الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، نوفمبر 25، 2024

تطور وضعية حقوق المرأة في ظل حكم الملك محمد السادس: عبده حقي


مما لاشك فيه أن الإطار القانوني والسياسات المتعلقة بحقوق المرأة في المغرب قد تطورت بشكل كبير خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية من حكم الملك محمد السادس . ومن بين المعالم الرئيسية إصلاح مدونة الأسرة في عام 2004، واعتماد دستور تقدمي في عام 2011، وإدخال قوانين تستهدف القضاء على العنف القائم على النوع الاجتماعي. وقد سعت هذه الإصلاحات إلى تحسين وضع المرأة في مجالات مثل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث.

إصلاح قانون الأسرة (2004): منح إصلاح مدونة الأسرة المرأة حقوقاً أكبر في الزواج والطلاق وحضانة الأطفال. واكتسبت المرأة القدرة على طلب الطلاق، وتم رفع السن القانوني للزواج من 15 إلى 18 عاماً. وكان هذا إصلاحاً تاريخياً يشير إلى التحول نحو إطار قانوني أكثر مساواة.

الاعتراف الدستوري (2011): أقر الدستور الذي تم تبنيه في أعقاب الربيع العربي بالمساواة بين الجنسين وتعهد بدعم حقوق الإنسان. وتنص المادة 19 صراحة على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة.

مكافحة العنف ضد المرأة (2018): جرّم القانون 103-13 مختلف أشكال العنف ضد المرأة، بما في ذلك التحرش والاعتداء والعنف الاقتصادي. كما أدخل عقوبات أكثر صرامة على الجناة وآليات لدعم الناجيات.

كما أعطت الحكومة المغربية الأولوية لتعليم المرأة ومشاركتها في القوى العاملة. وقد تحسنت معدلات محو الأمية والإلمام بالقراءة والكتابة بين الإناث بشكل ملحوظ، من حوالي 27% في أوائل التسعينيات إلى أكثر من 70% اليوم. كما اكتسبت المبادرات الرامية إلى تعزيز ريادة الأعمال النسائية وتمثيلها في صنع القرار زخماً. وتشكل النساء الآن ما يقرب من 24% من أعضاء البرلمان، وهو تحسن كبير مقارنة بالعقود السابقة.

ورغم هذه التطورات، فإن مكافحة العنف وعدم المساواة لا تزال بعيدة كل البعد عن التراجع. ولا يزال العنف القائم على النوع الاجتماعي يشكل قضية ملحة في المجتمع المغربي، في ظل الحواجز الثقافية والبنيوية التي تعوق التقدم.

ووفقًا لمسح أجرته المندوبية السامية للتخطيط في عام 2019، أفادت ما يقرب من 58% من النساء المغربيات اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و74 عامًا بتعرضهن لشكل من أشكال العنف. ولا يزال العنف المنزلي منتشرًا على نطاق واسع، ولا يتم الإبلاغ عن العديد من الحالات بسبب الوصمة الاجتماعية والخوف من الانتقام.

وعلى الرغم من أن السن القانوني للزواج هو 18 عامًا، إلا أن الاستثناءات القضائية غالبًا ما تسمح بزواج الأطفال، وخاصة في المناطق الريفية. وتؤدي هذه الثغرة إلى إدامة حلقة عدم المساواة وتعريض الفتيات الصغيرات للاستغلال.

ومن جانب آخر تواجه النساء في المغرب حواجز كبيرة تحول دون مشاركتهن الاقتصادية. فمعدل مشاركة النساء في القوى العاملة هو من بين أدنى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يبلغ حوالي 22%. ويتم تهميش العديد من النساء في وظائف غير رسمية أو منخفضة الأجر، مما يحد من استقلالهن المالي.

ضعف تنفيذ القوانين: على الرغم من وجود قوانين تقدمية، إلا أن تطبيقها لا يزال غير متسق. وغالبًا ما تفتقر الناجيات من العنف إلى الوصول إلى سبل الانتصاف القانوني أو الملاجئ أو الدعم النفسي. ورغم أن القانون 103-13 يمثل خطوة إلى الأمام، فقد تعرض لانتقادات بسبب نطاقه المحدود وتدابير الحماية غير الكافية.

لقد لعبت منظمات المجتمع المدني في المغرب دوراً حاسماً في الدعوة لحقوق المرأة ومكافحة العنف. وقد لعبت منظمات غير حكومية مثل الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب واتحاد العمل النسائي دوراً فعالاً في رفع مستوى الوعي وتقديم الدعم للناجيات والضغط على الحكومة لسن الإصلاحات.

ومع ذلك، تظل المواقف الثقافية والمجتمعية تشكل عائقًا كبيرًا. ولا تزال المعايير الأبوية التقليدية مهيمنة، وخاصة في المجتمعات الريفية والمحافظة. وغالبًا ما تواجه الجهود الرامية إلى تعزيز المساواة بين الجنسين مقاومة، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى حملات تعليمية شاملة وخطاب عام لتحدي الصور النمطية الراسخة.

لقد وضع الملك محمد السادس إصلاحات هامة في مجال حقوق المرأة وتحديثها . وتحت قيادته، اكتسبت قضايا المرأة مكانة بارزة على الأجندة الوطنية. ومع ذلك، يزعم المنتقدون أن وتيرة التغيير كانت بطيئة للغاية وأن هناك حاجة إلى إصلاحات منهجية أعمق لمعالجة الأسباب الجذرية لعدم المساواة.

الإصلاحات التي تقودها الدولة: لقد تم إطلاق العديد من التطورات في مجال حقوق المرأة، مثل إصلاح المدونة، بتوجيه من الملك محمد السادس. وقد أدى دعمه العلني للمساواة بين الجنسين إلى إضفاء الشرعية على هذه التغييرات وتشجيع القبول المجتمعي الأوسع.

الإرادة السياسية المحدودة: على الرغم من الموقف التقدمي للملك، واجهت بعض الإصلاحات مقاومة من الفصائل المحافظة داخل الحكومة والمجتمع. وقد أدى هذا في كثير من الأحيان إلى تقديم تنازلات من شأنها أن تخفف من تأثير الإصلاحات.

وللقضاء على العنف ضد المرأة وتحقيق المساواة الحقيقية بين الجنسين، يتعين على المغرب أن يتبنى نهجا متعدد الأوجه:

تعزيز الحماية القانونية: يجب تطبيق القوانين التي تعالج العنف والتمييز بشكل صارم، مع وضع آليات لضمان المساءلة والعدالة للناجين.

سد الفجوات بين الريف والمدن: هناك حاجة إلى تدخلات مستهدفة لمعالجة التفاوت في التعليم والرعاية الصحية والفرص الاقتصادية للنساء في المناطق الريفية.

تعزيز التمكين الاقتصادي: إن توسيع نطاق الوصول إلى التعليم والتدريب المهني وفرص العمل يمكن أن يساعد النساء على تحقيق الاستقلال المالي والحد من تعرضهن للعنف.

تغيير المعايير الثقافية: يمكن لحملات التوعية العامة الشاملة والبرامج التعليمية أن تتحدى المواقف الأبوية وتعزز القيم الحساسة للجنسين.

دعم المجتمع المدني: إن تمكين المنظمات الشعبية وتعزيز الشراكات بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية يمكن أن يعزز الجهود الرامية إلى مكافحة العنف ودعم الناجين.

إن اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة يذكرنا بأن النضال من أجل المساواة بين الجنسين يتطلب التزاما مستداما وعملا جماعيا. وفي المغرب، شهدت السنوات الخمس والعشرون الماضية في عهد الملك محمد السادس تقدما كبيرا في تعزيز حقوق المرأة. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لمعالجة الحواجز الثقافية والاجتماعية والاقتصادية العميقة الجذور التي تديم العنف وعدم المساواة. ومن خلال تعزيز الحماية القانونية، وتعزيز التمكين الاقتصادي، وتشجيع التغيير الثقافي، يمكن للمغرب أن يقترب من تحقيق رؤيته المتمثلة في مجتمع عادل ومنصف لجميع مواطنيه.

0 التعليقات: