1
أفتح النافذة على الصباح،
العصافير تصرخ أكثر من السياسيين،
أضع قهوتي على الطاولة،
وأفكر: كم هو مضحك أن ينهض العالم من نومه مثلي.
أفتح النافذة على الصباح،
العصافير تصرخ أكثر من السياسيين،
أضع قهوتي على الطاولة،
وأفكر: كم هو مضحك أن ينهض العالم من نومه مثلي.
أُطلّ من جُرحٍ يفتحُ نفسه كالنافذة،
أُطلّ على طيورٍ بلا أجنحة،
كلُّها تُحلّقُ في معدتي،
وأنا أصفّق لها بنبضي.
أنا أخلع وجهي كل صباح،
أضعه على الطاولة بجوار فنجان القهوة،
ينقره عصفور أعمى بأنياب لؤلؤية،
ثم يطير بي إلى نافذة بلا جدار.
أفتح النافذة على جمجمة الغيم،
الطيور تكتب رسائل بدماء زرقاء،
أبتلع صرخاتي كحبات زئبق،
وأنتظر أن تنبت لي أجنحة من صمت.
أفتح النافذة لأتنفس الغبار،
فتدخل أصوات لا يعرفها الزمن،
كأنني أبتلع مقابر مهجورة،
وأبصق عصافير من نار.
أنا الغيمة التي تحلم بالعدم،
أمشي على البحر في هيئة صدى،
الساعة تتناثر كحروفٍ ميتة،
وأضحك من فمٍ لا يعرف صاحبه.
أستيقظُ وفي فمي ريحٌ غريبة،
أمدّ يدي فأجدها تتحوّل إلى سلّمٍ دخان،
أصعدُ عليه إلى داخلي،
فأكتشف أنّني شرفة مفتوحة على بحرٍ لم يولد بعد.
أزحف في جلدي المنسيّ،
أبتلع أجنحتي القديمة
مثل ضفدع نائم في بيانو مهجور.
كل مرآة تعكسني في
هيئة نملة تقرأ ديوان رامبو.
أستحمّ بسائل الذاكرة المُخمّرة في جمجمة من خزفٍ مطحون.
أمدّ يدي إلى فراغ يتنفّس، فيمسكني الهواء ويعلّقني مثل أيقونة في معبد بلا
جدران.
أقيس حرارة قلبي بمحرار من دخان، وأرسم عمري على جدارٍ لا يراه أحد إلا الغياب.
خطا الدرويش فوق ظلّه،
فذاب الطريق في حلقه،
وصار اللسان جمرةً تكتب النار،
اللهُ هو الحرفُ الذي لا يُطفأ.
الموتُ يضعُ قبعتهُ
على رأسي،
وأنا أضحكُ مثلَ حصانٍ
من طين،
السماءُ تسيلُ من أصابعي،
والزمنُ يلتهمُ نفسه
كأفعى بلا جسد.
في ليلٍ يبتلعُ قمرَه،
ترقصُ الجبالُ فوق مرايا الحبر،
تصحو الطيورُ من حُلْمٍ مائيّ،
وتكتبُ العاصفةُ وصيّتَها على زجاج نافذةٍ مكسور.
في شارعٍ بلا أسماء، كانت النوافذ تمضغ الضوء،
وتبصقه على المارة في شكل طيور من ورق.
كل طائرٍ كان يسألني عن اسمي،
فأجيبه بالصمت الذي يتهجّى نفسه.
1
وُلدتُ في مدينة بلا
سماء.
كل نافذة جدار، وكل
باب وهم.
قيل لي: "القانون
يحميك"،
فاكتشفتُ أنه قيدٌ
من حبر يتبخر.
2 ـ كتاب النار
فتحتُ كتابًا بلا كلمات.
اشتعلت الصفحات كأنها
ترقص.
أدركت أن القراءة ليست
سوى احتراق بطيء.
دمُ الحليب يسيلُ من نافذةٍ لم تُفتح منذ حروب الكلاب.
المدنُ كائناتٌ ذات ثلاثة أعناق،
أحدها يلعقُ السكر،
والثاني يعضُّ ظلَّه،
والثالث يبتسمُ للرصاصة قبل أن تنامَ على شفتِه.
أعلن الكاتب المغربي عبده حقي عن صدور روايته الجديدة السادسة موسومة ب "ليالي دار العبيد"، في طبعتها الإلكترونية، بعد رحلة كتابة دام...