حملة من أجل دعم القصة القصيرة في لندن عن مجلة ( ترانسكريبت ) يونيه 2007
( القصة القصيرة ) جنس سردي عريق وقديم قدم الحكي في شجرة القول الإنساني … وحضورها في العالم من طوكيو شرقا إلى لوس أنجلس غربا ومن فيينا شمالا إلى أوشووايا في الأرجنتين جنوبا حضور راسخ .. متعدد ومتجدد … قد تختلف درجات التألق والدينامية الإبداعية من بلد لبلد ومن شعب للآخر حسب مجموعة من آليات التداول ومسارات الإنتشار ووسائط الإتصال … لكن مالذي يجعل جنس القصة القصيرة يعاني من بعض الإنحباس والإنحصارهنا وهناك ، في دول تتربع على قمة التطور الثقافي والفكري الحداثي كبريطانيا وفرنسا مثلا فيما يحقق عكس هذا رواجا ومقروئية واسعة في الولايات المتحدة الأمريكية ؟ أسئلة عديدة سيجيب عنها هذا الحوار الذي أجراه مراسل مجلة ( ترانسكريبت ) في يونيه 2007 مع الأديب ( فيد ليدل ) FAITHLIDDELL الذي قاد مؤخرا في المملكة المتحدة حملة شعارها ( Story) لدعم القصة . وهذا نص الحوار:
س ـــ ( Story) هو شعار الحملة الثانية بعد الحملة الأولى ( أنقذوا القصة القصيرة ) ، فهل توصلتم بالفعل إلى إنقاذ القصة القصيرة ؟
ج ـــ أعتقد ذلك .. لقد استطاعت الحملة السابقة أن تجتذب اهتمام الرأي العام حول واقع القصة القصيرة الأنجليزية ، والأبحاث التي أنجزت في هذا الموضوع مكنت من تشخيص المشاكل التي تعترض تطور القصة و مكنت أيضا هذه الأبحاث من كشف الرغبة المشتركة من طرف الكتاب والقراء في النهوض بهذا الجنس السردي.
ليس المشكل إذا متعلق بنفور تلقائي واعتباطي من القصة ، ولكن الأمرفي الحقيقة يتعلق بعجز واضح في الفرص السانحة للكتاب وقصور في الرؤيا بالنسبة للقراء ، وهذا شكل من أشكال فشل في الأنساق التي تنظم العلاقة بين الكتاب والقراء . وعموما الأمر يتعلق بنقص في طرق الإجتذاب والإغراءات لهذا الجنس الأدبي … هذه إذا هي مجمل الأسئلة التي تحاول هذه الحملة الثانية أن تجيب عنها والتي من أهدافها الأساسية الإحتفاء بهذا الجنس السردي .
س ـــ بعودتنا للشعار ( story ) يبدو أنكم ترومون الرقي بالقصة القصيرة بطريقة براغماتية مستندين في ذلك إلى راهنها في المملكة المتحدة والذي وصفه التقرير الصادر سنة 2004 بقلم ( جيمي براون ) . لكن ما الحجج المقنعة والدامغة لإنقاذ القصة ؟ بالنسبة ل ( ريمون كارفير ) فقيمة هذه الحجج تكمن في التعريف الدقيق بهذا الجنس السردي سواء من طرف الكتاب أو القراء . وقد لاحظنا في الملتقى الدولي الثاني للقصة القصيرة الذي أقيم فيWROCLAW في أكتوبر 2005 أن الحديث دار حول المرجعية الإجتماعية للقصة كسند أساسي من أجل التحسيس بمختلف سبل ومسارات الرقي بها .
ج ـــ القصة القصيرة الأخيرة ل ( علي سميث ) التي صدرت في مجلة ( بروسيبكت ) لخصت بكل وضوح كل ما قيل عن القصة القصيرة ، سواء تعلق الأمر بتودوروف الذي عرفها بكونها حكي قصير يصعب نسيانه وأن أمرها متعلق بالأدب وليس بالحياة الواقعية … أو بالنسبة ( لوليام كارلوس وليام) الذي شبه القصة مثل رأس عود ثقاب يقدح في الظلام … إن القصة في رأيه هي الشكل الوحيد للتعبير بإيجاز وهي الطابع المتفجر والشامل للوجود الإنساني . إن كتاب القصة أشخاص ذوي إلهام وموهبة والقيمة الجمالية لإبداعهم وحكاياهم هي الدليل الأساس للترويج لإصداراتهم . إن القصة من بين الأشكال الناضجة والرصينة للأدب الحديث ، فهي تستحق النشر والقراءة والإحترام بل والتبجيل . إن عملية النشر هي النقطة الأساس في حملتنا ، وسنعمل على تجديد شكل القصة القصيرة ليصير مقبولا ومطلوبا ومتوهجا كما كان في السابق … إنه الشكل الذي لاشك سيعود إليه الكتاب تلقائيا ، والذي يترقبه القراء بشغف من أجل ( استهلاكه ) وهو أخيرا الشكل الذي ينتظره الناشرون بعطش شديد .
س ـــ لماذا إذا فتحتم باب المسابقة للكتاب المتميزين ؟ فخلاصة التقرير الذي سبقت الإشارة إليه يشكك في قدرة القصة القصيرة على كسب قاعدة عريضة من القراء … لماذا لم تفتحوا باب الترشيح للكتاب المغمورين ؟
ج ـــ إن الجائزة الوطنية تتجه أساسا للكتاب الذين نشروا أعمالهم في الماضي . عندما عملنا على ترسيخ وتكريس هذه الجائزة بشراكة مع NESTA وإذاعة ال BBC كنا على دراية من أن قيمة الجائزة الرمزية وصداها سوف يحفزان الكثير من الكتاب المترشحين وهذا ما حدث بالفعل . لقد توصلنا بأزيد من ألف طلب ونحن جد فخورين بهذا . وعليه يجب أن نلفت الإنتباه إلى أن الأمر يتعلق بجائزة من أجل تتويج كتاب القصة قبل كل شيء . تتويج كتاب متألقين بقدراتهم الإبداعية المائزة . هناك عدة جوائز تحتفي بالأعمال المخطوطة والمركونة في الرفوف ( أنظر موقعنا الإلكتروني ) لكن عموما فأغلب الجوائز الأدبية مثلا ( Man Booker و Whitbread ) وجوائز أخرى تقصي القصة من المنافسة ، فليست هناك مسابقات قصصية جديرة بهذا الإسم ، إن هذه الجائزة التي أحدثناها مؤخرا سوف تعمل بلا شك على الرقي بالقصة القصيرة على مستوى المبدعين والمتلقين والناشرين وأيضا على المستوى الثقافة بشكل عام
س ـــ ملف هذا العدد من مجلة ( ترنسكريبت ) خصصناه للإبداع القصصي الذكوري وخصوصا ما تعلق بالكتابة التي تحفر في أركولوجيا الذات الذكورية ، لكن يبدو أن النساء هن المواظبات على قراءة أعمال الرجال … فكيف يمكن توسيع قاعدة القراءة والترويج للتلقي في أوساط الرجال .؟
ج ـــ يبدو أن مشهد القصة القصيرة هو إلى حد ما أشبه بوضع القصة الخيالية ( Fiction ) . إن الطريق الأمثل لارتياد هذا الشكل تكمن في الكتابة باتجاه جمهور ذكوري والنبش في همومه واهتماماته على صفحات المجلات والدوريات التي يقتنيها بكثرة ثم من جهة أخرى تشجيع الكتاب على الإبداع في جنس القصة وأخيرا الترويج لها في سوق النشر بطريقة فعالة .
س ـــ إن عزوف القراء عن القصص المنشورة على صفحات المجلات يعود أساسا إلى اعتبارها مادة مدرجة بشكل عرضي وأغلب القراء يطالعونها لكونها بكل بساطة توجد هناك كنص إضافي ، فهل هناك سبيل آخر لتطوير هذا النوع من التلقي العرضي كبرمجة قراءة القصة مثلا في المترو كما هو الشأن للشعر ؟
ج ـــ صحيح ، لقد كانت القصة في الماضي أدب العامة وتداولها كان شعبيا بامتياز وفي متناول شريحة عريضة من المتلقين بواسة المجلات والجرائد حيث حققت نجاحا باهرا وتراجعها مرتبط أساسا بتراجع العديد من هذه الدعامات … وهدف هذه الحملة هو سد هذه الثغرات وذلك بخلق فرص جديدة للتعارف بين الكتاب والقراء وتوسيع مساحة المقروئية وسنركز اهتمامنا بالأساس على هذا الجانب وذلك باستثمار الآليات والمقاربات كتطوير المجموعات القصصية الموضوعاتية في الجرائد كما في المجلات ومحاولة تعميم قراءة القصة في مختلف وسائل النقل وإطلاق مشروع بحث في مجال النشر على مستوى إصدارات المؤسسات الإقتصادية والإدارية والخدماتية المتوجهة للمستهلكين .
س ـــ يبدو أن من أهم أسباب تراجع الحضور القصصي في المملكة المتحدة يعود بالأساس إلى اختفاء العديد من المجلات الأدبية التي كانت الصوت الرئيسي لهذا الجنس السردي الأدبي ، فهل قمتم بتحليل حقيقة هذا التراجع ؟ وهل تفكرون في أن ( النت ) NET كفضاء افتراضي يمكن أن يعوض أو يكمل دور المجلات الأدبية كمنتديات القصة أو منتديات أدبية أخرى ؟
ج ـــ لقد كانت وماتزال المجلات الأدبية هي القنوات المثلى لتطوير القصة والبحث عن العطاءات الجديدة خصوصا في مجالي القصة والشعر . ومما لاشك فيه أن خلق رؤى ثقافية ودينامية جديدة سوف يدعم هذا المشروع .غير أن اهتمامنا سيرتكز بالأساس على المجلات الأمريكية التي نندهش حقا لحركيتها وتواترها بانتظام … ونعتقد أن بعض الدوريات ك ( نيويورك ــ هاربرس ــ وأتلنتيك مونتلي ) هي أشكال مهمة لدعم ونشر القصة القصيرة وهي رافعة مهمة لقيمة المواهب الصاعدة من أجل تحسين مستوياتها خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية فكل الحسابات والرهانات جاهزة لدينا من أجل مصلحة كتاب القصة القصيرة حتى يستطيعوا كسب قوتهم اليومي عن طريق الإهتمام الأمثل بهذا الجنس السردي ، لهذا فإنهم في حاجة إلى منفذ للنشر ذي قيمة محترمة وقادر على الإلتزام والسير في هذا الإتجاه خصوصا عن طريق المجلات الأدبية وعن طريق الدعم ( Accru ) ومساهمة قطاع النشر ونتمنى مع مرور الوقت تطوير كل هذه الأفكار ونعتقد أن المجلات الأدبية قادرة إلى جانبنا على ربح هذا الرهان .
س ـــ تحتل الآداب المترجمة في سوق الكتاب البريطانية مكانة محدودة فهل تفكرون في اختراق هذا الميدان عن طريق القصة القصيرة المترجمة مثلما هو الشأن بالنسبة للرواية والشعر ؟
ج ـــ لاأعتقد ذلك ، إننا الآن نركز اهتمامنا على السمو بالقصة القصيرة والرقي بها على مختلف المستويات كإنجاز بيبلوغرافيا لكل الإصدارات في المملكة المتحدة بما في ذلك ( السوفرات المترجمة ) . وفيما يخص الترجمة فالقصة تعاني من نفس الصعوبات مثل الرواية وعلى الكتاب أن يعملوا على اجتذاب القراء وأخيرا الإستثمار في قطاع النشر . إننا محظوظون لأن ترجمة قصة قصيرة يتطلب جهدا أقل وتعبا أخف مقارنة مع ترجمة عمل روائي . علينا إذا التفكير في تطوير الفرص المتاحة بطريقة تجعل الأجناس الأدبية السردية تعثر على مكانها في دور النشر . ومن جهة أخرى نحن مطالبين بخلق الجسور للتبادل الثقافي بين مختلف كتاب القصة القصيرة في اللغات والثقافات الأخرى … بهذه الوسيلة وبهذه الطريقة في التفكيرالسديد سنستطيع تحريك وتنشيط وتفعيل ثقافة الملتقيات الثقافية التي تعنى بالقصة القصيرة خصوصا في أوروبا ومنها ملتقى ( Smallwonder) في ( شارلتون ) ، لأننا نروم إلى توسيع قاعدة القراءة في بريطانيا والعمل على جعل أصواتنا مسموعة ، وإنتاجاتنا مقروءة ، ومترجمة في البلدان الأخرى .
س ـــ تحقق القصة القصيرة نجاحا واسعا في الولايات المتحدة الأمريكية ، كيف تقارنون الوضع هنا في المملكة المتحدة والدول الأوروبية الأخرى ؟
ج ـــ حسب علمي فالواقع لايختلف في أوروبا قاطبة ، إن النقاش الذي دار بيني وبين كتاب من ( كرواتيا ) أكدت أن الوضع هو نفسه في الدول الأوروبية الأخرى ، لقد حققت حملتنا مبادرة حديثة ومثالا رائدا يمكن أن يحتذى في البلدان الأخرى ، تحقق القصة القصيرة في ( كندا ) و (نيوزيلاندا ) ازدهارا ملحوظا لكن تجب الإشارة إلى أن هذه الدول قد رسخت آليات لدعم الكاتب والناشر على السواء .
س ـــ هل هناك شراكات بين حملة ( Story ) وبعض المنظمات أو الملتقيات خارج المملكة المتحدة ؟
ج ـــ أجل نحن على اتصال دائم على المستوى العالمي مع مهرجانت أدبية أخرى نقترح عليهم أسماء كتاب ونقترح أيضا أفكارا ونعقد علاقات بين الأدباء ونعمل على اسثتمار كل الإمكانات للرقي بالقصة والرفع من مستوى كتابها المتألقين .
س ـــ هل تقبلون ملفات الترشيح لمسابقة القصة القصيرة بلغات غير اللغة الأنجليزية كاللغة ( الغالية ) ( Gallois) أو لغات أخرى لمهاجرين يقطنون بالمملكة المتحدة ؟
ج ـــ إن الترشيحات مفتوحة على الكتابات المنشورة باللغة الأنجليزية ، غير أن هذا لايمنع من قبول القصص المكتوبة باللغة ( الغالية ) ( Gallois).
0 التعليقات:
إرسال تعليق