في مشهد يختزل عبث السياسة العربية، كشفت تقارير إسرائيلية أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين بارزين تلقّوا خلال السنوات الأخيرة مئات الهدايا الثمينة من زعماء ورؤساء عرب، بعضها من دول لا تربطها أي علاقات دبلوماسية بإسرائيل. هذه الفضيحة، التي انفجرت بعد صدور حكم قضائي إسرائيلي ألزم مكتب نتنياهو بنشر القائمة، أماطت اللثام عن عالم موازٍ من التودّد السرّي، حيث تحوّلت الدبلوماسية إلى سوق للمباهاة عبر هدايا تفوق الخيال.
الهدايا، التي تنوّعت
بين ساعات رخامية عملاقة، وشوكولاتة على شكل نتنياهو وزوجته، وتماثيل فرعونية مطلية
بالذهب، وصولاً إلى خناجر وسيوف نادرة، لم تكن مجرد تذكارات بروتوكولية عابرة. بل عكست،
بحسب المراقبين، حجم التورّط العربي في بناء قنوات خلفية مع تل أبيب، على الرغم من
غياب أي تطبيع رسمي معلن في كثير من هذه الدول.
المثير للانتباه أنّ
بعض هذه العطايا جاءت من مسؤولين كبار في أجهزة الاستخبارات العربية، بينهم من أهدى
نتنياهو ولاّعة ذهبية فاخرة وصندوقاً فخماً للسيجار، فيما أهدى آخر مجموعة شطرنج نادرة
صُنعت قطعها على هيئة ملوك وملكات الفراعنة. أما قادة دول الخليج فقد أغرقوا مكتب نتنياهو
بهدايا فارهة، من سجاد فاخر وأطقم شاي مطلية بالذهب إلى مجوهرات مرصعة بالألماس.
القائمة، التي تضمنت
ما يزيد على «1750 هدية» خلال سبع سنوات، لا تفضح فقط نزعة التملّق السياسي، بل تكشف
أيضاً مفارقة صادمة: زعماء يقدّمون أغلى ما لديهم لزعيم الاحتلال، فيما شعوبهم تواجه
أزمات اقتصادية خانقة وحروباً مستمرة. إنها صورة مُذلّة تُعيد إلى الأذهان مشاهد قديمة
من تاريخ الهبات السياسية، حيث كان الذهب يُرسل لإرضاء الغزاة مقابل صمتهم.
وإذا كان نتنياهو قد
وجد في هذه العطايا وسيلة لتعزيز صورته، فإنّ السؤال الأخلاقي والقانوني يظل مطروحاً:
كيف يمكن لمسؤول إسرائيلي أن يحتفظ بهدايا من زعماء دول لا تربطها أي علاقات رسمية
مع حكومته؟ وما الذي تعنيه هذه المجاملات السرّية لواقع المنطقة اليوم؟
إنها ليست مجرد تفاصيل
جانبية، بل علامة فارقة على طبيعة العلاقات العربية ـ الإسرائيلية كما تُدار خلف الكواليس:
غموض، تملّق، وصفقات لا تُعلن. وبينما يختبئ الحكام خلف أبواب قصورهم، تبقى الشعوب
وحدها تدفع ثمن هذه "الصداقات المسمومة"
0 التعليقات:
إرسال تعليق