عبد الكريم قاسم ــ واسمهُ الكامل عبد الكريم
قاسم محمد بكر عثمان الفضلي الزبيدي ــ (21 نوفمبر/تشرين الثاني 1914 - 9
فبراير/شباط 1963) هو ضابط عسكري
ورئيس وزراء العراق والقائد العام للقوات المسلحة
ووزير الدفاع بالوكالة من عام 1958 إلى 1963، ويعدُّ أول حاكم عراقي بعد الحكم
المَلكي، ومن أحد قادة ثورة 14 تموز.
ولد عبد الكريم قاسم في 21 نوفمبر/تشرين
الثاني، 1914 المصادف يوم السبت لعائلة فَقيرة تَسكن محلة المَهديّة وهي من أحد
أحياء بغداد الشَعبية، لأب مُسلم سُنّي يَعمل نَجاراً، ولأم من عائلة شيعية، ولديه
شقيقان هما حامد قاسم شقيقهُ الأكبر ولطيف قاسم شقيقهُ الأصغر، وله أُختان، انتقلت
عائلته وهو في السادسة من عُمره إلى قضاء الصويرة، بسبب عدم تمكن والده من الإيفاء
بحاجات ومتطلبات عائلته الحياتية، وعمل فلاحاً لتحسين حالته المعيشية. دخل عبد
الكريم قاسم مَدرسة الصويرة الابتدائية وأمضى فيها أربع سنوات ثم عاد إلى بغداد
وأكمل تعليمَهُ الابتدائي والثانوي هُناك، وبعد تَخرجه عَمل معلماً في قضاء
الشامية، ومن ثَم دَخل السِلك العَسكري.
في عام 1932 أُعلن عن حاجة الجيش العراقي
لضُباط جُدد، فَدخل عبد الكريم قاسم الكُلية العَسكرية وتخرج منها بتفوق في عام
1934 برتبة مُلازم ثانِ، وتَدرج في رتبته إلى أن وَصل إلى رُتبة زعيم رُكن أصبحت
الآن عميد ركن وكان آخر مركز شغَلهُ في المؤسسة العسكرية هو آمر اللواء التاسع
عشر، ولقد شارك في العديد من الحروب والحركات مثل حرب فلسطين وحركات الفرات
الأولى، كذلك شارك في حركة مايس التَحررية، وشارك في العديد من الدورات العَسكرية،
وحصل على العديد من الأوسمة، وفي التقارير التي وَردت عنه أنه ضابط ركن جيد خلوق
جداً وسيكون من ضباط الجيش القديرين.
كان لَدى عبد الكريم قاسم تَنظيم سريّ يُعرف
بتنظيم «المنصور» أو «المنصورية»، وعندما دَعته اللجنة العليا لتنظيم الضُباط
الأحرار إلى الانضمام للتنظيم ودَمج التنَظيمين وافق على ذلك عن طريق وَسيط، وأصبح
عضواً في اللجنة، وقد أدّى القَسم أمام اللجنة.
قاد عبد الكريم قاسم الذي كان عضواً في تنظيم
الضباط الأحرار ثورة 14 تموز مع عبد السلام عارف، واستطاع الإطاحة بالنِظام
المَلكي وإعلان الجُمهورية العِراقية عن طريق الإذاعة، وأدى ذلك إلى اعتقال ومقتل
العديد من أفراد الأسرة المالكة والمقربين منها، كَذلك أدى إلى بَدء عهد جديد،
أثار قَلقا محليا ودوليا وعربيّاً من هذه الثورة.
من الناحية السياسية فلقد كانت فترته تشهد
اضطراباً سياسياً وتناحر الأحزاب فيما بينها على سَدة الحُكم، لكن وُجدت العديد من
المنجزات والتغييرات السياسية الجذرية، فلقد تغير نظام الحُكم من المَلكي إلى
الجُمهوري، وألغيت أغلب المَراسيم السعيدية، وأُطلق سراح المُعتقلين والسجناء
السياسيين وأُلغيت قرارات نزع الجنسية عن العراقيين وإطلاق الحريات العامة
والنشاطات الحزبية، وعدت حركة مايس 1941 حركة تحررية وطنية، كذلك خُفضت محكوميات
السجناء الكرد، وأصدار دستور 1958 المؤقت. أما من الناحية الاقتصادية والاجتماعية،
فألغي نظام الإقطاع ودعاوي العشائر، ونُقحت المناهج الدراسية بما يلائم خط العهد
الجمهوري، وسن قانون الإصلاح الزراعي، وشهد ذلك العهد انسحاب العراق من منطقة
الجنيه الإسترليني، وايضاً أُصدر قانون
رقم 60 لسنة 1961 الذي حدد مناطق الاستثمار لشركات النفط وانتزع بموجبه 99.5 من
الأراضي الممنوحة للشركات الأجنبية، ووزعت العديد من الدور السكنية للموظفين
وللعمال ذوي الدخل المحدود، وبُنيت أحياء سكنية للضباط وضباط الصف في جميع محافظات
العراق، وبُنيت المستشفيات والمدارس، وسُلح الجيش باتفاقية مع الاتحاد السوفيتي،
وتم ربط الريف بالمدينة عن طريق فتح الطرق، وأصدر قانون الأحوال الشخصية الجديد
على أسس متطورة تُضمَن فيها حقوق المرأة.
ولقد عقدت اتفاقية مع الجمهورية العربية
المتحدة، مع اتفاقيات عديدة أخرى، إلا أن هذه العِلاقة لم تَدم طويلاً فسرعان ما
نشبت الخلافات بين البلدين، ونَهجت الحكومة العراقية في عهده دعم الحركات التحررية
الوطنية، فقدمت المساعدات المالية والعسكرية لحركات التحرير في عمان ودول الخليج
العربي، واتخدت سياسة الحياد الإيجابي بين المعسكريين المتنازعين، ودعمت قضية
فلسطين في محافل الأمم المتحدة، ودعت الحكومة العراقية إلى تشكيل جيش التحرير
الفلسطيني، وعَقدت العديد من الاتفاقيات والعلاقات مع الدول الاشتراكية
والمُحايدة، وبهذا كسرت التعامل مع الغرب فقط الذي كان يسود في العهد الملكي،
وانسحب من الاتحاد العربي الهاشمي بعد ثورة 14 تموز، وقضى العراق على النفود
الأجنبي في البلاد وبخاصة النفوذ البريطاني.
انتهى حُكمه بانقلاب قام به حزب البعث
والقوميون العرب في 8 شباط، 1963 وقُتل في 9 شباط.
في 7 تشرين الأول عام 1959، تَعرض عبد الكريم
قاسم إلى مَحاولة اغتيال في شارع الرشيد، بغداد، نَقل على إثرها إلى المُستشفى وقد
جُرح أحد مُرافقيه، بينما قُتل سائقه، ولقد تَضاربت الأنباء حول الجهة التي قامت
بهذا العَمل، ففي الساعة 6:30 صباحاً من 7 تشرين الأول، أطلق عبد الوهاب الغريري
الرصاصة الأولى نحو سيارة عبد الكريم قاسم، ثم تلتها إطلاقات من بقية أعضاء
المجموعة المُكلفة بالتنفيذ. وفي لَحظة قُتل السائق، وأصيب المرافق قاسم الجنابي
بعدة طلقات. أما صاحب الطلقة الأولى عبد الوهاب الغريري فقد سقط قتيلاً برصاصات
أطلقت عليه من قبل بعض أعضاء الجماعة. كان الدور المرسوم لعبد الوهاب الغريري هو
أن يقوم بإلقاء قنبلتين، الأولى لنسف السيارة التي تَقل عبد الكريم قاسم والثانية
قنبلة دخان تُلقي في الشارع لكي يَتسنى للمنفذين الهروب، ولكن الغريري اُصيب
برقبته بطلقة، وتركت جثتهُ في مكانها دون أن يَسحبها المُنفذون.
اشترك في هذه المحاولة ستة أشخاص رسميين في
العملية وهم: إياد سعيد ثابت وخالد علي الصالح وأحمد طه العزوز وسليم عيسى الزيبق
وعبد الحميد مرعي وسمير عزيز النجم وعبد الوهاب الغريري . أما الأعضاء المساندون
لهم فهم كل من صدام حسين التكريتي وعبد الكريم الشيخلي وحاتم العزاوي. وقد أصيب
الأولان بجروح واستطاعا الهروب إلى سوريا.
في صباح يوم 8 شباط عام 1963، كان يوماً مميزاً
عن بقية أيام ذلك الشهر في بغداد. أشعة الشمس هادئة، والرياح نسمات تطوف الأجواء،
وكان يوم جمعة (العطلة الأسبوعية) حيث حركة العربات والبشر بطيئة مقارنة مع بقية
أيام الأسبوع، فضلاً عن مصادفته في شهر رمضان (14 منه). ومعظم أهالي بغداد
الصائمين وغيرهم يسهرون الليالي ويتأخرون في الاستيقاظ صباحاً، ووسط ذلك، كانت
أعداد من السيارات المتجهة إلى "أبو غريب" المنطلقة من معسكر الوشاش
أكثر نسبياً من أي يوم جمعة رمضاني مضى، وبحكم العادة فإن الناظر يتصور إنها متجهة
إلى الحبانية. وكانت الكتيبة الرابعة تلك
الكتيبة التي تقرر منذ زمن طويل أن تكون نقطة انطلاق الثورة التي قرر حزب البعث
العربي الاشتراكي - قيادة قطر العراق - القيام بها ضد حكومة عبد الكريم قاسم. كانت
الخطة أن يلتقي الضباط البعثية والقوميين إلى مقر كتيبة الدبابات الرابعة، وكانت
المسافة محسوبة بدقة بحيث يصلون في الوقت المُحدد، وكان الحزب قد أعد وبعث مسبقا
جهاز تسجيل وأشرطة وأناشيد وطنية إلى مرسلات البث الإذاعي المباشر في أبي غريب.
ولا تبتعد المرسلات عن الكتيبة سوى مائتي متر. وتقع في طريقهم إلى الكتيبة. وأن
الأمور مُرتبة بشكل دقيق جداً، وسيستقبلهم آمر سرية المرسلات وهو ضابط بعثي مبلغ
بساعة الصفر ليرشدهم فوراً إلى استوديو احتياطي مُعد أساساً من قبل إدارة عبد
الكريم قاسم لاستخدامه في التسجيل والإذاعة الاضطرارية فيما لو حصل طارئ أو أي خلل
آخر، وتذهب ثلاث دبابات إلى محطة البث من الكتيبة الرابعة يقودها كل من المقدم عبد
الستار عبد اللطيف والمقدم محمد المهداوي والرئيس أول جميل صبري، ولكن لن يكون في
هذه الدبابات أي عتاد خفيف أو ثقيل كما أنها مُعرضة للعطل، لأن واحدة منها أو
جميعها ربما تكون مفرغة من ماء التبريد، وكان يجب أن يصلوا إلى إذاعة ابي غريب
ليذيعوا البيان الأول وما يتبعه من بيانات وتوجيهات أخرى لإذاعتها إلى أن يتم
الاستيلاء على إذاعة بغداد الرئيسية في الصالحية. وآنذاك تعود مرسلات أبي غريب إلى
واجباتها الأصلية وهي استلام الإشارات من إذاعة بغداد وبثها إلى كافة أنحاء
العراق.
0 التعليقات:
إرسال تعليق