الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الجمعة، أبريل 25، 2025

موقف دولي يتماشى مع الواقعية السياسية للحكم الذاتي : عبده حقي


في سياق التحولات الدولية المتسارعة، تتعزز يوماً بعد آخر القناعة بأن المقترح المغربي لحل قضية الصحراء هو الخيار الأنجع والأكثر واقعية. فمنذ أن طرحت المملكة المغربية مبادرتها للحكم الذاتي سنة 2007 كحل نهائي للنزاع المفتعل في الصحراء، تلقى هذا المقترح دعماً واسعاً من القوى الكبرى والدول المؤثرة في المجتمع الدولي، باعتباره حلاً يستجيب لمبدأ "الواقعية السياسية" ويخدم الاستقرار الإقليمي.

اليوم، تقف أكثر من مئة دولة، من بينها الولايات المتحدة، فرنسا، إسبانيا، ألمانيا، الإمارات، إسرائيل، والبرازيل، في صف المغرب، معتبرة أن مشروع الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط يمثل المبادرة الأكثر جدية ومصداقية. هذه الدول لم تكتفِ بدعم لفظي، بل عبّر العديد من مسؤوليها وقياداتها السياسية عن مواقفهم الداعمة بشكل واضح وصريح، سواء عبر التصريحات الرسمية أو اللقاءات الثنائية رفيعة المستوى.

في العاصمة واشنطن، كان اللقاء بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، وعضو مجلس الشيوخ الأمريكي ماركو روبيو، مناسبة لتجديد الموقف الأمريكي الذي تم ترسيخه خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب في ديسمبر 2020، والذي يعترف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. وقد أكد روبيو استمرار دعم بلاده لهذا الخيار، معتبراً أن استقرار شمال إفريقيا يمر عبر حل نهائي لهذا النزاع المزمن.

ولا يقتصر الدعم الأمريكي على روبيو وحده، بل يمتد ليشمل شخصيات مثل ماساد بولو، المستشار المقرب من ترامب في الشؤون الإفريقية، ولويزا كينا، المسؤولة البارزة في وزارة الخارجية الأمريكية، وعدد من النواب الجمهوريين، بينهم جو ويلسون وماريو دياز-بالارت، وجميعهم يؤكدون على أهمية دعم المغرب في معركته الدبلوماسية من أجل استعادة كامل سيادته على أراضيه الجنوبية.

الدعم الأوروبي بدوره يتجلى في مواقف شخصيات مثل جان نوال بارو، وزير الخارجية الفرنسي، الذي أكد أن مستقبل الصحراء لا يمكن أن يُتصوَّر خارج السيادة المغربية، في انسجام تام مع الموقف الذي عبّر عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ومن الجانب الإسباني، كان لوزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس لقاء مهم مع ناصر بوريطة، أعرب خلاله عن دعم مدريد للمساعي المغربية الجادة من أجل حل هذا الملف داخل إطار الأمم المتحدة.

وفي أمريكا اللاتينية، يتزايد الحضور الداعم للموقف المغربي، حيث عبّر عدد من البرلمانيين والخبراء من الباراغواي، البيرو، الدومينيكان، وتشيلي، عن تأييدهم لمقترح الحكم الذاتي، معتبرين إياه حلاً سلمياً يُراعي حقوق السكان المحليين ويضع حداً لنزاع طال أمده. هؤلاء، ومن ضمنهم سيناتورات سابقون وخبراء في العلاقات الدولية، شددوا على أن التجربة المغربية في الأقاليم الجنوبية تمثل نموذجاً للتنمية والاستقرار، يستحق الدعم والتأييد.

من خلال هذا الحراك الدولي الواسع، يتأكد أن المغرب لم يعد في موقع الدفاع عن شرعيته، بل بات يقود تحركاً دبلوماسياً ناضجاً يُكسبه مزيداً من النقاط في المنتديات الإقليمية والدولية. إن الرؤية المغربية، القائمة على دمج الأقاليم الجنوبية في المشروع الوطني التنموي، أضحت مرجعية سياسية وأمنية، ليس فقط لحل النزاع، بل لتقديم نموذج للاستقرار في منطقة مضطربة.

في المقابل، تتراجع الأصوات التي كانت تروج للكيانات الوهمية، وتضعف يوماً بعد يوم سردية الانفصال، خاصة مع ما يواجهه خصوم المغرب من عزلة سياسية وتدهور اقتصادي. ومع كل موقف جديد يدعم مبادرة الحكم الذاتي، تتأكد الحقيقة: أن السيادة المغربية على الصحراء ليست فقط مشروعة، بل مدعومة من طرف أغلب الفاعلين المؤثرين في السياسة الدولية.

ولعل ما يميّز هذا الإجماع الدولي هو ابتعاده عن الشعارات الإيديولوجية، واقترابه من منطق "الحل العملي"، الذي يفضي إلى السلام والتنمية، بعيداً عن النزاعات المفتعلة والمزايدات الدبلوماسية. المغرب لا يطلب أكثر من الاعتراف بحقه في وحدة أراضيه، وهو حق تؤكده الجغرافيا، والتاريخ، والديناميات الدولية التي تميل لصالح الواقعية والبراغماتية.

0 التعليقات: