الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، أبريل 26، 2025

أميكا: رحلة جديدة للذكاء الاصطناعي في رحاب متحف المستقبل بدبي


في الخامس والعشرين من أبريل 2025، خطت دبي خطوة إضافية نحو المستقبل حينما كشف "متحف المستقبل" عن نسخة محسنة من الروبوت البشري المتطور "أميكا"، الذي بات يؤدي دور المساعد التفاعلي ضمن جناح "الغد، اليوم"، أحد أكثر أقسام المتحف إلهامًا.

بفضل تحديثاته الجديدة، أصبح أميكا قادرًا على التواصل بست لغات مختلفة تشمل العربية والإنجليزية والصينية والهندية والإسبانية والروسية، ما يمنحه قدرة فريدة على التفاعل مع جمهور عالمي متنوع، انسجامًا مع روح دبي كمدينة كوزموبوليتية تحتضن ثقافات العالم.

ولم تتوقف التحسينات عند تعدد اللغات، بل شملت أيضًا تعميق استجاباته العاطفية وتوسيع مهاراته التحليلية. مدعومًا بنظام "تريتيوم 3"، يملك أميكا الآن قدرة متقدمة على التعرف على الوجوه، الترجمة الفورية، وتحليل الانفعالات الإنسانية بدقة، مما يتيح له التفاعل مع الزوار بطريقة طبيعية وحية، تحاكي في كثير من اللحظات تفاعلات البشر مع بعضهم البعض.

من الناحية التقنية، طرأت تحسينات ملحوظة على بنيته الفيزيائية، إذ أصبح قادراً على تنفيذ حركات أكثر دقة، مع ملامح وجهية تنطق بالواقعية. فابتساماته، نظراته وتعابيره لم تعد ميكانيكية كما عهدناها في الروبوتات التقليدية، بل باتت تنطوي على قدر من الحيوية والدفء يكسر الحاجز النفسي بين الإنسان والآلة.

من خلال أميكا، لا يقتصر الدور على الترفيه أو الإبهار التكنولوجي، بل يتعداه إلى خدمة علمية وثقافية، حيث يعمل هذا الروبوت كدليل ذكي، يساعد الزوار على استكشاف المعروضات، ويقودهم بخطى واثقة إلى فهم أعمق للتقنيات التي ستشكل ملامح العالم القادم.

يتزامن هذا الإطلاق مع الاستعدادات الجارية لعقد "ملتقى الذكاء الاصطناعي"، الذي ينظمه المتحف بالتعاون مع مؤسسة دبي للمستقبل. من المنتظر أن يجمع هذا الحدث أكثر من مئة شخصية رائدة من مختلف مجالات الحكومة والصناعة والبحث العلمي، لمناقشة التحولات الجذرية التي يقودها الذكاء الاصطناعي في مجالات الاقتصاد، تطوير الكفاءات، وبناء بنى تحتية رقمية متقدمة.

ليس من المستغرب أن يتخذ متحف المستقبل هذه المبادرة الجريئة، فدبي – بفضل رؤيتها الاستراتيجية – تسعى بثبات لترسيخ مكانتها كعاصمة عالمية للابتكار، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات البشرية. فالمتحف لم يعد مجرد صرح ثقافي للعرض، بل تحول إلى مختبر حي لتجربة كيفية اندماج الإنسان مع التقنيات الناشئة، واستكشاف أبعاد هذا التفاعل على المستويات الاجتماعية والاقتصادية.

باختصار، يمثل أميكا بشكله الجديد أكثر من مجرد إنجاز تقني؛ إنه مرآة تعكس طموحات مدينة بكاملها نحو مستقبل يشهد انصهار الذكاء الاصطناعي في تفاصيل الحياة اليومية. وبينما يتجول الزوار بين أروقة المتحف، يقف أميكا هناك، لا كآلة صماء، بل كشريك تفاعلي يحمل بين تقاطيع وجهه المصقول حلم الإنسان بأنسنة الآلة وإضفاء الروح على السيليكون والبرمجيات.

ومع كل خطوة تخطوها التكنولوجيا في فضاء المتحف، يبدو أن مستقبل العلاقة بين الإنسان والآلة لم يعد خيالاً علميًا بل واقعًا يتشكل أمام أعيننا، حيث تصبح الروبوتات الرفقاء الجدد لعصر الغد.

0 التعليقات: