الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الجمعة، أغسطس 29، 2025

" رباعيات لا يعبرها الفهم" (7) شعر عبده حقي


1. مرايا الدودة

أزحف في جلدي المنسيّ،

أبتلع أجنحتي القديمة مثل ضفدع نائم في بيانو مهجور.

كل مرآة تعكسني في هيئة نملة تقرأ ديوان رامبو.

أستحمّ بسائل الذاكرة المُخمّرة في جمجمة من خزفٍ مطحون.

2. القبعة التي تنام

لبستُ قبعة الليل فانكمش رأسي كخوخةٍ في يد الوقت،

قلتُ للشمس: هل تعرفينني؟ فقالت: "من أنتِ؟ أنا مجرّد غلطة ضوئية."

عشتُ في سترة مقلوبة تُخيطني أمٌّ من سحابٍ متعفن.

كل خطوة كنتُ أخطوها، كانت ترتدّ إلى قلبي كقنبلةٍ خجولة.

 

3. درس التشريح الخامس

أقسمتُ أن لا أفتح عيني إلا إذا كانت مغلقة،

وقفتُ على طاولة المطبخ، أشرح قلباً لا يشبهني.

العظام كانت تضحك كعصافيرَ ميّتة فوق كتاب الفيزياء.

الروح كانت تشرب القهوة مع الكبد وتناقشان الحبّ بلغة الجراد.

 

4. خريطة للعرج الروحي

أضع رأسي في الخريطة فأجد إصبعي يسير نحو الظل،

القارات تذوب في جيبي كالثلج الممنوع،

قال لي البحر: "أنتَ العرج، لا تَخطُ، بل تنزلق في الندم."

جلدي نبتَ عليه مسمارٌ يشير دائمًا جنوبًا، إلى فمي.

 

5. جنازة القمر

في كل مرة يدفنون القمر في معدتي،

أُخرِج حنجرتي وأعزفها على أوتار الضباب.

رأسي يتدلى من شجرة، والغربان تقرأ عليه تعاويذ الطبخ.

أغلق فمي، وأُصلّي لشبحٍ صغير يسكن في حذائي.

 

6. سيرة ذاتية لمسمار

وُلدتُ على خشبةٍ تصرخ.

كبرتُ وأنا أغرسُ نفسي في زمنٍ يصدأ بسرعة.

كل من حاول أن يخلعني، صار قصيدة.

أنا المسمار الذي كتب إنجيل الضياع على باب السرير.

 

7. المتاهة التي ألبسها

ألبسُ المتاهة كقميص نوم،

أصرخ داخلي، فيرتدّ الصوت في هيئة سلحفاة راقصة.

لا أعرف من أكون، لأن المرآة تلدني كل صباح من أبٍ مختلف.

أعيش بين فكرتين: أنني نقطة، أو أنني حفرة ناطقة.

 

8. سبات الأصابع

أصابعي تغطّ في النوم منذ حرب النجوم،

تركتُها في دُرجٍ تحت صدري، تنام وتحلم بالكتابة.

كل حرفٍ كانت تكتبه يعود إليها في هيئة حشرة.

أنا الآن أكتب برئةٍ من فحمٍ رومانسيّ.

 

9. المصباح في رأسي

يوجد مصباحٌ في رأسي، لا يُضيء إلّا إذا فقدت ذاكرتي.

أحاول أن أطفئه بالشعر، لكنه يتحوّل إلى عنكبوتٍ يتلألأ.

كل فكرة تخرج مني تحمل شتيمة للماضي،

والظلال تركبني كحمارٍ يبحث عن حائط.

 

10. أسنان الهواء

تنفّستُ، فعضّني الهواء بأسنانه البلّورية.

رئتاي تحوّلتا إلى متحفٍ للمجاز،

في كل زاوية طفلٌ يبكي لأن أمه كانت استعارة.

أكتب بدمي لأمسك بالهواء، لكنّه دائماً يفلت ضاحكًا.

0 التعليقات: