الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الجمعة، نوفمبر 16، 2018

نحو تجديد للنص التشعبي ترجمة : عبده حقي



خلال سنوات التسعينات تم النظر إلى النص التشعبي باعتباره تقدما هائلا وفي الحقيقة ، فهناك عدد كبير من المنشورات التي دعمت  هذا الشكل السردي المبتكر ، مما جعل
منه رمزا لأدب جديد.
ومع ذلك ، بعد مرور عشرين عاما ، قام عديد من خبراء النص التشعبي بتقييم هذه الحصيلة . فما الذي حدث ؟ وكيف تطورت النصوص التشعبية ؟ ولماذا هي ليست حاضرة اليوم بقوة مثلما كنا نتوقع ؟ لهذا السبب قرر ثلاث نقاد الإجابة على هذه الأسئلة من خلال كتابة مقالات حول تطور هذا الابتكار السردي .
هكذا ، كتب كل من بول لافارج وستيفن جونسون وديلان كينيت ثلاث مقالات هي على التوالي Why the book’s future never happened  (لماذا لم يحدث مستقبل الكتاب ؟) صدر في 4 أكتوبر 2011 ، وWhy no one clicked on the Great hypertext story (لماذا لم ينقر أحد على قصة النص التشعبي العظيمة ؟) نشر في  16 أبريل 2013 وThe Death of Hypertext  (موت النص التشعبي؟ ) نشر في عام 2012 . وتشكل هذه المقالات الثلاث دعوة من هؤلاء النقاد للتفكير في رهانات هذا الشكل السردي وفهم أسباب إخفاقه ، وكذلك للتساؤل حول إمكانيات تطوره المحتمل في مجتمعاتنا.
يبدو أنه من المهم جدا بداية تقديم هؤلاء المؤلفين الثلاثة ، لأن علاقتهم بالنص التشعبي قد تساعدنا على فهم أفكارهم بشكل أفضل حول هذا الموضوع .
يعتبر بول لافارج أحد الخبراء بهذا الموضوع على مستوى النقد والتطبيق . لقد نشر العديد من المقالات حول الكتابة الرقمية حصريا لمجلة Conjunctions. وباعتباره وقد ألف كتابًا بعنوان "فنان المفقودين The Artist of the Missing" ، ولكنه أيضًا نص تشعبي خيالي ، والذي صنفه بول لافارج بنفسه في خانة جنس الرواية الفائقة " hyperromance" وعنوانها : الطائرات المضيئة  Luminous Airplanes . ومن الممكن الاطلاع على أعماله المختلفة في موقعه الإلكتروني الرسمي ، حيث سنجد كل كتاباته ، سواء كانت قيد التحرير أو نشرت من قبل .
أما ستيفن جونسون وهو مدافع قوي عن الثقافة الشعبية ، وخصوصا الثقافة الرقمية. فقد ذكر في مقالته عندما كان طالبا في الأدب ، أنه كان مفتونا جدا بقراءة الكتب النظرية واستكشاف أسرارالرقمية.  هكذا وبسرعة اكتشف في النص التشعبي التقاء إثنين من هواياته . مما أدى به مع ستيفاني سيمان ، في عام 1995 إلى خلق أول مجلة على الإنترنت تسمى Feed. كان الهدف منها استكشاف إمكانية تحويل مهنة الصحافة من الورق إلى عالم التشعبية . وهو اليوم من أهم الكتاب المدافعين عن الرقمية ، وهو أيضًا أستاذ في شعبة الصحافة في جامعة نيويورك.
أخيرا ، ديلان كينيت وهو كاتب ومطور لشبكة الإنترنت. الموقع الإلكتروني الذي نشر فيه مقالته هو في الواقع موقعه الرسمي الخاص يحمل عنوان " No categories" ، والذي ينقسم إلى عدة تقسيمات مختلفة. تتضمن تقسيمة "المدونة " منشورات مختلفة للمؤلف على موقعه. أما تقسيمة (links ) فتؤدي كما يوحي اسمها بذلك ، إلى عدد من المواقع الإلكترونية ، التي تهتم أيضًا بالأدب. وتبدو تقسيمة "Portfolio" أكثر أهمية لأنها تجمع بين مشاريع ديلان كينيت ، التي تساعدنا على اكتشافه بشكل جيد . أيضا يسمح الموقع الإلكتروني بمعرفة المزيد عن النصوص التشعبية لأن هناك ملفا يحدد للقراء بحوث المؤلف في هذا الموضوع. وبالتالي فمدونته تعتبر بمثابة دفتر أو مذكرة للبحوث الغنية .
ومن  ثمة فإن هؤلاء المؤلفين الثلاثة هم من أدق خبراء النص التشعبي ، سواء كانوا درسوه أو طبقوه على نطاق واسع . وعليه ، فإن آراءهم ليست نقدا فقط ، بل هي نابعة من تفكير حقيقي واستغلال لهذا الشكل. تحتوي جميع مقالاتهم على روابط تشعبية تساعد على العثور على معلومات إضافية وتسهل الولوج للأعمال الأدبية التي استشهدوا بها. وبالتالي فهذه المقالات هي انفتاح على عالم التشعبية و تسمح باستكشاف حقيقي لهذا النموذج.
رهانات النص التشعبي وطفرة سنوات التسعينات
في هذه المقالات الثلاثة ، سوف نقوم بعرض تقديمي للنص التشعبي باعتباره ابتكارا عظيما في التسعينات ، وهي في الواقع تشرح كل دواعي ذلك الانبهار والكيفية التي ظهر بها.
بداية بعد قراءة هذه المقالات الثلاثة ، سيكون من اللافت أن نرى أن مؤلفيها قد اعتمدوا على أعمال منشورة على الورق قبل ابتكار وإنشاء النصوص التشعبية الرقمية. بالنسبة لديلان كينيت فإن النص التشعبي لم ينتظر اختراع المعلوماتية لكي يخرج إلى الوجود. فوفقا لآرائه ، فإن ذاكرتنا هي أيضا تشعبية لكونها تسمح بترويج المعلومات والذكريات عبر عقد تربط فيما بينها . أما المؤلفان الآخران فإنهما لم يتعمقا كثيرا في استعمال هذا المفهوم واقتصرا فقط على التمييز بين السرد الخطي والسرد غير الخطي .
إن هذا التصنيف يبرز أن عددا من الكتاب في القرن العشرين حاولوا التخلص من السرد الكلاسيكي بهدف منح قرائهم تجربة إقرائية جديدة . يعطي ستيفن جونسون مثالا برواية ( الحجلة كورتاسار) في حين يقدم بول لافارج عديدا من الكتاب أمثال  نابوكوف وروايته (النارالشاحبة) ولورانس ستيرن وروايته (الجميلة تريسترام شاندي) سنة 1962 وأيضا جاك روبو وروايته (حريق لندن المهول) 1989 ولكن كذلك رواية (Marelle de Cortazàr) هذا العمل الأخير الهام جدا لكون المؤلف قدم طريقتين في القراءة ، واحدة خطية وعادية ، والثانية على شكل نص تشعبي والهدف هو إظهار القدرة على خلق قطيعة مع الخطية بإجبار القارئ على الانتقال إلى صفحة أخرى مما جعل من هذه الرواية رائدة في مجال النصوص التشعبية التخييلية .
لكن بالنسبة للمؤلفين الثلاثة ، هذه الأعمال ليست سوى محاولات فقط ، والطباعة الورقية قد منعت القطيعة التامة للخطية وبالتالي مع النصوص التشعبية كما صرح بذلك ستيفان جونسون .
أخيرا القصص غير خطية سيكون لها وسيط ( medium). هكذا ، شهدت سنوات التسعينات انبهارا حقيقيًا بهذا الشكل الذي اعتبر بمثابة تحرر من الشكل التقليدي . لقد تم التعامل مع تجربة النص التشعبي باعتباره ابتكارا هائلا  وأنه قادر على خلخلة صناعة الكتاب برمتها مثلما أن اختراع المطبعة من طرف غوتنبرغ قد غير طريقتنا في القراءة . استخدم بول لافارج في مقاله هذه الصورة بواسطة رابط يتيح لنا الولوج إلى مقال بقلم روبرت كوفر ، بتاريخ 21 يونيو 1992 ، موسوما ب"نهاية الكتاب ". وهذا يجعلنا ندرك حجم التحمس لهذا الشكل السردي الجديد . يبين لنا روبرت كوفر أن النص التشعبي هو بمثابة تحرر حقيقي من "استبداد الخط"، وطريقة أخرى لانفتاح الأدب على آفاق جديدة بمساعدة التكنولوجيا. بالنسبة له فالكتاب التقليدي (الورقي) يمثل قيما تعود إلى الماضي وهي القيم التي رفضها المجتمع . ويقترح روبيرت كوفر مقالا ثانيا عبر رابط تشعبي ويتعلق الأمر بمقاربة حول (النص التشعبي حديقة النصرl’hypertexte Victory Garden) للكاتب ستيوارت مولدروب الذي يوضح الأمل الذي خلقه هذا الشكل السردي . يقول بأن الخيال الفائق  l’hyperfiction  لا يخاطب فقط جمهورا قليلا وإنما يتعلق الأمر بشيء أكثر إثارة من الرواية التقليدية حيث لا حدود للخيال . وأخيرا لم يدل بول لافارج بوجهة نظره الخاصة حول هذا الشكل واكتفى فقط بالعودة إلى  مقالات تلك المرحلة . في حين تبدو هذه المقاربة أكثر ثراء لأنه يمكننا أن ندرك هذا التحمس للنص الأصلي .
من جهته اختار ستيفن جونسون أن يتحدث عن آماله . فهو يذكرنا بواقعه في تلك المرحلة ولم يهتم بالمقالات النقدية الأخرى . ففي رأيه إن تنفيذ النصوص التشعبية في إطار رقمي قد حدث في فترة وسمت بالإعلان عن (وفاة المؤلف) بسبب النزوع إلى تقنية التشظي داخل العمل الأدبي . ولذلك اعتقد أن التأثير الرئيسي للنصوص التشعبية سيطال الحقل السردي، وأنه سيتم غزوه فورا من طرف جميع هؤلاء المؤلفين . يستحضر كذلك ديلان كينيت أفكاره الخاصة في ذلك الوقت . لقد خمن أن الروابط التشعبية ستكون ذات أهمية بالغة في عمليتي القراءة والكتابة أكثر من الجمل نفسها . والأغرب في كل هذا أن ستيفن جونسون اعتمد في تفكيره على مقال بول لافارج حول النص التشعبي .
لذلك إننا نلاحظ أن النص التشعبي كان في صلب طموح كبير يتعلق بتجديد الأدب. لكن الحصيلة بالنسبة لهؤلاء الكتاب الثلاثة كانت هي نفسها : إذن لقد خاب الموعد مع المستقبل . جميع هؤلاء الكتاب الثلاثة استعملوا عبارات تنم عن خيبة أمل ومقال بول لافارج أوضح دليل على ذلك . بعد الفقرة التي توضح الانبهار بالنص التشعبي تأتي هذه الجملة : في النهاية لاشيء تغير.
تأتي إذن هذا الجملة لتكسر كل هذا الحماس ، ومن دون شك بنفس الطريقة التي تم بها إهدار الآمال المرتبطة بابتكار النصوص التشعبية .
أسباب هذا الإخفاق :
لم يثر ستيفن جونسون عديدا من التفسيرات لهذا الإخفاق . ففي رأيه يعود  ذلك إلى عاملين اثنين نجدهما مفصلين أكثر في المقالين الآخرين . سنجد في المقام الأول مشكلة تتعلق بالوسيط المستعمل . ويعطي مثالا على ذلك بقصة (ما بعد الظهيرة) Afternoon a story، وهي مؤرخة كأول نص خيالي تشعبي من تأليف الكاتب (مايكل جويس) . لم تكن طريقة بثها ذات أهمية لأنها كانت موثقة فقط على قرص مرن (disquette ) .
أما السبب الثاني هو أن النص الخيالي التشعبي هو شكل صعب إلى حد ما على مستوى الكتابة وبالتالي هناك عدد قليل من الكتاب من انخرطوا في هذه التجربة خوفا من إخفاقهم فيها . وقد ندرك مدى تعلقه بالنص الخيالي التشعبي من خلال استعمال كلمة great أي (هائل)  في عنوان مقاله .
ويعتمد ديلان كينيت ، كما قال سابقا ، بشكل رئيسي على مقالتين لتوجيه تفكيره ، وهما مقال لبول لافارج ومقال لبنيامين بالوف وكما يقول ، حتى لو أن هاتين المقالتين لم تفعلانه بنفس الطريقة فإنهما تقدمان نفس العناصر.
لقد قرر كينيت تقديم كل الأسباب المحتملة على شكل أسئلة لعدم نجاح النص التشعبي ، والتي لم يقدم إجابات عنها . في حين كان لافارج وبالوف أكثر وضوحا في ملاحظاتهما.
في رأي لافارج قد يكون النص التشعبي ولد مبكرا قبل أوانه ، في مجتمع لم يكن مهيأ له. ومن المؤكد إنها كانت بداية اختراع الإنترنت وبالتالي فقد كان ما يزال في حاجة إلى تطوير. ولم يخول بعد للجميع الولوج إليه هذا فضلا على أن المستخدمين لم يعتادوا على التعامل معه . كما يضيف إن شهية النقرات (cliques ) اللامحدودة في سنوات التسعينات كان شيئا مثيرا للممتعة أكثر من وقتنا الحالي . لم يكن المجتمع مهيأ لفهم الأمور الإجابية التي جاء بها النص التشعبي عدا في بعض أوساط المثقفين .
تساوقت الفكرة القائلة بأن النص التشعبي ظهر قبل الأوان مبكرًا مع حقيقة أن واجهات الشاشات كانت في الغالب مدعاة للقرف أو غير جذابة وهو الشيء الذي لم يحفز الكثير من المستخدمين على فعل القراءة . من جهته يذكر كينيت أن النص التشعبي ظهر قبل تطبيق معايير الويب وهذه المعايير هي التقنيات والبروتوكولات المستخدمة على الويب ، وهي ليست إلا توصيات فقط . وبالتالي لا يتم تحديث الصفحات أتوماتيكيا وتلقائيا ، وظلت الإصدارات القديمة كما كانت منذ انطلاقتها في البداية.
في المقابل لقد شاهدنا كيف انتقل الإنترنت إلى جيل الويب 2.0 ، مع الطموح في جعل المواقع الإلكترونية أكثر جاذبية وأسهل استخداما . وعليه يجب إذن أن نتخيل أن أي واجهة غير جذابة للقراءة لن تحظى باهتمام القارئ لفترة طويلة ، ولهذا السبب سيكون من الصعب تقديره الإيجابي للعمل الأدبي . ويقدم لافارج مثالاً على ذلك النصوص التشعبية التي كانت سطوح صفحاتها مزعجة للغاية حيث كان من الضروري النقر فوق كل الكلمات للعثور على رابط ما . صحيح أنني قمت بزيارة بعض النصوص التشعبية الخيالية ، خاصة قصة Afternoon (بعد الظهيرة ) ومن الصعب معرفة أين توجد عقدة النقرة . ومثل هذا البحث يغير تركيز انتباهنا عن العمل نفسه ، ويحول أيضا دون الالتحام الكامل به.
تجديد في مجتمع الراهن
بالنسبة للمؤلفين الثلاثة ، فإن حالة الواقع المعاين توضح أن :النص التشعبي لم يمت. بالنسبة إلى ستيفن جونسون ولافارج وكينيت ، تم تحويل النموذج بطريقة مجزأة في وسائط جديدة: المدونات وشبكات التواصل الاجتماعية ، وكذلك ألعاب الفيديو. هكذا بالنسبة لستيفن جونسون فقد تغيرت طبيعة النص التشعبي . سابقا كل الصفحات التي تؤدي إليها الروابط التشعبية كتبها المؤلف نفسه. اليوم الروابط صارت مشتبكة بثقافتنا وأصبح النص التشعبي وسيلة لتجميع مجموعة من القصص الخطية التي كتبها مؤلفون مختلفون. وأخيرًا ، نواجه طريقة جديدة للتواصل ، مع روابط تسمح لنا بالانتقال من معلومات إلى أخرى.
من ناحية أخرى قام كينيت بتصحيح أحد مقولات لافارج الذي قال إن غياب الإنتاج الموثق في دليل ويكيبيديا منذ عام 2001 يدلل على غياب أعمال خاصة بالنصوص التشعبية . ولكن كما يذكرنا كينيت ، فإن المؤلفين لا يستخدمون هذا الموقع للتحدث عن أعمالهم. ويقترح ثلاث روابط هامة جدا والتي تشمل عددًا كبيرًا من الإنتاجات الرقمية: الموقع الإلكتروني لجمعية اللغات الحديثة ، وموقعان مرتبطان بمنظمة الأدب الإلكترونية.
الأول يرتبط في الواقع بمعرض حول الأدب الرقمي ويتضمن أعمالا عن الأدب الإلكتروني ، ولكن أيضًا نصوصا نظرية. وهو يوفر معلومات حول ما هو الأدب الرقمي ، ولكن أيضا يتيح الولوج إلى قائمة المراجع التي تتناول هذا الموضوع. الموقع الأول لمنظمة الأدب الإلكترونية (Electronic Literature Organization ) هو أيضًا يشكل دليلا للمراجع ولكنه يتعلق أساسا حول الأعمال الرقمية. وبالإمكان البحث عن أعمال أدبية حسب تاريخ النشر وعن طريق العنوان. أما الموقع الثاني فهو عبارة عن مختارات من الأدب الرقمي. يوجد حاليًا ثلاثة مجلدات منشورة على الإنترنت وكذلك على الورق.
يعود تاريخ المجلد الأول إلى أكتوبر 2006 ، والثاني إلى فبراير 2011 والمجلد الأخير يعود فبراير 2016. وهذا يتيح الوصول إلى الأعمال حسب الفترة وبالتالي تتبع تطور محتويات هذه المجلدات . لقد تم إعداد ذلك بشكل جيد، لأن كل الأنطولوجيا قدمت في شكل فسيفساء ، يكفي فقط المرور بالفأرة على صورة ما للحصول على عنوان العمل. وبالنقر عليها ، تظهر الصفحة ، مع عرض العمل الرابط الموافق لقراءته إذا كان متصلاً بالإنترنت. وعكس هذا قد نجد توضيحات حول كيفية التعامل ، وما هي البرامج التي يجب تثبيتها على سبيل المثال. وأخيرًا ، تتناقض هذه المواقع الثلاثة مع آراء بول لافارج ، مبرهنة على أن عددا من الأعمال الرقمية ظهرت منذ سنة 2001. وهكذا كما قال كينيت (علينا أن نعرف إلى أين نبحث وكيف نبحث). يقترح كينيت استخدام مصطلح "الأدب المفاهيمي" الذي يقول إنه أكثر ملاءمة للتعريف بهذا الشكل الأدبي الجديد.
هناك عديد من الأمثلة المدرجة في هذه المواقع تؤكد أن النص التشعبي يمكن أن يندرج بكل تأكيد ضمن ما نسميه "لحظة الويب 2.0" بنفس التعبير الذي استخدمه  كينيت . في الواقع ، يشيرالمؤلفون الثلاثة إلى أن المجتمع أضحى جاهزا الآن لتلقي هذه الأعمال لأننا قد اعتدنا على واجهات الإنترنت وأننا أدركنا معنى تقديرذلك . إن هذا الشكل السردي يوافق أسلوب حياتنا اليومية لأنه كما يذكرنا بذلك بول لافارج ، نحن نعيش في عالم فائق الربط بالإنترنت ( hyperconnecté) ، حيث كل أشيائنا تمر عبر الشاشات. وبالتالي ، فإن النص التشعبي بدوره يعكس طريقة عيشنا هاته ويندرج بذلك مع أهداف الأدب. كذلك وبنفس الطريقة ، الكل يذكرنا بتعاظم عدد القراء . يوضح بول لافارج أن الكتب الإلكترونية (ebooks) تتيح طرقًا جديدة للكتابة لا يستطيع القراء مقاومتها. وأخيرا ، يمكن للأدب التشعبي أو النصوص الفائقة أن تحقق لحظة مجدها وتكون خير وجهة يجد فيها المستخدمون رغباتهم وامتداداتهم.
خلاصة :
أخيرا يبدو أن الأسباب التي أدت إلى عدم انتعاش النص التشعبي قد اختفت وأن هذا الشكل السردي لم يمت في نظرهؤلاء الكتاب الثلاثة وأن الأمور تسير قدما للاعتراف بلحظته الراهنة . حقيقة لم تعد الأهداف هي أهداف التسعينات ، التي كانت غايتها إحداث قطيعة مع التقليد الكتابي (نسبة للكتاب) والاهتمام بإنتاج كتابات متجددة .  لقد أدرك المؤلفون أنه يمكن أن يكون للنص التشعبي دورا يؤديه، ولكن كان من الضروري قبل كل شيء التفكير في إرضاء القراء، وتحفيزهم وتقديم لهم شيئا يثير فضولهم. يبدو لي أن استنتاج بول لافارج مثيرً للاهتمام بل أنه يذكرنا بأن السؤال الأساسي ليس هو معرفة ما تأثير النص التشعبي في بنية السرد ، بل هو العكس . إن روايته الفائقة hyperroman بهذا المعنى لخير مثال على النص التشعبي في جيل الويب 2.0. إنه يقترح  سردا مثيرا وممتعا للقراءة مع إتاحة الفرصة لاستكشاف العمل من خلال استغلال الروابط بشكل عشوائي . في  رأيي ، أعتقد أنه لا ينبغي النظر إلى هذا الشكل على أنه شكلا معارضا للسرد التقليدي ، لأنه يمثل تطوراً في علاقتنا بالروايات . يمكن للقارئ اختيار مساره السردي الخاص في تشعبات العمل الروائي وإنجاز اختياراته الشخصية . إن خطأ كتاب التسعينيات كان من دون شك هو رغبتهم في السيطرة على السرد التقليدي لخلق شكل جديد بشكل تام . لكن لسوء الحظ ، يجب أن ندرك أن كل قارئ هو في حاجة إلى العثورعلى حاجاته التقليدية المألوفة في أي عمل أدبي .


VERS UN RENOUVEAU DE L’HYPERTEXTE 
Compte-rendu établi par Letitia Petit.

0 التعليقات: