في لحظة فارقة سبقت انطلاق مهرجان كان السينمائي، أطلق عدد من أبرز الأسماء في عالم السينما، من بينهم بيدرو ألمودوفار وريتشارد غير، صرخة مدوية ضد ما وصفوه بـ"الصمت الدولي المخزي" تجاه ما يحدث في غزة. البيان الرمزي نُشر في صحيفة ليبراسيون الفرنسية، ويُنتظر أن يُنشر أيضاً في مجلة فارايتي الأميركية، حيث أكد الفنانون: «نحن، فنانو ومثقفو هذا العالم، لا يمكن أن نظل صامتين بينما يُرتكب إبادة جماعية بحق شعب غزة».
رغم أن البيان حمل تواقيع 34 اسماً فقط من أصل 380، أفادت مصادر بأن النجمة الفرنسية العالمية جولييت بينوش، رئيسة لجنة التحكيم هذه الدورة، كانت من بين الموقعين قبل أن يُسقط اسمها لاحقاً من النسخة المنشورة. وقد كانت من أوائل النجوم الذين وصلوا إلى مدينة كان، إلى جانب الممثلة الأميركية هالي بيري والروائية الفرنسية المغربية ليلى سليماني.
الافتتاح هذا العام يأتي في ظل عالم مضطرب سياسياً وأخلاقياً. الممثل الفرنسي لوران لافيت، الذي يتولى للمرة الثانية تقديم حفل الافتتاح، عبّر عن قناعته بأن «كان هو مهرجان للسينما ذات الهمّ السياسي والاجتماعي... مكان للحديث عن العالم دون إلقاء دروس، ولكن بروح فنية وإنسانية»، مضيفاً أن الحفل سيحمل لمسة من الفكاهة رغم الثقل السياسي.
وفي موازاة السجال حول غزة، يستعد المهرجان لتكريم أحد عمالقة هوليوود: روبرت دي نيرو، البالغ من العمر 81 عاماً، الذي سيُمنح السعفة الذهبية الفخرية، في احتفاء وصفه المدير الفني للمهرجان تييري فريمو بأنه "لحظة ساحرة ومؤثرة". كما ستفاجئ الفنانة الفرنسية ميلين فارمر الجمهور بظهور مسرحي قد يتضمن أغنية جديدة، بينما تُطل جولييت أرمانيه في فيلم الافتتاح Partir un jour الذي يُعرض بالتزامن مع خروجه في القاعات الفرنسية.
وسط حضور نحو 40 ألف مشارك من 160 دولة، تتحول مدينة كان إلى خلية نحل ثقافية وإعلامية، مع تغطية صحفية من حوالي 4000 إعلامي. فريمو أكد أن يوم الافتتاح سيكون مخصصاً لأوكرانيا، من خلال عرض ثلاث وثائقيات، مشيراً إلى أن البُعد السياسي للمهرجان ينبع من التزام الفنانين أنفسهم بقضاياهم ومجتمعاتهم. «لو كنا نشاهد فقط أفلام حب، لكان مهرجاننا مجرد مهرجان رومانسي، لكن الفنان يعيش في قلب العاصفة»، يقول فريمو.
ومن القضايا السياسية الأخرى التي تلقي بظلالها، تهديد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100٪ على الأفلام الأجنبية. ورغم تحفظ فريمو عن التعليق المباشر، شدد على أن «مهرجان كان لن يسمح لأي جهة بإضعاف مكانة السينما الأميركية».
على مدى عشرة أيام، ستُعرض أكثر من مئة فيلم، تتنافس منها 22 في المسابقة الرسمية لنيل السعفة الذهبية. من أبرز هذه الأفلام Jeunes mères للأخوين داردين، وAlpha للمخرجة الفرنسية جوليا دوكورنو التي تسعى لفوزها الثاني بعد صدمة Titane.
كما تشهد المسابقة دخول وجوه جديدة مثل الصيني بي غان، والأميركي آري أستر، والفرنسية حفصية حرزي، في أولى تجاربهم الرسمية داخل هذا المحفل العالمي. ورغم الزخم الفني، لا يبدو أن مهرجان كان هذا العام سيفلت من ثقل السياسة وأصداء المجازر، حيث تغدو السينما – كما هي في جوهرها – مرآة تعكس دموع العالم وصراخه.
0 التعليقات:
إرسال تعليق