا بناطقيها إذ أن هؤلاء هم من يبحثون عن مصلحتهم فيها .
ــــ يجب التفكيرإذن في العلاقات والروابط العضوية بين عملية الإصلاح والتطوروالتغييرات التي تمس المجتمعات العربية بمعنى أن تطورأية لغة عليه أن يتساوق مع تطورالمجتمع .
ــــ الإنفتاح على المستجدات الراهنة خصوصا في مجالات العلوم والتكنولوجيا واللسانيات العاصرة
وكل مجالات البحث العلمي والتكيف مع مختلف نتائج العلوم من أجل إثراء اللغة العربية ومن أجل إنسجامها مع الفكرالعلمي .
ـــ الإهتمام بالجانب القانوني والتشريعي بهدف عقلنة كل الأفعال التي تتماشى وهذا الوضع وذلك عن طريق وضع نصوص قانونية مصادق عليها من طرف السلطات العمومية وهذا من شأنه أن يفرض إحترام اللغة العربية وتحفيزالأشخاص والجماعات لكي يولوها كل عناية يوفرها لها القانون على غرارماهوموجود في الدول الغربية .
إن هذه المقاربة التي نتوق إليها تحترم منطق العولمة وتتماشى مع التحديات التي تقف أمام اللغة العربية وواقع الدول العربية .
إن لغة الميديا في زمن العولمة هي موضوع التحولات الراهنة في حقل الإعلام ولايمكننا أن نعيش خارج العولمة وخطابها الكوني . وكيفما كانت الأحكام التي نطلقها على العولمة فإنه علينا أن نؤكد أنها تقدم لنا العديد من الإختيارات الإيجابية لتطويراللغة العربية ، فالصحون المقعرة والإنترنيت والبريدالإلكتروني والمعلوميات تمنحنا كل وسائل التخزين والإحصاء والتحيين من أجل التعامل مع أية لغة في مستقبلها الواعد .
ولأجل إستثمارإمكانيات العولمة يجب :
ــــ العمل على دينامية النظام التعليمي وذلك بتطويرطرق التعبيراللغوي عن طريق تبسيط الخطاب العلمي وتحسين جسم وقاعدة اللغة مع التطورالراهن .
ــــ إنشاء ترسانة لسانية وبنوك معطيات
ــــ الإعتناء بالترجمة
ــــ رقمنة التراث العربي ونشره إلكترونيا والدعوة إلى إعتماد مثلا أعمال الدكتورشوقي ضيف في هذا الموضوع الخاص بتبسيط اللغة العربية ، فقد نشرفي هذا الموضوع كتاب ( تسهيلات لغوية ) حيث إقترح طرقا ووسائل بسيطة لاستعمال اللغة العربية وكان يهدف إلى تحفيزالقراء على تقويم بعض الأساليب والتراكيب اللغوية التي أصبحت أخطاءا شائعة في وسائل الإتصال .
ومن جانب آخريجب علينا أن نشيرأن العديد من المشاكل اللغوية تعود إلى اللغة ذاتها خصوصا ما تعلق بتقصيرالشعوب العربية في الدفاع عنها والحفاظ على التراث ونشرالتوعية الدينية والهوية الثقافية ودعم سيادتها .
إن أزمة اللغة العربية لاتكمن فقط في وفرة المفردات الغريبة ولكن أيضا في الموقف المتخاذل للناطقين بها والذين إستسلموا لهيمنة لغات خارجية واعتناقعهم لتلك اللغات باعتبارها أكثرقابلية على إكتساب المعرفة . اليس ضربا من الحيف أن تقوم حفنة من الأشخاص بإقصاء اللغة العربية من مجالات العلوم والتكنولوجيا وتبريرهم يقوم على كون إكتساب هذه المعرفة بلغاتها الأصلية كالأنجليزية والفرنسية قد يكون إيجابيا على تطويراللغة العربية وكما نلاحظ فهذا يحدث في وقت يجمع فيه الكل على رأي واحد على دوراللغة العربية في الحاضروالمستقبل وهناك ثلاثة عناصرتكون هذا الرأي :
ـــ تستطيع اللغة العربية أن تستوعب الخطاب العلمي خصوصا أن اللغة أية لغة هي شرط أساسي من شروط تقدم الشعوب .
ــــ إن أغلب العلماء العرب لايمكنهم إتقان اللغة الأنجليزية بنفس الإتقان عند الأنجلوسكسونيين أنفسهم ورغم ذلك فهؤلاء العرب يصرون على إستعمالها في حديثهم اليومي .
تدني مستوى التعليم في العديد من المؤسسات بسبب إعتماد اللغات اللاتينية في إكتساب المعرفة العلمية في الوقت الذي كان مستواهم سيرتفع لوتلقوها بلغتها الأم .
وأخيرا وتأسيسا على كل ماسبق فإننا نؤكد أن العيب ليس في اللغة العربية ولكن في الناطقين بها من (العربفوفيون ) على العموم . إن تطورأية لغة يرتبط أساسا بالجهود المبذولة إتجاه الفئة المستهدفة وليس في المراجع والمصادرومن جهة أخرى فالعلاقة بين اللغة والإعلام لايمكن أن تكون ناجعة وإيجابية إلا إذا تم الحفاظ على أصالة وصفاء اللغة العربية عن طريقة مقاربة جادة وتفكيرمسؤول ولاجدال في أن اللغة العربية لن تتطورإلاباستعمال ومواكبة تقنيات المعلوميات والإتصال .
0 التعليقات:
إرسال تعليق