الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، أبريل 19، 2020

هل الثورة الرقمية جعلتنا أغبياء بل وأكثر غباء ؟ أليكساندر أوسكان* ترجمة عبده حقي

أثير في الآونة الأخيرة في عديد من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية الحديث عن تأثير تكنولوجيا المعلوميات والأجهزة المحمولة وتسببها في غباء وكآبة المجتمعات .
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو في ما إذا كان لهذه الأجهزة المحمولة والحضور الدائم في شبكة التواصل الاجتماعي وخاصة بين أوساط الشباب و القاصرين تأثير سلبي على حالتهم الذهنية .
تحدثت ( Daria Sokologorskaya) داريا سوكولوجورسكايا في مقال لها على موقع سيغما (Sigma ) عن تأثير أجهزة الكمبيوتر والإنترنت في جيل الشباب على مستوى تعلم القراءة والكتابة  قائلة : " إنني أفهم وقد يبدو هذا أمرا غريباً بعض الشيء ، كون الأطفال في نفس الوقت لا يعرفون حقًا كيفية التعامل مع النصوص
و الحضور في الشبكات الاجتماعية ، حيث تبنى كل الأشياء أساسا على النص . لكن انظروا جيدا إلى رسائلهم . فالمحتوى عبر الإنترنت يتم إنتاجه من قبل العديد من المتحمسين ومئات العلامات التجارية وما تبقى فهو تكرار لما نشر بشكل قوي.
في الوقت نفسه وكيفما كان المنشور شخصًا أو ختمًا أو رسالة حول الفيلسوف بودريار Baudrillard فقد يشير هذا أيضًا إلى الأمية الوظيفية . " إن المؤلف مقتنع جدا بأن الولوج المبكر إلى التدفقات المعلوماتية التي تجلب المتعة والاسترخاء يؤدي إلى تدهور وضمور في وظائف التفكير التركيبي والاصطناعي ." في نفس المقال تمت الإشارة إلى أن ستيف جوبز Steve Jobs  وبيل جيتس Bill Gates قاما معا بانتزاع الأدوات الإلكترونية من أطفالهم على اعتبار أن استخدامها يضر بهم ، كما حظر Chris Anderson كريس أندرسون الأمين العام للمؤتمر السنوي للمؤسسة الأمريكية الشهيرة  (Technology Entertainment Design) عن أطفاله استخدام الأجهزة الإلكترونية المنزلية لأكثر من ساعتين في اليوم . من جانبهم اتهم الأطفال أولياء أمورهم بأنهم "فاشيون ومنشغلون جدًا بالتكنولوجيا ". " وأرى أن خطر استخدام الإنترنت بشكل مفرط ولا مثيل له يقول ك. أندرسون " لقد رأيت أن المشاكل التي كنت أواجهها ولا أريد أن يعاني منها أطفالي ".
وقد أشار مقال في نفس الموضوع على موقع بيكاميلون (picamilon ) الذي ينشر وثائق حول علم النفس والطب النفسي إلى أن " هذا الجيل الذي ولد في العصر الرقمي  يترعرع من دون أن يعلم شيئا عن عصر الأمس الذي عاشته الإنسانية من دون شبكة ويب كونية  . إن الأشخاص المدمنين على الممارسات الإلكترونية قد يتحولون إلى كائنات موشومة بتأثير التقنية ما يسمى ب(cyborgs) ويتحدثون إلى هواتفهم الذكية من خلال برنامج Siri . كما قال بيل كيلر Bill Keller رئيس التحرير الأسبق لصحيفة نيويورك تايمز : " إن الإنترنت يسرق أرواحنا حيث يضيع الدماغ في سحابة البيانات والأقراص الصلبة وذاكرة الهواتف المحمولة تزيل ما تبقى من ذاكرتنا.
إن تطوير التقنيات الرقمية يؤدي إلى تراجع في تشغيل وظائف الدماغ وأن التواصل بين الخلايا العصبية يضعف بشكل ملحوظ مما يتسبب حسب رأي البروفيسور مانفريد سبيتزر Manfred Spitzer مدير عيادة الطب النفسي الجامعي في أولم Ulm بألمانيا في مرض الزهايمر والخرف والأمراض التنكسية الأخرى.
كما أكد علماء آخرون من الصين وتايوان وسنغافورة حيث الإدمان على الكمبيوتر يعتبر تهديدًا خطيرًا لواقع الصحة في مجتمعاتهم . لاحظ العلماء الصينيون تغيرات سلبية في المادة الرمادية تتجلى في انخفاض يقدر ما بين  10 و 20 ٪ في المنطقة الخاصة بالكلام والذاكرة والحركية وهذه التغييرات تتناسب مع المدة الزمنية التي يقضيها الشخص أمام الحاسوب . وقد سجلت جامعة ويسترن ريزيرف (Université Western Reserve) علاقة مباشرة بين إرسال العديد من الرسائل النصية القصيرة sms وزيارة الشبكات الاجتماعية وحالات التوتر والاكتئاب والميول الانتحارية . في إسرائيل وقبل بضع سنوات تم التأكيد بشكل علمي على الحالات الأولى من الذهان التي تسببها شبكة الإنترنت .
حتى الشعور بالوحدة يمكن أن يكون نتيجة هواية الإفراط في استخدام الإنترنت. فوفقاً للبحث الذي أجري في جامعة ستانفورد تقضي الفتيات الأميركيات من 8 إلى 12 عامًا ما يقرب من سبع ساعات يوميًا في الاتصالات عبر الإنترنت وساعتين فقط في اجتماعات حقيقية وهن في نفس الوقت مشغولات بهواتفهن المحمولة.
ومع ذلك هناك وجهة نظر معاكسة . هكذا وعلى سبيل المثال كتب أليكسي أليكساندو Alexey Aleksenko في موقع سنوب "Snob" : " أجل لقد أثر الكمبيوتر والإنترنت على طريقة البعض في التفكير ولكن ليس بشكل سلبي فقط . لم يكن دائما من الضروري الحفظ والتخزين ولكن أيضا من وجهة نظر إيجابية فقد تم تحرير قوة الدماغ من أجل تحقيق المزيد من المهام الإبداعية ... وهذا يعني أنه من خلال استخدام الإنترنت فإن الجيل المعاصر صار قادرا على الوصول لمثل هذه الدرجات من التقدم التي صعدناها بعد حفظ العشرات من القصائد . ثم لماذا الإلحاح على تعليم الشباب وتلقينهم إذا كانوا يستطيعون ذلك بمساعدة محرك البحث جوجل . "وقد تم تأكيد هذا الرأي الذي أدلى به ألكسينكو من خلال نتائج البحث في جامعة كاليفورنيا والذي فحص أدمغة المبتدئين وذوي التجربة من خبراء Google ." واتضح أن المستخدمين ذوي الخبرة لديهم مناطق في أدمغتهم تصير أكثر تمددا عندما يعملون على الإنترنت المسؤولين عن "الصور المرئية واتخاذ القرارات والتفكير المعقد".
لقد قيل قديما " لا شيء يمكن تجاوز مقياسه ". يمكن أن يعزى هذا القول على سبيل المثال إلى استهلاك السكر أو اللحوم أو الكحول وأيضا إلى الحماس الناتج عن استهلاك الإنترنت . من الواضح أن هذا الوباء سوف يتناقص مع مرور الوقت ، لكن ما هو أساسي فيه أنه سيبقى إيجابيًا . سيتم تسليح الدماغ البشري بفرص جديدة وسيتم إعادة توزيع دور الذاكرة بهدف الحفاظ على الحقائق والأرقام اللازمة للعمل على الإنترنت وسيتم أخيرا تحريرها من المعلومات غير الضرورية .
ــ أليكساندر أوسكان رئيس مجلس إدارة جمعية موزعي المطبوعات
La révolution numérique nous rend stupides et stupides?!  Alexander Oskin

0 التعليقات: