في نوفمبر 2020، أعلنت جبهة البوليساريو من جانب واحد انتهاء وقف إطلاق النار الذي تم تفعيله في عام 1991، مما أدى إلى إعادة إشعال الأعمال العدائية ضد المغرب في صحرائه الغربية. وقد أدى هذا القرار إلى سلسلة من المواجهات، ولا سيما حول بلدة المحبس. ومع ذلك، لم تسفر هذه الممارسات العسكرية عن مكاسب إقليمية كبيرة على الأرض. وبحسب الحاج أحمد بارك الله، وزير سابق في جبهة البوليساريو ومؤسس الحركة الصحراوية من أجل السلام، فقدت المنظمة جميع مواقعها على الأرض منذ نوفمبر 2020. ويؤكد هذا التقييم على التحديات التي تواجهها جبهة البوليساريو في الحفاظ على الاشتباكات العسكرية المطولة ضد جيش مغربي مجهز تجهيزًا حديثا وجيدًا.
لقد أدى الاستخدام
الاستراتيجي للجيش المغربي لتكنولوجيا الطائرات بدون طيار "الدرون " إلى
تعقيد جهود جبهة البوليساريو. وفي حادثة وقعت مؤخرًا، استهدفت قوات البوليساريو حدثًا
احتفاليًا في بلدة المحبس، مما دفع القوات المغربية إلى الرد السريع والقاتل بالطائرات
بدون طيار، مما أسفر عن سقوط ضحايا بين المرتزقة الصحراويين. لا يسلط هذا التفاوت التكنولوجي
الضوء على الطبيعة المتطورة للحرب الحديثة فحسب، بل يضع جبهة البوليساريو أيضًا في
وضع غير مؤاتٍ بشكل واضح، مما يحد من قدرات عملياتها ويقوض تكتيكات حرب العصابات التقليدية.
لقد واجهت مساعي جبهة
البوليساريو للحصول على اعتراف دولي عقبات كبيرة. فقد سحب عدد متزايد من البلدان اعترافها
بالجمهورية الوهمية أو على الأقل علق اعترافه بها. ومن الجدير بالذكر أن دولة بنما،
التي كانت أول دولة تعترف بالجمهورية الوهمية في عام 1978، علقت علاقاتها الدبلوماسية
مع الكيان الدخيل في نوفمبر2024. وعلى نحو مماثل، أعلنت غانا تعليق اعترافها بالجمهورية
العربية الصحراوية الديمقراطية في يناير2025. وتعكس هذه التطورات اتجاهاً أوسع نطاقاً
لتناقص الدعم الدبلوماسي، الأمر الذي يهدم شرعية جبهة البوليساريو على الساحة العالمية.
ويمكن أن يعزى هذا
التراجع في الدعم إلى الجهود الدبلوماسية الاستباقية التي بذلها المغرب، والتي نجحت
في حشد الدعم لخطة الحكم الذاتي في الصحراء. وتقترح هذه الخطة حكماً ذاتياً محدوداً
تحت السيادة المغربية، وهو الاقتراح الذي وصفته بعض الجهات الفاعلة الدولية بأنه
"جدي وواقعي وموثوق". وتشير الولاءات المتغيرة للدول المتعاطفة سابقاً مع
قضية جبهة البوليساريو إلى إعادة تقييم لديناميكيات الصراع وميل متزايد نحو الإطار
الذي اقترحه المغرب.
داخل جبهة البوليساريو،
هناك خطاب متنامي يدعو إلى النقد الذاتي والإصلاح من الداخل. ويؤكد الحاج أحمد باركلا،
الذي انفصل عن جبهة البوليساريو لتأسيس الحركة الصحراوية من أجل السلام في عام
2017، على الحاجة إلى إعادة تقييم المنظمة لاستراتيجياتها وأهدافها. ويزعم أن المسار
الحالي للبوليساريو مؤقت وغير مستدام ويدعو إلى منهج أكثر براجماتية يعطي الأولوية
لرفاهية وتطلعات الشعب الصحراوي.
إن انشقاق باركلا يؤكد
على الانقسامات الداخلية داخل الحركة. ويشير تأسيسه لمنظمة بديلة إلى رغبة بعض الصحراويين
في استراتيجية متجددة تتجاوز المواقف البائدة. ويعكس هذا الدعم الداخلي نحو التغيير
اعترافًا بأن الأساليب التقليدية للبوليساريو قد لا تكون فعالة بعد الآن في معالجة
المشهد الجيوسياسي المتطور.
تتفاقم تحديات البوليساريو
بسبب التحولات الجيوسياسية الأوسع نطاقًا. لقد أدى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد
من الدول العربية، بما في ذلك المغرب، إلى تغيير التحالفات والأولويات الإقليمية. في
ديسمبر 2020، اعترفت الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية كجزء
من صفقة شهدت تطبيع المغرب للعلاقات مع إسرائيل. كان لهذه الخطوة آثار كبيرة على البوليساريو،
حيث أنها لا تعزز موقف المغرب فحسب، بل تشير أيضًا إلى إعادة تنظيم المصالح الدولية
في المنطقة.
وعلاوة على ذلك، تطور
موقف الاتحاد الأفريقي بشأن قضية الصحراء المغربية. في حين دعمت المنظمة في البداية
سعي البوليساريو إلى تقرير المصير، هناك قبول متزايد لخطة الحكم الذاتي المغربية بين
الدول الأعضاء. يعكس هذا التحول نهجًا عمليًا يهدف إلى تعزيز الاستقرار والتنمية في
المنطقة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق