الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، يوليو 22، 2021

حوار مع الشاعرمحمد بودويك حاوره : عبده حقـــي


نعود لنشر هذا الحوار ضمن سلسلة الحوارات التي أجريناها في سياقات ثقافية مختلفة لعلها تسعفنا في تشكيل صورة للمشهد الثقافي السابق ومن جانب آخر استشراف ما هو آت مما قد سبق :

تستعد الفعاليات الثقافية المغربية للإحتفاء بالذكرى الفضية الخمسين لتأسيس إتحاد كتاب المغرب .. خمسون سنة من عمرالإتحاد عرف فيها مسارهذا الإطار الثقافي المغربي العتيد العديد من الإنجازات على المستوى الوطني والعربي كما عرف فيها أيضا العديد من الإخفاقات الناتجة اساسا عن صراعات الداخل وإكراهات الخارج .

وتتشرف مجلة إتحاد كتاب الإنترنت المغاربة الإلكترونية بأن تفتح هذا الحوار مع الكاتب محمد بودويك عضوالمكتب المركزي ومكلف بالإعلام في الإتحاد بهدف تـقريب وجهة نظره من ماضي وراهن ومستقبل الإتحاد في ظل التحولات الثقافية والسياسية والإعلامية التي يعيشها المغرب والعالم العربي وكذلك في ظل الإنقلابات الحاصلة في تعدد أسناد النشروتداعيات ذلك على الوضع الإعتباري للكاتب المغربي بصفة عامة .

1 ــــ بداية السي محمد بودويك نصف قرن بالتحديد إنصرم من عمرإتحاد كتاب المغرب عاش فيها كل أشكال التضييق والصراعات المركزية والفروعية كما عايش زلازل سياسية مغربية وعربية منذ أواسط الستينات إلى الآن . طبعا لستم راضون عن المكاسب الراهنة ، لكن في المقابل كيف تقيمون أنصاف المكاسب التي تحققت ؟

            1-الرضا التام غير وارد، إذ الرضا علامة اليقين الموهوم، والإنجاز النهائي الكاذب. لكن، بالمقابل، توجد قناعة نسبية بأن ما حققه اتحاد كتاب المغرب كاف ليجعلني أقول بأن وجوده المادي والأدبي والرمزي، شكل اختراقا للبنيات الفكرية الآسنة، والمنظورات التقليدية للأشياء والواقع والناس.

اشتغل اتحاد الكتاب طيلة عقود بفسيفساء متنوعة من المثقفين العضويين، من مشارب وقناعات ومباديء إيديولوجية وسياسية مختلفة، تَنْتَسِبُ إلى حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي ومنظمة العمل الديمقراطي (آنذاك)، وحزب الطليعة، وحزب التقدم والاشتراكية، وبعض المثقفين المستقلين لكن الذين يحملون السؤال المؤرق التاريخي: كيف نجعل وطننا ينخرط في معترك النهوض والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ويقطع –إلى غير رجعة- مع فلول الاستعمار والأوليغارشيا، والمتنعمين بظل المؤسسات الحاكمة، و”الكواسج” الجدد.

فقد انفتح اتحاد كتاب المغرب على الأفق  المغاربي والعربي، وكرس –كما سبق- ثقافة حداثية مَسَّتْ ولامست أشكال التعبير المختلفة، والمقاربات الفكرية المتنوعة- الإشكالات، والأسئلة الرائجة في الحقل الثقافي التي كان ينغل بها المغرب.. في فترات السبعينيات و الثمانينيات، وصولا إلى التسعينات.

وستخرج المنظمة في لحظة أساسية، من شرنقتها، وعدم الإكتفاء بواحدية التوجه العام: (اليساري الاشتراكي) إلى سن ثقافة الاعتراف بالرموز التاريخية التي ساهمت في إرساء وإذكاء الحركة الثقافية الوطنية، وفتح الباب في وجه الأدباء الشباب الذين عملوا على ضخ دم جديد في ممارسة الاتحاد، وفي نشر إشعاعه، إذ كانت الأصوات الجديدة إغناء لاَفِتًا وإثراء عميقا لبنى وأسس وأبعاد اتحاد الكتاب، وترسيخا لقيم الأدب والفكر الجديدين من جهة ثانية، ثم تكريسا لمهام الحداثة والتحديث.

2 ــــ منذ التأسيس والإتحاد يستمد قوته من استقلاليته (النسبية) وعدم مساومته لأية جهة سياسية مقارنة مع إتحادات عربية أخرى ، عماذا سوف تراهنون في المستقبل ليبقى الإتحاد وفيا لمبدئ الإستقلالية ؟

2-على رغم رئاسة الاتحاد، على التوالي، من لدن مثقفين مسيسين- ما لم نستثن المؤسس الأول المرحوم – محمد عزيز الحبابي الذي لم يكن منتميا- عبد الكريم غلاب (حزب الاستقلال) – محمد برادة واليابوري ومحمد الأشعري وعبد الرفيع جواهري وحسن نَجْمي (الاتحاد الاشتراكي)، وعبد الحميد عقار، على رغم ذلك، فإن المكتب المسير (المكتب المركزي) كان يضم جل الحساسيات السياسية الوطنية والتقدمية النشيطة في البلاد. ومع توحده في الرؤيا، والمتكأ الإيديولوجيين، بما يعني اشتراكه في مباديء وقيم الديمقراطية و الحداثة والتقدمية، فلاشك أنه كان عامل تنويع وتخصيب ودينامية ثقافية وتدبيرية جد معتبرة عبرت عن نفسها، وترجمت تماسكها وتشوفها على مستوى التيسير، والتدبير، وإدارة الثقافي وطنيا وعربيا.

تأسس اتحاد كتاب المغرب على الاستقلالية والتقدمية والجماهيرية والديمقراطية، الاستقلالية بإزاء التحكم والاستحواذ الحزبين –كائنا ما كان هذا الحزب- وبإزاء النظام الحاكم، والمؤسسات الممثلة له، والتي حاولت –في غير مناسبة- اختراقه، وتفجيره، وإحلال بيادق تابعة خانعة لفرض وتصريف ثقافة المخزن، ما يعني زرع ثقافة الاستسلام والتواكل والتبعية و”الأبراجية”، والتقليدانية. فهل نجح الاتحاد في هذا الرهان؟ يمكن القول بكل اطمئنان: إنه نجح إلى حد بعيد، إذ ظل خلال عقود عديدة مشاكسا، ومخلخلا للبنيات التقليدية، ومنافحا عن الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، ومنددا بكل أساليب الحجر، والتضييق والقمع التي انتهجها النظام وأزلامه في حق مناضلات ومناضلين دفعوا الثمن غاليا من أجل أفكارهم التقدمية، ومواقفهم المبدئية في الحياة الحرة الكريمة. وكل من يرمي هاته المنظمة العتيدة بتهمة عدم الاستقلالية حيال السلطة والمؤسسة الحاكمة، لا يعدو أن يكون ظالما لها، ومفتريا عليها : (إنني لا أنفي حضور التوجيه الحزبي في بعض المحطات الدالة، والفضول “السياسي” المسطح بما يفيد دس الأنف في الشأن الثقافي للتحكم في زمام التسيير والبرمجة وصولا إلى الإقصاء). وما تلكؤ السلطة في منح اتحاد الكتاب، صفة المنفعة العمومية لأكثر من ثلاثة عقود منذ التأسيس، إلا دليل على استعصاء المنظمة عن التدجين، والتهجين، وفشل الحاكمين في اختراقها، ومن ثم توجيهها، والتحكم في حاضرها ومستقبلها بما يعني رهن استراتيجيتها الثقافية، وفق مخطط حكومي رُمِيَ في الفترة إياها، باللاشعبي واللاديمقراطي.

فكيف أراهن على مستقبل المنظمة الثقافية التي هي اتحاد كتاب المغرب، والحال أن مستقبلها من صنع مثقفيها ومبدعيها، والمنتسبين إلى ميثاقها، وقوانينها التنظيمية، واستراتيجيتها الثقافية التي هي خارطة طريق تقود الخطو،  وتيسر البرمجة، والاشتغال المرحلي. نعم، يمكن الحديث –الآن- في سياق الحراك الاجتماعي –السياسي الجديد، عن مماشاة التغيير، والفعل في مسار الأحداث والوقائع، والعمل على الارتقاء بالثقافي في ترابط عضوي بالسياسي بالمعنى الشامل والنبيل للسياسي وطرح المماحكات التافهة جانبا، من أجل تدبير الاختلاف المشاربي السياسي، وتنسيبه، إذا أريد للمنظمة أن تعيد عافيتها، وتسترد توثبها وعنفوانها وروحها.

3 ــــ عرفت أواخرالتسعينات من القرن الماضي إثارة مسألة تحويل منظمة الإتحاد إلى جمعية ذات النفع العام . ومن أجل تنويرالرأي العام ، أين وصل هذا الملف المطلبي الهام ؟ ثم ألا تخشون أن يكون هذا المكسب بمقابل تنازلات هي من رصيد الإتحاد النضالي ؟

3-أشرت قَبْلاً، إلى أن هذه الصفة: صفة المنفعة العمومية، أو النفع العام، لم يُسْتَجَبْ لها من طرف الدولة إلا بعد تَلَكُّؤ ولَأْي بعد أن سلخ الاتحاد من عمره أزيد من ثلاثة عقود، أما وقد استجيب للاتحاد، ومنح الصفة التي يفترض أن تخول له “الماء والمرعى” أي إطلاق الأنشطة الثقافية، وتصريف برنامجه العام، وبرامج الفروع والجهات، فإنها ظلت كتلك العجلة الصدئة التي لا تتحرك رغم التنظيف والتزييت، فلا نفع عام ولا يحزنون.

علما أن تخصيص ميزانية أو اعتماد مالي لتمويل أنشطة المنظمة –على غرار جمعيات أخرى نالت أكثر مما تستحق- هو حق ثابت من حقوق المنظمات الثقافية الفاعلة، والحال أن الاتحاد فاعل جمعوي قوي، إذ تعدت فاعليته وحضوره الثقافي الضارب والمركوز، حدود البلاد، فأضحى يحظى بتقدير واحترام مخصوصين من قبل منظمات واتحادات الكتاب والأدباء العرب.

من هنا، فإن المنظمة تعتاش ثقافيا على منحة وزارة الثقافة، ومنحة المجلس البلدي، وهما منحتان لا يمكن، بحال، أن تلبيا انتظارات الاتحاد، وتستجيبا لبرامجه وأفقه. وإذا اعتبرنا أن وضع “شقة” ضيقة رهن الاتحاد –في ولاية الشاعر حسن نَجْمي- إعمالا وأجرأة لهذه الصفة، فنحن نقر بهذه “الصدقة” التي لم تتبعها صدقات، وهو ما يفرض رفع سقف المطالب من أجل إقرار الصفة، وخوض أشكال نضالية بغاية تنزيل بنودها.

ولا مجال لاعتبار المكسب –إذا تحقق بحذافيره كلها- مِنَّةً أو صدقة” أو “إحسانا”، يستوجب –بالمقابل- تلبية طلبات المانح المضمرة، وإلا فإن كل الجمعيات الفاعلة ثقافيا وتربويا، وحقوقيا، وكل الجرائد والصحف، والنقابات والأحزاب السياسية، التي تمنح من طرف الدولة ما به تقيم أودها، وتفعل، برامجها وأنشطتها، تعمل بحسب شروط المانح، وترفع عقيرتها في غدوها ورواحها- بالتهليل له والمديح، بحسبان هذا المنطق.

4 ــــ ماهو تصورك من موقعك كمكلف إعلامي بالإتحاد بعد المؤتمرالقادم في عهد وزيرللثقافة من حزب إشتراكي يساري ضمن تشكيلة حكومية يترأسها حزب إسلامي خصوصا ما تعلق بحرية الإبداع الفني والأدبي ، وهل الإشارات الحالية من الحزب الذي يترأس الحكومة مشجعة ؟

4-في اجتماع لنا مع وزير الثقافة الأستاذ الصبيحي، ما يبعث على التفاؤل والتطمين، طالما أن الرجل غير غريب على الميدان، فهو سليل بيت علم ومعرفة، ومدرك لأهمية الثقافة كمدخل أساس للتنمية، وبناء إنسان الألفية الثالثة. ومدرك، بعد ذلك –لحال الثقافة المغربية،  وعدم إيلائها الاعتبار المطلوب. لهذا، فتفاؤلي مسنود. غير أن إشارات ما، وممارسات معينة، وكلاما يطلق، أحيانا –على عواهنه- من قبل مسؤولين وأتباع محسوبين على حزب العدالة والتنمية، تكدر صفاء الصورة المتفائلة التي رسمت قبل حين، وتُغَبِّشُ الأفق المفتوح، الأفق المنتظر. فما نسمعه وما نقرؤه وما يصلنا من لغو بخصوص المهرجانات الفنية السينمائية، والغنائية. وما دَبَّحَهُ دفتر التحملات للتلفزيون المغربي، من بنود لعل فيها ما يصادر حرية البرمجة، وإطلاق المواد الحية والمنشرحة، كل ذلك أشياء تبعث على الخوف، ولكن تتطلب منا رفع سقف التصدي واليقظة عاليا.

5 ــــ من الأسئلة الشائكة القديمة الجديدة سؤال يتعلق بالعضوية وما أثاره من إنتقادات تضرب أحيانا في مصداقية الإنتماء للإتحاد ، أليس الظرف التاريخي اليوم مواتيا للتفكيرفي تعديل شروط العضوية خصوصا في ظل التحولات الحاصلة في واقع النشرالورقي والإلكتروني ؟

5-قيل الكثير عن “العضوية” الممنوحة، وهذا الكثير الذي قيل يدمغ المكتب التنفيذي (المركزي سابقا)، بالتواطؤ، والمحسوبية، والزبونية، والإخوانية..إلخ. والحال أن العضوية –كما تعلم- لا تصنع كاتبا، ولا تضفي مصداقية نوعية، وقيمة مضافة، على ما يكتبه الكاتب. فهناك أصدقاء كثيرون لهم قيمتهم الاعتبارية ثقافيا –في البلاد- من دون أن ينتسبوا إلى المنظمة بطائقيا، إما لأنهم زاهدون في اللقب الرسمي، والأضواء، أو لأنهم يعتقدون –أن الجمعية- أيا كانت – هي قيد رسمي- وَحَرِيٌّ بالكاتب أن يكون حرا، وأن كتابته هي ما يرفعه أو يضعه، لا الجمعية. ومع ذلك، وبعيدا عن المَعْيَرَةِ : أي بعيدا عن الاستناد إلى المعايير، وأية معايير؟، فإن المكتب التنفيذي، بمعية –أحيانا- أدباء لهم اعتبارهم في المشهد الثقافي العام- هو من يمنح العضوية لهذا، ويحجبها عن ذاك، في ضوء تقديرات يصعب توصيفها: إذ يتداخل فيها الذاتي بالموضوعي، الانطباعي الشخصي، بالمنهجي الصارم، الذوق بالثقافة.. إلخ. ولذلك، ظل منح العضوية مثار نقاش وسجال، ومحط تهجم وانتقاد، ونيل من مصداقية المنظمة.

صحيح أن الظرفية التاريخية مواتية –اليوم- وسياقها قمين بحملنا جميعا، على التفكير في تعديل شروط العضوية، و”عقلنة” المعيرة” ولو بشكل نسبي يتغيا الموضوعية والإجماع، وعرض الطلب على أكثر من لجنة إذا استشكل الأمر، ودب النزاع، والأخذ  والرد. 

ومن ثمة، فالحاجة ماسة إلى تعديل القوانين التنظيمية للاتحاد، بما يتماشى والتحولات والهَبَّات الثقافية والسياسية والاجتماعية، من جهة، وبما يجعل اتحاد كتاب المغرب بعد المؤتمر 18 على موعد مع توصيف جديد للكاتب(ة) المغربي.

وهذا ما يجعل السؤال المسكوت عنه يتلع الرأس على الشكل التالي :

ما المراد باتحاد كتاب المغرب؟ هل هو اتحاد للأدباء والأديبات بحصر المعنى؟ أم اتحاد لكل كاتب(ة) حتى ولو اقتصر على أطروحة دكتوراه في الأدب؟ هل من الجائز أن يكون كتاب الاقتصاد والعلوم، أعضاء في الاتحاد؟ وهل ينتمون بمنطق التسمية ومنطوقها إلى الكتاب والأدباء؟ وأصحاب الأطاريح الذين ينتسبون إلى المنظمة اسميا ثم ينطفئون، ومع ذلك يحسبون على الاتحاد؟ إلخ.. إلخ.. فالسؤال يتناسل.

6 ــــ لاشك في أن النشرالإلكتروني قد أسهم كثيرا في تفجيرطاقات كتاب شباب على الخصوص غبنهم النشرالورقي ومنهم من تعرضوا للإقصاء الممنهج في الفروع ، من وجهة نظرك كيف يمكن للإتحاد أن يخلق نوعا من المصالحة الرمزية لرد الإعتبارلهؤلاء ؟

6-إذا كان النشر الإلكتروني، أسهم في تفجير طاقات كتاب شباب ظلمهم النشر الورقي بإبعادهم، وعدم الإلتفات إلى إبداعهم، فإنه من جهة أخرى، أسهم في الخلط والخبط، إذ –بذريعة الحرية، وعدم المراقبة، أصبحنا نقرأ “أدبا” مهزوزا، وإبداعا يشكو من أعطاب في البناء واللغة، والتخييل، وفكرا (مقالات) يتسرب من “شقوقها” الشحوب والعَيُّ، والأخطاء، والاضطراب البَيِّن. فأنت أمام شاشة الكبميوتر، تبذل جهدا مضاعفا من حيث متابعة الجيد والجميل والقوي، واطّرَاح الغث والضعيف والمهزوز.

فكيف يستقيم الأمر لديك؟ أليس في الأمر عنت ومشقة ضنكى؟.

فإذا أقصيت هذا الجزء من اهتمامي، وعُدْتُ معك إلى الجانب الآخر الجميل الذي يكتب وفق مواصفات الأدب والإبداع، فإنني أشاطرك الرأي بأن العديد من الكتاب والمبدعين: قاصين وروائيين، وشعراء: (ات)، مورس عليهم إقصاء ممنهج، وإبعاد مقصود، وتهميش عن سابق إصرار وترصد، وقع ذلك خلال فترات أعمت فيه الحزبية الضيقة، والدائرة الإخوانية، أبصار بعض المسيرين والمدبرين للشأن الثقافي، فكانوا –يا للمفارقة- باطشين كالمؤسسة المخزنية التي ينتقدونها.

7 ــــ من دون شك أن الرصيد الثقافي للإتحاد يقاس أيضا بمجموع الإصدارات والمنشورات فضلا عن الأنشطة الثقافية على مستوى المركز والفروع ؟

7-نعم، بَيْدَ أن هذا القياس يصبح مشروعا متى ما عرفنا العراقيل والإكراهات المالية التي يعانيها المكتب المسير، حيث إن طبع ونشر وإصدار كتب ومجلات باسم الاتحاد، تتطلب مالا كثيرا، وتتطلب شراكة حقيقية مدعمة و مساندة لمشاريع اتحاد كتاب المغرب. وهو ما يحدث – في غالب الأحيان- رغم شح المورد. ولا تنس أن الاتحاد ينشر موسميا مجلة “آفاق”، المكلفة وبخاصة في حلتها الجديدة الآن، وعدد مستكتبيها، وكاتبيها.

كما يطبع لأعضائه ما يتوصل به منهم، في أجناس الكتابة المختلفة، باحثا عن المصدر الممول والمُسَوِّق.

زد على ذلك، ما استحدثه الاتحاد في ولاية الشاعر محمد الأشعري، إذ يتعلق الأمر بجائزة الأدباء الشباب، التي يعقبها طبع الأعمال الفائزة، ومكافأة أصحابها.

8ــــ تعيش بلادنا تحولات ديموقراطية رائدة على المستوى العربي لعل من تجلياتها تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة إلى أي حد يمكن إعمال هذا المبدأ على مستوى الإتحاد في الولاية القادمة ؟

8-في كل مؤتمر مؤتمر، يتقدم المكتب التنفيذي بعرض التقريرين: المالي والأدبي، اللذين يعكسان، بالمعطيات الرقمية، والبيانات المدعومة بالفواتير والحسابات، حصيلة عمله بين المؤتمرين، وهما التقريران اللذان يناقشها المؤتمرون قبل التصويت عليهما بالمصادقة من عدمها.

وبالتالي، فالمحاسبة قائمة وناجزة في تحديد المسؤوليات، مسؤولية النجاعة في التدبير، أو التقصير في إدارة الشأن الثقافي والتسيير.

وعلى ذلك، فالميزانية تعرض على لجنة افتحاص متخصصة ومدققة، تنبثق عن المؤتمرين ومن المؤتمر. وما ثبت أن جهة –من خارج الاتحاد- انبرت مُمَحِّصَةً، أو طالبة دَسَّ أنفها في تدبير المكتب التنفيذي لملفاته وبرامجه وأنشطته خلال ولايته التسييرية. وهل تعطينا الحكومة مالا وفيرا، وميزانية يتحلب لها الريق، حتى تتبعنا بالافتحاص والمراقبة والمساءلة؟ قصارى ما يأتينا من دعم مالي، بالإضافة إلى بعض المؤسسات العمومية –موسميا وحسب الطلب والحاجة لا يتعدى وزاره الثقافة، والمجلس البلدي.

9ــــ تعرف جل الدول العربية إنتفاضات وعصيانا ضد أنظمة القمع ومصادرة الحريات ، من موقعك كعضوبالمكتب المركزي للإتحاد ومكلف بالإعلام بكل صراحة ماذا قدم إتحاد كتاب المغرب للربيع المغربي والعربي من مواقف وبيانات ومؤازرة ؟؟

9-لم يقدم شيئا ذا بال، بل اتسم موقف الاتحاد بالتذبذب والبلبال، ربما لغموض المساق النضالي لهذه الهَبَّات الجماهيرية، وربما لاختلاط الحابل بالنابل، بما يعني ما تَحَصَّلَ من هذه الهَبَّات أو(الثورات) إذ سُرِقُت من لدن الحركات الإسلامية؛ ما يزيد الأفق التباسا وكدرا، والحاضر –هزهزة ولخبطة- فهل صمت الاتحاد إزاء ما جرى ويجري، وعدم تزكيته ومباركته لحراك 20 فبراير، والثورات التونسية والمصرية واليمينة والليبية والسورية، تقية أم ترجمة لواقع شتات المكتب، وانبهام موقفه، وغبش تصوره حيال الغليان الاجتماعي الجماهيري مغربيا وعربيا.

أضع السؤال، ولا أنتوي الإجابة، لأن الإجابة اصطفاف وتورط.

10ــــ كلمة أخيرة لكل الكاتبات والكتاب المغاربة بهذه المناسبة الخمسينية  ؟

10-أحيي –ختاما- الكاتبات والكتاب المغاربة قاطبة، وأدعوهم إلى الكتابة المسؤولة، والإبداع المؤسس على قيم الحق والخير والجمال، مذكرا إياهم بالذكرى الخميسنية التي هي عمر منظمة عتيدة تاريخية اسمها: (اتحاد كتاب المغرب)، (أقول هذا للجديدات والجدد في عالم الكتابة والإبداع)، وهي المنظمة التي بَصَمَتْ عميقا –مسار الثقافة والأدب والفن، ببلادنا، إذ قُيِّضَ لها من قاد دَفَّتَهَا في بحر لُجَيٍّ، وخِضَمٍّ مضطرب، إلى بَرِّ الفكر والأدب بخصوصية مغربية حديثة وحداثية، انخرطت في سؤال الحاضر والمستقبل، رَاجَّةً البِرْكَة الآسنة التقليدية، والمعيقة للتقدم، والتطور، واندمجت –في معترك الصراع السياسي كاشفة وفاضحة- السياسة اللاشعبية واللاديمقراطية التي أوصلت البلاد إلى الطريق المسدود، وطارحة أسئلة حارقة على فوران المرحلة في أن نكون أولا نكون معرفيا وأدبيا وفنيا، وهو ما يعني تأصيل مغربية الكتابة بتواشج وثيق ومتين مع إبدالات الكتابة والمعرفة مشرقيا وكونيا.

إنها ذكرى يُسْتَطَابُ استرجاعها، من دون الإقامة فيها، لأن السؤال اليوم ليس سؤال الأمس، وأدوات البناء في الكتابة والمسرح والتشكيل والسينما والغناء، غيرها البارحة !

 

0 التعليقات: