الجانب المظلم للإنترنت "داركنيت" ؟ عبده حقي

بالنسبة للعديد من مستعملي الإنترنت يبدأ البحث عن مواقع الويب باستخدام محرك البحث الأول عالميا غوغل وينتهي هناك أيضًا. وهناك عدد قليل من الناس من يعرفون أنه إلى حد بعيد لم يتم إدراج كل المحتوى الموجود على الإنترنت أيضًا في محركات البحث التقليدية. لكن في المقابل الإنترنت أكبر بكثير مما يتصورون .

يُطلق أيضًا على المحتوى الذي يتم البحث عنه وإدراجه بواسطة محركات البحث اسم "الشبكة المرئية" أو "Surface Net" وهي مجموع أجزاء الإنترنت التي يمكن للجميع الوصول إليها بحرية أو التي يمكن البحث فيها باستخدام محركات البحث.

بالإضافة إلى "الشبكة المرئية" هناك أجزاء كبيرة من الإنترنت غير مرئية عبر محركات البحث ذات سمعة سيئة هو ما يسمى بالإنترنت المظلم  .

لا توجد شيء اسمه شبكة مظلمة واحدة بل هناك عدد كبير من الشبكات المظلمة وكلها تندرج ضمن هذا المصطلح لأن هيكلها الفني يختلف بالفعل بشكل كبير عن إنترنت الداب ويب والذي غالبًا ما يشار إليه بشكل غير صحيح أيضًا باسم  دارك نيت.

يتم تنظيم الإنترنت المظلم تقنيًا بشكل مختلف عن "الشبكة المرئية". إن تنظيم "الشبكة المرئية" يتم في الغالب عبر اتصالات الخادم والمستخدم. بمعنى آخر لاستدعاء أي موقع ويب يقوم المستعرض الخاص بإنشاء اتصال إنترنت بخادم الويب الخاص. يتم تخزين جميع المحتويات التي يمكن العثور عليها على هذا الموقع على خادم الويب.

يشبه البنية الفنية للشبكة المظلمة "داركنيت" إلى حد كبير شبكة من نظير إلى نظير (P2P) على عكس أنظمة الخادم-العميل الكلاسيكية لا يوجد كمبيوتر مركزي يمكن من خلاله طلب المحتوى في شبكات P2P  ولكن لكل كمبيوتر حقوق متساوية ويمكنه تقديم المحتوى أو الوصول إليه.

لا يمكن الوصول إلى داركنيت أيضًا عبر المتصفحات العادية مثل فايرفوكس أو كروم  ولكن عبر برامج خاصة . في حالة انضمام عدد معين من أجهزة الكمبيوتر معًا باستخدام نفس البرنامج ، يمكن وصف هذه الشبكة بأنها شبكة من الشبكة المظلمة.

تشترك الشبكات المظلمة في شيء مهم آخر. كقاعدة عامة فإنها تتيح إخفاء الهوية على نطاق واسع. بينما يترك كل زائر للإنترنت "العادي" آثارًا رقمية طوال الوقت تقريبًا فإنه من الصعب جدًا حتى على الأجهزة السرية مراقبة ما يحدث في الشبكات المظلمة. هناك على سبيل المثال خدمات التشويش مثل " Tor"  والتي تجعل من الممكن إخفاء هوية عنوان IP الخاص بالفرد.

أشهر شبكة داركنيت على الأرجح هي "شبكة  تور كما هو موضح يعتبر تور في البداية شبكة لإخفاء هوية بيانات الاتصال. لا تستخدم الشبكة لإخفاء هذه البيانات فحسب بل توفر أيضًا عددًا مما يسمى "الخدمات المخفية" التي يمكن الوصول إليها من خلال متصفح تور هناك أيضًا ما يعادل عناوين الإنترنت في شبكة تور وكلها تنتهي بـ .onion ويمكن العثور عليها باستخدام أدلة ارتباط خاصة.

ونظرًا لأنه لا يوجد داركنيت واحد فقط ولكن هناك العديد من داركنيتات إن صح التعبير فهناك أيضًا محتوى مختلف جدًا بشكل طبيعي. ورغم ذلك فإن داركينت تعتبر بحق ملعبا محصورا للمجرمين.

هناك العديد من العروض الإجرامية على الشبكات المظلمة. يمكن شراء المخدرات والبنادق والمواد الإباحية للأطفال من هناك.

على سبيل المثال لقد أصبح ما يسمى بـ "طريق الحرير" والذي كان نوعًا من مراكز التسوق للعروض غير القانونية على ذائع الصيت.

ومع ذلك هناك أيضًا مجموعة من المحتوى القانوني. على سبيل المثال ، يقدم فيسبوك أيضًا إصدارًا.

سيكون فهم الشبكات المظلمة كمنصة خالصة للأنشطة غير القانونية أمرًا خاطئًا. لم يتم إنشاؤها من قبل المجرمين أو من أجلهم ولكن لها ميزة يقدرها المجرمون بشكل خاص: إخفاء الهوية على نطاق واسع. لذلك يمكن مقارنة الشبكات المظلمة بأحياء المدينة التي يوجد فيها القليل جدًا من رجال الشرطة. في العالم الحقيقي أيضًا "تزدهر" الجريمة في مثل هذه الأماكن لأن خطر اكتشافها قليل جدا.

من ناحية أخرى يوفر إخفاء الهوية أيضًا ميزة أخرى مهمة: حماية البيانات. وبالتالي فإن الشبكات المظلمة هي أيضًا مثيرة جدًا لتلك المجموعات التي تعتبر إخفاء الهوية أمرًا بالنسبة لها. يتم استخدام الشبكات المظلمة على سبيل المثال من قبل نشطاء الحقوق المدنية أو المنشقين أو المبلغين عن المخالفات للإبلاغ عن المظالم في الدول أو المجتمع.

Posted in: مقالات إعلامية