الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، أغسطس 30، 2025

مناورة المحافظين الإسبان التي تستهدف الشراكة المغربية – الأوروبية: عبده حقي


في خطوة جديدة تعكس ضغوطاً داخلية أكثر مما تعكس التزاماً بالقانون الدولي، دعت مجموعة من النواب المحافظين الإسبان داخل البرلمان الأوروبي إلى استبعاد الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية من اتفاقيات الشراكة التجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي.

وتذرّعت النائبة الإسبانية كارمن كريسبو بما وصفته “اختلالاً” في السوق الأوروبية للفواكه والخضر، نتيجة ارتفاع واردات المنتجات المغربية. وذهبت أبعد من ذلك حين طالبت باستبعاد منتجات الصحراء المغربية من الاتفاقيات، محاولةً الالتفاف على واقع سياسي وقانوني راسخ يتمثل في أن هذه الأقاليم هي جزء لا يتجزأ من السيادة المغربية.

منذ عقود، يربط المغرب والاتحاد الأوروبي تعاون استراتيجي يقوم على المصالح المتبادلة، يشمل المجالات الاقتصادية والتجارية والأمنية. والأقاليم الجنوبية للمملكة تشكل اليوم نموذجاً للتنمية والاستثمار، حيث شهدت مناطق مثل الداخلة والعيون طفرة في البنية التحتية والزراعة الحديثة والطاقات المتجددة، ما يجعلها مكوناً طبيعياً في أي شراكة مع أوروبا.

والمغرب يؤكد دائماً أن أي محاولة لفصل الصحراء عن هذه الاتفاقيات إنما هي مساس بالسيادة الوطنية وبالأسس التي يقوم عليها التعاون مع الاتحاد الأوروبي.

يروج خصوم المغرب لتأويلات انتقائية لأحكام محكمة العدل الأوروبية، في حين أن الواقع الدبلوماسي والقانوني واضح: المجتمع الدولي لا يعترف بـ"الجمهورية الوهمية"، كما أن مجلس الأمن يصف مبادرة الحكم الذاتي المغربية بأنها “جادة وذات مصداقية”. الاتحاد الأوروبي نفسه سبق أن صادق على اتفاقيات تشمل الأقاليم الجنوبية بعد مشاورات موسعة مع ممثلي الساكنة المحلية والمنتخبين الشرعيين.

المحافظون الإسبان يحاولون إلباس صراعهم الزراعي الداخلي لباساً سياسياً يتعلق بالصحراء. لكن الحقيقة أن أوروبا تستفيد من شراكتها مع المغرب في مجالات حيوية مثل:

الأمن والهجرة: المغرب شريك أساسي في استقرار الضفة الجنوبية للمتوسط.

الطاقات النظيفة: مشاريع كبرى في الداخلة والعيون لتصدير الطاقات المتجددة إلى أوروبا.

السوق المشتركة: المنتجات المغربية، بما فيها من الأقاليم الجنوبية، تسهم في استقرار أسعار المواد الغذائية في السوق الأوروبية.

إن توقيت الدعوة الإسبانية يثير تساؤلات، خصوصاً أنه جاء بعد تجديد المفوضية الأوروبية رغبتها في فتح مفاوضات تجارية جديدة مع المغرب تشمل الصحراء. من الواضح أن هذه الأصوات المحافظة تسعى إلى تعطيل مسار طبيعي للعلاقات المغربية – الأوروبية، خدمةً لأجندات داخلية ضيقة مرتبطة باللوبي الزراعي الإسباني.

بدلاً من محاولات التشويش، من مصلحة أوروبا أن تعترف بوضوح أن استقرار وازدهار الأقاليم الجنوبية للمملكة يخدم الأمن الغذائي والطاقي الأوروبي، وأن المغرب يظل شريكاً لا بديل عنه في محيط إقليمي مضطرب.

0 التعليقات: