الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


إعلانات أفقية

الاثنين، نوفمبر 03، 2025

هَلْ يُحَفِّزُ الذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ الطُّلَّابَ أَمْ يُضْعِفُ رَغْبَتَهُمْ فِي التَّعَلُّمِ؟ عبده حقي


لَقَدْ أَصْبَحَ الذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ فِي السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ قُوَّةً مُحَرِّكَةً فِي مَجَالِ التَّعْلِيمِ، إِذْ أَعَادَ تَشْكِيلَ الطَّرِيقَةِ الَّتِي يَصِلُ بِهَا الطُّلَّابُ إِلَى الْمَعْرِفَةِ، وَيَتَفَاعَلُونَ مَعَهَا، وَيُنْجِزُونَ مَهَامَّهُمُ الدِّرَاسِيَّةَ. فَمِنْ أَنْظِمَةِ التَّدْرِيسِ الْمُخَصَّصَةِ، وَأَدَوَاتِ كِتَابَةِ الْمَقَالَاتِ، إِلَى الْفُصُولِ الدِّرَاسِيَّةِ الِافْتِرَاضِيَّةِ وَالِاخْتِبَارَاتِ التَّكَيُّفِيَّةِ، أَصْبَحَ أَثَرُ الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ وَاضِحًا فِي كُلِّ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْحَيَاةِ الْأَكْدِيمِيَّةِ. غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الثَّوْرَةَ التِّقْنِيَّةَ تُثِيرُ سُؤَالًا جَوْهَرِيًّا: هَلْ يُحَفِّزُ الذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ الطُّلَّابَ عَلَى التَّعَلُّمِ الْعَمِيقِ أَمْ يُضْعِفُ رَغْبَتَهُمُ الدَّاخِلِيَّةَ فِي التَّعَلُّمِ؟

وَالْجَوَابُ لَا يُخْتَزَلُ فِي طَرَفٍ وَاحِدٍ، بَلْ يَقُومُ عَلَى تَوَازُنٍ دَقِيقٍ بَيْنَ التَّمْكِينِ وَالِاعْتِمَادِ، بَيْنَ التَّحْفِيزِ بِالِابْتِكَارِ وَالْإِحْبَاطِ النَّاتِجِ عَنِ الْأَتْمَتَةِ.

أَوَّلًا: الذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ كَمَصْدَرٍ لِلتَّحْفِيزِ وَالتَّمْكِينِ

فِي أَفْضَلِ حَالَاتِهِ، يُمَثِّلُ الذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ أَدَاةً قَوِيَّةً لِتَحْفِيزِ الطُّلَّابِ.

وَمِنْ أَبْرَزِ نِقَاطِ قُوَّتِهِ قُدْرَتُهُ عَلَى التَّخْصِيصِ. فَالتَّعْلِيمُ التَّقْلِيدِيُّ غَالِبًا مَا يُعَانِي مِنْ نَمَطٍ مُوَحَّدٍ لَا يُرَاعِي الْفُرُوقَ الْفَرْدِيَّةَ، فَيَشْعُرُ الْمُتَفَوِّقُونَ بِالْمَلَلِ وَالضُّعَفَاءُ بِالْعَجْزِ. أَمَّا الْأَنْظِمَةُ التَّعْلِيمِيَّةُ الْمُعْتَمِدَةُ عَلَى الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ، مِثْلَ مَنْصَّاتِ Khan Academy وَDuolingo وَCoursera، فَهِيَ تُحَلِّلُ نِقَاطَ الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ لَدَى الْمُتَعَلِّمِ وَتُكَيِّفُ الدُّرُوسَ وَالْأَنْشِطَةَ وَفْقًا لِاحْتِيَاجَاتِهِ الْخَاصَّةِ. إِنَّ هَذَا الِاهْتِمَامَ الشَّخْصِيَّ، الَّذِي كَانَ يَوْمًا حِكْرًا عَلَى مَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَحَمُّلِ تَكَالِيفِ الدُّرُوسِ الْخَاصَّةِ، أَصْبَحَ الْيَوْمَ فِي مُتَنَاوَلِ الْجَمِيعِ، وَهُوَ مَا يُوَلِّدُ شُعُورًا بِالدَّعْمِ وَالِانْتِمَاءِ، فَيَرْفَعُ مُسْتَوَى الدَّافِعِيَّةِ لِلتَّعَلُّمِ. فَعِنْدَمَا يَرَى الطَّالِبُ تَقَدُّمَهُ مَلْمُوسًا وَمُتَدَرِّجًا وَفْقَ إِيقَاعِهِ الشَّخْصِيِّ، تَزْدَادُ رَغْبَتُهُ فِي الِاسْتِمْرَارِ.

كَمَا أَنَّ الذَّكَاءَ الِاصْطِنَاعِيَّ يُسْهِمُ فِي دِيمُقْرَاطِيَّةِ التَّعْلِيمِ، إِذْ يُتِيحُ مَوَارِدَ مَعْرِفِيَّةً عَالِيَةَ الْجَوْدَةِ لِطُلَّابٍ يَعِيشُونَ فِي مَنَاطِقَ نَائِيَةٍ أَوْ تَفْتَقِرُ إِلَى الْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ. وَبِذَلِكَ يُصْبِحُ التَّعْلِيمُ أَكْثَرَ شُمُولًا وَعَدَالَةً. فَالتِّقْنِيَّاتُ مِثْلَ التَّحْوِيلِ مِنَ النَّصِّ إِلَى كَلَامٍ تُسَاعِدُ ذَوِي الْإِعَاقَةِ الْبَصَرِيَّةِ، وَبَرَامِجُ التَّرْجَمَةِ الْآلِيَّةِ تَفْتَحُ أَبْوَابًا أَمَامَ مَوَارِدَ عَالَمِيَّةٍ مُتَعَدِّدَةِ اللُّغَاتِ. وَبِهَذَا الْمَعْنَى، يُزِيلُ الذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ الْحَوَاجِزَ بَدَلَ أَنْ يَصْنَعَهَا، فَيُحَفِّزُ الرَّغْبَةَ فِي التَّعَلُّمِ عَبْرَ تَمْكِينِ كُلِّ فِئَةٍ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْمَعْرِفَةِ.

وَإِضَافَةً إِلَى ذَلِكَ، يُغَذِّي الذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ فُضُولَ الطُّلَّابِ مِنْ خِلَالِ تَوْسِيعِ آفَاقِ الِاسْتِكْشَافِ. فَالْمُحَادَثَاتُ التَّفَاعُلِيَّةُ وَالْمُخْتَبَرَاتُ الِافْتِرَاضِيَّةُ وَبَرَامِجُ الْمُحَاكَاةِ تُمَكِّنُ الْمُتَعَلِّمِينَ مِنْ طَرْحِ الْأَسْئِلَةِ وَالتَّجْرِبَةِ بِحُرِّيَّةٍ مِنْ دُونِ خَوْفٍ مِنَ الْخَطَإِ أَوِ الْحُكْمِ. يُمْكِنُ لِمُسَاعِدٍ ذَكِيٍّ أَنْ يُشْرِحَ مِيكَانِيكَا الْكَمِّ، أَوْ يُعِيدَ تَمْثِيلَ أَحْدَاثٍ تَارِيخِيَّةٍ، أَوْ يُظْهِرَ تَفَاعُلَاتٍ كِيمْيَائِيَّةً فِي لَحْظَتِهَا. وَهَكَذَا لَا يَقْتَصِرُ دَوْرُ الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ عَلَى نَقْلِ الْمَعْلُومَاتِ، بَلْ يَمْتَدُّ إِلَى إِشْعَالِ شَرَارَةِ الدَّهْشَةِ وَالرَّغْبَةِ فِي الِاكْتِشَافِ الذَّاتِيِّ.

ثَانِيًا: خَطَرُ التَّبَعِيَّةِ وَفُقْدَانِ الدَّافِعِيَّةِ الذَّاتِيَّةِ

غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الدَّافِعِيَّةَ يُمْكِنُ أَنْ تَنْقَلِبَ بِسُهُولَةٍ إِلَى ضِدِّهَا. فَعِنْدَمَا يُسْتَخْدَمُ الذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ كَعُكَّازٍ بَدَلًا مِنْ أَنْ يَكُونَ مُرْشِدًا، فَإِنَّهُ يُضْعِفُ الدَّافِعِيَّةَ الدَّاخِلِيَّةَ، أَيْ الرَّغْبَةَ فِي التَّعَلُّمِ مِنْ أَجْلِ الْفَهْمِ ذَاتِهِ.

وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِوُضُوحٍ فِي الِاعْتِمَادِ الْمُفْرِطِ عَلَى أَدَوَاتِ الْكِتَابَةِ الْآلِيَّةِ لِإِنْجَازِ الْفُرُوضِ وَالْمَقَالَاتِ. فَبَدَلًا مِنَ التَّفْكِيرِ وَبِنَاءِ الْحُجَجِ وَصَقْلِ اللُّغَةِ، يَعْتَمِدُ بَعْضُ الطُّلَّابِ عَلَى الْخَوَارِزْمِيَّاتِ لِإِنْتَاجِ نُصُوصٍ جَاهِزَةٍ. وَالنَّتِيجَةُ مَخْرُجَاتٌ مُتْقَنَةٌ مَظْهَرًا، فَارِغَةٌ مَضْمُونًا، لِأَنَّ جَوْهَرَ عَمَلِيَّةِ التَّعَلُّمِ — أَيْ الْجُهْدَ الذِّهْنِيَّ وَالتَّأَمُّلَ النَّقْدِيَّ — قَدْ تَمَّ تَجَاوُزُهُ. وَمَعَ مُرُورِ الْوَقْتِ، يَتَآكَلُ الْفُضُولُ وَالْمُثَابَرَةُ، وَهُمَا الرَّكِيزَتَانِ الْأَسَاسِيَّتَانِ لِأَيِّ عَمَلِيَّةٍ تَعْلِيمِيَّةٍ أَصِيلَةٍ.

يُمَيِّزُ عُلَمَاءُ النَّفْسِ بَيْنَ الدَّافِعِيَّةِ الْجَوْهَرِيَّةِ (الَّتِي تَدْفَعُ إِلَى التَّعَلُّمِ بِدَافِعِ الْمُتْعَةِ أَوِ الْفُضُولِ) وَالدَّافِعِيَّةِ الْخَارِجِيَّةِ (الْمُرْتَبِطَةِ بِالْمُكَافَآتِ أَوِ الدَّرَجَاتِ). وَعِنْدَمَا يُفَوِّضُ الطَّالِبُ مَجْهُودَهُ إِلَى آلَةٍ، تَتَحَوَّلُ دَافِعِيَّتُهُ تَدْرِيجِيًّا مِنَ الْجَوْهَرِيَّةِ إِلَى الْخَارِجِيَّةِ، فَيَتَعَلَّمُ لِأَجْلِ النَّتِيجَةِ لَا لِأَجْلِ الْفَهْمِ. وَهُنَا تَكْمُنُ خُطُورَةُ "الْكَسَلِ الْمَعْرِفِيِّ"، أَيْ تَحَوُّلِ الْمُتَعَلِّمِ إِلَى مُسْتَهْلِكٍ لِلْإِجَابَاتِ الْجَاهِزَةِ بَدَلَ أَنْ يَكُونَ مُنْتِجًا لِلْمَعْرِفَةِ.

يُضَافُ إِلَى ذَلِكَ خَطَرُ ضَعْفِ التَّفْكِيرِ النَّقْدِيِّ وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ. فَالذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ، بِطَبِيعَتِهِ الْقَائِمَةِ عَلَى تَقْدِيمِ الْحَلِّ الْأَمْثَلِ، يَثْنِي الطَّالِبَ عَنْ مُوَاجَهَةِ الصُّعُوبَاتِ الَّتِي تُنْضِجُ الْفَهْمَ. وَكَمَا قَالَ الْفَيْلَسُوفُ الْأَمِيرْكِيُّ جُون دِيوِي: «التَّعْلِيمُ لَيْسَ نَقْلًا لِلْمَعْلُومَاتِ، بَلْ إِعَادَةُ بِنَاءٍ لِلْخِبْرَةِ مِنْ خِلَالِ التَّأَمُّلِ». غَيْرَ أَنَّ سُرْعَةَ الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ وَكَفَاءَتَهُ قَدْ تُقَصِّرُ هَذِهِ الرِّحْلَةَ التَّأَمُّلِيَّةَ، فَيَتَعَلَّمُ الطَّالِبُ تَقَبُّلَ مَا يُقَدِّمُهُ النِّظَامُ دُونَ مُسَاءَلَةٍ.

ثُمَّ إِنَّ الذَّكَاءَ الِاصْطِنَاعِيَّ يَفْتَقِرُ إِلَى الْعُنْصُرِ الْإِنْسَانِيِّ الْعَاطِفِيِّ. فَهُوَ قَدْ يُحَاكِي التَّشْجِيعَ، لَكِنَّهُ لَا يَشْعُرُ حَقًّا بِمَشَاعِرِ الْإِحْبَاطِ أَوِ الْحَمَاسِ الَّتِي تُصَاحِبُ التَّعَلُّمَ. وَالتَّعَلُّمُ عَمَلِيَّةٌ إِنْسَانِيَّةٌ تَتَغَذَّى مِنَ الْعَلَاقَاتِ — بَيْنَ الْمُعَلِّمِ وَالطَّالِبِ، وَبَيْنَ الزُّمَلَاءِ، وَبَيْنَ الْمُتَعَلِّمِ وَمَوْضُوعِ دِرَاسَتِهِ. وَالِاعْتِمَادُ الْمُفْرِطُ عَلَى الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ قَدْ يُفْرِغُ هَذِهِ الْعَمَلِيَّةَ مِن…دَفْئِهَا الْإِنْسَانِيِّ، فَيُنْتِجُ طُلَّابًا أَكْفَاءَ تِقْنِيًّا، لَكِنَّهُمْ مَنْفَصِلُونَ وِجْدَانِيًّا عَنْ مَتْعَةِ الِاكْتِشَافِ.

ثَالِثًا: الطَّرِيقُ الْوَسَطُ – الذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ مُحَفِّزٌ لَا بَدِيلٌ

 

إِنَّ هَذَا التَّوَتُّرَ بَيْنَ التَّحْفِيزِ وَالْإِحْبَاطِ لَيْسَ قَدَرًا مَحْتُومًا، بَلْ يُمْكِنُ تَجَاوُزُهُ مِنْ خِلَالِ دَمْجٍ مُتَوَازِنٍ لِلذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ فِي الْعَمَلِيَّةِ التَّعْلِيمِيَّةِ. فَعِنْدَمَا يُسْتَخْدَمُ بِوَعْيٍ، يُصْبِحُ مُكَمِّلًا لِلْمُعَلِّمِ لَا بَدِيلًا عَنْهُ. فَيَتَوَلَّى الْمَهَامَّ الرُّوتِينِيَّةَ كَتَصْحِيحِ الِاخْتِبَارَاتِ وَتَنْظِيمِ الْبَيَانَاتِ وَتَقْدِيمِ التَّمَارِينِ، بَيْنَمَا يَتَفَرَّغُ الْمُعَلِّمُ لِتَأْدِيَةِ دَوْرِهِ الْإِنْسَانِيِّ: التَّوْجِيهِ وَالْحِوَارِ وَالدَّعْمِ الْعَاطِفِيِّ. فِي هَذَا النِّمُوذَجِ، يُعَزِّزُ الذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ الْحُضُورَ الْإِنْسَانِيَّ بَدَلَ أَنْ يُلْغِيَهُ.

كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَسَّسَاتِ التَّعْلِيمِيَّةِ أَنْ تُنَمِّي مَا يُعْرَفُ بِـ الثَّقَافَةِ الرَّقْمِيَّةِ الْوَاعِيَةِ، أَوْ «الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ التَّرْبَوِيِّ»، أَيْ وَعْيِ الطُّلَّابِ بِطَرِيقَةِ عَمَلِ هَذِهِ الْأَنْظِمَةِ وَحُدُودِهَا وَأَخْلَاقِيَّاتِ اسْتِخْدَامِهَا. فَعِنْدَمَا يَفْهَمُ الطَّالِبُ كَيْفَ يَتَعَامَلُ مَعَ الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ بِوَصْفِهِ شَرِيكًا فِي التَّفْكِيرِ لَا أَدَاةً لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنِ التَّفْكِيرِ، يَسْتَعِيدُ السَّيْطَرَةَ عَلَى تَجْرِبَتِهِ التَّعْلِيمِيَّةِ. وَحِينَ يُشَجَّعُ عَلَى النَّقْدِ وَالتَّأَمُّلِ فِي نَتَائِجِ مَا يُقَدِّمُهُ النِّظَامُ، يَتَحَوَّلُ الذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ مِنْ تَهْدِيدٍ إِلَى فُرْصَةٍ لِلنُّضْجِ الْمَعْرِفِيِّ.

خَاتِمَةٌ

إِنَّ الذَّكَاءَ الِاصْطِنَاعِيَّ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لِلتَّحْفِيزِ أَوْ سَبَبًا لِلرُّكُودِ، بِحَسَبِ طَرِيقَةِ اسْتِخْدَامِهِ. فَهُوَ يَمْلِكُ الْقُدْرَةَ عَلَى تَخْصِيصِ التَّعْلِيمِ، وَتَوْسِيعِ دَائِرَةِ الْوُصُولِ، وَإِشْعَالِ الْفُضُولِ، لَكِنَّهُ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ قَدْ يَزْرَعُ الِاتِّكَالِيَّةَ وَيُضْعِفُ التَّفْكِيرَ النَّقْدِيَّ وَيُفْرِغُ التَّعَلُّمَ مِنْ بُعْدِهِ الْإِنْسَانِيِّ.

إِنَّ التَّحَدِّيَ أَمَامَ الْمُرَبِّينَ وَالطُّلَّابِ مَعًا هُوَ أَنْ يُعِيدُوا تَعْرِيفَ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْآلَةِ، بِحَيْثُ تَكُونُ التِّكْنُولُوجْيَا مُحَفِّزًا لِلنُّمُوِّ، لَا بَدِيلًا عَنْهُ. فَالْوَسَائِلُ قَدْ تَتَغَيَّرُ، وَلَكِنَّ الرَّغْبَةَ الْحَقِيقِيَّةَ فِي التَّعَلُّمِ سَتَظَلُّ دَائِمًا تَنْبُعُ مِنَ الْإِنْسَانِ ذَاتِهِ.

مُوَقَّعٌ بِاسْمِ: عَبْدُهُ حَقِّي



0 التعليقات: