هل لعبارة "الربيع العربي" أي معنى أبعد من كونها شعارا صحفيا؟ وبعبارة أخرى، هل هناك في الواقع سمة «عربية» مشتركة بين الأحداث التي جرت مؤخرًا، بأشكال متعددة ومتنوعة، في بلدان مختلفة مثل تونس والمغرب العربي؟ ومصر، القوة الإقليمية الكبرى بلا شك؛ واليمن الفقير، في الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة؛ وجارتها الغنية مملكة البحرين؛ وسوريا في قلب الهلال الخصيب؟ ثورات بالنسبة للبعض، ومؤامرات بالنسبة للبعض الآخر، وانقسام زلزالي حقيقي في تاريخ المنطقة أو مجرد "صدمات" تولد تغييرات شكلية في تنظيم السلطة – هل هناك أي شيء مشترك بين الاحتجاجات الاجتماعية المرتبطة الآن بهذا الاسم أكثر من حقيقة الثورة؟ هل حدثت في مواقع مختلفة تسمى تقليديًا "العالم العربي"؟ أليس صحيحا أن أحد الدروس (المؤقتة بلا شك) المستفادة من "الربيع" هو إعادة اسم كان يميل إلى وضعه جانبا لصالح تسميات مثل "العالم الإسلامي" أو "الوسط الكبير" إلى الموضة؟ "الشرق" يعني المنطقة الممتدة من المغرب العربي غرباً إلى أفغانستان وباكستان شرقاً؟ على أية حال، من الملفت للنظر أن القراءات الأولى لهذه الظواهر - سواء كانت تؤكد على "الإرهاق الاجتماعي" الذي لا يطاق والذي تنتجه الأنظمة الاستبدادية إلى حد كبير، أو التآكل الحتمي للاحتجاج الإسلامي الذي أنهكته نداءاته المسيحية، أو التركيبة السكانية التي لا تقهر إن زخم أجيال طفرة المواليد العربية تتميز جميعها بتبنيها لنفس العدسة العربية حصراً.
كيف يمكن للمرء
أن يفسر هذا الاتفاق - الذي يكون دائما ضمنيا بين المعلقين والمحللين - للتأكيد
على الجانب العربي لهذا الربيع؟ لماذا تعود هذه الصفة، بعد سنوات من النسيان
والعار، إلى الساحة الأكاديمية والإعلامية على حد سواء؟ ما هي عناصر الأحداث
الجارية القوية بما يكفي لعكس اتجاهات اللغة وإعطاء قيمة إرشادية جديدة للمفهوم
الجيوسياسي الذي يعتبره الكثيرون قد سقط في حالة من التقادم؟ إحدى الطرق الممكنة
للإجابة على هذه الأسئلة هي العودة إلى نشأة هذا التعبير، وبالتالي إلى
"اختراع" ما أُطلق عليه منذ ذلك الحين "العالم العربي" في
أواخر القرن التاسع عشر. إذا كان استحضار عالم الخيال السياسي الجديد هذا بالفعل
نتاجًا لسياق تكنولوجي تاريخي مشترك مع صعود القوميات المختلفة في عصر «رأسمالية
الطباعة»، فهل يمكننا أن نفترض أن تجديد الرأسمالية؟
هل
"المجتمع المتخيل" للعرب هو نتيجة لمجموعة جديدة من الظروف التي حلت
فيها تكنولوجيات اليوم محل تكنولوجيات الماضي؟ على خطى ثورة المعلومات والاتصالات
الأولية التي رافقت وصول هذه المنطقة الثقافية إلى العالم الحديث، هل تعمل الشبكات
الرقمية حاليا على إعادة تشكيل العالم العربي المستعد لتأكيد نفسه مرة أخرى ككيان
سياسي؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق