الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، أبريل 26، 2025

تفنيد الأكاذيب وتثمين الحقائق: المغرب ومخطط الحكم الذاتي في مواجهة الدعاية الانفصالية


مرة أخرى، تحاول بعض الأطراف المشبوهة، من خلال تحركات منسقة كزيارة المدعو "حما سلامة" إلى برلمان منطقة "لاريوخا" الإسبانية، إحياء أطروحات بالية تجاوزها التاريخ والمجتمع الدولي، عبر ترويج فكرة "حق تقرير المصير" لصالح ما يسمى بالجمهورية الصحراوية الوهمية. هذه المحاولات، رغم ضجيجها، تبقى مجرد صدى أجوف يتهاوى أمام الحقائق القانونية والسياسية التي ترسخ مغربية الصحراء
.

إن تقديم برلمان لاريوخا هذا اللقاء بوصفه "دعمًا لحق تقرير المصير"، يتجاهل بشكل متعمد أن الأمم المتحدة نفسها، وفي سياق تطورات النزاع، قد أقرت منذ سنوات أن الحل الواقعي، العملي والدائم، يكمن في التفاوض السياسي بعيدًا عن الأوهام الانفصالية. المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي قدمها المغرب سنة 2007، لقيت منذ إعلانها ترحيبًا دوليًا واسعًا، من قوى كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وألمانيا، باعتبارها الإطار الوحيد الجدي والواقعي لحل هذا النزاع المفتعل.

بخلاف ما تروجه الأبواق الانفصالية، فإن الحديث عن "مسار تصفية استعمار" لم يعد له أي سند واقعي أو قانوني. فالصحراء كانت دومًا جزءًا لا يتجزأ من التراب المغربي، وهو ما تؤكده وثائق ومعاهدات دولية، مثل قرارات محكمة العدل الدولية سنة 1975، التي أقرت بوجود روابط قانونية وعلاقات بيعة بين سكان الصحراء والعرش العلوي المغربي.

أما الاتهامات بوجود "احتلال عسكري مغربي"، فهي لا تعدو أن تكون إسقاطًا لمفاهيم لا تنطبق على الوضع. المغرب يمارس سيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية في إطار احترام القانون الدولي، ويقود مشاريع تنموية غير مسبوقة في العيون والداخلة والسمارة وغيرها، حيث تحتل الأقاليم الجنوبية اليوم مرتبة ريادية في مؤشرات التنمية البشرية والاستثمار مقارنة مع مناطق أخرى في إفريقيا.

وفيما يتعلق بالتضامن "المدني" المزعوم الذي حاولت زيارة "سلامة" إلى لاريوخا إبرازه، فإنه في حقيقته تضامن محدود وموجّه، يقتصر على شرائح يسارية متطرفة أو مجموعات مصالح مؤدلجة فقدت الاتصال مع الواقع السياسي الإسباني العام. فإسبانيا الرسمية، في تحول استراتيجي بالغ الدلالة، اعترفت منذ مارس 2022 بمبادرة الحكم الذاتي المغربية كأرضية الحل الوحيد للنزاع، وهو تحول مدعوم أيضًا من غالبية الأحزاب الكبرى، وفي مقدمتها الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني.

وإذا كانت بعض الجهات في لاريوخا تصر على التشبث بخطابات أيديولوجية متجاوزة، فإنها بذلك تضع نفسها خارج السياق التاريخي. لقد ولى زمن الحرب الباردة، ولم يعد مقبولًا الإصرار على مشاريع تقسيمية تهدد الاستقرار الإقليمي، خاصة في ظل التهديدات الأمنية التي تواجهها أوروبا من الجنوب، حيث أضحى التعاون مع المغرب، في ملفي مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية، مسألة حيوية.

في مواجهة هذا الواقع، يواصل المغرب التزامه بخط سياسي قائم على الحكمة، مدعومًا بإرادة قوية لتعزيز التنمية، ليس فقط في أقاليمه الجنوبية، بل في كامل القارة الإفريقية، وفق الرؤية الاستراتيجية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي أكد أن "مغربية الصحراء حقيقة لا نقاش حولها، وأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي هي أقصى ما يمكن للمغرب أن يقدمه ضمن إطار الحل السياسي الأممي".

ختامًا، فإن محاولات الترويج لما يسمى "قضية الصحراء الغربية" عبر زيارات مدفوعة ومؤتمرات متواضعة، لن تغير من جوهر الحقائق شيئًا. المغرب يمضي قدمًا بثبات في تعزيز سيادته المشروعة، مستندًا إلى الشرعية التاريخية والدولية، وإلى الدعم المتزايد للمجتمع الدولي، فيما تظل جبهة البوليساريو مجرد كيان وهمي فقد منذ عقود صلته بالواقع، وأضحى أداة بيد أجندات إقليمية لا تملك إلا التشويش على مسيرة البناء والوحدة.

0 التعليقات: