الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، مايو 19، 2025

تسريبات عن زيارة منظمة SPIN النمساوية وUISP الإيطالية إلى "مخيمات تندوف" ترجمة عبده حقي


في كل مرة يحاول فيها خصوم الوحدة الترابية للمغرب تلميع صورة كيان وهمي لا يحظى بأي اعتراف دولي فعلي، يعودون إلى الورقة الإنسانية – تلك الورقة المستهلكة التي سرعان ما تنكشف أهدافها السياسية المغلفة بخطاب تعليمي أو نشاط رياضي. والمثال الأخير على ذلك ما جاء في الخبر الصادر عن وكالة أنباء "واص"، التابعة لجبهة البوليساريو، بخصوص زيارة وفد من منظمتي SPIN النمساوية وUISP  الإيطالية إلى ما يسمى "مخيمات اللاجئين الصحراويين"، واجتماعهم مع المدعو خطري أدوه، الذي تصفه الوكالة بـ"وزير التعليم والتدريب المهني".

لكن الحقيقة أبعد ما تكون عن الصورة الوردية التي حاول التقرير رسمها.

التحدث عن "وزارة للتعليم" في كيان غير معترف به دولياً هو عبث سياسي ومغالطة قانونية وأخلاقية. لا توجد دولة تدعى "الجمهورية الصحراوية" في سجلات الأمم المتحدة، ولا تملك أي بنية رسمية للتعليم معترف بها من قبل المؤسسات الدولية. ما يحدث في مخيمات تندوف ليس "تطويرا تعليميا"، بل محاولة لتلقين الأطفال أيديولوجيا الانفصال والكراهية تجاه المغرب، وهي تربية تقوم على تجنيد العقول الصغيرة وتكريس الحقد بدل أن تبني جسور السلام والانفتاح.

منظمات كـ SPIN وUISP، رغم نواياها الإنسانية المعلنة، تُستغل بوعي أو دون وعي، لتلميع واجهة سياسية تمتهن المتاجرة بالمآسي. فالسؤال الذي يجب أن يُطرح: هل تُشرف هذه المنظمات على مراقبة توزيع المساعدات؟ هل تطّلع على كيفية استغلال ورش العمل والتمويلات؟ أم تكتفي بتصريحات دبلوماسية عامة تخدم دعايات البوليساريو؟ الواقع أن تقارير عديدة، من ضمنها تقارير المفوضية الأوروبية نفسها، تحدثت عن نهب المساعدات الإنسانية من طرف قيادات الجبهة وتحويلها إلى مكاسب شخصية أو وسائل دعم لنشاطات عسكرية دعائية.

إن الادعاء بأن النشاطات الرياضية تساهم في "الاندماج الاجتماعي" هو أكبر مفارقة في هذا النص، فكيف يكون اندماج في مجتمع معزول أصلاً داخل صحراء الجزائر، محروم من حرية التنقل والتعبير، وخاضع لحكم شمولي تديره قيادة لا تخضع لأي مساءلة شعبية أو دولية؟ الواقع أن الأطفال والشباب في هذه المخيمات ضحايا نزاع مفتعل طال أمده، وأملهم الوحيد في التعليم الجاد والاندماج الحقيقي لا يمر عبر شعارات دعائية، بل عبر انخراطهم في برامج التعليم المغربية المتوفرة في الأقاليم الجنوبية، والتي تقدم مستويات تعليمية حديثة، وبنيات تحتية لا تقارن إطلاقاً بما يوجد في المخيمات.

إن لقاء وفد أوروبي مع "وزير" تابع لكيان غير معترف به، هو خرق فادح للحياد المفترض في عمل المنظمات غير الحكومية، بل هو نوع من التورط في دعم انفصاليين لا يملكون أي مشروعية ديمقراطية. أين الأصوات الحرة داخل المخيمات؟ أين الانتخابات؟ من يقرر مستقبل آلاف الشباب الذين أصبحوا وقودا لنزاع لا يخدم إلا أجندات إقليمية، خاصة لدى النظام الجزائري الذي يحتضن هذا الكيان ويستخدمه كورقة ضغط على المغرب.

في مقابل هذا المشهد الكاريكاتوري، لا بد من التأكيد على أن المملكة المغربية قطعت أشواطًا كبيرة في تطوير منظومة التعليم في الأقاليم الجنوبية، حيث شيدت الجامعات والمعاهد العليا، وأطلقت برامج الدعم المدرسي، والأنشطة الثقافية والرياضية، كما شملت استراتيجيات التعليم الجهوي تمكين الشباب من المشاركة في المشاريع التنموية الكبرى. هؤلاء ليسوا ضحايا مخيمات، بل فاعلون في مجتمعهم، يحظون بجنسية كاملة وحقوق دستورية مضمونة، ويصنعون مستقبلهم داخل وطنهم.

إن زيارة وفد SPIN وUISP، مهما كانت نواياها، لا تغير من الحقيقة شيئًا: لا يمكن تحويل معاناة الناس إلى واجهة سياسية. ولا يمكن للمساعدات الإنسانية أن تتحول إلى مظلة دعائية لكيان انفصالي غير شرعي. وإن كانت هذه المنظمات جادة فعلًا في الدفاع عن التعليم والإدماج، فعليها أن تفتح أعينها على الواقع داخل المخيمات، وعلى الانتهاكات التي ترتكب في حق الصحراويين باسم شعارات لم تعد تنطلي على أحد.

إن التعليم لا يُبنى على الوهم، بل على الشرعية، والانخراط الفعلي في دولة قائمة بمؤسساتها، وتلك الدولة هي المغرب.

0 التعليقات: